يتورط النظام الحاكم في دولة الإمارات في مؤامرة صنع "شرق أوسط جديد" بمقاييس ومصالح إسرائيلية بحتة. وتسبب التطبيع الإماراتي في قفزة جديدة لإسرائيل في التبشير بإعادة "تنظيم كبرى لشرق أوسط جديد" أكثر قرباً من الاحتلال وبعداً عن مواجهته. يتفق مع هذا الرأي "توماس فريدمان" الخبير في الشرق الأوسط في مقال نشره على صحيفة "نيويورك تايمز"، كما تشير الأرقام عن عدد السياح الإسرائيليين الذين زاروا الإمارات منذ فتح المجال الجوي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى تأكيد هذا المنحى الخطير على الأمن القومي العربي. وقال فريدمان في مقاله إن "يهوشافاط" (أحد الكهنة اليهود) قفز فرحاً في أنه وفي خضم الوباء العالمي "سافر ما لا يقل عن 130 ألف سائح ومستثمر إسرائيلي إلى دبي وأبو ظبي منذ بدء السفر الجوي التجاري. من السلطة للمجتمع وقال فريدمان "اعتقدت منذ البداية أن الانفتاحات بين إسرائيل وكل من الإماراتوالبحرين والمغرب والسودان – التي صاغها جاريد كوشنر والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب – يمكن أن تغيّر قواعد اللعبة". وأضاف "مع ذلك لا نزال في المرحلة المبكرة، وبعد أن عايشنا زواج وطلاق الإسرائيليين والمسيحيين اللبنانيين في ثمانينيات القرن العشرين، سأنتظر قليلاً قبل إرسال هدايا الزفاف". وتابع: على عكس اختراقات السلام بين إسرائيل ومصر وإسرائيل ومسيحيي لبنان وإسرائيل والأردن، والتي بقت محصورة في السلطات العليا لتلك البلدان (دون إدماج في المجتمع)، فإن الانفتاح بين الإمارات وإسرائيل – بينما بدأ من الأعلى لبناء تحالف ضد إيران – يتم دفعه الآن بشكل أكبر من الأسفل من قبل السياح والطلاب والشركات". ويرفض الإماراتيون بشكل كامل التطبيع مع "الاحتلال الإسرائيلي"، ويؤكدون وقوفهم مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال. اكتظت مدرسة اللغة العبرية الجديدة التي تقيم دروساً في دبي وأبو ظبي بالإماراتيين الراغبين في الدراسة في "إسرائيل" أو القيام بأعمال تجارية هناك. أنهت شركة المياه الوطنية الإسرائيلية "ميكوروت" للتو صفقة لتزويد البحرين بتكنولوجيا تحلية المياه. نشرت صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" أخيراً مقالاً عن إيلي كرييل في دبي الذي "أصبح الطاهي المفضل في الإمارات. في العام الماضي، أطلق كريل مطعم كوشيراتي الذي يبيع المأكولات الإماراتية المعتمدة من الكوشر بالإضافة إلى الأطباق اليهودية الإماراتية المختلطة". وزعم فريدمان أن هؤلاء "الزوار الإسرائيليون البالغ عددهم 130 ألف زائر في إنقاذ صناعة السياحة في الإمارات من الانهيار بسبب الوباء خلال موسم العطلات". وقال: إذا ازدهرت اتفاقيات إبراهيم واتسعت لتشمل التطبيع بين إسرائيل السعودية فإننا نتحدث عن واحدة من أهم عمليات إعادة الاصطفاف في تاريخ الشرق الأوسط الحديث الذي تشكل إلى حد كبير لعقود طويلة من خلال تدخلات القوى العظمى والديناميكيات العربية الإسرائيلية. لكن ليس بعد الآن. يقول إيتامار رابينوفيتش، المؤرخ الإسرائيلي الذي أنهى مشاركته للتو في كتاب يتحدث عن "الحرب الأهلية السورية": هناك ثلاثة لاعبين نافذين غير عرب في المنطقة هم إيران وتركيا وإسرائيل. إيران مع سوريا ووكلاء في لبنان والعراق واليمن. وإسرائيل مع الإماراتوالبحرين والسعودية وسلطنة عمان ضمنيًا. يقول رابينوفيتش إن تفاعلات هذه المحاور الثلاثة هي التي تقود بالفعل سياسة الشرق الأوسط اليوم. والمحور الإماراتي الإسرائيلي يشع الكثير من الطاقة. بالنسبة لإسرائيل والإمارات فما تراه "هو نظامان بيئيان يندمجان معًا"، كما يقول جيدي غرينشتاين رئيس معهد "رويت" الاستراتيجي الصهيوني. وقال غرينشتاين "تعلمت إسرائيل الانتقال من العزلة والندرة إلى الوفرة والتأثير العالمي من خلال تطوير اقتصادها الابتكاري المتفجر في مجالات مثل المياه والطاقة الشمسية والإلكترونية والعسكرية والطبية والمالية والزراعة." وتابع: على النقيض من ذلك، تنتقل الإمارات من عقود من وفرة النفط إلى عصر ندرة النفط من خلال بناء نظامها البيئي للابتكار وريادة الأعمال في نفس المجالات مثل إسرائيل". ويتألف سكان الإمارات من مليون مواطن وتسعة ملايين أجنبي معظمهم من العمال ذوي الأجور المنخفضة من الهند وأجزاء أخرى من جنوب آسيا والباقي من المهنيين إلى حد كبير من أميركا وأوروبا والهند والعالم العربي. إن استراتيجية النمو لدولة الإمارات للقرن الحادي والعشرين – والتي يعد الانفتاح على "الاحتلال الإسرائيلي" جزءًا رئيسيًا منها – هي أن تصبح النموذج العربي للحداثة والاقتصاد المتنوع والعولمة والتسامح بين الأديان. ولهذه الغاية أعلنت الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني عن تعديل كبير لقوانين الأحوال الشخصية الإسلامية – مما يسمح للأزواج غير المتزوجين بالعيش معاً. وهذا ما يجعل الإمارات من بين أمور أخرى أكثر قبولاً للمثليين والمثليات؛ وسمحت بشرب "الكحول" و"الخمور". وأشار فريدمان إلى أنه وعلى الرغم من هذه ما تزال الإمارات ملكية مطلقة، والديمقراطية ليست على لائحة التعديلات، إلى جانب النظام التعليمي المنفتح، وتعددية الدينية.