أمريكا تذكرت أفريقيا اليوم بعد قرون من العبودية والنهب وتجارة العبيد على يد الاستعمار البريطاني والغربي, والأمريكان الذين هم أوروبيين يرون في أنفسهم أنهم العرق الأرقى والأنقى. هذا التذكر مصدره الشراكة الصينية الأفريقية والتي وإن كانت فيها استثمار وفوائد للصين كذلك لأفريقيا التي تشهد تنمية منذ أن بدأت شراكتها مع هذا البلد الاسيوي الكبير والذي عانى طويلاً من الغزو والاحتلال والاستعمار والإبادة وحروب الأفيون التي قامت بها بريطانيا لإلغاء مرسوم امبراطوري لمنع استيراد وتجارة وتعاطي هذا المخدر الذي أرادت بريطانيا تدمير الشعب الصيني ونهبه من خلاله. الشراكة الصينية الأفريقية تستمد قوة استمراريتها من المعاناة المتشابهة في الماضي، ولو اعطيت فرصة هذه الشراكة بعيداً عن التدخلات الغربية فربما تستفيد أفريقيا من ما تبقى من ثرواتها التي لم تنهب وتستفيد الصين في المواجهة الاقتصادية مع روح الهيمنة الاستعمارية العالمية التي تنفرد بها أمريكا وتلحق بها أوروبا الاستعمارية القديمة. أمريكا تذكرت في عهد الرئيس الأمريكي أوباما ذو الأصول الأفريقية وكان يعتقد أن لون بشرته كاف لإخضاع أفريقيا للمستعمرين البيض من الهولنديين البوير والانجليز والبلجيكيين وقبلهم البرتغاليين والأسبان ولكن في صورتهم الأمريكية دون التفات هذا الرئيس للعنصرية في المجتمع الأمريكي ضد السود، وكونه يشبههم لا يعني أن في داخله شعور بمعاناتهم والانتماء إليهم ولو بالحد الأدنى، وتتأكد هذه الحقيقة اليوم ..بعد سنوات من انقطاع بأن من يدعو إلى إحياء مشروع أوباما هذا هو الأمريكي الأبيض العجوز بايدن ذوي الأصول الأيرلندية الأوروبية. إغراءات كثيرة يقدمها بايدن للرؤساء الأفارقة وهي بالمجمل كاذبة ومنافقة.. فهل ستستطيع حيل أمريكا اعادة الأفارقة إلى حظيرتها ستنجح؟.. لا شك أن هناك أحداث كبرى تنبى بمتغيرات غير مسبوقة لا من حيث الشكل ولا المضمون عن المراحل السابقة وأبرز مؤشراتها الحرب الأطلسية الروسية في أوكرانيا والتوتر العالي في بحر الصين ومساعي أمريكا لتطويق الصين بتحالفات آسيوية كما طوقت روسيا بضم أوروبا الشرقية وجزء من الجمهوريات السوفيتية السابقة إلى حلفها الذي انتهت مبررات وجوده كما كان مفترضاً عام 90م، بتفكك الاتحاد السوفيتي ولكن أمريكا أعطته وظيفة جديدة كبديل للنظام الدولي بأكمله الذي أصبح ملحقاً من حيث الدور في وزارة الخارجية الأمريكية ونقصد هنا الأممالمتحدة. بريطانيا حليفة أمريكا الرئيسية في أوروبا تصعد مع الصين وما لا تريد القيام به أمريكا خشية على مصالحها توكل المهمة إلى هذه الامبراطورية العجوز التي تحاول تجديد شبابها غير مدركةً أن الزمن قد تغير وأن العطار الأمريكي لا يصلح ما أفسده الدهر، وهذا ما نراه بالتصعيد البريطاني الأخير مع الصين وفي الحماس الشديد لاستمرار الحرب الأطلسية ضد روسيا والتي ترى أن امتصاص ثروات روسيا سيعيد تجديد الدماء في عروقها الاستعمارية اليابسة، وعلينا أن لا ننسى هنا أيضاً استعادة روسيا لعلاقاتها التاريخية التحررية من الاستعمار في أفريقيا. الصينوروسيا ودول إقليمية كبرى ومتوسطة يتم الدفع بهم إلى تحالف لمواجهة مشاريع الهيمنة والمخططات الأمريكية البريطانية الأوروبية الغربية.. التاريخ لا يعود إلى الخلف لكن مساره إلى الأمام متعرج وصعب وقد تجاوزت أفريقيا وآسيا الكثير من تعرجاته والأنظمة في القارتين وحتى أمريكا اللاتينية يرون استقرارهم وتنمية شعوبهم في قيام توازن جديد يكونوا هم شركاء فيه، وليس على الطريقة الأمريكية في إغراءات منح الاتحاد الأفريقي العضوية في مجلس الأمن ومنح ستين مليار لم تعد تنطلي مثل هذه الأوهام على من جربوا أمريكا والغرب عموماً لقرون وعقود.. بايدن لن ينجح ولن يلوي عنق التاريخ إلا إذا كان الجنون الغربي الأمريكي في الهيمنة والسيطرة التي تقل فرصها بمرور الوقت إلى حرباً نووية يدمرون الكوكب وهذا على ما يبدو ما تسعى إليه أمريكاوبريطانيا وبخبثهم ومكرهم التآمري الذي لم يعد بمر على أحد ..الحديث يطول والمستجدات في هذا العالم تتجدد ولكن بشكل تراكمي ونحن بانتظار التحول النوعي وفي أي اتجاه.