ظل "اليهود" في نظر العالم المسيحي "ملعونين" لمدة 1500عام لاعتقادهم بأنهم قَتَلة المسيح ورقة علمية بعنوان" نشأة الصهيونية" قدمها الدكتور أحمد العرامي – رئيس جامعة البيضاء- في الندوة العلمية الخاصة بالصراع العربي الاسرائيلي أهمية المقاطعة ومقاومة التطبيع، التي نظمها المعهد الوطني للعلوم الادارية بصنعاء.. تناول فيها مراحل نشأة الحركة الصهيونية، وتحول نظرة المسيحيين لليهود من الاضطهاد إلى التقديس، و ربط الإيمان المسيحي بعودة السيد المسيح بقيام دولة صهيون، ومرحلة تنفيذ المشاريع الصهيونية وتغلغل الصهيونية في أوربا، وصولاً إلى وعد بلفور المشؤوم في العام 1917 الذي تضمن وعدًا رسميًا بتعهد الحكومة البريطانية بإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين. أعد المادة للنشر : عبدالحميد الحجازي المرحلة الأولى: تحول نظرة المسيحيين لليهود من الاضطهاد إلى التقديس (1523-1611م) ظل "اليهود" في نظر العالم المسيحي، "ملعونين"، لمدة ألف وخمسمائة عام، لأنهم في اعتقاد المسيحيين قَتَلة السيد المسيح، حيث عانى اليهود من الاضطهاد، والازدراء، بناء على هذا التصوُّر الذي ترسَّخ في العقل المسيحي. رغم أن هذا التصوُّر يخالف ما ذكره القرآن الكريم من حقيقة رفع المسيح قال تعالى: "وقولهم إنا قتلنا المسيح ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" وهذا التصور أنتج ممارسات ظالمة، على مر القرون، مدعومًا بنصوص كثيرة من الإنجيل. حدثت في القرن السادس عشر الميلادي تحولات عميقة في المسيحية الغربية مع ما عُرف بحركة الإصلاح، وما نتج من انشقاق سياسي وعقائدي داخل المسيحية بشكل عام، والكاثوليكية بشكل خاص، ومن نتائج هذه التحولات، أن أصبحت المسيحية الجديدة التي عُرفت باسم البروتستانتية ربيبة لليهودية. فقد أصبح للتوراة، أو "العهد القديم" أهمية أكبر في نظر البروتستانت، من "الإنجيل"، أو "العهد الجديد"، وبدأت صورة "اليهود" تتغير، تبعًا لذلك في أذهان المسيحيين البروتستانت، وهو ما أحدث التحوُّل في النظرة المسيحية لليهود ظهر في كتابات رائد الإصلاح البروتستانتي القس مارتن لوثر فقد الف لوثر عام 1523 كتابًا عنوانه: "المسيح وُلد يهوديا"، الذي أعيد طبعه سبع مرات في العام نفسه، وشرح فيه لوثر المواقف المؤيدة لليهودية، وأدان اضطهاد الكنيسة الكاثوليكية لليهود محتجًا بأن المسيحيين واليهود ينحدرون من أصل واحد، وأردف: "إن الروح القدس شاءت أن تُنزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم، إن اليهود هم أبناء الرب، ونحن الضيوف الغرباء، وعلينا أن نرضى بأن نكون كالكلاب، التي تأكل من فتات مائدة أسيادها". في المرحلة الثانية من حياته أصبح لوثر أكثر قساوةً، فقد أثارت حفيظته الأنباء القائلة إن اليهود كانوا يجمعون الأنصار لعقيدتهم، من خلال حركة المسيحيّين المتشددين في مورافيا، بدلاً من اعتناق المسيحية.. ففي عام 1544 ألف لوثر كتابه "اليهود وأكاذيبهم" وتضمن هذا الكتاب سيلًا من الشتائم والهجوم على اليهود، إذ وصفهم بأنهم خبثاء، ولصوص، وقطَّاع طرق، وديدان مقزِّزة. واستخدم لوثر في كتابه كل الاتهامات، التي كانت توجَّه إلى اليهود، في العصور الوسطى، مثل تهمة الدم، وتسميم الآبار، واتهمهم بأنهم يلعنون المسيحيين في معابدهم، ووصف اليهودية بأنها أصبحت شكلًا من أشكال الوثنية. كما أوصى لوثر بضرورة إحراق معابد اليهود، وتدمير منازلهم، وأن يجمعوا كالقطيع في الحظائر حتى يتحققوا من أنهم ليسوا أسيادًا في بلادهم، وإنما غرباء في المنفى. في عام 1538م أصدر الملك هنري الثامن إعلانًا أمر فيه بتجميع الكتاب المقدس في كتاب واحد باللغة الإنجليزية، ليكون أكبر كتاب عرفته اللغة بالإنجليزية، وقد أمر بأن توضع نسخة منه في كل كنيسة في إنجلترا. المرحلة الثانية: تقديس اليهود في أوروبا (1611م-1781م) أدى طبع نسخة الملك جيمس في 1611م إلى اكتمال التبني، وأصبح "الكتاب المقدَّس" جزءًا لا يتجزأ من إنجلترا، مثله مثل الملكة فيكتوريا، وعادة ما يشير الكُتّاب إلى "الكتاب المقدَّس" بعبارات مثل: "الكتاب المقدَّس" أو "أعظم الكلاسيكيات الإنجليزية"، أو حتى "أكثر قطع التراث القومي احترامًا"، كما صدرت مطبوعات تمجِّد اليهود، وتطالب بإعادتهم إلى إنجلترا. وقد ترجمت إلى الأسبانية، ليسهل تداولها بين يهود هولنداوإنجلترا المهاجرين من أسبانيا والبرتغال. وهكذا رسَخت في أذهان البروتستانت فكرة الرابطة الأبدية بين اليهود وفلسطين باعتبارها وطنهم القومي، الذي أخرجوا منه، ويجب أن يعودوا إليه طبقًا للنبوءات الواردة في "العهد القديم".. بذلك تحول "العهد القديم" من كتاب ديني إلى كتاب سياسي، يقوم على قاعدة العهد الإلهي بالأرض المقدمة "للشعب اليهودي المختار". لذلك، تسربت إلى صميم العقيدة المسيحية أدبيات يهودية تبنتها الفرق البروتستانتية جميعًا، كوَّنت مكوِّنات أساسية للتطابق الحاصل في فهم الأصولية الدينية والسياسية بين ما يطرحه اليهود المتطرفون وبين ما تطرحه فرق البروتستانت، بحيث بدا أن لا فرق واضحًا فيما بينهما. واتحد العقائدي بالسياسي، واللاهوتي بالتاريخى، فخلق علاقة مميَّزة بين البروتستانتية واليهودية، بشكل عام، وبين الأصولية البروتستانتية، والصهيونية اليهودية بشكل خاص، وقد تركَّزت هذه الأدبيات بشأن الأمور التالية:- الأول: الاعتقاد بأن اليهود هم "شعب الله المختار"، وأنهم بذلك الأمة المفضَّلة على كل الأمم. الثاني: الاعتقاد أن ثمة ميثاقًاً إلهيًا يربط اليهود بالأرض المقدَّسة في فلسطين، وأن هذا الميثاق، الذي أعطاه الله لإبراهيم، هو ميثاق سرمدي، حتى قيام الساعة. الثالث: ربط الإيمان المسيحي بعودة السيد المسيح، بقيام دولة صهيون، أي بإعادة تجمُّع اليهود في فلسطين، حتى يظهر المسيح فيهم. هذه الأمور الثلاثة ألَّفت في الماضي، وهي تؤلِّف اليوم قاعدة الصهيونية المسيحية التي تربط الدين بالقومية، والتي تسخِّر الاعتقاد المسيحي لتحقيق مكاسب يهودية. لقد آمنت الصهيونية المسيحية، قبل تأسيس وزرع كيان العدو الإسرائيلي، بعودة اليهود كشعب إلى أرضه الموعودة في (فلسطين)، وإقامة كيانه الوطني فيها، تمهيدًا للعودة الثانية للمسيح، وتأسيسه مملكة الألف عام، وبعد قيام (إسرائيل) أخذت الصهيونية تنظر إلى (إسرائيل) كحدث، وإشارة، تؤكد معتقداتها. المرحلة الثالثة: تغلغل الصهيونية في أوروبا (1781-1897) أعلن العالم النمساوي اليهودي شلوسيستر عام 1781م اعتمادًا على التوراة بناءً على ما ورد في الأصحاح العاشر من سفر التكوين أن أبناء نوح سام وحام ويافث كان لكل منهم لغة ولكل واحد منهم نسله من شعوب الأرض فيافث سكن أوروبا وحام سكن إفريقيا وسام من شرق البحر المتوسط إلى نهر الفرات وشبه جزيرة العرب وبعد ذلك ظهر مصطلح الشعوب السامية التي اختصرت فيما بعد على اليهود وأصبحت السيف المسلول حتى الآن على كل من ينتقد اليهود وحث ذريعة معاداة السامية. لقد أدى فشل "نابليون بونابرت" في السيطرة على عكا عام 1799 إلى سعية لكسب اليهود في أوروبا للحصول على الدعم لحملاته العسكرية فخاطب اليهود "أيها الإسرائيليون انهضوا، فهذه هي اللحظة المناسبة، إن فرنسا تقدم لكم يدها الآن حاملةً إرث إسرائيل، سارعوا للمطالبة باستعادة مكانتكم بين شعوب العالم". وبعد هزيمة نابليون بحوالي أربعين عامًا، حاول وزير خارجية بريطانيا "بالمرستن" الاستفادة من يهود أوروبا بإن يقيم وطنًا لهم في فلسطين، فطلب من السفير البريطاني في إسطنبول محاولة إقناع السلطان العثماني بأن الحكومة الإنجليزية ترى أن الوقت أصبح مناسبًا لفتح فلسطين أمام هجرة اليهود لكنه رفض. مرحلة مفصلية في تغلغل الصهيونية شكل العقد الرابع من القرن التاسع عشر مرحلة مفصلية في تغلغل الصهيونية حيث عملت بريطانيا على توسيع الامتيازات الأجنبية في أراضي الدولة العثمانية مستفيدة من الخلاف بين محمد علي باشا حاكم مصر والدولة العثمانية وأدخلت اليهود في حمايتها باعتبارهم مواطنين. في عام 1839م تم احتلال عدن لان اليمن في قلب المخططات الصهيونية وما تبع ذلك من مشروع توطين اليهود في جزيرة سقطرى وما تشهده الآن من حملة ممنهجة لتهويد تاريخ اليمن وفي نفس العام 1839 بدأت الإصلاحات في الدولة العثمانية بضغط من الدول الأوروبية التي زادت امتيازاتها مما سمح للمنتفيوري وهو أول يهودي يحصل على لقب سير ويصبح عمدة لندن من شراء أرض في فلسطين. وفي العام 1885م ظهر لأول مرة مصطلح الحركة الصهيونية على يد الكاتب النمساوي ناتان بيرنباوم، وهدفها الاستيطان في فلسطين والصهيونية مشتقة من كلمة صهيون إحدى تلال القدس. بعد ذلك نشر الصهيوني ثيودور هيرتزل كتابه "الدولة اليهودية" باللغة الألمانية. شعر "هرتزل" أن يهود أوروبا لا يزالون متعلقين بالهجرة نحو أمريكا مما جعل الطبيب "ماكس نوردو" الساعد الأيمن لهيرتزل يرسل اثنين من كبار رجال الدين اليهود إلى فلسطين، حملا جوابًا من سطر واحد جاء فيه : " العروس جميلة جدًا ومستوفية لجميع الشروط، ولكنها متزوجة فعلًا".. فهم "نوردو" أن المقصود أن فلسطين ليس كما ذكر هيرتزل أرضًا بلا شعب، وأن فيها شعبًا يسكنها منذُ آلاف السنين. وفي صيف عام 1897 شارك "نوردو وبيرنباوم" تحت رئاسة هيرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول في بازل السويسرية، والذي تبنى برنامج تأسيس وطن معترف به للشعب اليهودي في فلسطين بتمويل من الصندوق القومي اليهودي. المرحلة الرابعة: تنفيذ المشاريع الصهيونية (1902م-1917م) عندما التقى مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل عام 1902م برئيس الوزراء البريطاني جوزيف تشمبرلن سنة 1902، قال له هرتزل: إن قاعدتنا يجب أن تكون في فلسطين التي يمكن أن تكون "دولة حاجزة" بحيث تؤمن المصالح البريطانية" -وما جاء في الجزء الأول من "ملف وثائق فلسطين" الصادر عن الهيئة العامة للاستعلامات في وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصر سنة 1969 صفحة 121- على عقد "مؤتمر لندن الاستعماري" سرًا بلندن في الفترة 1905-1907 بدعوة من حزب المحافظين البريطاني. "خبراء الغرب" وجدوا أن في إنشاء كيان (هو الكيان اليهودي) في غربي البحر المتوسط وسيلة لإيجاد قلعة متقدمة ترعى المصالح الغربية، وتضمن ضعف المنطقة، وهو ما حدث ويحدث فعلًا.. اشترك في المؤتمر مجموعة من كبار علماء التاريخ والاجتماع والجغرافيا والزراعة والبترول والاقتصاد، وأن هذا المؤتمر رفع توصياته سنة 1907 إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بنرمان (Campbell Bannerman Henry)، حيث أكد المؤتمرون على:- "إن إقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط أوروبا بالعالم القديم، ويربطهما معًا بالبحر الأبيض المتوسط، بحيث يشكل- في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس- قوة عدوة لشعب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية ومصالحها، هو التنفيذ العملي العاجل للوسائل والسبل المقترحة". وقد حاول البعض إنكار عقد المؤتمر وقد ذكر الدكتور أنيس صايغ أنه عندما تولى رئاسة مركز الأبحاث حرصه على الوصول لوثيقة كامبل، لكنه لم يعثر على مصدر واحد موثق لها في عشرات المراجع والكتب التي أشارت إليها، والعديد منها لكتّاب موثوقين أمثال برهان الدجاني ومنذر عنبتاوي وخيري حماد وشفيق ارشيدات؛ حيث ظهر أن كل كاتب كان يحيل إلى الآخر في دوامة أو حلقة مُفرغة دونما نتيجة. ونخلص إلى الآتي:- 1- إن انعقاد مؤتمرات إمبريالية في تلك الفترة كان أمرًا صحيحًا وحقيقيًا، وتوجد في الوثائق البريطانية مئات الملفات والوثائق والشواهد حولها، غير أن نص الوثيقة المسماة وثيقة كامبل بنرمان غير موجود بين هذه الوثائق. 2- إن عدم الحصول على وثيقة كامبل لا يثبت بالضرورة أنها غير موجودة بالصيغة نفسها. 3- من المهم معرفة أنه يتم تقسيم الوثائق البريطانية إلى أقسام: قسم يتم نشره، حيث يُنشر معظمه بعد ثلاثين سنة، ويؤجل بعضه إلى خمسين أو خمسة وسبعين أو حتى مئة سنة، وقسم يُحفظ دون قرار بنشره وقسم يتم إتلافه. 4- إن الاحتلال البريطاني والقوى الاستكبارية هي بشكل عام من الذكاء والخبرة والحذر بحيث لا تضع وثائق كهذه بين أيدي الباحثين، بسبب ما تتضمنه من أدلة إدانة قاطعة. وفي بعض الأحيان يكون هذا النوع من التوجهات والتوجيهات والقرارات شفويًا أو غير مكتوب في نصوص موثقة، أو غير قابل للنشر والتداول، كما تفعل دول عديدة في وقتنا المعاصر. 5- مسار الأحداث على أرض الواقع يدعم مضمون وثيقة كامبل، فقد تمّ إصدار "وعد بلفور" سنة 1917، وأصرَّت بريطانيا على أن تتولى بنفسها رعاية ونمو وتطور المشروع الصهيوني في فلسطين وإنشاء دولة يهودية، وقمعت إرادة الشعب الفلسطيني وسحقت ثوراته طوال ثلاثين عامًا (1917-1948) إلى أن اكتملت البنى التحتية "للدولة اليهودية" عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وإداريًا. وزرع في سنة 1948 كيانٌ صهيوني (إسرائيل) في قلب الأمة العربية والإسلامية، وهو كيان -من الناحية العملية على الأقل- يرتبط شرط بقائه وازدهاره بضعف وانقسام وتخلّف ما حوله؛ لأن المشاريع النهضوية الوحدوية الحقيقية التي تعبِّر عن إرادة شعوب المنطقة والأمة، هي بطبيعتها معادية وتُشكّل خطرًا وجوديًا على الكيان الصهيوني، الذي اغتصب قلب المنطقة العربية والإسلامية (فلسطين) وشرَّد أهلها. 6- إن ثمة وثائق وكتابات تشير إلى مضامين وسياقات قريبة أو داعمة لمعطيات وثيقة كامبل بنرمان فعندما التقى مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل برئيس الوزراء البريطاني جوزيف تشمبرلن سنة 1902، قال له هرتزل: إن قاعدتنا يجب أن تكون في فلسطين التي يمكن أن تكون "دولة حاجزة" بحيث تؤمن المصالح البريطانية. وبعد مؤتمر كامبل سافر حاييم وايزمن عام إلى فلسطين ليؤسس شركة تطوير عقارية بدعم من عائلة "روتشيلد"، فقد كانت الحركة الصهيونية تدرك أن مشروعها لن يكتب له النجاح إلا برعاية دولة كبرى وحمايتها، وكان عليها أن تعرضه في ضوء المصالح التي يمكن أن تجنيها القوى الكبرى. وفي عام 1915 قدمت لمجلس الوزراء البريطاني مذكرة سرية بعنوان: مستقبل فلسطين، كتبها أول صهيونيّ يهودي يصل لمنصب وزير بريطاني هيربرت صموئيل، جاء في الوثيقة:" الوقت الحاضر ليس مناسبًا لإنشاء دولة يهودية مستقلة؛ لذا يجب أن توضع فلسطين بعد الحرب تحت السيطرة البريطانية؛ لتعطي تسهيلات للمنظمات اليهودية لشراء الأراضي، وإقامة المستعمرات، وتنظيم الهجرة، وعلينا أن نزرع بين المحمديين ثلاثة إلى أربعة ملايين يهودي أوروبي" تم الأخذ بتوصية صموئيل عام 1916م في الاتفاقية السرية التي جمعت بريطانياوفرنسا لتقسيم سوريا الكبرى، عرفت الاتفاقية باسم مهندسيها البريطاني مارك سايكس والفرنسي جورج بيكو، وضعت اتفاقية سايكس بيكو فلسطين تحت سيادة مشتركة للحلفاء لإعدادها للدولة اليهودية. بعد عام واحد وتحديدًا 2نوفمبر1917 وافق مجلس الوزراء البريطاني برئاسة ديفد لويد جورج على إصدار وعد بريطاني لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.. وأطلق وزير الخارجية البريطاني "آرثر بلفور" إلى اللورد "روتشيلد" أحد قادة ومؤسسي الحركة الصهيونية العالمية، على تلك الرسالة التي أبرقها "بلفور" عام 1917 التي عرفت بوعد "بلفور" والتي تضمنت وعدًا رسميًا بتعهد الحكومة البريطانية بإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين. وعد "بلفور" لم يكن وليد تلك اللحظة بل جاء تتويجًا لعمل مشترك بين الساسة الأوروبيين ويهود أوروبا اعتمد على التخطيط الذي استمر لأكثر من 120 عامًا منذ محاولات نابليون عام 1799 وحتى صدور الوعد المشؤوم عام 1917م.