العميد الركن / د حسن حسين الرصابي/ العالم تعصف به المتغيرات ويظل الكتاب ولقراءات الكتاب هي واحدة من الإضاءات التي توفر للناس الاطلاع على زوايا عديدة وتفاصيل مهمة في الحياة. وهذا ما يخبرنا به هذا الكتاب الذي بين أيدينا ونحن نشير إلى الكتاب الذي يحمل عنوان الشرق الأوسط الجديد بأجندة صهيونية يضيف الينا الكثير ويقرأ احداثاً عديدة حالت واستوطنت في حياة الناس خلال مراحل التاريخ الحديث الذي تعيشه تجلياته اليوم في مقاربة أساسية تجري على هامش المتن نطل على جملة من القضايا المهمة والحيوية التي تتفاعل في منطقة جغرافية عاشت ومازالت تعيش فوضى الاحداث ومعتركات الصراع.. من هذه القضايا. * تحديات جيوسياسية عالية الخطورة تعصف بالمنطقة. * تكالب الاطماع الخارجية على المنطقة وثرواتها ومواردها وعلى مكانتها الجغرافية المهمة. * تضارب المصالح الإقليمية والدولية وتنامي التدخلات المؤثرة على سير الحياة وعلى تجاذباتها السياسية. * نشوب صراعات بعضها يتسم بالعنف والدماء فيما صراعات أخرى مؤجلة ومن هذه المتعلقات يأتي كتاب الشرق الأوسط الجديد بأجندة صهيونية ليلامس عن قرب هذه القضايا ويحاول ان يقوم من خلالها صورة مكثفة عن مكون أدوات الصراع ومرتكزاتها ودولها وعن المفهوم الذي ظل ومازال يمثل نقطة خلاف حول التسمية وحول هوية مكون الشرق الأوسط فهو شرق أوسط جديد ثم شرق أوسط كبير ثم شرق أوسط أوسع. لكن المحورية في المسمى وفي المفهوم هو حرص القوى الغربية على ان يكون الكيان الإسرائيلي هو المحور والمرتكز في مفهوم وهوية الشرق الأوسط المزعوم.. وهذا ما عملت وتعمل عليه الوسائل الإعلامية الدولية التي ما تفتأ تخفت حتى تعاود الظهور بقوة أكبر وبحضور أكثف. ولهذا ينشأ اليوم سؤال ما ذا أضاف كتاب الشرق الأوسط الجديد بأجندة صهيونية سواء للمحتوى المعرفي أو المفهوم السياسي لا سيما وان هناك عشرات، بل مئات الكتب التي صدرت أو تلك التي في طور الإصدار وهل قدم جديداً واثار قضايا جديدة في المفهوم وفي المعطى وفي المقاربة. وتبقى الميزة ان مصدر الكتاب اليمن ومن صنعاء التي تخوض غمار مواجهة محتدمة مع الصهيونية ومع رموزها ومع أذيالها.. كما ان قراءة معمقة لمحتوى الكتاب تفضي بقارئها الى أن يطل على استقراء مستقبلي لأدوات الصراع والمكونات الجيوسياسية لهذه المنطقة المحتقنة من خلال إشارات لا تخفى على متابع لبيب أو قارئ متمكن وتحديداً الصراعات المؤجلة التي تضع المرحلة أسباب احتقانها ودواعي اثارتها وتحديداً الصراع التركي الإسرائيلي الذي يجري تحت طبقة من الرماد الخفي لكن توقده لم يعد يخفى على متابع أو راصد عن بعد. وفي الأفق أيضاً تطل الهند القوى الإقليمية الصاعدة التي وفرت لها الفرص في ان تكون في قلب الصراع أو تتهيأ للدخول في منظور الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وهي مرشحة في قادمات المراحل للعب دور خطير ومؤثر في تاريخ هذا الصراع. في ذات الوقت تنساق فيه دول أفريقية قريبة من الشرق الأوسط لتكون في وسط هذه المعمعة والصراع والأيام القادمة حافلة بالمزيد من هذه التراكمات الجديدة في أطار المفهوم وفي نطاق المعطيات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط وهذه ما يفسر الاهتمام الغربي بأفريقيا وبالعمل في أوساط الدول الافريقية في توظيفها في نطاق الصراع مع الإسلام ومع العرب.. وفي المحصلة ان محتويات الكتاب كانت إشارات متعددة اعدت كمقالات وكتابات اخذت مداها الزمني ونشرت في الصحف والمواقع الالكترونية ونالت حقها من العناية والقراءة والاهتمام وجاء تجميعها وإعادة تنقيحها ومراجعتها مرة أخرى لتكون في بوتقة كتاب كامل يسهل على القارئ ان يسترجع قراءة ما سبق وان يجد فيه من الشمول ومن التنوع ما يثري اية قراءة أخرى.. وهو جهد جدير بالتقدير اللائق لأنه يسهم في رفد المكتبة اليمنية بمرجع سياسي لا غنى عنه في حال أراد الباحث أو المتابع المهتم ان يطلع على مضامين مهمة واضاءات قوية لزوايا هذا الصراع الذي ما زال يحتدم في منطقة جغرافية شديدة الاشتعال والفوضى. وحقيقة ان الصراعات المحتدمة في الشرق الأوسط هي واحدة من المحركات التي تسعى قوى الصهيونية العالمية ان تحدثها في هذا النطاق الجغرافي وتحديداً في غزة والضفة الغربية وفي الجنوب السوري والجنوب اللبناني.. ففي الوقت الذي ترى فيه الصهيونية ورموزها وقادتها انها اعمال ضرورية لإعادة صياغة الشرق الأوسط في ذات الوقت تقوم المنظومة العربية وهي منظومة تقليدية لا تملك أوراقا ضاغطة، محاولات توفيقية معينة غرضها تخفيف وقع العواصف التي يفتعلها الكيان الصهيوني والمشروع الصهيوني المسنود امريكياً واوروبياً.. في ذات المنحى تتوالى خسائر المنظومة العربية سواء في الجغرافية أو في السيادة.. ويبدو ان الشرق الأوسط يتشكل وفق الرؤية الصهيونية الغربية التي وضعت الأمة العربية والإسلامية امام تحديات أكبر من أي احتمال عن سابقات المراحل إذ سوف تضع أسس منظومة عربية أكثر طواعية وأكثر ارتهاناً لحسابات الغير.. وهذه المرحلة هي أسوأ مرحلة في تاريخ هذه الأمة وتاريخ الجغرافية العربية والإسلامية التي اهتزت فيها الكرامة الوطنية وتعرضت هذه المنظومة العربية والإسلامية الى الإنهاك وقبلت الخضوع ولا سيما بعد ان تم تحييد إيران وإنهاك حزب الله في لبنان، واسقاط دولة الأسد في دمشق واشغال اليمن بصراعات داخلية، وشن حرب عدائية ضدها تقودها أمريكا بذاتها وممارسة الضغوط الكبيرة على المنظومة الخليجية التي انصاعت ودخلت في مسار الهرولة الى التطبيع.. وتقليم مخالب مصر والجزائر وإدخال السودان في دوامة حرب أهلية ضارية.. واشغال دول الشمال الافريقي العربي بصراعات لا تنتهي ومن هنا ندرك ما يتشدق به النازي الصهيوني نتنياهو الذي يؤكد دوماً ان تل ابيب اعادة صياغة شرق أوسط جديد يتواءم مع الاطماع الصهيونية والأمريكية والغربية بشكل عام. ولذا فان الكتابة والقراءة والتحليل لمعطيات الشرق الأوسط ستظل مهمة متواصلة تحظى باهتمام كبير في البحث والتقصي وإعادة قراءة الاحداث واحياناً يجري استباق احداثها وتوقعاتها بناء على المشاهد والمعاش والمثار في حياتنا اليومية ونحن نعيش تفاعلات جديدة في إطار احياء رؤية الشرق الأوسط بما يتواءم مع الاطماع الصهيونية التي اسفرت عن وجه قبيح وعن حرب إبادة وتطهير وإحلال سكاني صهيوني في المنطقة العربية بدءاً من فلسطينالمحتلة ووصولاً إلى بقية المناطق العربية المستهدفة.