في الثمانينات من القرن الماضي كانت مؤسستي الجيش والأمن في جنوب الوطن مكتفية تقريباً من المجندين والجنود بينما في الشمال وبالذات مخلاف عمار وما حوله كان التجنيد الإجباري خدمة سنتين أو بشكل دائم يجري وبتشدد حتى على وحيد الأسرة وهذا الأسلوب الأحمق غير معمول به في أي دولة في العالم إلا في اليمن.. يجندون وحيد الأسرة فإذا قُتل فمن المسؤول؟ على سبيل المثال وليس الحصر المجند إجباري مسعد حسن القرضاني قتله أحد زملائه بالخطأ فمن المسؤول عن انقراض أسرة حسن القرضاني؟ إن كثير من حالات التجنيد في شمال الوطن كانت غير قانونية وغير منطقية. في عام 1987م هاجم الجيش العماني موقعين على الحدود اليمنية العمانية التقريبية آنذاك لم ترسم بعد.. ودخل اثنين كيلو متر في الحدود وكان رد جيش الجنوب أن عزز القوة وهاجم المهاجمين ودحرهم وتقدم بحدود عشرة كيلو متر في عمق الأراضي العمانية وقد استمر القتال ستة أيام وتوسطت إيران لإيقافه وكانت نتائجه أربعة شهداء وستة أسرى وإحراق سيارة 66روسية الصنع من الجانب اليمني ومن الجانب العماني كانت خسائرهم أضعاف مضاعفة فقد قتل من جنودهم وضباطهم 39وتم أسر 71 وتم إحراق أربع دبابات و7سيارات واغتنام أربعة رشاشات ثقيلة و4سيارات محملة عتاد وذخائر ومواد غذائية وقد كانت معركة الستة الأيام رسالة بالغة الأهمية موجهة للرئيس علي عبدالله صالح وعلي ناصر وزمرته وفي نفس عام 1987م بدأ قادة الحزب الاشتراكي تصحيح بعض الإجراءات الاقتصادية التي كان معمول بها وأعطوا إمكانية وتسهيلات للرأسمال الوطني للقيام ببعض المشاريع والقيام بدوره المطلوب الذي كان مجمدا لدواعي سياسية أو أمنية خاصة، إن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كانت عبارة عن جزيرة وسط عدائي شمالاً وشرقاً.. وقد تمت الدراسات المختلفة لتصحيح بعض الأمور الاقتصادية والاجتماعية خلال عام 1987م. في عام 1988م بدأ الحزب الاشتراكي اليمني التنفيذ العملي للوثيقة النقدية التحليلية التي تم إعداد بعضها الأول عام 1987م والتي تتضمن تصحيح بعض الإجراءات الاقتصادية وتسهيل الإجراءات الاستثمارية للرأسمال الوطني وقد شرع فعلياً الرأسمال العقاري بإنشاء المباني الاستثمارية وبدأت بعض من المصانع الخاصة بالعمل مع وجود مصانع القطاع العام وطبعاً القطاع العام هو الأساس وهو القائد والموجه لمصانع القطاع المختلط أو القطاع الخاص أي أن الأمور بدأت تتحسن اقتصادياً بشكل تدريجي بموجب بنود بل وكل أسطر كُتيب "الوثيقة النقدية التحليلية" والتي تُعتبر برنامج عمل للمرحلة اللاحقة كان متوقع عشر سنوات قادمة.. وطبعاً التغييرات أواخر الثمانينات وبالذات في عامي 1987م و1988م لم تغير الهدف الاستراتجي للحزب الاشتراكي اليمني وهو تحقيق الوحدة اليمنية المباركة. عام 1989 شهد أيضاً تنفيذاً عملياً أقوى للوثيقة النقدية التحليلية وكان العمل يسير بها على قدم وساق أسرع من عام 1988م وذلك بالمبدأ اليساري الذي ابتكره المعلم عبدالفتاح إسماعيل- سلام الله عليه- الشعار اليساري القائل:"إدارة مُبسطة بتكاليف أقل وفعالية أكبر".. كما أن عام 1989م قد شهد تخوف الحزب الاشتراكي من الذي يحصل في أفغانستان وبولندا ورومانيا والذي كان يشير إلى انتكاسات لبعض دول التوجه الاشتراكي مثل أفغانستان ودول اشتراكية مثل بولندا ورومانيا وربما يطال دول اشتراكية أخرى خاصة وقد ظهرت بوادر أن دول شرق أوروبا سائرة نحو التفكك والانهيار وفعلاً تفككت المنظومة الاشتراكية في شرق أوروبا لاحقاً والبروسترويكا الذي اخترعها جورباتشوف الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي فشلت أيضاً وقد توقع البعض أن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ستنهار مثل أفغانستان لكنها بقيادة الحزب الاشتراكي ظلت صامدة ومعافاة وظل الحزب الاشتراكي قائماً لم تلن له قناة وظل شامخ لا يقهر. يتبع العدد القادم.