حضرموت على حافة الاشتعال.. حلف القبائل بين التهميش وخيار القوة    صنعاء.. مناقشة دراسة أولية لإنشاء سكة حديد في الحديدة    الأمين العام للأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، يتفقد مطار عدن الدولي    حجة .. عرضٌ لخريجي الدورات العسكرية المفتوحة في المفتاح    مؤامرتا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين واليمني للجنوب العربي    لسوء النتائج.. يوفنتوس الإيطالي يقيل مدربه الكرواتي إيغور تيودور    المنتخب الأولمبي يبدأ معسكره الإعدادي في صنعاء استعداداً لخليجي الدوحة    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يلتقي مسؤولي مكتب التخطيط والتعاون الدولي في لحج    ضبط 185 قطعة أثرية عراقية في بريطانيا    الرئيس الزُبيدي يطمئن على صحة د صدام عبدالله بعد تعرضه لحادث مروري    أبطال اليمن في المصارعة يشاركون دورة الألعاب الأسيوية    حالات تحكيمية مثيرة للجدل بكلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة.. أهداف ملغاة وركلات جزاء    مزاد "بلاكاس" الفرنسي يعرض تمثال لرجل من آثار اليمن    أشاد بجهود البحرين التنظيمية.... البدر: الألعاب الآسيوية للشباب حدث رياضي مميز    انطلاق مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    أبو رأس ينتقد سلطات إب على خلفية حملة اعتقالات بسبب رفض دخول كسارة    "بهاء سعيد" و"أرزاق بازرعة" يتوجان أبطالًا للبطولة التأسيسية المفتوحة للدارتس بعدن    اعتقال شيخ قبلي بمحافظة شبوة بعد ساعات من حملة استهدفت عدداً من الشباب    الذهب يتراجع وسط تفاؤل بشأن اتفاق تجاري بين أمريكا والصين    محافظ عمران يناقش دعم اطباء بلا حدود لمستشفى خمر    وزارة الشباب والرياضة تمنح نادي التعاون بحضرموت الاعتراف النهائي    بن حبتور يزور أضرحة الرئيس الصماد والرهوي ورفاقه الوزراء والغماري    خامس حالة خلال أسبوع.. شاب ينهي حياته في إب وسط تردي الأوضاع المعيشية    تدشين مساعدات ل800 اسرة في جزيرة كمران    وزير التربية يدلي بتوجيه هام!    التعليم العالي تعلن بدء تحويل مستحقات الرسوم الدراسية للطلاب المبتعثين    تنظيم دورة تدريبية لأطباء زوايا التثقيف الصحي حول الرسائل الأساسية لصحة الأم والطفل    دراسة حديثة تكشف فظائع للسجائر الإلكترونية بالرئتين    اللواء بن بريك يفتح بوابة حضرموت نحو وحدة الصف الجنوبي    الشتاء يبدأ مبكرًا في اليمن.. تقلص الامطار والحرارة تلامس 3 درجات في بعض المناطق    الجميع يخافون من إسرائيل، والكل في خدمة إسرائيل    فشل وساطة العليمي بين قيادة الهضبة وسلطة حضرموت    مصر التي رفضت تهجير الفلسطينيين لا يجوز أن تهجّر أقباطها الذين سكنوها قبل الغزو السلفي    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    من أبرز سمات القائد الغماري.. "الصبر والمبادرة"    مناقشة التحضيرات لإقامة معرض "صُنع في اليمن"    النظام السعودي وأوهام الأفاعي 2-2    بوتين يعلن نجاح تجربة لصاروخ "كروز" بالدفع النووي يصل مداه إلى 14 ألف كيلومتر    الخبير والمحلل الاقتصادي سليم الجعدبي ل "26سبتمبر" : هناك حرب وجودية شاملة تستهدف اليمن تحت ستار "الإغاثة" و"التنمية"    وداعا أبا اهشم    المهندسة لجين الوزير ل 26 سبتمبر: نجاح الأوطان يبدأ من الحقل والمزرعة    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن "18"    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    نجح في كسر العقدة الكتالونية.. الريال يبتعد بصدارة الليغا بعد فوزه على البرسا    بعد 3 أيام من إيقاف التعامل معها.. جمعية الصرافين تعمِّم بإعادة التعامل مع شركة صرافة    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    فوضى موانئ الحديدة تكشف صراع أجنحة الحوثي على تجارة القمح وابتزاز التجار    قراءة تحليلية لنص "أنتم العظماء لا هم" ل"أحمد سيف حاشد"    ايران تطور إسفنجة نانوية مبتكرة لجراحات الأسنان    الصحة العالمية تعلن عن ضحايا جدد لفيروس شلل الاطفال وتؤكد انه يشكل تهديدا حقيقيا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "سيل حميد" ل"أحمد سيف حاشد"    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    عدن: بين سل الفساد ومناطقية الجرب    قراءة تحليلية لنص "أمِّي تشكِّلُ وجدانَنَا الأول" ل"أحمد سيف حاشد"    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ميناء ينبع" .. في ذاكرة التاريخ بوابة للغزاة !
نشر في 26 سبتمبر يوم 05 - 09 - 2025

ينبع .. او ما كان يسمى قديما ميناء " لوكي كومي " كان تحت سيطرة مملكة عربية رهنت نفسها ومقدراتها ومواردها لخدمة الغزاة واليهود ضد جيرانها لتكافئ فيما بعد بمسح وجودها من الخارطة السياسية والجغرافية .
استغلال للصراع السياسي والعسكري الداخلي في اليمن ولوجود العمالة والخيانة , قاد تحالف من قوى غربية مع المملكة واليهود حملة بحرية نزلت بأحد مواني المملكة لغزو اليمن لاحتلالها والسيطرة عليها .
-الاطماع الغربية
ذكر " فورستر " في كتابه " الجغرافيا التاريخية للجزيرة العربية " أن هذه الحملة الرومانية لغزو اليمن سنة 24 ق . م , خطط لها الامبراطور الروماني " أوغسطس 27 ق. م - 24 م " في نهاية القرن الأول قبل الميلاد , وذلك بعد وعد تلقاه من صديقه ملك مملكة الأنباط " عبادة الثالث 30 - 9 ق. م " بالتعاون معه .
فقد بدأت أطماع الرومان في الجزيرة العربية في نهاية القرن الأول قبل الميلاد , وقت أن سيطرت روما على معظم دول وممالك الشرق , حتى أصبح البحر الأبيض المتوسط بحيرة رومانية , فكان يطلق عليه بحر الرومان .
بعد أن اسقطت مملكة قرطاجة في شمال افريقيا بعد حروب عديدة معها في سنة 146 ق .م . لتتوجه روما نحو المشرق العربي بما فيها شبه الجزيرة العربية .
وبعد سقوط دمشق عيد يد القائد الروماني " بومبى " سنة 64ق. م , ومن ثم البطالمة في مصر سنة 30 ق . م بيد الإمبراطورية الرومانية أوعز الامبراطور إلى حاكم مصر " ايليوس جالوس " بغزو اليمن مستغل الصراع السياسي والعسكري فالداخلي في اليمن آنذاك بين مملكتي سبأ وحمير للاستيلاء عليها وعلى ثروتها العظيمة التي اشتهرت بها , وللقضاء على ما يسميهم القرصنة - والتي اطلق عليها المؤرخون اليونان القرصنة , وهو اصطلاح يلجأ إليه الكتاب الغربيون والسياسيون والعسكريون منهم دائما منذ القدم وحتى العصر الحديث والمعاصر وليومنا هذا لوصف مقاومة أهل البلاد للغزاة والمستعمرين وخاصة المقاومة البحرية -!
وللهيمنة على البحر الأحمر , وذلك لضمان مصالح الامبراطورية الرومانية في ذلك الجزء من العالم , وجعل البحر الأحمر بحرا رومانيا , وأن يضعوا أيديهم على مصادر الثروة العربية .
وقد اهتمت روما كذلك بهذا الجزء من العالم لتأمين الخط التجاري البحري إلى الصومال والجزيرة العربية والهند بسبب استهلاكهم المتزايد للطيوب والتوابل أو لاحتياطهم الاستراتيجي أمام التحدي الفارسي .
-توسع واحتلال
تذكر المصادر الكلاسيكية بداية ظهور " مملكة الأنباط 312 ق.م - 106م " حيث بدأت منذ نهاية القرن الرابع قبل الميلاد وبالتحديد سنة 312 ق. م .
وتذكر الانباط في أول صراع لهم مع القوات المقدونية بقيادة " انتيجونوس " الذي أرسل إليهم حملة بقيادة " أثنايوس " , وأتبعها حملة أخرى بقيادة ابنه " ديمتويوس " الذي اكتفي بأن ينسحب من بلاد الأنباط مقابل لهدايا القيمة والإبقاء على علاقات طيبة مع مملكة الأنباط .
وقد استغلت مملكة الأنباط الصراع الدائر في المنطقة سواء بين السلوقيين في بلاد الشام والبطالمة في مصر للتوسع على حساب القوى المجاورة لهم , فامتدت دولتهم شمالا في النصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد حتى أن مدينة دمشق صارت تحت نفوذهم , واتجهوا نحو النقب فتح لهم الطريق إلى عزة وسيناء ومنها إلى مصر عن طريق العريش .
كما ربطهم تعمقهم جنوبا حين استولوا على مدائن صالح بطريق تجارة الخليج العربي , وتغلغلوا جنوبا وسط الجزيرة العربية مستغلين الصراع بين ممالك اليمن , كما ان منطقة الحجر جعلتهم قريبين من ميناء " لوكي كومي " القرية البيضاء على البحر الأحمر مما سهل لهم الاتصال بالطريق البحري المؤدي إلى الهند .
فأستولوا على مملكتي " دادان ولحيان " وسط جزيرة العرب - الحجاز - ليهيمنوا بذلك على محاور الطرق التجارية الهامة والموانئ الهامة على ساحل البحر الأحمر .
وجنوا من وراء ذلك أرباحا طائلة وليصبح للأنباط شأن عظيم ودولة متحدة وأصبح النظام الملكي منذ القرن الثاني قبل الميلاد نظاما معروفا للدولة النبطية .
وبذلك كونوا مملكة شاسعة قوية واستطاعوا السيطرة على طرق التجارة عبر شمال ووسط الجزيرة العربية . وجعلوا عاصمتهم " البتراء " .
-فلسطين المسالمة
وعندما بدأ الضعف يظهر على الدولة السلوقية في بلاد الشام , اغتنم هذه الفرصة الأنباط , وأغاروا على أطراف الدولة السلوقية . وحينما زحف القائد الروماني " بومبى " عام 64 ق. م على سوريا وخضعت له المدن السورية الواحدة تلو الأخرى , وقضى على حكم السلوقيين نهائيا .
عندها شعرت مملكة الانباط بقوة بومبى وبخطر القوات الرومانية عليهم لذلك تعهدوا بأن يقدموا للدولة الرومانية جندا يساعدونها في حروبها في المنطقة , وفي دفع جزية سنوية إلى الرومان مقابل بقاء مملكتهم حرة مستقلة تحت النفوذ والحماية الرومانية , وعرفت مملكة الانباط بعد ذلك باسم فلسطين أو " مملكة فلسطين المسالمة "
-تعاون وتأمر
لم تكتفي مملكة الانباط بالتوسع والسيطرة والاحتلال لممالك وأراضي جيرانها , بل اتجهت للتعاون والتأمر والتحالف مع القوى الغربية ممثل بذلك الوقت بالإمبراطورية الرومانية للقضاء على الدولتين السلوقية في بلاد الشام والبطلمية في مصر , ومع سقوط الدولة السلوقية في سوريا سنة 64 ق. م , شارك ملك الانباط " مالك الأول 50 – 27 ق. م " بقوات من جيشه لمساعدة " يوليوس قيصر " في حصاره للإسكندرية عام 47 ق. م , وقد أدي ضعف البطالمة في مصر إلى مهاجمة الأنباط للسفن التجارية المصرية في جنوب البحر الأحمر , كما قام الأنباط حلفاء الرومان بإحراق الأسطول البطلمي عند ميناء " كليوباتريس " قرب السويس عام 30 ق. م , عندما كانت الملكة المصرية " كليوباترا السابعة " آخر ملوك البطالمة تستعد للانسحاب بأسطولها البحري إلى جنوب البحر الأحمر .
كان ملوك مملكة الانباط يخشون الجانب العسكري للبطالمة , ويفضلون بقاء دولة البطالمة في مصر ضعيفة أو تحت هيمنة قوى صديقة لهم حتى لا تهدد نفوذهم التجاري لأن مملكة البطالمة القوية تهدد مصالحهم ولهاذ السبب تحالفت مملكة الانباط مع الرومان للقضاء على البطالمة نهائيا .
وعندما جهز الرومان حملة لاحتلال اليمن سنة 24 ق. م , سارعت مملكة الأنباط لمساعدتهم فأمدهم ملكها " عبادة الثالث بألف مقاتل ونزلت القوات الرومانية في ميناء " لوكي كومي " النبطي .
-لوكي كومي
كان لمملكة الانباط العديد من الموانئ على ساحل البحر الأحمر منها ميناء " لوكي كومي " القرية البيضاء , ويسمى حاليا " ميناء ينبع " , يقع على الساحل الشرقي للبحر الأحمر ونال شهرة واسعة في عهد الملكة النبطية وكان يعد ميناءها الرئيسي وكان مفضلا عن ميناء أيله الواقع على رأس الخليج الذي يقع ضمن حدود مملكتهم للابتعاد عن المنافسة البطلمية , كما أن صعوبة الملاحة في خليج العقبة بميناء " أيله " من الأسباب التي دفعتهم إلى إنشاء ميناء أخر وهو ميناء لوكي كومي , وكانت السلع تأتي بحر ا إلى ميناء " لوكي كومي " أهم الموانئ النبطية على البحر الأحمر ومنها برا إلى البتراء أو نقل التجارة إلى البتراء من العراق والخليج العربي أو اليمن إلى هذا الميناء لتصديره إلى مصر وحوض البحر المتوسط .
وقد ذكر " سترابو" هذا الميناء عند حديثه عن حملة الرومان على بلاد اليمن , اما كتاب " الطواف " فقد ذكر أنها كانت سوقا وميناء تجاريا وأن فيها قلعة محصنة ويقيم فيها غرقة عسكرية اقوم بجمع الضرائب المفروضة على التجارة .
-بوابة الغزاة
كانت الفرصة للحملة الرومانية على اليمن هو الصراع العسكري بين مملكة حمير وسبأ , فقد استغل الرومان الضغط الحميري على سبأ للقضاء عليها وفرض السيطرة الحميرية على بلاد اليمن كاملة حيث كانت سبأ أكبر قوة موجودة في اليمن وكانت حمير تنافسها على الهيمنة والسلطة في اليمن مع وجود تعاون بين قوى يمنية داخلية وبين ملك مملكة الأنباط آنذاك .
ويذكر " استرابو " أن القائد الروماني جالوس كان متحمسا للقيام بهذه الحملة على اليمن لأنه كان يتوقع المساعدة من الأنباط لأنهم كانوا أصدقاء الرومان ووعدوا بالتعاون معهم بكل الوسائل الممكنة .
وقد قاد الحملة القائد الروماني " ايليوس جالوس " الذي كان حاكم على مصر آنذاك , وقد صحبه في هذه الحملة المؤرخ الروماني " سترابو " والذي سجلها في كتابه " الجغرافيا " .
وقد بدأ الرومان ببناء 80 سفينة حربية , وذلك قبل التأكد من أن اليمن لا تمتلك أسطولا حربيا , واكمل 130 سفينة حربية , وقد خسر الرومان عدة سفن في البحر الأحمر . وذكر " فورستر " أن الحملة أبحرت من ميناء " كليوباتريس " على خليج السويس على ظهر أسطول حربي , وبعد رحلة استغرقا خمسة عشر يوما وصلت الحملة إلى الساحل الغربي للبحر الأحمر للجزيرة العربية .
وكان جالوس على رأس جيش يتكون من عشرة ألف مقاتل روماني , وألف مقاتل من الأنباط , وخمسمائة من اليهود أرسلهم الحاكم ال " هيرود " .
وقد نزلت الحملة الرومانية في ميناء " لوكي كومي " النبطي - ما يسمى اليوم ميناء ينبع - ويقع لوكا كوما على ساحل البحر الأحمر التابع لمملكة الانباط التي كان يحكمها الملك " عباده الثالث " والذي كان حليفا للرومان آنذاك وفي علاقة مع اليهود كحليفان لروما , وقد أجبر القائد جالوس وجيشه لقضاء بقية فصل الصيف الشديد الحرارة وفصل الشتاء في الميناء .
ثم دخلت قوات الرومان إلى قلب الجزيرة العربية لغزو اليمن في بداية فصل الربيع عام 24 ق. م , من جهة الشرق عبر الصحراء والمناطق الخصبة , وكان مرشدهم في هذا السير هو الوزير النبطي " صالح سيلايوس " بعد اتصال جاليوس بملك مملكة الأنباط " عبادة الثالث " بعد ان مد الجيش بمعونات ومساعدات غذائية " الحبوب والبلح والزبد " .
-المملكة واليهود
أشارت أسفار المكابيين إن علاقة اليهود بالأنباط , وترجع تلك الإشارة إلى عام 109 ق. م في ذكر ملكهم حارثه الملقب " حارثة الأول 169- 120 ق. م " , حيث قام بتوسيع المملكة ووثق في أسفارهم أو فيما يسمي كتاب المقدس المكابي بما عرفوه باسم " الطاغية " .
وتعمقت العلاقة بين ملوك مملكة الأنباط واليهود عبر التصاهر فقد كان حاكم عشائر اليهود المعين من قبل روما هو " هيرود " وقد كانت أمه نبطية ومن ثم انهما اصبحا ملوك مملكة الأنباط واليهود حليفان للرومان في حروبهما ضد الدول والممالك في المنطقة , ففي حملة الرومان على اليمن شارك اليهود بخمسمائة مقاتل .
وحينما جعل الملك " عبادة الثالث " وزيره " صالح سيلايوس " ليكون دليلا لهم في الحملة على اليمن وصفت فالمصادر الوزير صالح النبطي بالهمة والنشاط وقوة الشخصية وعلاقاته الخارجية القوية وبصفة خاصة مع اليهود والرومان , كما كان يعمل سفيرا لبلاده حيث تردد كثيرا على بلاط " هيرود اليهودي " الذي نصبه الرومان حاكم على جماعات اليهود وخاضع لروما .
وقد وقع صالح في غر ام أخت هيرود " سالومي " و تقدم إلى اخيها هيرود للزواج من اخته إلا أنه اشترط عليه اعتناق الديانة اليهودية , ولكن صالح رفض قائلا : " لو فعلت ذلك لرجمني قومي " ! , بالرغم ان ام هيرود هي نبطية , وكان يهدف هيرود من دخول الوزير النبطي في اليهودية تحقيقا لأهداف سياسة خارجية و داخلية ليكون لليهود سلطة القرار داخل مملكة الانباط , وداخليا ليثبت لليهود انه يهتم باليهودية وتعاليمها بعد ان ضجت الجماعات اليهودية الدينية من سوء معاملته وانحلاله وعدم احترامه للقيم والتقاليد الدينية اليهودية وانغماسه في الملذات واهتمامه الواضح بالتقاليد الرومانية .
لذلك أراد بهذا الموقف مع صالح أن يكسب تعاطفهم له . وأن يؤكد لليهود تدينه وحرصه على اليهودية وعمله بتعاليمها . -حاميات رومانية في اعقاب الحملة الرومانية على اليمن سيطر الرومان على مدائن صالح , ومن خلال نقوش منطقة " مدائن صالح " في شمال غرب شبة الجزيرة العربية دلت على ان الأنباط خلال الفترة التي أعقبت حملة يوليوس جالوس كانوا يشاركون في حراسة الطريق التجاري العظيم بفرق من الهجانة , لصالح خدمة التجارة الرومانية في هذه المناطق بعد سيطرة الرومان عليها وعلى ميناء " لوكي كوكي " ينبع حاليا .
ويذكر "سترابون " لذي عاش في تلك الفترة أن الانباط طانوا خاضعين للرومان خضوعا اسميا فقط من خلال دفع جزية للرومان ومشاركة الجيوش النبطية للرومان حملاتهم الحربية على الدول والشعوب المجاورة , وحراسة قوافلهم وطرقهم التجارية , بل ومشاركة الانباط للحاميات الرومانية في الدفاع وحماية الحصون الرومانية وحدود إمبراطوريتهم الشرقية .
وقد زاد وجود الحاميات الرومانية في هذه المنطقة في مدائن صالح - بمسمى اليوم القواعد العسكرية - حيث وجدت شواهد قبور لتجار اجانب من خارج الجزيرة العربية ومنهم يهود , وان الرومان أقاموا جمركا وحامية عسكرية عند ميناء " لوكي كومي " النبطي على البحر الأحمر حيث كانت تجبي على البضائع التي تمر به ضريبة تعادل 25% من ثمنها .
-نهاية المملكة
المتعارف عليه لدي جميع المختصين في تاريخ مملكة الأنباط أن دولتهم أصبحت ولاية تابعة للإمبراطورية الرومانية عام 106 م . وأما آخر ملوك الأنباط فهو الملك " مالك الثالث 101 -106م ", وعلى عهد الإمبراطور الروماني " تراجان "سنة 106م , باحتلال مملكة الانباط وجعلها تحت حكم حاكم سورية " كورنليوس بالما " , واصبحت جزء من أراضي الإمبراطورية الرومانية .
فحينما رأي الرومان استحالة الإبقاء على الصداقة بينهم وبين الأنباط وبعد أن انتهت مهمتهم في تقديم خدماتهم لها ضد جيرانهم من الدول خاصة سيطرتهم على مصر والبحر الأحمر قرروا القضاء على مملكة الانباط نهائيا وضمها إلى أراضي الامبراطورية الرومانية - كسياسة تقليم الأظافر لتابع لهم – فحمل عليهم حاكم الشام الروماني " كورنيليوس " حملة عنيفة واستولى على العاصمة " البتراء " وقضى على استقلال الأنباط , ولكنهم ثاروا من جديد في سبيل الاستقلال فحمل عليهم الامبراطور الروماني " ترجان " في العام التالي سنة 106 م , حملة بددت شملهم وقضت على دولتهم نهائيا و أزالتها من الخارطة السياسية والجغرافية من المنطقة بعد 130 عاما من تعاونهم وتحالفهم مع روما في حملتها لغزو اليمن , وبعد تسع سنوات من زوال مملكة الأنباط ظهرت الدولة الحميرية في اليمن " 115- 525م " بعد تسع سنوات من زوال مملكة الأنباط , لتنهي الحروب والصراعات الداخلية وتوحد اليمن أرضا وإنسانا .
-أحداث سبتمبر
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م , أعد " لوران مورافييك " أحد باحثى مؤسسة "راند " الأمريكية تقريرا هاجم فيه المملكة العربية السعودية وطالب فيه الحكومة الأمريكية باحتلالها وتقسيمها . حيث ألقى لوران تقريره كمحاضرة في اجتماع لمجلس الدراسات الدفاعية في 22 اغسطس 2002م , وهو مجلس يتبع لوزارة الدفاع الأمريكية , وتم تسريب ذلك التقرير إلى صحيفة الواشنطن بوست .
26 سبتمبر نت: علي الشراعي|
ينبع .. او ما كان يسمى قديما ميناء " لوكي كومي " كان تحت سيطرة مملكة عربية رهنت نفسها ومقدراتها ومواردها لخدمة الغزاة واليهود ضد جيرانها لتكافئ فيما بعد بمسح وجودها من الخارطة السياسية والجغرافية .
استغلال للصراع السياسي والعسكري الداخلي في اليمن ولوجود العمالة والخيانة , قاد تحالف من قوى غربية مع المملكة واليهود حملة بحرية نزلت بأحد مواني المملكة لغزو اليمن لاحتلالها والسيطرة عليها .
-الاطماع الغربية
ذكر " فورستر " في كتابه " الجغرافيا التاريخية للجزيرة العربية " أن هذه الحملة الرومانية لغزو اليمن سنة 24 ق . م , خطط لها الامبراطور الروماني " أوغسطس 27 ق. م - 24 م " في نهاية القرن الأول قبل الميلاد , وذلك بعد وعد تلقاه من صديقه ملك مملكة الأنباط " عبادة الثالث 30 - 9 ق. م " بالتعاون معه .
فقد بدأت أطماع الرومان في الجزيرة العربية في نهاية القرن الأول قبل الميلاد , وقت أن سيطرت روما على معظم دول وممالك الشرق , حتى أصبح البحر الأبيض المتوسط بحيرة رومانية , فكان يطلق عليه بحر الرومان .
بعد أن اسقطت مملكة قرطاجة في شمال افريقيا بعد حروب عديدة معها في سنة 146 ق .م . لتتوجه روما نحو المشرق العربي بما فيها شبه الجزيرة العربية .
وبعد سقوط دمشق عيد يد القائد الروماني " بومبى " سنة 64ق. م , ومن ثم البطالمة في مصر سنة 30 ق . م بيد الإمبراطورية الرومانية أوعز الامبراطور إلى حاكم مصر " ايليوس جالوس " بغزو اليمن مستغل الصراع السياسي والعسكري فالداخلي في اليمن آنذاك بين مملكتي سبأ وحمير للاستيلاء عليها وعلى ثروتها العظيمة التي اشتهرت بها , وللقضاء على ما يسميهم القرصنة - والتي اطلق عليها المؤرخون اليونان القرصنة , وهو اصطلاح يلجأ إليه الكتاب الغربيون والسياسيون والعسكريون منهم دائما منذ القدم وحتى العصر الحديث والمعاصر وليومنا هذا لوصف مقاومة أهل البلاد للغزاة والمستعمرين وخاصة المقاومة البحرية -!
وللهيمنة على البحر الأحمر , وذلك لضمان مصالح الامبراطورية الرومانية في ذلك الجزء من العالم , وجعل البحر الأحمر بحرا رومانيا , وأن يضعوا أيديهم على مصادر الثروة العربية .
وقد اهتمت روما كذلك بهذا الجزء من العالم لتأمين الخط التجاري البحري إلى الصومال والجزيرة العربية والهند بسبب استهلاكهم المتزايد للطيوب والتوابل أو لاحتياطهم الاستراتيجي أمام التحدي الفارسي .
-توسع واحتلال
تذكر المصادر الكلاسيكية بداية ظهور " مملكة الأنباط 312 ق.م - 106م " حيث بدأت منذ نهاية القرن الرابع قبل الميلاد وبالتحديد سنة 312 ق. م .
وتذكر الانباط في أول صراع لهم مع القوات المقدونية بقيادة " انتيجونوس " الذي أرسل إليهم حملة بقيادة " أثنايوس " , وأتبعها حملة أخرى بقيادة ابنه " ديمتويوس " الذي اكتفي بأن ينسحب من بلاد الأنباط مقابل لهدايا القيمة والإبقاء على علاقات طيبة مع مملكة الأنباط .
وقد استغلت مملكة الأنباط الصراع الدائر في المنطقة سواء بين السلوقيين في بلاد الشام والبطالمة في مصر للتوسع على حساب القوى المجاورة لهم , فامتدت دولتهم شمالا في النصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد حتى أن مدينة دمشق صارت تحت نفوذهم , واتجهوا نحو النقب فتح لهم الطريق إلى عزة وسيناء ومنها إلى مصر عن طريق العريش .
كما ربطهم تعمقهم جنوبا حين استولوا على مدائن صالح بطريق تجارة الخليج العربي , وتغلغلوا جنوبا وسط الجزيرة العربية مستغلين الصراع بين ممالك اليمن , كما ان منطقة الحجر جعلتهم قريبين من ميناء " لوكي كومي " القرية البيضاء على البحر الأحمر مما سهل لهم الاتصال بالطريق البحري المؤدي إلى الهند .
فأستولوا على مملكتي " دادان ولحيان " وسط جزيرة العرب - الحجاز - ليهيمنوا بذلك على محاور الطرق التجارية الهامة والموانئ الهامة على ساحل البحر الأحمر .
وجنوا من وراء ذلك أرباحا طائلة وليصبح للأنباط شأن عظيم ودولة متحدة وأصبح النظام الملكي منذ القرن الثاني قبل الميلاد نظاما معروفا للدولة النبطية .
وبذلك كونوا مملكة شاسعة قوية واستطاعوا السيطرة على طرق التجارة عبر شمال ووسط الجزيرة العربية . وجعلوا عاصمتهم " البتراء " .
-فلسطين المسالمة
وعندما بدأ الضعف يظهر على الدولة السلوقية في بلاد الشام , اغتنم هذه الفرصة الأنباط , وأغاروا على أطراف الدولة السلوقية . وحينما زحف القائد الروماني " بومبى " عام 64 ق. م على سوريا وخضعت له المدن السورية الواحدة تلو الأخرى , وقضى على حكم السلوقيين نهائيا .
عندها شعرت مملكة الانباط بقوة بومبى وبخطر القوات الرومانية عليهم لذلك تعهدوا بأن يقدموا للدولة الرومانية جندا يساعدونها في حروبها في المنطقة , وفي دفع جزية سنوية إلى الرومان مقابل بقاء مملكتهم حرة مستقلة تحت النفوذ والحماية الرومانية , وعرفت مملكة الانباط بعد ذلك باسم فلسطين أو " مملكة فلسطين المسالمة "
-تعاون وتأمر
لم تكتفي مملكة الانباط بالتوسع والسيطرة والاحتلال لممالك وأراضي جيرانها , بل اتجهت للتعاون والتأمر والتحالف مع القوى الغربية ممثل بذلك الوقت بالإمبراطورية الرومانية للقضاء على الدولتين السلوقية في بلاد الشام والبطلمية في مصر , ومع سقوط الدولة السلوقية في سوريا سنة 64 ق. م , شارك ملك الانباط " مالك الأول 50 – 27 ق. م " بقوات من جيشه لمساعدة " يوليوس قيصر " في حصاره للإسكندرية عام 47 ق. م , وقد أدي ضعف البطالمة في مصر إلى مهاجمة الأنباط للسفن التجارية المصرية في جنوب البحر الأحمر , كما قام الأنباط حلفاء الرومان بإحراق الأسطول البطلمي عند ميناء " كليوباتريس " قرب السويس عام 30 ق. م , عندما كانت الملكة المصرية " كليوباترا السابعة " آخر ملوك البطالمة تستعد للانسحاب بأسطولها البحري إلى جنوب البحر الأحمر .
كان ملوك مملكة الانباط يخشون الجانب العسكري للبطالمة , ويفضلون بقاء دولة البطالمة في مصر ضعيفة أو تحت هيمنة قوى صديقة لهم حتى لا تهدد نفوذهم التجاري لأن مملكة البطالمة القوية تهدد مصالحهم ولهاذ السبب تحالفت مملكة الانباط مع الرومان للقضاء على البطالمة نهائيا .
وعندما جهز الرومان حملة لاحتلال اليمن سنة 24 ق. م , سارعت مملكة الأنباط لمساعدتهم فأمدهم ملكها " عبادة الثالث بألف مقاتل ونزلت القوات الرومانية في ميناء " لوكي كومي " النبطي .
-لوكي كومي
كان لمملكة الانباط العديد من الموانئ على ساحل البحر الأحمر منها ميناء " لوكي كومي " القرية البيضاء , ويسمى حاليا " ميناء ينبع " , يقع على الساحل الشرقي للبحر الأحمر ونال شهرة واسعة في عهد الملكة النبطية وكان يعد ميناءها الرئيسي وكان مفضلا عن ميناء أيله الواقع على رأس الخليج الذي يقع ضمن حدود مملكتهم للابتعاد عن المنافسة البطلمية , كما أن صعوبة الملاحة في خليج العقبة بميناء " أيله " من الأسباب التي دفعتهم إلى إنشاء ميناء أخر وهو ميناء لوكي كومي , وكانت السلع تأتي بحر ا إلى ميناء " لوكي كومي " أهم الموانئ النبطية على البحر الأحمر ومنها برا إلى البتراء أو نقل التجارة إلى البتراء من العراق والخليج العربي أو اليمن إلى هذا الميناء لتصديره إلى مصر وحوض البحر المتوسط .
وقد ذكر " سترابو" هذا الميناء عند حديثه عن حملة الرومان على بلاد اليمن , اما كتاب " الطواف " فقد ذكر أنها كانت سوقا وميناء تجاريا وأن فيها قلعة محصنة ويقيم فيها غرقة عسكرية اقوم بجمع الضرائب المفروضة على التجارة .
-بوابة الغزاة
كانت الفرصة للحملة الرومانية على اليمن هو الصراع العسكري بين مملكة حمير وسبأ , فقد استغل الرومان الضغط الحميري على سبأ للقضاء عليها وفرض السيطرة الحميرية على بلاد اليمن كاملة حيث كانت سبأ أكبر قوة موجودة في اليمن وكانت حمير تنافسها على الهيمنة والسلطة في اليمن مع وجود تعاون بين قوى يمنية داخلية وبين ملك مملكة الأنباط آنذاك .
ويذكر " استرابو " أن القائد الروماني جالوس كان متحمسا للقيام بهذه الحملة على اليمن لأنه كان يتوقع المساعدة من الأنباط لأنهم كانوا أصدقاء الرومان ووعدوا بالتعاون معهم بكل الوسائل الممكنة .
وقد قاد الحملة القائد الروماني " ايليوس جالوس " الذي كان حاكم على مصر آنذاك , وقد صحبه في هذه الحملة المؤرخ الروماني " سترابو " والذي سجلها في كتابه " الجغرافيا " .
وقد بدأ الرومان ببناء 80 سفينة حربية , وذلك قبل التأكد من أن اليمن لا تمتلك أسطولا حربيا , واكمل 130 سفينة حربية , وقد خسر الرومان عدة سفن في البحر الأحمر . وذكر " فورستر " أن الحملة أبحرت من ميناء " كليوباتريس " على خليج السويس على ظهر أسطول حربي , وبعد رحلة استغرقا خمسة عشر يوما وصلت الحملة إلى الساحل الغربي للبحر الأحمر للجزيرة العربية .
وكان جالوس على رأس جيش يتكون من عشرة ألف مقاتل روماني , وألف مقاتل من الأنباط , وخمسمائة من اليهود أرسلهم الحاكم ال " هيرود " .
وقد نزلت الحملة الرومانية في ميناء " لوكي كومي " النبطي - ما يسمى اليوم ميناء ينبع - ويقع لوكا كوما على ساحل البحر الأحمر التابع لمملكة الانباط التي كان يحكمها الملك " عباده الثالث " والذي كان حليفا للرومان آنذاك وفي علاقة مع اليهود كحليفان لروما , وقد أجبر القائد جالوس وجيشه لقضاء بقية فصل الصيف الشديد الحرارة وفصل الشتاء في الميناء .
ثم دخلت قوات الرومان إلى قلب الجزيرة العربية لغزو اليمن في بداية فصل الربيع عام 24 ق. م , من جهة الشرق عبر الصحراء والمناطق الخصبة , وكان مرشدهم في هذا السير هو الوزير النبطي " صالح سيلايوس " بعد اتصال جاليوس بملك مملكة الأنباط " عبادة الثالث " بعد ان مد الجيش بمعونات ومساعدات غذائية " الحبوب والبلح والزبد " .
-المملكة واليهود
أشارت أسفار المكابيين إن علاقة اليهود بالأنباط , وترجع تلك الإشارة إلى عام 109 ق. م في ذكر ملكهم حارثه الملقب " حارثة الأول 169- 120 ق. م " , حيث قام بتوسيع المملكة ووثق في أسفارهم أو فيما يسمي كتاب المقدس المكابي بما عرفوه باسم " الطاغية " .
وتعمقت العلاقة بين ملوك مملكة الأنباط واليهود عبر التصاهر فقد كان حاكم عشائر اليهود المعين من قبل روما هو " هيرود " وقد كانت أمه نبطية ومن ثم انهما اصبحا ملوك مملكة الأنباط واليهود حليفان للرومان في حروبهما ضد الدول والممالك في المنطقة , ففي حملة الرومان على اليمن شارك اليهود بخمسمائة مقاتل .
وحينما جعل الملك " عبادة الثالث " وزيره " صالح سيلايوس " ليكون دليلا لهم في الحملة على اليمن وصفت فالمصادر الوزير صالح النبطي بالهمة والنشاط وقوة الشخصية وعلاقاته الخارجية القوية وبصفة خاصة مع اليهود والرومان , كما كان يعمل سفيرا لبلاده حيث تردد كثيرا على بلاط " هيرود اليهودي " الذي نصبه الرومان حاكم على جماعات اليهود وخاضع لروما .
وقد وقع صالح في غر ام أخت هيرود " سالومي " و تقدم إلى اخيها هيرود للزواج من اخته إلا أنه اشترط عليه اعتناق الديانة اليهودية , ولكن صالح رفض قائلا : " لو فعلت ذلك لرجمني قومي " ! , بالرغم ان ام هيرود هي نبطية , وكان يهدف هيرود من دخول الوزير النبطي في اليهودية تحقيقا لأهداف سياسة خارجية و داخلية ليكون لليهود سلطة القرار داخل مملكة الانباط , وداخليا ليثبت لليهود انه يهتم باليهودية وتعاليمها بعد ان ضجت الجماعات اليهودية الدينية من سوء معاملته وانحلاله وعدم احترامه للقيم والتقاليد الدينية اليهودية وانغماسه في الملذات واهتمامه الواضح بالتقاليد الرومانية .
لذلك أراد بهذا الموقف مع صالح أن يكسب تعاطفهم له . وأن يؤكد لليهود تدينه وحرصه على اليهودية وعمله بتعاليمها . -حاميات رومانية في اعقاب الحملة الرومانية على اليمن سيطر الرومان على مدائن صالح , ومن خلال نقوش منطقة " مدائن صالح " في شمال غرب شبة الجزيرة العربية دلت على ان الأنباط خلال الفترة التي أعقبت حملة يوليوس جالوس كانوا يشاركون في حراسة الطريق التجاري العظيم بفرق من الهجانة , لصالح خدمة التجارة الرومانية في هذه المناطق بعد سيطرة الرومان عليها وعلى ميناء " لوكي كوكي " ينبع حاليا .
ويذكر "سترابون " لذي عاش في تلك الفترة أن الانباط طانوا خاضعين للرومان خضوعا اسميا فقط من خلال دفع جزية للرومان ومشاركة الجيوش النبطية للرومان حملاتهم الحربية على الدول والشعوب المجاورة , وحراسة قوافلهم وطرقهم التجارية , بل ومشاركة الانباط للحاميات الرومانية في الدفاع وحماية الحصون الرومانية وحدود إمبراطوريتهم الشرقية .
وقد زاد وجود الحاميات الرومانية في هذه المنطقة في مدائن صالح - بمسمى اليوم القواعد العسكرية - حيث وجدت شواهد قبور لتجار اجانب من خارج الجزيرة العربية ومنهم يهود , وان الرومان أقاموا جمركا وحامية عسكرية عند ميناء " لوكي كومي " النبطي على البحر الأحمر حيث كانت تجبي على البضائع التي تمر به ضريبة تعادل 25% من ثمنها .
-نهاية المملكة
المتعارف عليه لدي جميع المختصين في تاريخ مملكة الأنباط أن دولتهم أصبحت ولاية تابعة للإمبراطورية الرومانية عام 106 م . وأما آخر ملوك الأنباط فهو الملك " مالك الثالث 101 -106م ", وعلى عهد الإمبراطور الروماني " تراجان "سنة 106م , باحتلال مملكة الانباط وجعلها تحت حكم حاكم سورية " كورنليوس بالما " , واصبحت جزء من أراضي الإمبراطورية الرومانية .
فحينما رأي الرومان استحالة الإبقاء على الصداقة بينهم وبين الأنباط وبعد أن انتهت مهمتهم في تقديم خدماتهم لها ضد جيرانهم من الدول خاصة سيطرتهم على مصر والبحر الأحمر قرروا القضاء على مملكة الانباط نهائيا وضمها إلى أراضي الامبراطورية الرومانية - كسياسة تقليم الأظافر لتابع لهم – فحمل عليهم حاكم الشام الروماني " كورنيليوس " حملة عنيفة واستولى على العاصمة " البتراء " وقضى على استقلال الأنباط , ولكنهم ثاروا من جديد في سبيل الاستقلال فحمل عليهم الامبراطور الروماني " ترجان " في العام التالي سنة 106 م , حملة بددت شملهم وقضت على دولتهم نهائيا و أزالتها من الخارطة السياسية والجغرافية من المنطقة بعد 130 عاما من تعاونهم وتحالفهم مع روما في حملتها لغزو اليمن , وبعد تسع سنوات من زوال مملكة الأنباط ظهرت الدولة الحميرية في اليمن " 115- 525م " بعد تسع سنوات من زوال مملكة الأنباط , لتنهي الحروب والصراعات الداخلية وتوحد اليمن أرضا وإنسانا .
-أحداث سبتمبر
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م , أعد " لوران مورافييك " أحد باحثى مؤسسة "راند " الأمريكية تقريرا هاجم فيه المملكة العربية السعودية وطالب فيه الحكومة الأمريكية باحتلالها وتقسيمها . حيث ألقى لوران تقريره كمحاضرة في اجتماع لمجلس الدراسات الدفاعية في 22 اغسطس 2002م , وهو مجلس يتبع لوزارة الدفاع الأمريكية , وتم تسريب ذلك التقرير إلى صحيفة الواشنطن بوست .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.