منذ أن زرعت بريطانيا العصابات الصهيونية في خاصرة الأمة العربية (فلسطين) انتهج قادة الاحتلال سياسة تنفيذ عمليات الاغتيال خارج الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عبر عملاء الموساد في عدد من دول العالم. وعادةً ما ينفي العدو علاقته بتلك الاغتيالات التي طالت العديد من قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية وغيرهم من المناهضين للاحتلال في دول أخرى لكنه يعترف بضلوعه خلف تلك الاغتيالات عبر وسائل إعلامه بعد مضي عقدين أو أكثر من الزمن. تقرير – ناصر الخذري إلى جانب استمرار كيان العدو الصهيوني في استخدام عملاء الموساد في كثير من الدول حول العالم لتنفيذ أعمال اغتيال وتخريب بصور وأشكال متعددة فإنه يقدم على تنفيذ عمليات اغتيال مباشرة جهارًا نهارًا بواسطة غارات جوية تستهدف قادة المقاومة. ومن ذلك العدوان السافر الذي طال قادة المقاومة الإسلامية "حماس" في العاصمة القطريةالدوحة أثناء اجتماع لهم يوم امس لمناقشة مقترح ترامب حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة. انتهاك للسيادة واغتيال للوساطة بغض النظر عن نجاة أو إصابة قادة حماس في استهداف العدو لمقرهم في العاصمة القطريةالدوحة فإن ما حدث لم تديكن استهدافًا شخصيًا لقادة حماس وإنما كان اغتيالًا للوساطة القطرية المصرية ووأدًا أبديًا لعملية السلام التي يتبناها عدد من القادة العرب في حين تقابلها أمريكا و"إسرائيل" باغتيال القادة السياسيين للمقاومة الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها عبر عمليات الاستهداف المباشرة أو غير المباشرة. تحد سافر للقانون الدولي هذا التحدي السافر لسيادة قطر وللقانون الدولي يضع المجتمع الدولي والعربي أمام تحدٍ خطير وغير مسبوق مع العصابات الصهيونية المارقة التي تفرض سياستها التدميرية وشروطها التي تجعل من مسمى" السلام " أمرًا مستحيلًا مع كيان العدو المعروف بنقض الاتفاقيات والعهود مع العرب. دعم ورعاية أمريكية للكيان حينما تشعر واشنطن بأن كيان الاحتلال الصهيوني يمر بوضع صعب وهزائم من قبل المقاومة فإنها تكثف مساعيها لإحلال ما تسميه( السلام ) ووقف إطلاق النار. وهذا ما سعى إليه الرئيس الأمريكي ترامب في الآونة الأخيرة بإعلانه وقف إطلاق النار بين إيران و"إسرائيل" بعد 12 يومًا من الحرب التي مالت فيها الكفة لصالح طهران وبدأت مؤشرات الخطر الوجودي على العصابات الصهيونية بعد أن غيّرت الصواريخ الإيرانية المعادلة وأجبرت مئات المستوطنين على الهروب إلى قبرص ومنها إلى البلدان الأصلية التي كانوا فيها قبل الدفع بهم إلى أرض فلسطين. وفي هذا السياق، تبرز أهمية العودة بالذاكرة إلى الوراء والتأمل فيما قاله الأستاذ عبدالله البردوني ضمن مقال له نُشر في عام 1982م: "دلّت التجارب الحية أن المساعي الأمريكية تتكثف عندما ترى أن إسرائيل في حالة تهديد، وأن مقاومة التحرير العربي في تصاعد، كما دلّت مساعي روجرز في نشاط حرب الاستنزاف عام 67 ووساطة كيسنجر بعد حرب 73". مما يعني أن القوة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها كيان العدو، وبها وحدها يمكن أن ننتزع حقًا مغتصبًا ونستعيد أرضًا محتلة. وهم السلام والاستقرار في المنطقة بالعودة إلى بعض أحداث التاريخ العربي المعاصر ومنها على سبيل المثال اتفاقيات السلام التي وقعتها كل من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية (كامب ديفيد، ووادي عربة، وأوسلو)، نرى أن الاحتلال لم يلتزم بها بل انتهكها بشكل فاضح. وتجلى ذلك من خلال السيطرة على معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، وعلى محور فلادليفيا، والتوسع في الاستيطان والسيطرة على نسبة 60% من أراضي الضفة الغربية وإعلانه قرار ضم الضفة وغور الأردن تحت سيادة الاحتلال مما يؤكد انتهاك العدو للاتفاقيات سالفة الذكر التي تم توقيعها مع عدد من قادة الأنظمة العربية. مما يجعل من عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية أمرًا مستحيلًا مع هذا الكيان الغاصب وأن ما يتم الإعلان عنه من مفاوضات مع المقاومة الفلسطينية ليس سوى لعب على الوقت ليقوم الاحتلال بترتيب أوراقه ليشن حملات إبادة جديدة بحق الشعب الفلسطيني المجوّع والمحاصر في قطاع غزة لأكثر من 700 يوم مضت. استراتيجية اغتيال قادة حماس لم تعد سياسة القتل والتدمير والتهجير لشعب فلسطين واغتيال قادة المقاومة تتم بطريقة سرية بل إن قادة العدو باتوا يعلنون عنها بشكل واضح وصريح. ومن ذلك إعلان رئيس حكومة العدو نتنياهو القيام باغتيال قادة حماس في الخارج، والاستمرار في تدمير وتشديد الحصار على سكان قطاع غزة. وعلى الرغم من المقترح الذي قدمه ترامب حول وقف إطلاق النار وإطلاق الأسرى فإن حكومة العدو أعلنت صراحة عقب التصريح بأنها ماضية نحو احتلال غزة واستمراراها في نسف المربعات السكنية ولذلك تواصل نسف المربعات السكنية وقتل المدنيين فخلال يومين فقط من الأسبوع الجاري اقدم جيش العدو خلال على تدمير 50 برجًا في قطاع غزة على الرغم من أنها تؤوي نازحين فلسطينيين بينهم أطفال ونساء لكن قادة وجيش العدو لا يبالون بإزهاق أرواح المدنيين ولا يعيرون القانون الدولي ولا العرب أي اهتمام لانهم لم يجدون شكلاً من اشكال القوة تردعهم وتوقف مذابحهم الفظيعة بحق شعب فلسطين تنديد عربي وغياب للمواقف الحازمة أمام العربدة والمذابح المروعة التي تقدم عليها العصابات الصهيونية في قطاع غزة لما يقارب العامين واغتيال قادة المقاومة داخل فلسطين وخارجها لا تتعاطى معها قيادات الأنظمة العربية بشكل حازم وقوي على الأقل في الجانب السياسي خاصة من قبل الدول التي تربطها علاقة "سلام" مع الكيان لأن حركة المقاومة الإسلامية حماس تبدو في نظرها "منظمة إرهابية". وهذا ما شجع الاحتلال وداعميه في البيت الأبيض ودول الغرب على الاستمرار في ارتكاب جرائم الإبادة بحق الانسانية وملاحقة قادة حماس في الخارج واغتيالهم، ومن ذلك اغتيال رئيس حركة "حماس" إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانيةطهران في 31 يوليو 2024م أثناء حضوره مراسم تنصيب الرئيس الإيراني بزشكيان. تهديد مباشر للأمن القومي العربي بشكل مباشر أقدم الاحتلال الصهيوني على انتهاك السيادة القطرية ووساطتها أيضا من خلال شنه غارات جوية طالت عددا من قادة حماس في الدوحة والتي لم تتضح نتائجها حتى كتابة هذه السطور إلا أن ما حصل ليس تهديدًا لقادة حماس بقدر ما هو تهديد لسيادة قطر ولسيادة بقية الدول العربية التي تتبنى عملية السلام مع كيان الاحتلال الصهيوني. الرد القطري والعربي حيال انتهاك سيادة قطر واستهداف مقر اجتماع قادة حماس بالإدانة والشجب بات من العبارات التي اعتاد قادة الاحتلال على سماعها والتي لا تؤثر فيهم ولا يلقون لها بالًا. فهل تتغير السياسة العربية أمام هذا التحدي السافر والتهديد للأمن القومي العربي ونلحظ في قادم الأيام على سبيل المثال استخدام العرب أوراق القوة التي بأيديهم ضد أمريكا والغرب وكيان الاحتلال أم أن الشجب والتنديد هو أقصى ما يمكن أن يقوم به قادة الأنظمة العربية! الخلاصة والنتائج المحتومة وتبقى الخلاصة أن كيان الاحتلال الإسرائيلي رغم احتفائه بعملية استهدافه الإجرامية لمقر وفد حماس المفاوض في العاصمة القطريةالدوحة وهي الجريمة المنافية لكل الأعراف والقوانين الدولية الإنسانية واعتباره إيّاها إنجازاً، كانت ولا تزال وستبقى حركة المقاومة الإسلامية حماس صامدة في وجه الاحتلال وتمتلك القدرة على ملء الفراغ وإيجاد البدائل الفورية القيادية ولن تحدث سياسة واستراتيجية الاغتيالات التي يمارسها كيان الاحتلال فرقا حتى في حال نجاحه في اغتيال قيادات الحركة .