صرخة في وجه الطغيان: "آل قطران" ليسوا أرقاماً في سرداب النسيان!    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    أبو الغيط يجدد الموقف العربي الملتزم بوحدة اليمن ودعم الحكومة الشرعية    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    الكويت تؤكد أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لحفظ وحدة وسيادة اليمن    صنعاء.. تشييع جثامين خمسة ضباط برتب عليا قضوا في عمليات «إسناد غزة»    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    وطن الحزن.. حين يصير الألم هوية    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حريق يلتهم مستودع طاقة شمسية في المكلا    مصر: نتنياهو يعرقل المرحلة الثانية من اتفاق غزة    إصابة مواطنين ومهاجر إفريقي بقصف متجدد للعدو السعودي على صعدة    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    تحليل في بيانات الحزب الاشتراكي اليمني في الرياض وعدن    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يزور عددا من المصانع العاملة والمتعثرة    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    توتر جديد بين مرتزقة العدوان: اشتباكات مستمرة في حضرموت    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    صنعاء.. تشييع جثمان الشهيد يحيى صوفان في مديرية الطيال    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    هيئة التأمينات تعلن صرف نصف معاش للمتقاعدين المدنيين    مدرسة الإمام علي تحرز المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم لطلاب الصف الأول الأساسي    صنعاء تحتفل بتوطين زراعة القوقعة لأول مرة في اليمن    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    تعز أبية رغم الإرهاب    3923 خريجاً يؤدون امتحان مزاولة المهنة بصنعاء للعام 2025    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بالفيديو .. وزارة الداخلية تعلن دعمها الكامل لتحركات المجلس الانتقالي وتطالب الرئيس الزبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقرير الصحفي الأخير للزميل علي الشراعي قبل استشهاده.. أمريكا.. أعداء مخترقين بلا عدد وتهديدات وهمية بلا نهاية !
نشر في 26 سبتمبر يوم 15 - 09 - 2025

طوال نصف قرن , أقنعت الولايات المتحدة الأمريكية جزءًا كبيراً من العالم أن هناك مؤامرة دولية تتربص به , مؤامرة شيوعية دولية , تسعى على أقل تقدير للسيطرة على الكوكب برمته , لأغراض ليس لها قيم تحقق الخلاص الاجتماعي , وجعلت العالم يعتقد أنه يحتاج إليها لإنقاذه من غياهب الظلمة الشيوعية ,
وطفقت واشنطن تقول : ( اشتروا أسلحتنا فحسب , اتركوا عسكريينا ومسؤولي شركاتنا يذرعون بلادكم طولا وعرضا بحرية , وامنحونا حق الاعتراض على القادة الذين تختارونهم , وفي المقابل سنقوم بحمايتكم ) .. تفاصيل :
تقرير - الشهيد: علي الشراعي
القتل تحت غطاء الإنسانية
تحت غطاء ادعاء الإنسانية تمثلت الإنجازات المحرزة للولايات المتحدة الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945م , وحتى أحداث 11 سبتمبر2001م في سعي الولايات المتحدة إلى الإطاحة بأكثر من 40 حكومة أجنبية , وسحق أكثر من 30 حركة وطنية شعبية تناضل ضد نظم حكم لا تحتمل , وخلال هذه العمليات والإنجازات تسببت الولايات المتحدة في إنهاء حياة ملايين من الأشخاص , وقضت على ملايين كثيرة بحياة الشقاء واليأس . وظل الرأي العام الأمريكي مقتنعا بأن حكومته تحركها نوازع ودوافع إنسانية تجاه شعوب العالم , وما أن كانت أحداث 11 سبتمبر 2001م بدأ الرأي العام الأمريكي يتساءل لماذا يكرهنا العالم ؟!
خدمة للأمن القومي
في أسبانيا في القرن السادس عشر الميلادي كانت خيرة العقول لديها منكبة على العمل في استنباط مبررات للقسوة التي ينزلها فاتحوها بالهنود في العالم الجديد , وتقرر : " أن الهنود عبيد طبيعيون , خلقهم الله لخدمة الفاتحين " , وقبل الرأي العام ذلك .
على ذات السياق مضت أمريكا القرن العشرين بخطوات أكثر قسوة , فخير الأشخاص وألمعهم أكدوا أن تدخلات الولايات المتحدة وإن كانت عنيفة أحيانا لا تمثل فقط الوضع الطبيعي للأمور , ولكنها من الناحية الفعلية أيضا لخير أهالي تلك البلاد . والواقع أن وسائل الإعلام والرأي العام الأمريكي قبل بذلك واعتبروها أهدافا إنسانية ونبيلة من قبل حكوماتهم تجاه دول وشعوب العالم . فعندما سأل مسؤول بالمخابرات المركزية الأمريكية , " الدلاى لاما " في عام 1995م : هل نفعل خيرا أم شرا بتقديمنا هذا الدعم لأهل التبت " ؟ , رد الزعيم الروحي للتبت بأنه : ( رغم أن ذلك ساعد على دعم من يقاومون الصينيين , فإن آلاف الأرواح ضاعت في المقاومة , وأن حكومة الولايات المتحدة أقحمت نفسها في شؤون بلاده ليس لمساعدة التبت ولكن باعتبار ذلك تكتيكا للحرب الباردة لتحدى الصينيين ) . ويوضح " ويليام بلوم " في كتابه " الدولة المارقة " دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم " بالقول : (لقد نشأنا جميعا تقريبا في بيئة تعلمنا فيها أنه يتعين عليك ألا تقتل , ألا تغتصب , ألا تسرق , وربما ألا ترشوا موظفا عاما أو تغش في ضرائبك , ولكننا لم نتعلم أن هناك خطأ في الإطاحة بحكومة أجنبية , وسحق الثورات أو إسقاط قنابل قوية على شعب أجنبي , إذا كان ذلك يخدم الأمن القومي لأمريكا ).
الأهداف الحقيقية الأمريكية
بينت دراسة لحالات التدخل الأمريكية الكثيرة إن الإخلاص لأي نوع من الأخلاق ليس وقودا محركا للسياسة الخارجية الأمريكية وإنما الوقود هو ضرورة خدمة الأهداف الأمريكية وخاصة مع سقوط الاتحاد السوفيتي , وأهم تلك الأهداف :
1- جعل العالم مفتوحا للعولمة وخاصة الشركات عابرت القارات والتي مقرها أمريكا .
2- تعزيز القوائم المالية لمقاولي الدفاع في الداخل الذين أسهموا بكرم في حملات أعضاء الكونجرس وقاطني البيت الأبيض .
3- منع قيام أي مجتمع يمكن أن يستخدم كنموذج ناجح بديل للنموذج الرأسمالي .
4- مد نطاق الهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية على أكبر قدر ممكن من الكرة الأرضية , لمنع أي قوة إقليمية يمكن أن تتحدي التفوق الأمريكي , وإقامة نظام عالمي على صورة أمريكا , ويفيد الدولة العظمي الوحيدة في العالم .
5- حسم المخاطر المتأتية من الأنظمة والدول المناوئة , التي تتخذ بصفة متزايدة شكل الإرهاب المستند لأسلحة الدمار الشامل .
غايات تبرر الوسائل
عند واضعي السياسة الأمريكيين , فإن هذه الغايات والأهداف تبرر الوسائل , وقد كانت كل الوسائل متاحة لهم بالفعل . فعالم ما يعد الحرب الباردة هو عالم تهيمن الولايات المتحدة على مقدراته وتحاول تطويع الأمم المتحدة والقانون الدولي بما يخدم مصالحها , وتستخدم وسائل الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون وحماية البيئة والحق في التدخل الإنساني لحماية مصالحها .
حرب صليبية وأعداء جدد
خلال الحرب الباردة , كانت السياسة الخارجية الأمريكية يجرى تنفيذها تحت العلم الخفاق لخوض حرب صليبية أخلاقية ضد الخطر الذي أقنع به محاربو الحرب الباردة الشعب الأمريكي ومعظم العالم وأنفسهم عادة , وهو وجود مؤامرة شيوعية دولية حقودة .
وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي لم يعد يستطيع رعاة البلبة في واشنطن أن يصرخوا قائلين : " إن الروس قادمون " , ولذلك فقد تعين عليهم على الدوام أن يجدوا عدوا جديدا وفقا لاعتقادهم أنه وبدون وجود أعداء لها تتحول الأمة إلى أمة بلا هدف أو قيمة أو اتجاه , وأن مختلف مكونات وزارة الأمن القومي تحتاج إلى أعداء لتبرر ميزانياتها المتضخمة , وتضفي العظمة على عملها وتحمي وظائفها , وتخلق لنفسها رسالة بعد زوال الاتحاد السوفيتي , وأخيرا تعيد اختراع نفسها . وهي تفهم ذلك وحده جيدا حتى وإن كان بصورة مؤلمة . في هذا السياق يقول الكولونيل " دينيس لونج " في تصريح أدلى به لصحيفة " فورت نوكس " عام 1992م , بعد عامين من انتهاء الحرب الباردة , عندما كان مديرا " لاستعدادات القوة المدرعة الشاملة " : ( طوال خمسين عاما , أهلنا فريق كرة القدم الخاص بنا , وظل يتدرب خمسة أيام أسبوعيا دون أن يلعب مباراة مطلقا , كان لدينا عدو يمكن التحقق من وجوده وخصائصه , وكنا نرسله في رحلات كشفية , والآن سيتعين علينا أن نتدرب يوما ونستريح يوما دون أن نعرف أي شئ عن الفريق الآخر , لن يكون لدينا كتاب اللعب الخاص به , ولن نعرف مكان الاستاد , وكم عدد الفتيان الذين سيضعهم في الملعب , وذلك جد مزعج بالنسبة للمؤسسة العسكرية , خاصة عندما تحاول تبرير وجود منظمتك وأنظمتك ) .
رفض الحوار مع السوفييت
أجلت الولايات المتحدة أمر الدخول في حوار مباشر مع الاتحاد السوفيتي بأقصى ما استطاعت , وتم رفض سلسلة من الطلبات السوفيتية خلال الحرب الباردة لإقامة حوار مباشر مع كبار مسؤولي حلف الناتو باعتبار ذلك " غير ملائم ويحتمل أن يسبب انقساما " . وتم تجاهل العروض السوفيتية المستمرة والمتكررة آنذاك بحل حلف " وارسو " وبعد رفض أحد هذه العروض بإزدراء , علقت صحيفة " لوس أنجلس تايمز " بقولها : ( إن العرض يزيد الصعوبة التي يواجهها صانعو السياسة الأمريكيون في إقناع الرأي العام الغربي ) .
وفي عام 1991م , لمس " كولين باول " مفارقة التغيرات العالمية العميقة – بعد سقوط الاتحاد السوفيتي – بتحذير زملائه من العسكريين المحترفين : ( يجب ألا .. نأمل في أن تختفي التغييرات وتجعلنا نعود إلى الأفكار المريحة عن العدو الشرير عاقد العزم ) , ثم أصبح لاحقا في أحد الشهور يتمثل العدو الشرير عاقد العزم في كوريا الشمالية , في حين يتمثل التهديد الكبير في الشهر التالي في ليبيا , ثم الصين أو العراق أو إيران أو السودان أو أفغانستان , أو في أي شخص أو جماعة معينة إلى درجة من إضفاء الطابع الشيطاني والتي تلائم مجتمعا " ثيوقراطيا " دينيا بأكثر مما تلائم مجتمعا " ديمقراطيا " .
حروب متعددة وهدف واحد
أعلنت واشنطن للعالم منذ مطلع التسعينيات من القرن المنصرم أنها تخوض حربا ضد المخدرات أو التجسس العسكري أو الصناعي , أو انتشار " أسلحة الدمار الشامل " , أو الجريمة المنظمة , أو نيابة عن حقوق الإنسان , أو بصفة أخص ضد الإرهاب.
ولأنها أرادت بدرجة كبيرة أن يصدق الرأي العام الأمريكي ذلك فقد سخرت كافة وسائل وأدوات ماكينتها الإعلامية لتحقيق ذلك الهدف وفي هذا السياق ظهرت بعض العناوين المتعلقة بشماعة الإرهاب والتهديد لأمريكا خلال السبعة أسابيع الأولى مع بداية عام 1999م في صحيفتي " الواشنطن بوست , والنيويورك تايمز " ومنها على سبيل المثال : في 22 يناير " كلينتون يصف التهديد الإرهابي للقرن 21" , وفي 23 يناير " الرئيس يصعد الحرب ضد الإرهاب الجديد " وفي 29 يناير : " قوى مكافحة الإرهاب تتنامى " وفي أول فبراير : " البنتاجون يخطط لإنشاء فريق محلي لمكافحة الإرهاب " : " الولايات المتحدة تستهدف الإرهاب بتخصيص مزيد من الأموال " وفي 19 فبراير : " التهديد الإرهابي يلوح للعيان " : " بنجلادش الهدف التالي لابن لادن " وفي 7 مارس : " النشطاء الإسلاميون يهددون أرواح الأمريكيين " : " مبنى ريجان مكشوف للهجوم " وفي 16 مارس : " كلينتون يخطط للتدريب من أجل رجال الإطفاء لمواجهة الإرهاب " .
إنفاق مليارات الدولارات
في 20 يناير 1999م , أعلن " وليام كوهن " وزير الدفاع الأمريكي , إنه سيتم إنفاق 6,6 مليار دولار على إنشاء شبكة قومية للدفاع بالقذائف , إحياء لنظام حرب النجوم الذى دعا إليه الرئيس الأمريكي " رونالد ريجان 1981- 1989م " . وفي تفسيره لهذا الإنفاق , لم يذكر " كوهن " سوى تهديد واحد , من كوريا الشمالية بحثا عن عدو يهدد أمريكا وشعبها ! , وقبل ذلك وفي عام 1993م , وأثناء زيارة الرئيس الأمريكي " بيل كلينتون " إلى كوريا الجنوبية , أعلن قائلا " ( من الحماقة أن يطور الكوريون الشماليون أسلحة نووية , لأنهم إذا ما استخدموها في أي وقت فسيكون في ذلك نهاية هذا البلد ) . والغريب أنه بعد ذلك بعام واحد , كشف استطلاع ومسح ميداني أن عدد الشبان الكوريين الجنوبيين الذين يخشون الولايات المتحدة يساوي ستة أمثال من يخشون من كوريا الشمالية ! .
وثيقة تجسس لغرض الابتزاز
في شهر أغسطس عام 1999م , تم الإعلان عن تهديدات جديدة تحدق بالأمة الأمريكية وأزيح الستار عن وثيقة الاستراتيجية العالمية في القرن القادم " 21 " التي أصدرها مجلس الأمن القومي الأمريكي وجاء فيها " إن الأمة تواجه أكبر تهديد بالتجسس في تاريخها ". وكان الهدف من هذه الوثيقة إعادة تذكير الأمريكيين بما حدث لأغلبهم بتهمة ارتباطهم بجهاز المخابرات السوفيتية " كي جي بي " وتحت هذه الذريعة فقد الألوف وظائفهم بزعم اتصالهم بهذا التهديد, وتم سجن مئات أو ترحيلهم , وتم إعدام شخصين .
التهديد الكيمائي البيولوجي
في نفس الفترة بدأت التحذيرات المدوية من تهديد كيمائيا أو بيولوجيا محتملا على الولايات المتحدة تزداد صخبا وقامت وكالات الشرطة والحرائق والصحة بإجراء تدريبات منتظمة بكل أنواع المعدات المتقدمة , وانخرطت قوات الجيش والبحرية , لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي " اف بي آي " وظهرت وحدة كبيرة للمواد الخطرة متأهبة للاندفاع إلى مسرح الهجوم , وانضم إليها أيضا " الحرس الوطني " المجهز بدروع وملابس للحماية تغطي الجسم كله . وقد أوردت صحيفة " الواشنطن بوست " أنه : ( في الواقع , إن بعض النقاد يرون أن فرق " الحرس " هي إلى حد كبير محاولة لإيجاد وظيفة جديدة للحرس ومساعدته على تفادي التخفيضات الأعمق في الميزانية في عصر ما بعد الحرب الباردة " والشيء نفسه انطبق على عناصر أخرى في وزارة الأمن القومي .
سلاح الجمرة الخبيثة
في أكتوبر 1999م , أذاع برنامج " نايت لاين " في تليفزيون " ايه بى سي " مسلسلا من خمسة أجزاء حاكى فيه هجوما بالأسلحة البيولوجية على مدينة أمريكية كبيرة مصورا جماعة من الإرهابيين يطلقون جراثيم " الجمرة الخبيثة " في شبكة من الأنفاق , وكان المسلسل مليئا بالموت والذعر والفوضى الجائحة , وأدلى " تيد كوبل " الصحفي الأمريكي ومقدم برنامج " نايت لاين " ببيان صريح قال فيه : ( مثل هذا الهجوم قد يحدث في الولايات المتحدة في زمن ما مستقبلا ) . وقد اعتمد البرنامج على الإثارة أكبر كثيرا من اعتماده على العلم . وقد أعرب عن هذا لاحقا مدير مركز " جونز هوبكنز لدراسات الدفاع البيولوجي المدني " . والمفارقة هي أن وجود مثل هذا المركز دليل آخر على زمن التهديد ! . وبعد ذلك بوقت قصير , أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالى أن منطقة واشنطن قد أصبحت " الهدف رقم واحد في العالم لهجوم إرهابي " ! . فالحديث عن الجمرة الخبيثة كان حديث للرعب ولا يقدم للرأي العام الأمريكي مطلقا حقائق علمية تؤكد ذلك , ورغم انه حديث للذعر لكنه يضفى المصداقية والقبول على قيام الولايات المتحدة في عام 1998م , بقصف مصنع الشفاء في السودان للأدوية على أساس ذرائع زائفة بأنه يصنع أسلحة كيمائية وبيولوجية .
الغزو الأحمر الوشيك
لقد بالغت وكالة المخابرات ووزارة الدفاع الأمريكي في تضخيم المستوى الفعلي للقوة العسكرية والاقتصادية السوفيتية وتم اختلاق كم من البيانات والأحداث للمغالاة في تصوير التهديد السوفيتي , وكم من سيناريوهات الحالة الأسوأ تم تقديمه كما لو كانت محتملة ووشيكة , حتى وإن فشلت في الوفاء بمتطلبات المصداقية والإقناع .وكان من أكثر قصص التهديد السوفيتي استمرارا وهو التبرير المزعوم لبقاء حلف الناتو بعد سقوط الاتحاد السوفيتي هو الغزو الأحمر الوشيك لأوروبا الغربية بحلول عام 1999م . ليأتي تقرير الحكومة البريطانية الذي نشرته صحيفة " الجارديان اللندنية " بشأن وثائق الحكومة البريطانية التي ألغيت ورفعت عنها السرية في عام1968 م . وكان من بين هذه الوثائق , وثيقة تستند إلى تحليل قامت به لجنة الاستخبارات المشتركة بالمكتب الخارجي : ( لم تكن لدى الاتحاد السوفيتي نية شن هجوم عسكري على الغرب في ذروة الحرب الباردة , هذا ما كان رؤساء القوات العسكرية والمخابرات البريطانيون يؤمنون به , في تناقض صارخ مع ما كان السياسيون والقادة الغربيون - الأمريكيين - يقولون علنا عن التهديد السوفيتي ) . وقد أعلن في يونيو 1968م , موجز لرؤساء الأركان البريطانيين , وصف بأنه سري للغاية , لمخابرات المملكة المتحدة فقط ومعنون : التهديد : الأهداف والنوايا السوفيت جاء فيه : ( إن السوفيت لن يبدأوا عمدا حربا أو حتى حربا محدودة في أوروبا ... لقد كانت السياسة الخارجية السوفيتية حذرة وواقعية , ورغم حرب فيتنام فإن الروس وحلفاءهم استمروا يجرون اتصالات في كل الميادين مع الغرب واحتفظوا بحوار محدد لكنه متزايد مع دول الناتو ) .
وكالة تقليل التهديد
وأمام هذه الوثائق البريطانية التي رفع عنها السرية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي سقطت ادعاءات أمريكا حول التهديد السوفيتي وخطر الجيش الأحمر على أوروبا حتى بعد زوال الاتحاد السوفيتي , ومن أجل ضمان استمرار رفد ميزانية البنتاجون بمليارات الدولارات , أنشأ " البنتاجون " في عام 1998م , جهازا بيروقاطيا جديدا هو " وكالة تقليل التهديد بوزارة الدفاع " وميزانيتها تبلغ المليارات الدولارات بالفعل , وعدد العاملين يعد بالآلاف وتشكل أساسا من وكالات أنشئت لتقليل التهديد الذي يطرحه الاتحاد السوفيتي , وهذا ما يسمى إعادة تدوير .
حروب ابتزاز وهمية مستمرة
التهديد السوفيتي , التهديد الإرهابي , الأعداء الجدد , تلك هي عقلية البنتاجون ووكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي وآخرين , والتي تجري التنشئة عليها بصورة محمومة في الداخل والخارج , لتبرير مهامها الحاسمة والملقاة على عاتقها في كل مكان من العالم والذي يتحملون آلام الكوارث القومية والعالمية للدول والشعوب والتي تسبب بها قادة أمريكا السياسيون والعسكريون عبر حروب وتدخلات بشؤون الدول على امتداد الخريطة السياسية والجغرافية للعالم . وهو ما أخبر عنه " جورج تينت " مدير المخابرات المركزية مجلس الشيوخ في عام 1997م , بقوله : ( أعتقد أننا في حالة حرب فعلا , لقد كنا في حالة حرب منذ عدة سنوات حتى الآن ).
الهدف الشامل للسياسات
كان الهدف الشامل للسياسات العملية التي قامت بها أجهزة السلطة السياسية والعسكرية والاستخباراتية الأمريكية منذ بداية الحرب الباردة عام 1945م , هو خلق أعداء وإيجاد تهديدات لإبقاء على الناس داخل المجتمع الأمريكي مستنفرين بتهديدهم بسلسلة لا تنتهي من الغليان , معظمها خيالي , حتي يرحب الرأي العام الأمريكي بقيادتهم لبر الأمان .
حقيقة هذا الأمر لخصها الجنرال " دوجلاس ماك آرثر " وهو يتحدث عن ميزانيات البنتاجون الضخمة .. حيث قال :( لقد أبقت علينا حكومتنا في حالة خوف دائم , أبقت علينا في حالة فرار مذعور دائم مصحوبا بحماس وطني , يقترن بصرخة عن حالة طوارئ وطنية خطيرة . لقد كان هناك على الدوام شر ما رهيب يتخطفنا إن لم نحشد خلفه بصورة عمياء بتقديم الأموال الباهظة المطلوبة . ومع ذلك فباسترجاع الماضي , يتضح أن هذه الكوارث لم تكن لتحدث أبدا , ويتضح أنها لم تكن حقيقة تماما) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.