النفط مقابل الوهم.. العليمي يستولي على قطاع 5 ويمنح نجله نفوذاً نفطياً متصاعداً    الأورومو.. شظايا قنبلة موقوتة في عدن    كندا: سنستأنف محادثات التجارة مع أمريكا عندما يكون الوقت مناسبا    فرستابن ينتزع جائزة لاس فيجاس للفورميلا 1    صنعاء.. الحكم بالإعدام على قاتل فتاة الفليحي    استئناف إصدار وتجديد الجوازات بتعز    ليفركوزن يستعيد التوزان.. ودورتموند يتعثر بالتعادل.. وفرانكفورت يلقبها على كولن    سلوت: الخسارة مسؤوليتي.. وحاولنا التعديل ولم ننجح    برشلونة يعود إلى «كامب نو» ويكتسح بلباو برباعية    الأرصاد يحذر المواطنين في المرتفعات الجبلية من الأجواء الباردة وشديدة البرودة    القائم بأعمال رئيس الوزراء يدشن الموقع الرسمي لمصلحة الأحوال المدنية    قراءة تحليلية لنص "حرمان وشدّة..!" ل"أحمد سيف حاشد"    الفيفا يكشف عن "سلسلة 2026" الموحدة بين الرجال والنساء    توترات حادة ... استقدام قوات جديدة يضع سقطرى على حافة الهاوية    أجواء فنزويلا خالية من حركة الطيران وسط مخاوف من التصعيد العسكري    القوات الجنوبية تحبط هجومًا إرهابيًا في شبوة    العراق أمام تحديات مالية بسبب الاعتماد على النفط    لملس يبحث في فرنسا تعزيز الشراكات الاقتصادية واللوجستية بين عدن والمدن الأوروبية    بن شملان: حضارم يقومون بتهريب المخدرات ولهذا تتم محاربة قوات النخبة    اليماني يكشف توجه هادي لاستقلال الجنوب وضغوط أحزاب يمنية أفشلته    قبائل الوازعية تجبر عناصر "طارق عفاش" على الانسحاب بقوة السلاح    المرتزقة يسلمون حقول النفط لأمريكا    ميدل ايست آي: أمريكا تستخدم القواعد الاماراتية لعملياتها الرمادية    ضبط المتهم بقتل حارس ملعب الكبسي في اب    الحوثي :السعودية لا تستطيع تحريك السلاح الأمريكي    عين الوطن الساهرة (5)    انطلاق بطولة الطائرة للمؤسسات على كأس شهداء حكومة التغيير والبناء    برنامج الأغذية يقلّص مستفيدي المساعدات الانسانية في مناطق الحكومة    اليمن بين الانقسام والبحث عن طريق النجاة    بريطانيا واليونان تتفقان على تعزيز الأمن البحري قرب السواحل اليمنية    الصحفي والمناضل الوطني الراحل الدكتور عبدالعزيز السقّاف    الأمم المتحدة تحث مجموعة العشرين على استخدام نفوذها لإنهاء النزاعات في اليمن    مليشيا الحوثي تغلق مركزاً لتحفيظ القرآن وتحوله إلى سكن لأحد قياداتها    الاطلاع على أعمال ترميم وصيانة جامع معاذ بن جبل التاريخي في تعز    برشلونة يحتفل بالعودة إلى "كامب نو" بفوز عريض على بلباو    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 69,733 شهيدا و 170,863 مصابا    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    الكثيري يبحث مع وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية صالح محمود سُبل تعزيز التنسيق وتطوير الأداء بحضرموت    ظهور "غير اخلاقي" بقناة للمرتزق طارق عفاش يثير عاصفة جدل    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع شبكة تحويلات مالية    جرحى تعز يواصلون احتجاجاتهم للمطالبة بالعلاج وصرف مستحقاتهم المتأخرة    المنتخب الوطني للناشئين يفوز على قيرغيزستان بهدفين في تصفيات كأس اسيا    قراءة تحليلية لنص "فرار وقت صلاة المغرب" ل"أحمد سيف حاشد"    الدوحة تفتتح مهرجانها السينمائي بفيلم فلسطيني مؤثر    الكاتب والمثقف والصحفي القدير الأستاذ أحمد عبدالرحمن    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 22 نوفمبر/تشرين ثاني 2025    وزير الصحة يوجه برفع مستوى التأهب الوطني لمواجهة فيروس "ماربورغ"    حديقة عدن مول تتحول إلى مساحة وعي... فعالية توعوية لكسر الصمت حول مرض الصرع    وزارة النفط: مرحلة سوداء صنعت الانهيار في الجنوب (وثيقة)    طنين الأذن واضطرابات النوم.. حلقة مفرغة يكشفها العلم    «ليالي الفنون الخالدة» تعيد الغناء بالفصحى    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    ميزان الخصومة    أهم مفاتيح السعادة    ثورة في علاج السكري: توصيل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    دراسة: سيجارتان يوميًا تضاعفان خطر فشل القلب والوفاة المبكرة    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الذاكرة والموقف: انفصام أُمَّة
نشر في 26 سبتمبر يوم 06 - 10 - 2025

في التاريخ الحديث، لم تُسجل المعارك العسكرية فصلاً أكثر قسوة أو أكثر إلهاماً من الفصل الذي كُتب على أرض غزة الصامدة.
لمدة تجاوزت السنتين من العدوان المتواصل، وفي خضم حصار خانق وجرائم إبادة جماعية وتجويع ممنهج، سقط ما يزيد عن 66 ألف شهيد غزاوي، وتعرّض القطاع لسيل من المواد المتفجرة يقدر بأنه يعادل قوة سبع قنابل ذرية كتلك التي أُلقيت على هيروشيما وناجازاكي، والتي كانت كافية لاستسلام إمبراطورية كاليابان. ورغم تضاعف خسائر غزة في الأرواح عما فقده اليابانيون، ورغم المجازر المُوثقة، وحرب الإبادة الواضحة، والتفكك الهيكلي الذي طال حتى الصف الثالث من القيادات الفاعلة، لم تنهار المقاومة. بل أظهرت صموداً ليس له مثيل. هذا الصمود، على الرغم من خذلان القريب والبعيد، يُعدّ شهادة على إرادة شعب رفض أن يُهزم، مسطراً بذلك أسطورة غير مسبوقة في التاريخ الحديث.
من عجائب المشهد العربي المعاصر ما لا يكاد يستوعبه عقل، وهو التمجيد والاحتفاء بيوم السادس من أكتوبر 1973م، وفي الوقت نفسه، تجريم ورفض ما حدث في يوم السابع من أكتوبر 2023م. يفصل بين الحدثين خمسون عامًا ويوماً واحداً، لكن ما يجمعهما يتجاوز بكثير ما يفرقهما، فلماذا هذا الانفصام العجيب في الذاكرة والوجدان؟
دعونا نُجري مقارنة منطقية بسيطة:
تشابه الدوافع والمشروعية
* دافع السادس من أكتوبر 1973:
كان الهدف المعلن للجيشين المصري والسوري هو تحرير الأراضي العربية المحتلة - سيناء والجولان - التي سقطت في عدوان عام 1967. كان هجوماً مفاجئاً ومباغتاً يهدف إلى استرداد الحق المسلوب. هذه خطوة تُعد مشروعة بالكامل في القانون الدولي تحت مبدأ مقاومة الاحتلال.
* دافع السابع من أكتوبر 2023م:
كان الدافع للمقاومة الفلسطينية هو ذاته: محاولة لتحرير الأراضي العربية المحتلة في فلسطين، سواء تلك التي احتُلت عام 1948 أو عام 1967، والرد على سنوات من الحصار والانتهاكات المتصاعدة. وهو، أيضاً، هجوم مفاجئ ومباغت، يستند إلى ذات المشروعية التي تُبيح للشعوب الواقعة تحت الاحتلال مقاومة محتليها.
الخلاصة: الدوافع والأسباب متطابقة تماماً. هي حرب تحرير واستعادة للحقوق، والمشروعية مستمدة من نصوص القانون الدولي والمواثيق الإنسانية التي تكفل حق مقاومة الاحتلال. حتى ميزان القوة في كلتا الحالتين كان يميل - ولا يزال - بشكل ساحق لصالح العدو.
ازدواجية المعايير والتبعية المُهينة
هنا تكمن الإشكالية الكبرى التي تستوجب التساؤل: لماذا يُرفع علم السادس من أكتوبر ويُنكس علم السابع منه؟
السبب الوحيد المقنع لتفسير هذا التناقض الصارخ لا يمكن أن يكون عسكرياً أو قانونياً أو أخلاقياً، بل هو سياسي محض، ويكشف عن حالة متقدمة من التبعية وفقدان الإرادة.
الاحتفاء بذكرى 1973م تحول بمرور الزمن إلى رمز يخص دولاً "صاحبة سيادة" ويُنظر إليه في سياق "الحرب النظامية" التي تلتها معاهدات سلام. بينما يُنظر إلى عملية 2023م كعمل مقاومة تقودها "قوى غير نظامية"، مما يضعها في زاوية التجريد والإدانة لدى الأنظمة التي باتت تخشى أي عمل يهدد استقرار المنطقة أو يُغضب القوى الغربية التي تعتبر نفسها الضامن لهذا "الاستقرار".
النتيجة المؤلمة: عندما يجد المواطن العربي أن حكومته تبارك هجوماً حدث قبل نصف قرن وتستنكر هجوماً حدث بالأمس القريب، رغم تطابق الدوافع، فإنه لا يجد تفسيراً إلا أن هناك قوى خارجية تفكر بالنيابة عن العرب، وترسم سياساتهم، وتحدد مساراتهم، بل وتنتقي لهم ما يجب أن يفرحوا به وما يجب أن يدينوه.
هذا الانفصام ليس مجرد خطأ في التقدير؛ إنه عار في الوعي، ودليل على أن القرار السيادي قد تآكل إلى درجة باتت معها الأمة تتخلى عن مقاومتها المشروعة خوفاً من "سيد" أو طمعاً في "سلام" هش. إن الأمة التي تُضحِك من جهلها الأمم هي تلك التي تتبنى خطاباً يُجرِّم نضالها ويُقدِّس تنازلها.
خاتمة
خير مثال على هذا الانفصام هو أن تتبنى أمة مقولة: "ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة" كشعار عسكري وتاريخي في معركة التحرير (1973)، ثم تُدين في الوقت نفسه أي عمل مقاومة يستند إلى ذات المبدأ في معركة التحرير المستمرة (2023). إن الأمة التي تُعلن استقلالها وهي ترتدي قيداً من ذهب، هي أمة أضاعت بوصلتها التاريخية. إن المقاومة لا تحتاج إلى إذن، والتحرير لا ينتظر شهادة حسن سلوك من المحتل أو من ارتضى بالخضوع له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.