لم تعد اعترافات خبراء ومسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية مجرّد تسريبات عابرة أو محاولات لامتصاص الصدمة، بل تحوّلت إلى دلائل دامغة تكشف حجم الإخفاق الاستراتيجي الذي مُنيت به الولاياتالمتحدة خلال عدوانها الأخير على اليمن، وخصوصًا في ميدان السيطرة الجوية. فقد أقرّ مسؤولون في البنتاغون أن الدفاعات الجوية اليمنية حققت اختراقًا غير مسبوق في مواجهة أحدث وأخطر ما تمتلكه واشنطن من ترسانة جوية، في سابقة تهزّ عقيدة التفوق الجوي الأمريكي من أساسها. زين العابدين عثمان وخلال ذروة المواجهة، تمكنت منظومات الدفاع الجوي اليمنية من إفشال موجات الهجوم الجوي التي نفذتها مقاتلات F-18، وقاذفات القنابل الاستراتيجية B-2، إلى جانب مقاتلات الجيل الخامس الشبحية F-35. وفي اعتراف صادم لموقع ذا وور زون، أكد مسؤول أمريكي أن أحد صواريخ الاعتراض اليمنية اقترب إلى مسافة قاتلة من مقاتلة F-35، ما اضطر الطيار إلى تنفيذ مناورات طارئة وخطيرة للنجاة، في مشهد يعكس انهيار عنصر الأمان الذي لطالما ميّز هذه الطائرة. هذه الاعترافات لا يمكن فصلها عن الواقع الميداني، ولا تصنيفها ضمن الحرب النفسية أو التضليل الإعلامي، بل تمثل انعكاسًا مباشرًا لكارثية الخسائر والتداعيات التي تكبدتها الولاياتالمتحدة في اليمن. والأخطر من ذلك أن ما واجهته واشنطن لم يكن مجرد خسائر تكتيكية، بل تحوّل استراتيجي فرضته الدفاعات الجوية اليمنية، بعون الله تعالى، على معادلات الصراع الجوي. فقد بدأت الضربات بإسقاط طائرات الاستطلاع والهجوم المسيّرة MQ-9، والتي تجاوز عددها 22 طائرة، ثم تصاعدت إلى عمليات اعتراض نوعية شملت مقاتلات F-18، وطائرات التزود بالوقود، وطائرات التجسس، وصولًا إلى قاذفات B-2، وانتهاءً بمقاتلات الشبح F-35. ويعكس هذا التسلسل التصاعدي تطورًا عملياتيًا محسوبًا، وانتقالًا مدروسًا من استنزاف الأدوات الثانوية إلى تحدي العمود الفقري للقوة الجوية الأمريكية. ويُعد اعتراض قاذفات B-2 ومقاتلات F-35 ذروة هذا الإنجاز العسكري، لما تمثله هذه الطائرات من قيمة استراتيجية فائقة، كونها رأس الحربة في عقيدة الردع والضربات بعيدة المدى. والأكثر خطورة بالنسبة للعدو الأمريكي أن هذه العمليات نُفذت بواسطة منظومات دفاع جوي محلية الصنع، في سابقة تاريخية تنسف افتراضات مراكز الدراسات العسكرية الأمريكية، التي لم تضع يومًا في حساباتها إمكانية أن تتمكن دفاعات بلد محاصر من كشف طائرات الشبح وكسر تفوقها. مقاتلة F-35: من أيقونة تفوق إلى هدف محتمل.. تمثل مقاتلة F-35 جوهرة التاج في سلاح الجو الأمريكي، ورمز التفوق التكنولوجي للجيل الخامس. وقد صُممت لتكون شبه غير مرئية للرادارات، بفضل هندستها المعقدة ومواد التخفي المتقدمة التي تمتص وتشتت موجات الرادار، إلى جانب أنظمة استشعار ودمج بيانات فائقة التطور تمنح الطيار وعيًا ميدانيًا شاملًا. غير أن تعرّض هذه المقاتلة لعمليات اعتراض فعّالة يعني، عمليًا، سقوط أخطر ميزة بُنيت عليها، وهي التخفي. الأبعاد العسكرية لاعتراض F-35 بعد عملياتي: نجاح الاعتراض يعني أن الدفاعات الجوية اليمنية تمتلك قدرات كشف وتعقّب قادرة على تجاوز تقنيات التخفي، وأنها قادرة على إدخال مقاتلات الجيل الخامس في معادلة الاشتباك، وإجبارها على المناورة والانسحاب بدل تنفيذ مهامها. بعد تقني: عندما تُكتشف F-35، تفقد جوهر تفوقها، وتتحول من منصة شبحية متفوقة إلى هدف يمكن التعامل معه بأساليب مشابهة لمقاتلات الجيل الرابع، وهو ما يشكل انقلابًا جذريًا في مفاهيم الحرب الجوية الحديثة لصالح اليمن. بعد استراتيجي: تُعد F-35 من أغلى المنظومات الجوية الأمريكية، إذ يتراوح ثمن الطائرة الواحدة بين 80 و100 مليون دولار، فضلًا عن حساسيتها التقنية العالية. وبالتالي فإن اعتراضها أو إسقاطها لا يمثل خسارة مادية فحسب، بل ضربة مباشرة لهيبة الردع الأمريكية ولمصداقية صناعتها العسكرية أمام العالم وحلفائها. تقدير عسكري شامل إن ما فرضته الدفاعات الجوية اليمنية، بعون الله تعالى، في مواجهة هذا المستوى من التكنولوجيا المتقدمة يُعد اختراقًا استراتيجيًا في موازين الصراع الجوي، وكسرًا واضحًا لأسطورة التفوق الجوي الأمريكي. فالتصدي لطائرات شبحية من طراز F-35 وB-2 يتطلب عادة منظومات دفاع جوي فائقة التطور، تضاهي أنظمة مثل S-400، وقادرة على التعامل مع الحرب الإلكترونية والتخفي والمناورات المعقدة. وعليه، فإن النجاحات التي حققتها الدفاعات الجوية اليمنية تؤكد دخولها مرحلة نوعية متقدمة، باتت معها قادرة على تهديد أخطر أدوات الهيمنة الجوية الأمريكية. كما تمثل هذه الإنجازات نقطة تحوّل استراتيجية تفتح الباب أمام فرض معادلة ردع جوية جديدة، وتعزيز حماية الأجواء السيادية لليمن بمستوى غير مسبوق، وتكريس واقع عسكري لم يعد فيه التفوق الجوي الأمريكي أمرًا مسلمًا به، بل معادلة قابلة للكسر والانهيار.