الانتقالي ليس مكوّنًا شرعيًا يمتلك الصفة الدستورية أو القانونية أو الجماهيرية التي تخوّله تمثيل الشعب أو الإنابة عنه في استفتاء عام أو انتخابات عامة ليطالب بالانفصال أو يعلنه. فالوحدة من الثوابت الوطنية، وهي من الثوابت السيادية المرتبطة بالسيادة والوحدة الجغرافية والديموغرافية، والتي تعود فيها السيادة والقرار للشعب اليمني وحده. فالشعب اليمني هو مالك السلطة ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر عبر الاستفتاء والانتخابات العامة، كما يمارسها بصورة غير مباشرة عبر الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية والمجالس المحلية المنتخبة، كما نصّت على ذلك المادة (4) من دستور الجمهورية اليمنية، المقرّ والمستفتى عليه من قبل الشعب اليمني في استفتاء شعبي عام. وعليه، فإن مسمّى الانتقالي لا يعدو كونه كتيبة أو لواءً أو معسكرًا أجنبيًا تابعًا لدولة الإمارات، معاديًا للشعب اليمني ووحدته وسيادته واستقلاله، ولا يمثل الشعب اليمني، ولا يملك هو أو غيره الحق في الحديث عن موضوع الانفصال، فذلك أكبر من قدره. لقد ارتقى في قوله إلى مكان ليس مكانه، وهو وغيره من المأجورين والمتآمرين على الوحدة اليمنية ودستور الجمهورية اليمنية مجرد أقزام متطفلين، لا يعرفون قيم الشعب اليمني وأمجاده وتاريخ نضاله الطويل في سبيل الوحدة والعزة والكرامة. فالوحدة اليمنية التي أعلنها الشعب اليمني للعالم كله في 22 مايو 1990م لم تكن صدفة ولا لعبة ولا ضربة حظ، بل كانت مطلبًا شعبيًا، وثمرة نضال طويل وتضحيات مريرة قدّمها الشعب عبر مراحله النضالية في الجنوب والشمال والشرق والغرب من الوطن اليمني الحبيب، ونتيجة جهود ومطالب شعبية عريضة، وجهود وطنية وسياسية كبيرة، منها جهود القيادات اليمنية في قمم القاهرة وطرابلس والجزائر والكويت بشأن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، إضافة إلى قمم قعطبة وعدن وسيئون وحضرموت وتعز والحديدة وصنعاء، وغيرها من القمم والاجتماعات واللجان الوحدوية التي سبقت مشروع اتفاقيات الوحدة وإعلان دولة الوحدة، وإعلان مشروع دستور الجمهورية اليمنية الذي تم الاستفتاء عليه وعلى الوحدة في يوليو 1991م. والوحدة التي أعلنها الشعب اليمني للعالم هي قيام دولة الوحدة: الجمهورية اليمنية، ذات الشخصية الاعتبارية الواحدة، التي اعترف بقيامها دول العالم وهيئاته الإقليمية والدولية. وبقيامها انتهت الدولتان الشطريتان؛ ما كان يُسمّى في جنوب الوطن بالجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية وعاصمتها عدن، وما كان يُسمّى في شمال الوطن بالجمهورية العربية اليمنية وعاصمتها صنعاء، وذابت الدولتان والنظامان الشطريان في دولة اعتبارية واحدة هي دولة الوحدة: الجمهورية اليمنية. إن الانتقالي العسكري المهلهل، والسياسي المراهق المتشيطن، الذي يلعب لعبة الموت بسفه وجهل ضد الشعب اليمني، يُعذر بجهله وسفهه، وكذلك سفه وحماقة مواليه النابتين الجدد والدخلاء على الديموغرافيا والتاريخ العربي، الذين يحاربون الشعب اليمني العربي الحضاري الإنساني المسلم المؤمن. ويدل على ذلك طيشهم وسفههم ونقصهم الذي يستشعرونه... في اختيارهم لمسمّى "الجنوب العربي"، وهو مسمّى للاحتلال البريطاني، ولم يكن دولة يمنية، بل كان تسمية استعمارية، ولم تكن حضرموت والمهرة ضمن ذلك المسمّى، وقد ذهبوا إليهما اليوم لقتل الناس وترويعهم واحتلال منابع النفط والغاز خدمة لسيادة الإماراتيين. واليمن، مهد العرب وأساس العروبة، وأهل ماضٍ حضاري عريق، وحاضرٍ قوي صامد مشرف، ومستقبلٍ عظيم. لم ولن يُقهر، رغم مرور عام عاشر من العدوان العسكري والحصار، ومواجهة العالم كله. وقد جئتم – أيها الانتقالي وأمثالك – لتنفذوا برخصكم ودناءتكم ما عجزت عن فعله دول العدوان ومعها العالم كله، ومنها الانقلاب على رفاقكم السيئين، والقيام بهذا الدور الرخيص والتمثيل الخسيس في قتل وإقلاق أبناء حضرموت والمهرة تحت مسمى إعلان الانفصال، وهو الهدف الحقيقي الذي عجزت دول العدوان عن تحقيقه أو حتى التصريح به، مع أنه غايتها الأساسية من العدوان والحرب والحصار: تشطير اليمن، وضرب دولة الوحدة، وتمزيق اليمن إلى دويلات. لكنكم بما فعلتم في حضرموت والمهرة فضحتم أنفسكم، وأعلنتم فشلكم، وأمامكم شعب يمني صامد لا تهزه شيطنتكم ولا سفهكم ولا مراهقتكم. فالشعب اليمني، شماله وجنوبه، هو من يدفع ثمن نزواتكم الإبليسية ومقاصدكم الشريرة التي تستهدف ضرب اليمن وتدمير اليمنيين جميعًا دون استثناء. ولن ينجر الشعب اليمني وراء سياساتكم الصبيانية، بل سيتشاور ويتحاور ويتوافق كشعب واحد وأخوة، على ما يخدم مصالحهم، ويصون دماءهم، ويتجنب ما تدعون إليه من الفتنة والعار ولعنة التاريخ. لن يتقاتل اليمنيون على أساس مذهبي (شافعي وزيدي)، ولا على أساس شمالي وجنوبي. ولن تكون هناك حرب أهلية يمنية–يمنية كما خططتم منذ بداية العدوان. نحن يمنيون إخوة، تربطنا روابط الدم والنسب الواحد، وروابط الدين والوطن الواحد. ولو قرأت دول العدوان التاريخ اليمني الإنساني الحضاري قبل عدوانها، لأدركت أن اليمن لا يُكسر ولا يُفتّت. وقد فشلت في تحقيق أهدافها، ولن يستطيع الزُبيدي ولا الإمارات إقامة دولة عسكرية تابعة لكيان الاحتلال الصهيوني في جنوباليمن أو شرقه أو غربه أو شماله، مهما أعلنوا استعدادهم للتطبيع دون أدب أو احترام لمشاعر الشعب اليمني العظيم الأبي الشامخ. والجواب سيقدمه الشعب اليمني بالفعل في الوقت المناسب، لا بالقول، أيها الرخيص وأمثالك من الدخلاء على شعبنا وأمتنا العربية. الجواب لكم ومواليكم العربان المطبعون الصهاينة ما سترون لا ما تسمعون، في الزمان والمكان الذي يتفق عليه الشعب ويقره ويعلنه، فاصبروا من الناس.