قبل أكثر من عقد من الزمن، توهمت قوى الاستكبار العالمي أن بإمكانها وأد الحركة الثورية في اليمن الكبير، تلك الحركة التي اقتلعت جذور النفوذ الغربي الأمريكي والأوروبي، وطردت "الوصاية الخليجية" إلى غير رجعة، اصطف "حلف الغدر" بقيادة السعودية، معتقداً أن جسور الإمداد الأمريكية والبريطانية ستكسر إرادة شعب يمتد شموخه إلى جذور التاريخ، لكن الأسابيع الأولى كانت كفيلة بتوجيه ضربات قاتلة للتحالف، لتبدأ معها فصول الغرق في رمال اليمن المتحركة. حين أخفقت القوة الصلبة، انتقل العدو من الاعتماد المطلق على طائراته إلى استراتيجية "إدارة الأدوات"، استنسخوا تجارب الاستعمار القديم، فأنشأوا معسكرات التدريب و"أحواض التخصيب" لإنتاج طوابير من العملاء والخونة، وتحولت البنادق في أيدي المرتزقة إلى أدوات للاستعراض على "طاولات الطعام وأبواب الذل". استبد الغرور بحكام الرياضوأبوظبي، فظنوا أنهم "صناع قرار" في المنطقة، فرموا بحبالهم وحجارة غدرهم، ولكن "فإذا هي تلقف ما يأفكون"، حيث غلبتهم الإرادة اليمنية وأسمعت بهم أصقاع الأرض. اليوم، ينتقل النزاع من جغرافية اليمن القاسية إلى "جغرافيتهم الرخوة"، حيث وأن ما تشهده المحافظات الشرقية المحتلة من اقتتال بين أدوات السعودية والإمارات ليس إلا صدىً للهزيمة النكراء التي تجرعها الأصلاء. فرزوا المرتزقة في قوالب شتى، من "الرأس الواحد" إلى "ثمانية رؤوس" مشوهة، وحاولوا المحاصصة في "ميراث" لا قيمة له، فالأدوات التي تسمنت في مزارع الرياض، باتت اليوم محل نزاع مع أطماع أبوظبي. ويبرز جوهر الخلاف اليوم في تقديم "أوراق الاعتماد" للعدو الصهيوني؛ فالإمارات ترى في (الزبيدي، المحرمي، وطارق عفاش) بضاعة ثمينة لإتمام صفقاتها مع "تل أبيب"، بينما تحاول السعودية تذكير الجميع بأنها كانت الأسبق في عرض أدواتها في "مؤتمر ورشو" المشؤوم. هذا الصدام العنيف بين "الإخوة الأعداء" على أرضنا وبحارنا هو الثمرة المرة لفشلهم في كسر صمود الأبطال الخارقين في ميادين العزة، لقد أذل الشعب اليمني وأبطال القوات المسلحة ممالك الطغيان، على مدى عقد من الزمن، وقذفوا بتحالفاتهم الدولية والإقليمية إلى حيث "لا عاصمة لهم". إن التدافع السعودي الإماراتي على تقاسم النفوذ في المناطق المحتلة ليس إلا رقصة الديك المذبوح، حيث سيبقى اليمن كبيراً بجيشه وشعبه وقيادته، وسيرحل الغزاة "الأصلاء والأدوات" على حد سواء، تاركين خلفهم دروساً في الخزي والعار، بينما تظل جبال اليمن ووديانها شاهدة على أن هذه الأرض لا تقبل في أحشائها إلا الأحرار.