وسط جدل ثقافي سببه تقارب الأعياد الإسلامية والمسيحية والأمازيغية، تبدأ احتفالات الجزائر عاصمة الثقافة العربية لتشمل كل المدن والولايات «المحافظات». وحسب البرنامج الذي حصلنا على فقرات كثيرة منه، فإن هذه التظاهرة تعد بالكثير، ليس عربيا فقط وإنما في دائرة أوسع. ففي عام 2007 ينتظر أن تفتتح «المكتبة العربية الجنوب أمريكية» في الجزائر العاصمة ويشارك في تلك المكتبة الضخمة حوالي 40 دولة عربية ولاتينية. وهناك مشاريع أخرى منها «مشروع كتاب كل يوم». فمن المنتظر أن تتكفل لجنة تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية، بإصدار كتاب كل يوم من أيام تلك السنة، من مختلف حقول المعرفة والآداب الجزائرية والعربية، كما ستتكفل بنقل عيون الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية إلى القارئ العربي والجزائري مثل أعمال الروائي الراحل محمد ديب صاحب ثلاثية «الدار الكبيرة» و«الحريق» و«النول» وغيرها من الأعمال الروائية والشعرية الكثيرة، وأعمال مالك حداد وكاتب ياسين وغيرهم من أقطاب الأدب الجزائري باللغة الفرنسية. وستشارك المكتبة الوطنية الجزائرية بفعالية من خلال تفعيل المجلات التي تصدر عنها مثل مجلة «الثقافة» التابعة لوزارة الثقافة والموجودة تحت رعاية المكتبة الوطنية التي عرفت بتذبذب صدورها. فمن المنتظر أن يصدر عددها الجديد قريبا في حلة فاخرة، وهو مخصص للآداب العربية الجديدة. وينتظر كذلك أن يتم تفعيل مجلة «الكتاب» وتكون مخصصة لمتابعة عالم نشر الكتب الذي سيكون برنامجه مكثفا، كما وعد مسؤولو المكتبة الوطنية الجزائرية بايصال الكتب إلى كل نقاط الجزائر في القرى والبوادي البعيدة عن طريق المكتبات المتنقلة في شكل شاحنات كبيرة، وهي العملية التي كانت سارية المفعول قديما ثم عادت في السنين الأخيرة بعد انقطاعها طويلا. وينتظر كذلك أن يتم فتح 23 فرعا للمكتبة الوطنية الجزائرية حتى تكون كتبها متوافرة في كل جهات الجزائر المترامية الأطراف التي تزيد مساحتها على المليونين ونصف المليون كيلو متر مربع. وينتظر أن تكون سنة 2007 استثنائية في الجزائر بعد الركود الذي عرفته منذ عام 1977 ومن هذه المشاريع الأفلام السينمائية الجزائرية المبرمجة لهذه السنة وعدد غير مسبوق في تاريخ الجزائر المستقلة وهي موزعة بين روائي وتوثيقي وتسجيلي). وبعيدا عن السينما ينتظر أن تعرض الكثير من المسرحيات في قاعات المسرح الجزائري المختلف في إطار مهرجانات متخصصة عديدة، وينتظر أن تتجسد فكرة جديدة اسمها «الإقامات (جمع إقامة) الموسيقية»، وكل «إقامة» تخصص للون موسيقي جزائري أو عربي معين، وهي مفتوحة لكل الفنانين العرب. فأي فنان مثلا يود التعرف على طابع موسيقي لا يعرفه يستطيع الاستفادة من «الإقامة» المخصصة لذلك الطابع على مدى شهر كامل. ويعد «المتحف الجزائري للفنون المعاصرة» من أكبر المشاريع المنتظرة لهذه السنة. فلأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة يتم بناء متحف للفنون بتلك المواصفات، علما أن معظم المتاحف الجزائرية الموجودة إما أنها بنيت في الحقبة الاستعمارية أو قبل ذلك أثناء الوجود التركي بالجزائر. لكن بناء ذلك المتحف في شارع العربي بن مهيدي، وسط الجزائر العاصمة، مكان ما كان يسمى «الأروقة الجزائرية» عرف جملة من المشاكل بررت تأخر إنجازه. فحسب خليدة تومي، وزيرة الثقافة الجزائرية، فإن المبنى كان في «حالة كارثية» رغم أن الوزارة المعنية كانت قد تسلمت المبنى من وزارة المالية على أساس أن وضعيته جيدة، فقد اكتشفت الصدأ في الدعامات والطابق تحت الأرضي تغمره المياه مما استدعى الاستفادة من تقرير مكتب دراسات فنلندي. ومن المنتظر حسب الوزيرة أن تنجز أجزاء المعرض هذه السنة على أن يشرع بالعمل في باقي أجزاء المتحف لاحقا. اكثر من 1000 عنوان للنشر في إطار فعاليات التظاهرة اكثر من 1000 عنوان تم اقتراحه و اعتماده من قبل لجنة الكتاب لتظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007" موزعة ضمن القائمة التي تم انجازها من قبل اللجنة بالتعاون مع الناشرين و القائمة الاضافية التي تشمل الكتب التي تتكفل الوزارة بنشرها على نفقتها. وقال السيد حاج ناصر رشيد مدير الكتاب والمطالعة العمومية بوزارة الثقافة انه يبلغ عدد العناوين التي ستنشر ضمن القائمة الاولى 568 كتاباً تم اختيارها من بين ال 4500 عنوان المقترح من قبل الناشرين. وستقوم الوزارة بهذه المناسبة بنشر واعادة نشر اكثر من 500 عنوان آخر تشمل أمهات الكتب في الأدب العربي الكلاسيكي و كتب التاريخ والتي سيعاد طبعها و توزيعها على المكتبات البلدية و دور الثقافة والجامعات. وعن معايير اختيار هذه الكتب التي تدخل ضمن البرنامج الإضافي اكد السيد حاج ناصر انه تم اختيار تلك التي تناسب مواضيعها طابع التظاهرة التي تجعل من الجزائر عاصمة للثقافة العربية كما تم ايضا - كما قال - الاهتمام بمؤلفات الادباء الجزائريين دون استثناء بهدف استغلال هذه التظاهرة للترويج للكتاب الجزائري. واشار السيد حاج ناصر من جهة اخرى الى ان اهتمام الوزارة بالكتاب من خلال تخصيص قائمة اضافية للكتب الكلاسيكية الجزائرية و المغاربية و العربية في اطار تظاهرة 2007 يدخل ضمن جهود الوزارة الرامية الى تزويد المكتبات الموجودة والتي ستنشأ مستقبلا برصيد هام من الكتب مذكرا بالمناسبة بوجود اتفاقية مع وزارة التربية تنص على انعاش و تنشيط المكتبات المدرسية. وركز السيد بن ضيف بصفته مدير الكتاب باللجنة التنفيذية للتظاهرة ان اللجنة التي عكفت طيلة 7 اشهر على اعداد هذه القائمة التي تم ضبطها بعد احالة كل المشاريع المقترحة إلى لجنة قراءة مكونة من شخصيات ادبية معروفة وجامعيين اكفاء حيث عملت - كما قال - بكل شفافية على انتقاء الاعمال التي تتناسب وطابع الحدث. وبخصوص بعض العناوين التي لم تتبناها لجنة الكتاب ضمن القائمة النهائية اوضح منشطو الندوة ان هذه الكتب لم تمنع كما يدعي البعض بدليل توافرها في المكتبات واعادة طبع بعضها من قبل دور نشر خاصة بالجزائر مؤكدين ان اللجنة لم تدرجها بناء على معايير الاختيار التي تنص على ان الكتاب مناسب لطابع التظاهرة. متى انطلقت احتفالات العواصم العربية بإيعاز من منظمة اليونسكو، وابتداء من سنة 1996 تاريخ انطلاقتها بالقاهرة، تعلن جامعة الدول العربية كل سنة عن المدينة التي ستكون "عاصمة للثقافة العربية" لمدة سنة كاملة حافلة بالأنشطة الثقافية تقدم خلالها الإنتاجات الثقافية والفنية المحلية والعربية. ونظرا لنجاح المشروع، فقد اقتفت منظمة المؤتمر الإسلامي خطى جامعة الدول العربية وأطلقت على لسان من ينوب عنها ثقافيا "المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم" (إيسيسكو) مشروعا موازيا أطلق عليه اسم "عاصمة الثقافة الإسلامية" وكانت أولى عواصمه مكةالمكرمة سنة 2005 ، نمت فكرة "عاصمة الثقافة العربية"، أولا، في وقت تعرف فيه الثقافتان العربية والإسلامية انحسارا وميلا للتقوقع على الذات لذلك تهدف فكرة العواصم الثقافية إلى تحرير الإبداع وتقريب الثقافات العربية في المحيط الواحد وتعزيز الهوية الثقافية ووضع الثقافة في صميم مشاريع التنمية العربية وتعزيز التواصل بين الثقافات العربية البينية وجعل الثقافة أساس العمل العربي المشترك. ثانيا، أنشئت فكرة "عاصمة الثقافة العربية" لمقاومة الانجراف وسط سيل العولمة الثقافية والإعلامية وإرادات الهيمنة للانفراد بتسيير العالم وتوجيه الرأي والذوق. إنها دفاع عن الخصوصية ومقاومة للتهميش وأحادية الثقافة. ثالثا، أنشئت فكرة "عاصمة الثقافة العربية" للانفتاح على الثقافة وتحريرها، فليس ثمة إنسان حر لم يحرر فكره بعد. ويعتبر لقب "عاصمة للثقافة العربية" تشريفا وشهادة استحقاق على صدر المدينة الموشحة والبلد الأم ومناسبة لإعادة الاعتبار للثقافات الوطنية على طول الخريطة العربية. كما انها فرصة لاستكشاف الهوية والمصالحة مع الذات ومع الآخر. والعواصم العربية التي نالت شرف لقب "عاصمة للثقافة العربية"هي: 1996: القاهرة - 1997: تونس - 1998: الشارقة، 1999: بيروت - 2000: الرياض - 2001: الكويت - 2002: عمان - 2003: الرباط - 2004: صنعاء - 2005: الخرطوم - 2006: مسقط - 2007: الجزائر - 2008: دمشق.