أفرزت الحضارة اليمنية منتجا سياحيا فريدا ومتنوعا , وتؤكد الاكتشافات الاثرية المتوالية للمواقع التاريخية ان الحضارة اليمنية تحمل بصمات ريادية في الاقتصاد العالمي , ومثلت حلقة وصل بين الحضارات القديمة كمعبر تجاري دولي بين الشرق والغرب , وماتزال تمثل طرق التجارة اليمنية القديمة كطريق البخور واللبان احد عوامل الجذب للسياحة الصحراوية مما يجعل اكتشاف سبل تلك الطرق مغامرة مشوقة وممتعة والتي تمتد من مأرب مرورا برملة السبعتين و شبوة القديمة و سيئون , ويمثل طريق البخورالتي كانت تمتد إلى نجد والحجاز وبلاد الشام، حتى تصل القوافل المحملة بالبخور والتوابل ومنتجات الشرق إلى دول أوروبا، يمثل علامة تاريخية بارزة على تطور التبادل التجاري بين الشرق والغرب عبر اليمن والدور الإنساني للحضارات اليمنية في هذا الجانب , ورغم اشتهار الحضارات اليمنية القديمة بازدهارها في صناعة السيوف والخناجر وصناعة الذهب والفضة والحديد، والصناعات الحرفية والمنسوجات وصناعة الاواني الفخارية وتحول اليمن الى مصدر رئيسي الى دول المنطقة والعالم الخارجي , الا ان البعد التاريخي لطريق البخور وارتباطه مع الحضارات الانسانية والعالمية القديمة يجعل من طريق البخور في اليمن, محط انظار واهتمام الباحثين والمهتمين . ومازال طريق البخور يستهوي الكثير من الباحثين والمهتمين من مختلف بلدان العالم سواء من قبل علماء آثار أو المستكشفين والهاويين ومصوري الافلام الوثائقية الذين يتسابقون على اكتشاف طريق البخور في اليمن . ورغم الاهمية التاريخية لطريق البخور الا لم تاخذ حقها من الاهتمام الضوئي مثلما نالته بقية الطرق مثل طريق الحرير مثلاً. وقد عُرف اليمن مركزا ومَصدرا تموينيا لتجارة مادتي البخور والمُرّ في العالم. وكان حلقة وصل بين البحر الأبيض المتوسط وشرق آسيا على طرق القوافل التجارية، وغدا فيما بعدُ ميناء رئيسا لحركة التجارة البحرية إلى الشرق الأوسط وأوروبا. كانت مملكة سبأ تسيطر علي طرق القوافل التجارية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها وصولاً إلي مصر وغزة وبلاد ما بين النهرين ، وكان السبئيون يصدرون إنتاجهم الخاص من البخور والطيوب والعطور والتوابل في هذه الاتجاهات وكانوا يلعبون دور الوسيط مع الهند بفضل مرافئهم علي المحيط الهندي وكانت ديانة سبأ قريبة جداً من الديانة البابلية بمجوسها وبعبادة الكواكب وأما الالهان الرئيسان فكانا الإله القمر، والإله الشمس التي يتجه نحوها السبئيون ليصلوا عند الفجر، والسبئيون مزارعون ماهرون وبناة قلاع وقصور ذات هندسة معمارية متميزة، ومؤلفات فنية. وكانت حضارات مصر وبين النهرين لهما علاقة تجارية قوية مع الحضارات اليمنية القديمة ، منذ ازمنة طويلة . وكانت اليمن نقطة الاتصال بين الهند ومصر مثلاً منذ حول القرن الخامس عشر ق.م. ، ان يكن قبل ذلك . والذي كان يجذب التجار المصريين وغيرهم الى اليمن هو البخور. ذلك ان البخور كان يستعمل في هياكل ومعابد العالم القديم . وكانت حضرموت البلاد الوحيدة في العالم القديم التي كانت تنتجه. فكان لزاماً على الناس ان يحصلواعليه منها ، وكانت اليمن مركز هذه التجارة ، ومنها تنتقل اما بطريق البحر الاحمر اوبطريق الحجاز ومن ثم توزع في اقطار العالم القديم : مصر والعراق وسورية وآسيا الصغرى والعالم اليوناني وايطاليا وغيرها. وكانت حضرموت المكان التي تجمع فيه غلات البخور وتنقل عن طريق وادي حضرموت , وهناك من يرى انه وعلى طريق البخور هذه قامت دول اليمن الكبيرة ، واحدة بعد اخرى : معين وسبأ وحمير. وعلى هذه الطريق ظهرت المدن الكبرى فيها . احتفظت اليمن باحتكارها لطريق التجارة الى اواسط القرن الاول للميلاد ،حين اهتدى هبالوس الى سر الرياح الموسمية ومواعيد هبوبها. عندئذ نفذ الغربيون الى مياه المحيط الهندي . لكن ذلك كان قليلا ، وظلَت تجارة البخور بأيدي العرب . وأدى اكتشاف سر الرياح الموسمية الى تنظيم السفر مباشرة . ففي تموز / يوليو كانت السفن تقلع من مصر فتصل الى المحيط الهندي والرياح الموسمية هي في اقوى هبوبها ، فتحملها الى الهند حيث تصل في شهر ايلول / سبتمبر ، ويقضي التجارشهرين هناك لبيع البضائع وتجهيز السفن بالبضاعة الجديدة ، ويبحرون في تشرين الثاني / نوفمبر فتنقلهم الرياح الموسمية الشتوية الى عدن . وفي شباط / فبراير تكون المتاجر قد وصلت الى الاسكندرية . ترتب على هذا كله أن ازدادت كمبات المتاجرة المتبادلة بين الهند والعالم الروماني ، بحيث اصبح الكتاب الرومان ينعون على قومهم افراطهم في الاستمتاع بهذه الكماليات الغريبة . ورغم تطور وسائل نقل البضائع التي مخرت وبسرعة فائقة عباب التطور الهائل فيها الا ان طريق البخور مازلت تمتلك الكثير من الاسرار التي لم تكشف بعد .