في ظل تهديدات من "القاعدة" بشنّ "حملة جهادية دامية" على فرنسا، يستلم رئيس البلاد الجديد نيكولا ساركوزي مهامه اليوم الاربعاء 16-5-2007، خلفاً لجاك شيراك، الذي سينصرف لإدارة مؤسسة مخصصة للدفاع عن البيئة و"حوار الثقافات". وصباح اليوم، سيستقبل شيراك ساركوزي على مدخل قصر الاليزيه، قبل ان يتشاور معه ويسلمه شيفرة السلاح النووي, ثم يعود مواطنا عاديا ويغادر مقر الرئاسة حيث اقام 12 عاما. ويتوقع أن يلقي ساركوزي، بعد ذلك، خطابه الاول بصفته رئيس, وستطلق المدفعية 21طلقة تكريما لرئيس الجمهورية الفرنسي الثالث والعشرين منذ 1848. وفي حال تقيد ساركوزي بالبروتوكول, سيتوجه في موكب الى جادة الشانزيليزيه حيث سيضع اكليلا من الورد عند قوس النصر. وحتى قبل استلامه مهامه، واجه الرئيس الجديد مخاطر ارهابية من "كتائب ابو حفص المصري" المرتبطة بتنظيم القاعدة، إذ هددت في بيان على الانترنت امس بشنّ "حملة جهادية دامية" في فرنسا ردا على انتخاب ساركوزي الذي وصفته ب "الصليبي الصهيوني"، رئيسا لفرنسا. وتضمن البيان الذي لا يمكن التأكد من صحته "رسالة الى الشعب الفرنسي"، جاء فيه: "انكم وبعد ان حسمتم امركم وأمرتم على أنفسكم الصليبي الصهيوني ساركوزي المتعطش لدماء اطفال ونساء وشيوخ المسلمين والمتعطش لتنفيذ مهمة اسياده في البيت الاسود، فإننا في كتائب الشهيد ابي حفص المصري ننبهكم الى ان الايام القادمة ستكون حملة جهادية دامية في وجه كل من تسوّل له نفسه الانجرار خلف سياسة حقراء البيت الاسود وحربا ضروسا في عقر عاصمة ساركوزي". ووقع البيان باسم "كتائب ابو حفص المصري لواء اوروبا" التي تعد فرع تنظيم القاعدة في اوروبا. وكان هذا التنظيم تبنى اعتداءات لندن (7 تموز 2005) ومدريد (11 آذار 2004) واعتدائي اسطنبول (تشرين الثاني 2003). كما كان هدد اوروبا بتنفيذ اعتداءات في آب 2004. وقد قدّم رئيس الحكومة الحالية دومينيك دو فيلبان استقالته وحكومته، لافساح المجال أمام تشكيل الحكومة الجديدة، التي يتوقع الإعلان عنها غداً الخميس. وأشار مصدر سياسي إلى أن التوقعات المتداولة، على نطاق واسع، أن يتم تسمية المحافظ المعتدل فرانسوا فيلون لرئاسة الحكومة الجديدة. وستكون الحكومة الجديدة مصغرة من 15 وزيراً، موزعة بالتساوي بين الرجال والنساء في ما يشكل سابقة في تاريخ الحكومات الفرنسية. ويسعى ساركوزي الى ضم شخصيات من اليسار والوسط بعد ان اكد انه يريد ان يكون رئيس "جميع الفرنسيين". وتم الاتصال بالوزير الاشتراكي السابق برنار كوشنير مؤسس "اطباء بلا حدود" لاقتراح عليه منصب وزير الخارجية. وفي حال تم تعيين كوشنير، الذي يشكل احد الشخصيات المفضلة لدى الفرنسيين, سيكون هذا اول خطوة ملموسة لما سماه ساركوزي بسياسته "المنفتحة". وفور إعلانها، سيكون على الحكومة الجديدة البدء بتطبيق الاصلاحات الاقتصادية الليبرالية، خاصة وأن الرئيس الجديد يريد ان يفرض اسلوبا جديدا قائما على السرعة والفعالية, معتبرا ان الفرنسيين انتخبوه لانهم "اختاروا قطيعة مع الافكار والعادات والتصرفات التي سادت في الماضي". ومساء أمس، ألقى الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته خطابه الوداعي، بعد 12 عاما على رأس الدولة، دعا فيه الفرنسيين للبقاء موحدين، مؤكدا انه يترك المكان لساركوزي "بفخر من اكمل الواجب". وقال شيراك (74 عاما) في خطابه التلفزيوني الاخير كرئيس للجمهورية "لتبقوا دائما متحدين ومتضامنين" رغم "اختلاف المفاهيم واختلاف وجهات النظر". واضاف ان خليفته "سيحرص بشدة على المضي ببلدنا الى الامام اكثر على دروب المستقبل". شيراك، الذي سينسحب من المعترك السياسي بعد 40 عاماً من الخوض في غماره، سيعمل فور انتهاء ولايته على "حوار الثقافات والتنمية المستدامة" بتقديم "خبرته"، إلى جانب رغبته "في التحرك لاطلاق مشاريع ملموسة في فرنسا والعالم". على صعيد آخر، وجّه الصحافيون العاملون في مجلة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية امس كتابا مفتوحا الى رئيس المجموعة التي تملك الصحيفة، منددين بما اعتبروه "رقابة غير مقبولة" بعد منع نشر مقال يكشف أن السيدة الاولى الجديدة سيسيليا ساركوزي لم تنتخب زوجها. وكتب الصحافيون متوجهين الى لاغاردير، المقرّب من ساركوزي "تدخلتم السبت لدى ادارة التحرير للحؤول دون نشر هذا المقال". واضافوا "نعتبر ان ما حصل رقابة غير مقبولة تتنافى مع حرية الصحافة. ان جميع صحافيي المجلة مستاؤون من هذه الممارسة التي عفا عنها الزمن والتي يرفضها ابناء مهنتنا في فرنسا والخارج". وكانت المجلة امتنعت يوم الاحد الماضي عن نشر مقال يستند الى تحقيق لاحد صحافييها، ويكشف ان سيسيليا لم تقترع في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في السادس من مايو الماضي. وصرّح مدير التحرير جاك اسبرانديو الاثنين انه اتخذ "على مسؤوليته" قرار عدم نشر هذا الخبر، لافتا الى ان مصدره "اوساط خاصة". لكنه اضاف انه "تلقى اتصالات هاتفية من اناس شددوا على الطابع الخاص والشخصي لهذه المعلومة".