وافق كافة أعضاء مجلس الأمن باستثناء الولاياتالمتحدة على الصياغة الجديدة لمشروع بيان رئاسي طرحته المجموعة العربية بخصوص الأوضاع في قطاع غزة على أن يجتمع االيوم لمواصلة بحث المشروع. وعارضت البعثة الأمريكية المشروع لعدم تلقيها توجيهات بشأنه من واشنطن في الوقت الذي يستلزم فيه تبني مجلس الأمن للبيان غير الملزم موافقة كافة الأعضاء ال 15 على عكس القرار الملزم الذي لا يتطلب سوى موافقة تسعة من الأعضاء لأن البيان يتحدث باسم كافة الأعضاء فيما يتحدث القرار باسم المجلس نفسه. ويأتى تأجيل البت في المشروع إلى اليوم لإتاحة الوقت للبعثة الأمريكية للعودة إلى واشنطن على أمل موافقتها عليه بعد أن رفضت أمس مشروع قرار عربي. ويعرب البيان عن قلق المجلس العميق من التدهور الحاد للأوضاع في قطاع غزة بسبب إغلاق إسرائيل لمعابره الحدودية وقرار إسرائيل الأخير قطع إمدادات الوقود عنه. ووافقت المجموعة العربية والوفد الفلسطيني على إضافة فقرة للبيان تعرب عن "بالغ القلق من أعمال العنف الأخيرة في قطاع غزةوجنوبي إسرائيل" في مسعى لإرضاء الأعضاء الأوروبيين والولاياتالمتحدة. ويطالب المجلس وفقا للبيان كافة الأطراف المعنية بالوقف الفوري لكافة أعمال العنف "بما في ذلك إطلاق صواريخ على أراض إسرائيلية وكافة الأنشطة التي تناقض القانون الدولي وتضر بالمدنيين" في إشارة غير مباشرة للاجتياح والعدوان الإسرائيلي. غير أن تلك الفقرة تأتي حاليا في نهاية النص بعد أن كانت مدرجة في أولى فقراته قبل التعديل. كما يدعو المجلس إسرائيل للانصياع لالتزاماتها بموجب القانون الدولي بما في ذلك القانون الإنساني وقوانين حقوق الإنسان تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ويطالبها بضمان دخول غير مقيد للمساعدات الإنسانية لرفع معاناة الفلسطينيين وفتح المعابر الحدودية لتسهيل مرور الواردات والصادرات والموظفين الإنسانيين. وبناء على طلب فلسطيني جرى ادخال فقرة يرحب بموجبها المجلس بمقترح رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض بتولي السلطة الفلسطينية مسؤولية معابر غزة الحدودية. على صعيد متصل قال المندوب المصري لدى الاممالمتحدة ماجد عبدالعزيز للصحافيين عقب مشاورات مغلقة عقدها اعضاء المجلس انه في حال عدم صدور البيان الرئاسي الخميس ستقوم المجموعة العربية باللجوء الى خيارات اخرى من بينها العودة الى مشروع القرار الذي تراجعت عنه المجموعة امس "ووضع كافة اعضاء المجلس امام مسؤولياتهم". ومن المنظمة الدولية، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بشكل غير مباشر الأربعاء، تركيز مجلس حقوق الانسان على النزاع العربي-الإسرائيلي آملا في ان "يهتم المجلس بالقدر عينه بكل المواضيع الاخرى في العالم". واضاف "هناك ايضا اماكن كثيرة تنتهك فيها حقوق الانسان ولا تتم حمايتها كما يجب". وكان المجلس علّق اجتماعه الاستثنائي المخصص لبحث الوضع في قطاع غزة الذي تحاصره اسرائيل منذ 8 أيام، على ان يستأنفه صباح اليوم. وعقد الاجتماع بدعوة من الدول العربية والاسلامية التي جمعت 21 توقيعا من اصل 47 دولة عضوا في المجلس، بعد تدهور الاوضاع الانسانية في قطاع غزة بشكل مأسوي بسبب الحصار الذي تفرضه اسرائيل عليه ردا على الصواريخ التي تنطلق منه باتجاهها. ومنذ انشائه في يونيو/حزيران 2006, عقد مجلس حقوق الانسان 5 جلسات استثنائية لبحث حالات طارئة، بينها ثلاث جلسات تمت ادانة اسرائيل فيها, وكانت اولى هذه الادانات بسبب الحرب على لبنان. أما عن التطورات في قطاع غزة، فقد أشارت قناة "العربية" الإخبارية امس إلى أن الحكومة الإسرائيلية قررت قطع إمدادات الوقود عن قطاع غزة مجدداً، بعدما دخل عشرات الآلاف من الفلسطينيين مدينة رفح المصرية، إثر قيام مسلحين فلسطينيين بتدمير اجزاء من السياج والجدار الاسمنتي الفاصل. وتدفق الفلسطينيون لشراء مواد أساسية غذائية وتموينية في المدينتين المصريتين, كادت ان تنفد من غزة بسبب الحصار الذي فرضته السلطات الإسرائيلية على القطاع. من جهته، أكد الرئيس المصري حسني مبارك أنه سمح للفلسطينيين بالدخول إلى مصر للتزود باحتياجاتهم من الغذاء "طالما انهم لا يحملون أسلحة". وقال مبارك في تصريحات للصحافيين بعد افتتاحه معرض القاهرة الدولي للكتاب " عاد عدد كبير من الفلسطينيين من قطاع غزة لانهم يعانون من الجوع بسبب الحصار الاسرائيلي". ومن دمشق، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، في افتتاح "المؤتمر الوطني الفلسطيني" أمس, أن اقتحام آلاف الفلسطينيين للحدود مع مصر، كان "قراراً شعبياً وليس تنظيمياً"، داعياً إلى مواصلة "الغضب الشعبي والعربي" ضد إسرائيل حتى فك الحصار عن غزة. وكان عشرات آلاف الفلسطينيين دخلوا إلى الأراضي المصرية، بعدما أقدم عدد من المسلحين بتفجير 5 قنابل على الاقل على الحدود بين قطاع غزة ومصر ليل الثلاثاء والاربعاء، ما احدث ثغرات كبيرة في الجدار الحدودي، وأدى إلى تدمير قرابة ثلثه، أي 5 كيلومترات من 14 بواسطة المتفجرات والبلدوزرات. واوضح شهود فلسطينيون أن الامن المصري الموجود في الجهة المصرية من الحدود "لم يتدخل ازاء اندفاع المواطنين الفلسطينيين". وقال احمد حلاوة وهو فلسطيني في العشرينيات من عمره وجاء من غزة "هذه فرصة بالنسبة لنا (...) يكفي حصار ويكفي خنق لنا في قطاع غزة". وأشارت أم حسن الغول التي كانت ترافق ولديها "قمت بشراء خمس صفائح من الجبنة" لاولادها الثمانية, موضحة انها تقيم في مخيم الشاطئ وانها المعيل الوحيد لابنائها بعد وفاة زوجها. وقام عدد من الفلسطينيين بشراء خراف وأغنام من مدينة العريش (45 كلم جنوب معبر رفح) بينما حمل مئات منهم اكياسا مليئة بمواد تموينية واساسية وغذائية. وكانت سيارات وعربات تجرها الحمير تدخل فارغة الى مصر وتعود الى غزة محملة بشتى مستلزمات الحياة. واشترى مزارع من غزة 20 خروفا وضعها فوق سيارة نصف نقل عائدا الى غزة. وفي الوقت نفسه, دخلت شاحنات محملة بالاسمنت ومواد البناء، وهي مواد نفدت من غزة منذ عدة اشهر بسبب الحصار، ما ادى الى توقف اعمال البناء. وجاء جمال، وهو ضابط سابق في اجهزة الامن الفلسطينية مع ابنه، وكانا يحملان 4 اواني بلاستيكية كبيرة فارغة. وقال "ساشتري وقود لاننا لم نعد نجده في غزة". واضافة الى المواد الغذائية والوقود والسكائر تهافت اهالي غزة على شراء الاجهزة الكترونية مثل الهواتف المحمولة والتلفزيونات ما ادى الى نفاذ المخزون منها لدى العديد من المحلات التجارية في رفح والعريش. وذكر ابو احمد صاحب محل في سوق رفح المصرية "التجار هنا قاموا برفع الاسعار لان الاقبال غير عادي وغير مسبوق".