صحيفة البيان/ بقلم :احمد عمرابي تملك السلاح النووي لا يحتمل المساومة في عالم اليوم: فإما أن يكون التملك متاحاً للجميع أو غير مسموح به لأي أحد.هذه هي المعضلة العظمى التي تواجه المؤتمر الدولي لنزع السلاح النووي المنعقد حاليا في نيويورك تحت إشراف الأممالمتحدة والتي من المحتم أن تنتهي به إلى فشل. ضرب مدينة هيروشيما اليابانية قبل 60 عاماً كان المرة الأولى في التاريخ البشري التي يستخدم فيها سلاح نووي. قنبلة نووية واحدة وصغيرة، بل وتعتبر بدائية بالمعيار النووي المعاصر، قضت على 700 ألف إنسان في غضون لحظات، ولذا كانت تلك أيضاً المرة الأخيرة لاستخدام سلاح نووي حتى الآن. وما يستخلص إذن من هذه الحقيقة هو أن السلاح النووي هو بالضرورة أداة يقصد بها الردع أكثر مما يقصد بها الاستخدام الميداني.لكن المشكلة في هذا العصر النووي أن هناك من يملكون ومن لا يملكون.. أي أن هناك دولا تملك قوة الردع بينما دول أخرى لا تتمتع بهذه القوة الرهيبة. البند الأكبر على جدول أعمال المؤتمر الدولي المشار إليه هو كيفية التعامل مع الاتفاقية الدولية لحظر الانتشار النووي التي بدأ سريانها قبل 35 عاماً، وابتداءً نقول ان الاتفاقية هي من تدبير القوى المالكة في ذلك الحين أي مطلع عقد السبعينات. فقد أرادت كل من الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا أن تضمن احتكارها المشترك للرادع النووي بحرمان الآخرين منه عن طريق حظر قانوني على «الانتشار النووي». وهكذا أصبحت الاتفاقية الدولية إيذاناً بعهد تسييس الرادع النووي انطلاقاً من المصالح الاستراتيجية لمن يملكون.وعليه فإن الولاياتالمتحدة شرعت من الوهلة الأولى في تحويل المؤتمر إلى مظاهرة سياسية ضد إيران وكوريا الشمالية تحديداً.. وبالاسم. ومن المفارقة فإن أميركا التي تمارس ضغوطاً على دول أخرى لحملها على التوقيع على الاتفاقية الدولية لحظر الانتشار النووي هي نفسها على رأس الدول التي ترفض التوقيع حتى الآن. والمشهد إجمالاً مفضوح سياسياً. ها هي القوة العظمى الأولى في العالم تملك ترسانة تحوي عشرات الآلاف من الرؤوس النووية تقيم الدنيا ولا تقعدها لمنع دول أخرى من تصنيع قنبلة نووية واحدة.. بينما تغض واشنطن الطرف عن دول أخرى مالكة للرادع النووي.. ومن بينها اسرائيل. إن الخطورة العظمى للسلام النووي لا جدال فيها لكن ليس من الإنصاف أن تمتلك بعض الدول هذا السلاح لممارسة الابتزاز السياسي على الذين لا يملكون.الوضع الأمثل بالطبع هو أن يكون العالم كله خالياً تماماً من أي سلاح نووي فيعيش البشر أجمعين في حالة اطمئنان نسبي. وبذا يصبح المطلوب هو تدمير الترسانات النووية دون استثناء ابتداءً من ترسانات القوى الكبرى. أما أن تحصر الولاياتالمتحدة مشكلة العالم النووية في دولتين فقط إحداهما لا تملك سوى بضع قذائف تعد على أصابع اليد والثانية لم تمتلك بعد سلاحاً نوويا وإنما «ربما» تكون على طريق التملك فإن هذا نفاق ينطلق من أجندة سياسية ذاتية.