بوادر معركة إيرادات بين حكومة بن بريك والسلطة المحلية بالمهرة    برباعية في سيلتا فيجو.. برشلونة يقبل هدية ريال مدريد    هل يجرؤ مجلس القيادة على مواجهة محافظي مأرب والمهرة؟    العسكرية الثانية تفضح أكاذيب إعلام حلف بن حبريش الفاسد    صدام وشيك في رأس العارة بين العمالقة ودرع الوطن اليمنية الموالية لولي الأمر رشاد العليمي    الأربعاء القادم.. انطلاق بطولة الشركات في ألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    غارتان أمريكيتان تدمران مخزن أسلحة ومصنع متفجرات ومقتل 7 إرهابيين في شبوة    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    عدن.. هيئة النقل البري تغيّر مسار رحلات باصات النقل الجماعي    دائرة الرعاية الاجتماعية تنظم فعالية ثقافية بالذكرى السنوية للشهيد    العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    عين الوطن الساهرة (1)    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق وفلسطين:ديمقراطية بلا ضمانات
نشر في 26 سبتمبر يوم 08 - 06 - 2005

وكأن العالم ينام على أذنيه غير مدرك لمئات السجناء المحكوم عليهم بجحيم النسيان فى غوانتانامو، أو مذكرات وزارة العدل التى تبرر التعذيب.
فى خطاب 20 يناير الماضى وعد الرئيس الامريكى جورج بوش بنشر الديمقراطية والنظم والقوانين حول العالم وعلى وجه الخصوص فى الشرق الأوسط. حيا وهنأ ورحب بانتخاب محمود عباس كخطوة فلسطينية نحو الديمقراطية. وعندما زحف ثمانية ملايين عراقى الى صناديق الاقتراع فى 30 يناير أعلن أن العالم يسمع صوت الحرية، ولكن الفلسطينيين والعراقيين بعيدون بعد السماء عن الأرض للاستمتاع بالحرية أو الديمقراطية، وإن نتائج انتخاباتهم الأخيرة تعتمد على قرارات تتخذ وراء الأبواب المغلقة فى واشنطن وبغداد والقدس.
الأعضاء المائتان وخمسة وسبعون الذين انتخبوا للمجلس الوطنى العراقي، كلفوا باختيار رئيس للوزراء وكتابة دستور تحت ظل سفارة العملاق "أمريكا" فى بغداد وبحضور 150.000 جندى أجنبي. وكتب كارل كونيتا المدير المعاون فى مشروع البدائل الدفاعية مؤخرا يقول: "إن أقوى مؤسسة سياسية فى العراق هى بالتأكيد هى المؤسسة الوحيدة الحقيقية القوية: البعثة الامريكية لمواردها وقدراتها التنظيمية واسلحتها التى تتجاوز بمراحل ما للحكومة العراقية".
الالتزام الأول للمجلس الجديد هو توحيد البلد الذى قسمته الحرب، ولكن الاحتلال يجعل الأمر صعبا للغاية. السنيون يحتجون على الوجود الامريكى فقاطعوا الانتخابات، وجمعية علماء المسلمين وهى منظمة سنية قيادية، قالت أن على الامريكيين بداية وضع جدول للانسحاب الفورى قبل أن يوافقوا على الانضمام إلى العملية السياسية، وهناك عائق آخر لتفعيل الديمقراطية. فبالرغم من الانقلاب الكبير إلا أن نتائج الانتخابات ليس لها بالضرورة أن تعبر عما يريده معظم العراقيين، فمعظم أسماء المرشحين ظلت حتى اللحظة الاخيرة محفوظة طى الكتمان، فلم يكن أمام المقترعين إلا أن يصوتوا للتحالفات، التحالف الشيعى تحالف العراق الموحد والذى حصل على 48 بالمائة من الاصوات، وهو مكون من أحزاب دينية وعلمانية مختلفة والتى ما تلبث أن تنشق على نفسها فى الوقت المناسب، بثلثى الاصوات، لذا كان لابد من اختلاق تحالفات أخري.
سوف يكون على القادة العراقيين التعامل مع دور الشريعة الاسلامية فى صياغة الدستور الجديد، ومع مطالب الاكراد بالحكم الذاتي، والحصول على مدينة كركوك الغنية بالنفط، كما أن عليهم أيضا تحديد طبيعة جديدة للاقتصاد وتقرير ما إذا كان سيسمح بإقامة قواعد عسكرية أمريكية أو أى بقاء عسكرى أمريكى فى العراق. وقرارات من هذا النوع لابد أن يكون لواشنطن أثر كبير فى اتخاذها.
رئيس التحرير التنفيذى فى ديلى ستار التى تصدر فى بيروت يقول: "إنه طيلة الوجود الامريكى فى العراق فإن السلطة الحاكمة فى بغداد ستظل لعبة صنعتها وتحميها وتحركها واشنطن".
الدستور يتطلب أن يتم تعيين رئيس الوزراء بواسطة رئيس ونائبين يتم اختيارهم بثلثى المجلس، والاختيار الفعلى هو نتيجة للمساومة بين الاحزاب الدينية والعلمانية داخل التحالف العراقى وبين قادة أكراد علمانيين، وقد قام التحالف باختيار ابراهيم الجعفرى وهو عضو فى حزب الدعوة الديني، ولكنه سرعان ما نافسه رئيس الوزراء فى الحكومة المؤقتة إياد علاوي، والذى كان يبحث عن إغراء للاعضاء العلمانيين من داخل التحالف ولتشكيل جبهة تحالف أخرى تتكون من الاحزاب العلمانية والكردية، وأثناء حدوث هذه التدابير تأتى السفارة الامريكية بجولة للتأثير على العراقيين ومقابلة المرشحين أنفسهم.
احد السياسيين العراقيين البارزين تحدث إلى الكاتب جون لى أندرسون قائلا: "إن الامريكيين يتوقعون حكومة عراقية جديدة تفى بشروط ثلاثة: أولا ألا تكون تحت التأثير الايراني، ثانيا، ألا تطلب الانسحاب الامريكي، وثالثا ألا تقيم دولة إسلامية.
علاوى والذى كان أحد ارصدة وكالة الاستخبارات الامريكية والحليف المقرب لأمريكا يعتبر من أكثر المؤهلين للإيفاء بهذه الشروط. فى حين تنظر واشنطن فى أمر الجعفرى كنوع من المغامرة، فهو دينى شيعى ولكنه يفضل الدور المحدود للدين.
وبينما يتنامى التمرد الذى تغذيه أمريكا باستمرارها فى الاحتلال، يظل هذا التمرد يتزايد مستفزا بما تقوم به قوات الاحتلال دون توقف والراجح انه سيستمر ويبقى مادامت القوات الامريكية باقية على التراب العراقي.
إن العنف ناتج عن وجود قوات الاحتلال، الا انه ينجم ايضا عن التعطيل البيروقراطى والفساد. لقد وجد مراجعو أمريكا أن ما يقارب من نصف مداخيل النفط العراقى التى استلمت منذ الغزو لا يمكن الاعتماد عليها، ويعنى هذا ان العراقيين ستستمر معاناتهم فى نقص المياه النظيفة والكهرباء والوقود، وإن إعادة بناء مدنهم المدمرة ستتأخر الى وقت طويل.
فى فبراير -شباط- الماضى بدأت قوات البحرية الامريكية اعتداء بالقرب من مدينة الرمادى مهددة بالعمليات نفسها التى حدثت فى الفلوجة والتى خلفت وراءها عشرات الآلاف من المواطنين بلا مأوى فى نوفمبر -تشرين الثاني- الماضي. ولعله ليس من الغريب ما جاء بالتلفزيون عند انتخاب الزغبى فى يناير -كانون الثاني- الماضى حتى اتضح أن 82 بالمئة من السنة و69 بالمئة من الشيعة يطالبون برحيل القوات الامريكية ، بأسرع وقت أو بمجرد تعيين حكومة جديدة.
وبالرغم من كل ذلك فإن تحالف العراق الموحد الفائز طالب بجدولة انسحاب القوات المتعددة الجنسيات من العراق، وذلك رغم ان الانسحاب المبكر لم يكن من ضمن أوراق اللعبة. وعليه قال بوش، فى خطابه 2 فبراير، إننا لن نضع جدولا مزيفا لمغادرة العراق. والسبب هو أن ذلك سيجعل الارهاب أكثر جرأة، كما سيجعلهم يعتقدون أنه يمكنهم انتظارنا بالخارج.
قال أحد المسؤولين فى البنتاغون فى يناير أنه فى خطة الجيش الامريكى إبقاء 120.00 جندى فى العراق حتى العام 2007 على الأقل وجزء من إمدادات 82 مليار دولار. وسيطلب البيت الأبيض من الكونغرس الموافقة على تمويل القواعد الدائمة فى العراق، وأكثر من 1.3 بليون دولار ستذهب إلى إنشاء سفارة جديدة فى العراق قوامها 1000 شخص.
فى 24 فبراير منح الجيش 9.4 مليون دولار كحوافز لدعم شركات هاليبورتون، كيلوج ، براون وروتس، متجاوزين بذلك المراجعين الذين اتهموا بعض هذه الشركات بالتلاعب فى الفواتير وممارسات مالية أخري. لقد تلقت شركة "كى بى آر" أكثر من بليون دولار مقابل عقود بدون مناقصات للعمل فى العراق وافغانستان. ومادام الجيش الامريكى موجودا فى العراق فإن شركة هاليبورتون ستظل تحصد الارباح غير المحدودة، ولكن إذا كان من مطالب الديمقراطية الاستقلال والحكومة التى تعكس إرادة ورغبات الشعب فإن أمام العراق طريق طويل.
ممارسة بلا ضمانات
كحال الانتخابات فى العراق هو الانتخاب الذى تم لمحمود عباس فى فلسطين فى يناير. فهذه الممارسة للديمقراطية لا تعطى أصحاب الأصوات أية ضمانات سواء كانت فيما يخص الحرية أو الاستقلال. ففى لقاء شرم الشيخ فى الثامن من فبراير، اتفق محمود عباس ورئيس وزراء إسرائيل شارون على هدنة مؤقتة والتى يطلب فيها من الفلسطينيين إيقاف العنف ضد الاسرائيليين. واتفق إن على إسرائيل إيقاف العمليات العسكرية ضد جميع الفلسطينيين إذا تم وضع المليشيات الفلسطينية تحت السيطرة، كما إن إسرائيل ستوقف أعمال القتل المنظمة للفلسطينيين.
لقد صدم هذا الاتفاق الكثير من الفلسطينيين باعتباره إهانة بوصفه للفلسطينيين كمصدر أساسى للعنف، بينما لم يذكر أى شيء عن الثمانية وأربعين عاما من الاحتلال الإسرائيلى العسكري، أو سرقة اسرائيل واغتصابها للأراضى الفلسطينية والمياه أو لانتهاكات إسرائيل الشاملة لحقوق الإنسان.
اكثر من ذلك فان اتفاقية الهدنة هذه لا تلزم إسرائيل بالتوقف عن بناء المستوطنات أو بناء الجدار العازل الذى يحيط بالمناطق الإسرائيلية، ولا حتى قامت هذه الاتفاقية بجدولة المفاوضات حول القضايا الأساسية التى يجب تسويتها إذا أرادت الأطراف إقامة سلام حقيقي.
وفى الحقيقة، فإن شارون جعل الامر واضحا عندما قال إنه يعتبر عباس شريكا فى الشؤون الأمنية فقط، فهو الشخص الذى سيقوم بتكسير المقاومة وتقطيع أوصال المناضلين الفلسطينيين ويساعد فى تأكيد إخلاء المستوطنين من غزة. وبذلك فإن شارون سيترك لشأنه فى مد مستوطنات الضفة الغربية ويحول المناطق الفلسطينية الى سلسلة من الكانتونات المنفصلة لا تربطها سوى قنوات ضيقة وتبقى حواجز الطرق الإسرائيلية فقط.
الشريك الفعلى لإسرائيل فى المفاوضات هو جورج بوش. ولقد قال شارون فى المؤتمر الصحافى فى 15 فبراير عندها أعلن أنه هو وبوش قد اتفقا على أنه فى أبريل -نيسان- الماضى ان اسرائيل سوف تنسحب من غزة ومن أربعة نقاط صغيرة من الضفة الغربية ولكنه سيكون حرا فى توسيع المستوطنات فى الضفة الغربية والتى ستصبح جزءا دائما من إسرائيل. بوش أيضا وافق شارون بعدم السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم فى إسرائيل.
وإذا استمر شارون فى إصراره على هذه الشروط سيفقد ما يعتبر الفرصة الأفضل لتحقيق السلام والأمن. عباس لم يتنازل عن مساندته للمطالب الفلسطينيية، ومنها المطالبة بدولة مستقلة بالضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس، ولكنه قد تم إقناعه بأن العنف من الجانب الفلسطينى هو عمل ضد هذا الاحتمال، وحله هو أن إيقاف المجموعات المسلحة ودفعها نحو العملية السياسية، حيث يمكنهم أخذ مكانهم فى تكوين الدولة الفلسطينية. وليكون فى النهاية مثل حزب الليكود الاسرائيلى الذى أعاق تحقيق الحلم فى الحيازة على فلسطين بكاملها.
والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان شارون يسعى فعلا لتحقيق السلام مع الفلسطينيين أم أنه يريدهم أن يستسلموا وحسب؟
إلى حد كبير فقد أظهرت الحكومة اهتماما ورغبة فى المصالحة.
"أورشاليم تايمز" الفلسطينية والمجموعة الإسرائيلية "جيفات هافيفا" أنشأت محطة إذاعية باسم صوت السلام والتى كرست لنشر التسامح والتفاهم بين الطرفين. وقبل أكثر من عام صادرت إسرائيل إحدى محطات الاذاعة الجديدة والتى أمرت فرفضت القيام بالتخلى عن المرسل الجديد. واخيرا اضطر المالك بشراء مرسل مستخدم وبالرغم من محاولات الحكومة التشويش على هذه المحطة. وتستطيع هذه المحطة الآن الوصول إلى المستمعين فى معظم أجزاء إسرائيل والضفة الغربية.
سينحج عباس فى جهود السلام فى حال واحدة وهى أن يقوم شارون بإسقاط طلبه بأن يقوم عباس بتفكيك المليشيات الفلسطينية قبل أن تبدأ اسرائيل بأية خطوة عملية نحو السلام، وأن يتحرك مباشرة باتجاه تحسين الظروف فى المناطق المحتلة، وتنفيذ المطلب الأساسى للفلسطينيين هو إطلاق سراح 8000 فلسطينى معتقل فى السجون الإسرائيلية. ولكن شارون لم يبدأ ولا حتى بواحدة من هذه الإجراءات. وفى أواسط فبراير قرر أن يوسع من سلطات القائد الأعلى للجيش الجنرال موشى يالون والذى ألح على الحكومة بأن تمنح عباس مزيدا من الدعم، عندما وصل عباس الى رئاسة الوزراء فى عام 2003. فهل يريد شارون فعلا إقامة سلام مع الفلسطينيين أم أنه فقط يسعى لإذلالهم واستسلامهم؟
بدلا من إرخاء القبضة على ضوابط السفر فإن الخطة المسبقة لإسرائيل هى إثقالهم بالمزيد من المشاكل والهموم. جزء من الجدار العازل سيكتمل فى يوليو -تموز- المقبل وسيفصل المقيمين فى رام الله تماما عن القدس، وستكون هناك ثغرة واحدة فقط وعلى الفلسطينيين الحصول على إذن خاص للمرور خلالها.
إسرائيل ستواصل توسيع المستوطنات. فقد أعلن وزير الاسكان الاسرائيلى إسحاق هيرزوك أن المستوطنات الجديدة قد بدء فى بنائها الآن بالضفة الغربية لإسكان المستوطنين الاسرائيليين الذين سيتركون غزة، وقد سمت "نيوزويك تايمز" هذا التصريح بأنه صفعة على الوجه لعباس.
لقد قام الاسرائيليون بإعلان أنهم لن يقوموا بهدم منازل المليشيات ما دام أن مثل هذه العقوبات فشلت فى إيقاف الهجمات. ولكن منذ 1967 قامت إسرائيل بهدم 2500 منزل فلسطينى كعقاب، والآلاف من المنازل تم بناؤها لإيواء المستوطنين الجدد. وفى العام 2004 قام الجيش بتدمير 2370 منزلا فى غزة والقدس وفى السنة الماضية 80 منزلا على الأقل هدمت بسبب أن مالكيها ليس لديهم تراخيص والحكومة الاسرائيلية لن توقف عملية الهدم هذه.
لقد قامت إدارة بوش بالمزيد من التحركات الايجابية، وقد وعدت بالتمويل للمساعدة فى اصلاح النظام السياسى وتعزيز قوات الامن. لقد تحدث بوش بلباقة عن فلسطين الحرة فى حديثه ببروكسل فى 21 فبراير وقال تحديدا: "إن الدولة ذات الاطراف غير المتواصلة لا تنجح". وقال أيضا: "على إسرائيل تجميد نشاطات التوطين". والسؤال هو أى إجراء سيتخذه بوش لتنفيذ هذه المقولات. عباس يحتاج الى المساعدة من واشنطن إذا أراد أن يحقق حلا سلميا مع إسرائيل، كما قال جيمس زوغبى من المركز العربى الأمريكي. ويقول زوغبي: "لن يحدث هذا ما لم تجعله أمريكا يحدث".
يتنبأ الصحافى الإسرائيلى قيديون لبكى أن أمام عباس ستة أشهر لتحقيق نتائج قبل أن تستأنف حماس وغيرها من الجماعات هجماتها.
والشيء المثير للقلق أكثر أن كلا من بوش ووزيرة الخارجية كوندليزا رايس عبرا عن إعجابهما بالمعارض السوفيتى السابق ناتان شارانسكى والذى كان وزيرا فى الحكومة الإسرائيلية وصاحب كتاب "قضية الديمقراطية" قوة الحرية لتجاوز الطغيان والإرهاب والذى أورد منه الأفكار الرئيسية التى جاءت فى الخطاب الافتتاحى عند توليه السلطة للرئيس بوش. وما يزال شارانسكى يحظى بنفوذ كبير لدى شارون. وهو لقد عارض أية تسويات حدودية مع الفلسطينيين وصوت ضد الانسحاب الاسرائيلى من غزة. وفى الصيف الماضى أسس حركة بواسطة الحكومة الاسرائيلية لمصادرة آلاف الدونمات من الاراضى فى القدس الشرقية والتى انتزعت من مالكيها الفلسطينيين عن طريق الجدار العازل.
وبالرغم من ذلك الملف فإن الوزيرة رايس وصفت شارانسكى كقائد يؤطر بافكاره سياستها كوزيرة للخارجية. وقالت إن العالم يجب أن يطبق ما قاله ناثان شارانسكى "الاختبار الديمقراطى يوجد وسط المدينة". وفى يناير صرحت للصحافيين: "إذا لم يستطع الشخص المشى وسط المدينة ويعبر عن رأيه بدون خوف من الاعتقال، أو السجن أو الضرر الجسمانى إذن فإن ذلك الشخص يعيش فى مجتمع الخوف وليس فى مجتمع الحرية". الفلسطينيون المحرومون بحواجز الطرق من المشى والتحرك داخل القدس، سيوافقون على ذلك بالتأكيد.
ملاحظات الوزيرة رايس تعكس غباء الادارة تجاه الأحزان والآلام الفلسطينية. إنها بلادة فقط، مختلطة باستخدامها لمعايير مزدوجة تتسم بالغباء أيضا. عندما تتعامل مع عدو إسرائيل بهذه الطريقة فقد تسبب ذلك فى تقويض مصداقية أمريكا فى معظم منطقة الشرق الأوسط اليوم. لقد طلبت واشنطن من سوريا بالانسحاب من لبنان وقطع مساعداتها ودعمها لحزب الله وحماس معا ولكنها لم تطلب من إسرائيل الانسحاب من مرتفعات الجولان السورية.
بوش أدان إيران لنشاطاتها النووية وتجاهل المستودع الإسرائيلى الذى يحتوى على اسلحة نووية مؤكدة. وكتب سيمور هيرش فى 24 يناير "إن الحقيقة هى أن البنتاغون يعمل بشكل حميم مع إسرائيل لتحديد المواقع الإيرانية المحتملة للهجوم.
وقد أخبر أحد مسؤولى البنتاغون هيرش أن العالم الآن، منطقة اقل خطرا بسبب عمليات الولايات المتحدة. هذا سيكون واقعا فعلا إذا سمحت الحكومة العراقية الجديدة فى بغداد للولايات المتحدة بإقامة قواعد دائمة على التراب العراقي، وما دامت قوات الولايات المتحدة متمركزة بشكل قوى فإنها تكون قادرة على تهديد جيران العراق. مثل هذه التطورات تؤثر وتوخز الشعوب المستهدفة، لبناء دفاعاتها وإسكات المعارضة الداخلية.
إذا كان بوش جادا فى نشر الحرية فى الشرق الأوسط فعليه أن يتوقف عن لعب دور "رامبو؛، ويعود إلى سياسة تتسم بالعدل والحوار والالتزام.
"العرب اولاند"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.