تلتقي مختلف التقديرات الدولية الواردة عبر القنوات الرسمية أو المؤسسات والمنظمات الشعبية والمدنية على الشهادة بأن اليمن هي الأكثر ديمقراطية في المنطقة وعلى المستوى الاقليمي. ويضاف إلى ذلك أن الديمقراطية في اليمن هي الأكثر تميزا بين تجاربها ونماذجها التي اعتمدت واقيمت أنظمتها السياسية وفقها، في العالم النامي على الأقل. ووجه التميز في الديمقراطية اليمنية أنها التي تأسست على الشراكة الوطنية وتم تغليبها أو إعطاؤها الأولوية المرجعية على ما عداها من الأسس النظامية وحتى الشرعية للبناء والأداء الديمقراطي. والشاهد على ذلك يتجلى في السلطتين التنفيذية والتشريعية اللتين تشكلتا وقامتا عقب الانتخابات البرلمانية الأولى واوكلت رئاستها إلى شخصيات من خارج حزب الأغلبية الانتخابية مضافاً إليه تلك التركيبة الائتلافية التي اعتمدت في التشكيل الحكومي مع عدم وجود موجبات وضرورات لذلك تستدعيها النتائج الانتخابية. واحتفظت تجربتنا الديمقراطية بمميزاتها حتى في ظل العمل بأحكام الأغلبية وتحمل الحزب الحاصل عليها المسؤولية الحكومية بالكامل حيث ظل الحوار وورش النقاش والعمل المشترك الخيار المتبع في التعامل مع القضايا الحيوية وبخاصة المتعلقة منها برسم المعالم والمحددات القانونية للممارسة الديمقراطية كالتعديلات الدستورية وكذا القانونية المتصلة بالعملية الانتخابية وتنمية الحياة الديمقراطية بما يوسع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ وتنفيذ القرار السياسي والتنموي من خلال استحداث نظام السلطة المحلية وانضمام مجالس إلى التركيبة المؤسسية الأساسية لهيكلية نظامنا الديمقراطي. ويطل وجه آخر لتميزنا الديمقراطي من خلال العمل بمبدأ الحوار نفسه والمتمثل في اعتماده ضمن أهم خيارات ووسائل التعامل مع البنية الفكرية لظاهرة التطرف وايجاد المعالجات والمخارج منها وكان أن جاءت نتائجها الايجابية والمثمرة لتضيف إلى مكانة اليمن الدولية المرموقة مزيدا من الألق والتميز العالمي أيضا مما منح بلادنا اعتبارات التفاعل والتعامل معها كدولة ذات مشروع بل منهج بدرجة الإبداع الفكري والعملي في الرؤية إلى الأزمات وحلولها وخاصة وأنها التي صارت تشغل العالم بتأثيراتها وتحدياتها التدميرية. ويتوالى ورود التأكيدات على هذا التميز اليمني من مصادرها الدولية التي يتجه معها الموقف والقرار السياسي إلى منح الأفضلية لليمن باختيار صنعاء كمكان للمؤتمر الدولي القادم حول الارهاب والذي تجري التحضيرات والترتيبات لعقده خلال شهر نوفمبر الآتي. ويتبين بل ويتجلى في سياق الاعتبارات التي تستند عليها التقديرات العالمية في شهاداتها التي تمنح المكانة الأولى لتجربتنا الديمقراطية انها التي تشيد بخطوات قيادتنا السياسية بزعامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في استخدام الوسائل الأمنية والعسكرية في إحكام الخناق على المظاهر والأفعال الارهابية لظاهرة التطرف. ويتبلور في إطار ذلك أحد أهم وأقوى أشكال الدفاع عن الحياة الديمقراطية الذي تتولى الدولة اليمنية الاضطلاع بمسؤولياته المسنودة إليها شرعا ودستورا. ولا شك في كون الأمر كذلك بحكم ما يشكله ويمثله الإرهاب من فعل خروج سافر على المبدأ السلمي للديمقراطية وانتسابه إلى الممارسات الواقعة تحت طائلة المساءلة القانونية. وهو الحكم الذي يمتد ليشمل كل التصرفات التي تنطوي على التمييز العنصري بين المواطنين وقصد إثارة الفتنة. ويبدو هذا الخروج عن التقاليد والأخلاقيات السلمية في أفدح صوره وأعلى درجاته في ظل ديمقراطيتنا التي تمتاز باتساع مساحة الشراكة فيها .. ولا بد للممارسة السياسية أن تكون أكثر تميزا كما هي ديمقراطيتنا الأكثر تميزا.