دفع اليأس النخب الحاكمة في صنعاء، بمختلف أطيافها السياسية والمذهبية، من إمكانية السيطرة على الجنوب العربي أرضاً وإنساناً وثروات، إلى تبني استراتيجية جديدة. فبعد فشل مشروع الهيمنة باسم الوحدة اليمنية، تم توظيف مذهب تكفيري غريب على الجنوب وثقافته وتاريخه، ومدرسته الدينية الحضرمية المتسامحة والذي أيضا اشتهر بفهمه المعتدل للإسلام و كان سبباً في دخول مئات ملايين البشر إلى الإسلام في مناطق مثل إندونيسيا وماليزيا وجنوب الفلبين وجنوب الصين وتايلند وشرق أفريقيا".
تعمل قوى صنعاء مجتمعة، من الحوثيين والإصلاح والمؤتمر، اليوم على تصدير "السلفية" إلى الجنوب كأداة للسيطرة الناعمة تحت غطاء "مدرسة أهل الحديث"، في مسعىً يبدو يائساً ولا ينطلي إلا على السذج.
وفي ظل ضعف الشرعية الدولية وانشغال العالم بالخطر الحوثي، يواجه الجنوب خطراً خفياً لا يقل تهديداً يتمثل في الانتشار الممنهج لمراكز ومعاهد دينية تدار بواسطة يمنيين قادمين من مناطق نفوذ الحوثيين، وكان الأولى بهم نشر أفكارهم في مناطق سيطرة الحوثي وهذه الشماريع المستهدفة للجنوب تمول بأموال سياسية من مصادر مجهولة. والأخطر من ذلك هو تواطؤ سلطة الشرعية التي لا تكتفي بعجزها، بل توفر الحماية والتسهيلات لهذه المشاريع، مما يفتح الباب أمام قوى متطرفة تهدد النسيج الاجتماعي الجنوبي تحت غطاء ديني.. سيتولد منه منظمات تكفيرية مسلحة أكثر خطرا من القاعدة وداعش واللتان تستمدان فتاواهما وأحكامهما على من تعتبرهم أعداءهما من الفكر السلفي المتطرف".