أن الغرض من التمسك بإعلان فك الارتباط بما فيه من مواد مقرة لليمننة هو الإصرار على عودة النظام السابق وليس الدولة السابقة ومخالفة كون الصراع مع المحتل اليمني في أساسه صراع هوية وثقافة وانتماء ولهذا فإن الإعلان يعتبر الوحدة هدفا استراتجيا معتمدا دستورها تأكيد لذلك. ولكون من قام بإعلانه ليس إلا أمينا عاما للحزب الإشتراكي اليمني في دولة ماقبل 1990م (ج ي د ش) أورد في الإعلان اسما آخر هو (ج ي د )ليؤسس لرئاسة دولة لا وجود لها من قبل وهو ما يبرر التمسك اليوم بالشرعية القانونية ثم أضيفت مؤخرا الشرعية الثورية , بل وعد الإقرار بها إشتراطا أساسيا لتوحيد الصف وجمع الكلمة وهو ما يسبب لجؤ من يرتبطون بأجندة اليمننة بما فيهم من منتمين للسلطة والأحزاب ارتباطا لا يقبل التجزئة إلى الإحتراب والتخندق ضد الثورة التحررية التي من خلالها مضوا في بث الإشاعة والفتن و إمعان الاستنساخ ثم زرع روح الإقصاء والتخوين والفرقة وتفعيلها بهدف واحد لا ثاني له ولا ثالث هو وأد خط التحرير والاستقلال والإجهاز عليه حتى وصل الأمر حد التفرد في امتلاك الحقيقة وممارسة الدكتاتورية والتسلط ما يعد مقدمة تسفر عن الوجه القبيح للنظام المراد إعادته من غير استيعاب لدروس الماضي الموصلة إلى فخ باب اليمن .. إن أصحاب المصلحة الحقيقية في التمترس خلف شرعية رئاسية وثورية لا أصل لها باعتبارها ظاهرة غريبة وأولى من نوعها في ثورة تحررية في العصر الحديث _ رئيس وسفير وغفير _ هم المعارضون والمعرقلون دائما لوحدة الصف ولا عجب فهم يمضون في التفرد بنفس الروح العدائية لإخوانهم في الدرب بصورة تصعيدية.. نعم كانت بداية السقوط وحقيقة الإحتلال يوم الإستقلال , أما يوم 22 مايو 1990م في أصله كان عبارة عن نتيجة حتمية لهزيمة معنوية طبيعية مكسوة بقناع وحدة زائفة ولو كان مسبوقة بتصالح جنوبي حقيقي لما كانت. فهي باختصار هروب اليمنيين المهزومين إلى حضنهم الدافىء , وما حرب صيف 27 إبريل سنة 1994م إلا تتويج لتخطيط مسبق بدأ بالإنقلاب على الهوية في 1967م والعام الذي تلاه , وقد كانت بداية النهوض يوم إدراك أن جوهر الصراع مع المحتل اليمني يكمن في الهوية والثقافة والتاريخ والمنهاج لا الجغرافيا فحسب . وعليه فإن كل المشاريع المنقوصة عن التحرير والإستقلال في حقيقتها بقاء لليمننة لارتباطها بها ارتباطا لا يقبل التجزئة والقول بفك الإرتباط وشرعيته وقانونيته ونسبته إلى الثورة التحررية قول مخالف لحقيقة بنوده التي أريد تجهيلها لقبول الإدعاء بأن كل الجنوبيين يقبلون بها من خلال استغلال حشودهم وحماسهم الثوري الذي لا يبتغون من خلاله إلا التحرير والإستقلال الناجز التام .. إن القادم القريب سيبرهن مدى وبعد ونتيجة ذلك الصراع , فلا مجال لتحرير واستقلال وفق هوية المحتل اليمني لأن حقيقة هزيمة الأمس محال أن تكون مقدمة لانتصار اليوم , وحتما ستصحح المعادلة الخاطئة حتى يثمر الواقع نتيجة صحيحة كي لا يتكرر صراع الماضي الأليم في وطن ينشد التحرر من كل أغلال وأوهام الرق والعبودية. إن الإنتصار الحقيقي على هوية اليمننة مقدمة طبيعية لإحراز إنتصار حقيقي واعي وخلاف ذلك انتكاسة وخنوع ورجوع , فمهمة تعرية الباطل والتوعية بأهمية إحلال وريادة الهوية الأصيلة مسؤلية كل المدركين لحجم الخطر الحقيقي , وكما هو أصل التصديق زوال الشك ,فإن زوال أصل الخلاف أولى من بقاءه ,ومسؤولية الفهم والتوعية والتصحيح معقودة بالشباب لا بمزيد من التنطع والتغطرس والسباب..