أبلغت مصادر قضائية أن حزب المؤتمر الشعبي العام رفض تنفيذ أوامر قضائية تقضي بصرف 32 مليون ريال، (10%) من مستحقات موظفي مؤسسة الميثاق للطباعة والنشر، في القضية المرفوعة أمام محكمة جنوب غرب الأمانة من موظفي المؤسسة ضد مالكها (حزب المؤتمر الشعبي العام). وما زال موظفو مؤسسة الميثاق للطباعة والنشر يواصلون خوض معركة حقوقية ضارية مع قيادة حزب المؤتمر الشعبي العام، الحزب الحاكم سابقاً، والمالك الشرعي للمؤسسة.
وبدأت المعركة قبل أشهر منذ إعلان المؤسسة توقفها عن العمل نتيجة رفض الحزب تسديد المديونية المتراكمة عليه للمؤسسة، والتي يؤكد مسؤولون في المؤسسة أنها تصل إلى قرابة 800 مليون ريال، كمستحقات مثبتة لأعمال طباعية سابقة نفذتها المؤسسة للحزب خلال الأعوام الماضية، إلى جانب رفضه أيضا تسليم رواتب ومستحقات الموظفين للسنوات الماضية، والبالغة حوالي 32 مليون ريال.
وخلال شهر مايو الماضي، نفذ الموظفون اعتصامات جوار اللجنة الدائمة للحزب، ليحصلوا حينها على وعود قيادية بصرف مستحقاتهم، إلا أن تلك الوعود لم تنفذ لاحقاً، ما أضطرهم إلى اللجوء إلى القضاء لنيل حقوقهم.
ومؤخراً، في أواخر رمضان الماضي، أصدرت محكمة جنوب غرب الأمانة، حكمها في القضية المدنية مستعجلة رقم 392 لسنة 1434ه، والذي قضى منطوقه ب"قبول الدعوى المرفوعة ضد حزب المؤتمر الشعبي العام بصفته مالكاً للمؤسسة، شكلاً وموضوعاً"، كما قضى «بإلزام المدعى عليه بصرف 10% من مستحقات المدعيين لديه، كنفقة مؤقتة لشهر رمضان وعيد الفطر»، إلى جانب دفع أتعاب ومخاسير التقاضي مبلغ 150ألفاً شاملة أتعاب المحامي المنصّب.
ووجهت المحكمة، بتاريخ 6 يوليو الماضي الموافق 27 رمضان الماضي، مذكرتين رسميتين - حصل المصدر أونلاين على نسخ منها - الأولى موجهة إلى «ممثلي حزب المؤتمر »، والأخرى إلى مدير عام البنك الأهلي اليمني، تبلغهم فيهما نتيجة الحكم الصادر من المحكمة في القضية، وتلزم المؤتمر بصرف مبلغ 32 مليون و150 ألف ريال، لصالح المحكوم لهم، وهو المبلغ المقرر في الحكم بنسبة 10 % فقط من مستحقات المدعين، وتسليم المبلغ إلى أمين صندوق المحكمة. بينما وجّهت الرسالة الأخرى إلى مدير عام البنك الأهلي اليمني بصرف المبلغ المذكور من حساب المؤتمر الشعبي المودع في البنك.
وفيما كانت أمال الموظفين - عقب صدور ذلك الحكم - بدأت تنتعش وتجددت بعدالة القضاء، الذي وضعوا فيه كل آمالهم للانتصار لحقهم بعد عجزهم لأكثر من ثلاثة أشهر عن مواجهة مراكز قوى الحزب، التي يؤكدون أنه مازال يحظى بالنفوذ والقوة داخل مختلف أجهزة الدولة، إذا بتلك الآمال تصطدم مجدداً برفض كل من الحزب والبنك على السواء، تنفيذ أوامر القضاء الواضحة.
وتفيد المعلومات بأن إدارة البنك رفضت التنفيذ مستندة على رسالة موجهة من رئيس الدائرة المالية لحزب المؤتمر تخطره بضرورة إيقاف تنفيذ الحكم نظراً لتقديم ممثلي الحزب لعريضة استئناف ضد حكم المحكمة، إلا أن موظفين مسؤولين عن متابعة القضية أكدوا ل«المصدر أونلاين» أن عريضة الاستئناف غير قانونية؛ كونها جاءت متأخرة عن مدتها الزمنية المحددة في القضايا المستعجلة، أضف إلى ذلك أن الاستئناف لا يوجب إيقاف التنفيذ المستعجل للأحكام القضائية.
وحصل «المصدر أونلاين» على نسخة من عريضة الاستئناف المقدمة من حزب المؤتمر لدى محكمة استئناف أمانة العاصمة، ويشير تاريخ عريضة الاستئناف أنها سلمت إلى المحكمة في 19 يوليو الماضي، أي بعد أسبوعين من صدور حكم المحكمة.
واعتبر موظفون في المؤسسة أن إقحام المؤتمر الشعبي لاسم الرئيس عبد ربه منصور في عريضة الاستئناف باعتباره «أميناً عاماً» لحزب المؤتمر، وبالتالي «ممثلاً» عن الحزب في الاستئناف، على أنه بمثابة «فضيحة» تسيء للرئيس ولا تخدمه.
وأوضحوا أن «الفضيحة» تتمثل بكون مضمون الاستئناف يتعارض أصلاً مع توجيهات سابقة من الرئيس نفسه، كانت صدرت تحت توقيعه بتاريخ 29 ديسمبر 2012.
وسلم الموظفون «المصدر أونلاين» نسخة من المذكرة الرئاسية الموجّهة إلى رئيس الدائرة المالية للحزب وتضمّنت الأمر التالي: «أصرفوا معاش عمال مؤسسة الميثاق، ويضموا على المؤتمر حتى نحل القضية». ما يعني – بحسب الموظفين- أن الرئيس ليس فقط معترفاً بحقوقهم المالية، بل إنه أيضا يقف إلى جانبهم لنيل حقوقهم، من خلال توجيهه بصرف المستحقات المالية (الرواتب)، بل وتوجيهه أيضا بضمهم على كادر موظفي الحزب، حتى يتم حل القضية بشكل نهائي.
وتفسّر تلك المصادر أن «ورود اسم الرئيس كممثل للمؤتمر في عريضة الاستئناف»، ليس سوى محاولة «غير أخلاقية» يعتقد بأنها تهدف أساساً إلى استغلال اسم الرئيس للتأثير أو الضغط على قرارات القضاء.
يذكر أن مؤسسة الميثاق للطباعة والنشر كانت توقّفت عن مواصلة أعمالها التجارية، أواخر العام الماضي، إثر تراكم الديون التي عليها، بعد أن رفض الحزب تسديد الديون المتراكمة عليه للمؤسسة على خلفية الأعمال الطباعية والورقية المختلفة التي نفّذتها المؤسسة للحزب وفق عقود عمل تجارية، والتي بلغت – بحسب موظفين مطلعين – حوالي 800 مليون ريال.
الأمر الذي نتج عنه عرقلة أعمال المؤسسة، ما أفضى بدوره إلى تقديم رئيس مجلس إدارتها، الدكتور عبد الكريم الإرياني، النائب الثاني لرئيس المؤتمر، ومديرها العام عادل قائد، رئيس الدائرة الاقتصادية للحزب، استقالتيهما من المؤسسة.
ودخل موظفوها في معركة حقوقية مع مالك المؤسسة الشرعي (حزب المؤتمر الشعبي العام) للمطالبة بحقوقهم المالية، والمستحقة لهم قانوناً خلال فترة سنوات العمل الماضية.