جيل كامل من الشباب الفلسطيني الذي قاد انتفاضة الحجارة ، وأشعل نارها لتحرق هذا المُحتل الغاصب ، جيل حمل مشاعل النضال الطاهر ، ليخرج منه ذلك الجيل من المناضلين الذين كانوا صوراً لصمود المناضل في زنازين المُحتل ، وبذلك تشكلت صورة انتصار المناضل الفلسطيني على القيد والقهر والحرمان . جيل بدأ أولى خطوات بناء أول سلطة وطنية على أرض الوطن ، ليرسم حلم كُل المحرومين بلون ورائحة الوطن ، ليبدأ مشوار النضال الآخر في بناء ذاته وإثبات صورة الفلسطيني الذي يعشق الحرية ولا يتخذ الكفاح إلا وسيلة للتحرر والعيش بدولة حرة مستقلة . هذا الجيل الفلسطيني الذي كان ولازال عنوان العطاء ، وهو الذي صمد في وجه الإحتلال الإسرائيلي مرة أخرى ليقف مع كُل شرفاء هذا الوطن في صد العدوان على المقدسات والأقصى في هبة الأقصى ( هبة النفق ) لتصل مرحلة انتفاضة الأقصى ، حيث وقف بكُل شموخ وشجاعة مع كُل أطياف الشعب الفلسطيني برغم كُل الألوان والرايات ، إلا أن الفلسطينية والإنتماء كان هو الحافز الوحيد لوقفة الرجال ، ليقود فعاليات انتفاضة الأقصى ويسجل صفحات من نار ونور ، وكان بناء السلطة الوطنية وحركة فتح السبق في التضحية والفداء ، فكان الشهداء الأبطال قادة الإنتفاضة ، وكان الأسرى الأماجد هم عناوين هذه الحركة التي لم تتنازل عن مبادئها برغم ما شابها من حالة مد وجذر خلال هذه المراحل الطويلة . جيل الإنتفاضة والمقاومة ، تعرض لمحاولات المس المُباشر ، فقتل الإحتلال حلمه بدولته التي حلم بها طويلاً وبدأ بالعمل على تحقيق صورها على ألأرض من خلال بناء الأجهزة ألأمنية الفلسطينية والوزارات والمؤسسات ، وقتل الإنقسام والصراع الداخلي باقي الحلم بأن أصبح هذا الجيل في حالة من التوهان ، لتبدأ رحلة المعاناة من جديد ، فأصبح الأشقاء على عداء كامل ، وتفككت العلاقات الإجتماعية والأسرية ، وأصبح الصراع على لون الراية والعلم ، وأصبح جيل الإنتفاضة يتعرض للإهانة والإعتقال السياسي ، برغم أن الدم الفلسطيني في كثير من الأحيان اختلط دون أن يفرق بينه لون أو راية أو شعار . لقد كان العدوان الإسرائيلي الدائم على شعبنا ، لا يُفرق بين هذا الجيل أو ذاك ، ولا يُفرق بين ابن العائلة أو آخر ، أو ابن الفصيل أو آخر ، فكل فلسطيني تحت النار ، وكُل الفلسطيني مُعرض للموت من طائرات ودبابات إسرائيل . يتحمل السياسيين الفلسطينيين مسؤولية تاريخية ، بما لحق بهذا الجيل من هزائم نفسية ومعنوية ، فكم من المناضلين أصبحوا الآن مدمنين ، وكم من اسود المعتقلات أصبحوا الآن يعانون مشاكل نفسية ، وكم من المُبعدين تعرض للإهانة . آن الأوان أن يتطلع الجميع لمصلحة الناس ، فالشعب ينهار يوماً بعد يوم ، وفقد الثقة في كُل الفصائل والتنظيمات الفلسطينية ، وأصبحت فلسطين همهم الأخير ، الناس تحتاج إلى الأمن والأمان الإجتماعي والنفسي ، فنُصبح في المستقبل عبارة عن سلطة تشرف مستشفيات نفسية ومصحات لمعالجة الإدمان . إعلامي وكاتب فلسطيني [email protected]