منذ العام 1994م ما انفكت السلطات اليمنية وأجهزة أعلامها وكتابها ومروجو بضائعها الكاسدة يتغنون بأبين ويسمونها ب"بوابة النصر" حتى إن بعض أبناء هذه المحافظة ممن لديهم معاملات في المصالح الحكومية في العاصمة أو في محافظات أخرى، ظلوا يستخدمون هذا التعبير كرشوة للموظفين الذين يقدمون لهم معاملاتهم، وكنت شاهدا على العديد من هؤلاء البسطاء وهو يقدم أوراقه إلى الموظف المعني عندما يسأله (الموظف) من أي محافظة أنت؟ فيرد عليه: من بوابة النصر. هذه التسمية لم تأت من فراغ، فقد ساد الاعتقاد أن الكثير من أبناء أبين كانوا سببا في تقرير نتيجة حرب 1994م بانحيازهم إلى المنتصرين في هذه الحرب، ولأن كان بعض أنصار النظام من أبناء المحافظة قد حصلوا على بعض المناصب العليا مؤقتا كمكافأة لمواقفهم أثناء الحرب إلا إن هذا لم يدم طويلا. ومع هذا فالمانح والممنوح له لم يكونوا يعلمون أن هذه المناصب لا تعني شيئا للمواطن الذي ينسحق تحت طاحونة الغلاء والفقر والبطالة ويعجز عن تدبير فاتورة الكهربا ووصفة العلاج لطفله المريض، ناهيك عن عجزه عن الحصول على الأمن والأمان وحرمانه من كثير من الخدمات التي اختفت بفضل تحقيق النصر على بوابة النصر وأخواتها. استسهل النظام الأمر وعين لمحافظة أبين مجموعة من الناهبين كمسئولين لإدارة شئونها ولم يفلح هؤلاء (إلا قليل منهم) في تقديم شيء يذكر لأبناء المحافظة مثلما أفلحوا في نشر الفساد ونهب المؤسسات الحكومية وتعميم الرشوة وإفشاء المحسوبية وتشريع سياسة الاستحواذ والاستيلاء على كل ما هو عام، ويعرف أبناء أبين كيف تم نهب التعاونيات الزراعية ومزارع الدولة ، وكيف حصل الاستيلاء على أصول وحدة الإنشاءات المحلية ومؤسسة البناء وفرع شركة التجارة ومؤسسة اللحوم وفرع وزارة الأسماك، ومكتب وزارة الأشغال وغيرها من المؤسسات التي كانت تمتلك من الأصول ما يساوي مليارات، جرى نهبها في وضح النهار ليتحول كل رأسمالها إلى ممتلكات إضافية في أرصدة الناهبين واللصوص. وكما هو ديدن القائمين على شئون هذه البلاد الذي يسترخصون كل من يحسن إليهم، كانت أبين هي الضحية الأولى لتحالف السلطة مع الجماعات المسلحة التي تدعي أنها تعمل باسم القاعدة، فقصة سقوط مدينة جعار، بأيدي هذه الجماعات معروفة ولا تحتاج إلى شرح، كما إن قصة مصنع الذخيرة قد عرفها القاصي والداني عندما جرى تسليم المصنع نهارا جهارا لتلك المجاميع، لتنشب في اليوم التالي مباشرة محرقة التهمت مئات الأجساد البشرية دون أن يرف للسلطة وأنصارها جفن، أما سقوط زنجبار فقد دارت حولها الأقاويل الكثيرة حتى قيل أن محافظ المحافظة الذي وعد المواطنين بمحاربة الفساد واستعادة ما دمره العابثون، قد استنجد بأحد المواطنين لتأمين مغادرته المحافظة بعد أن عجز عن حماية مكتبه، فقط مكتبه، من المسلحين المكلفين بالاستيلاء على عاصمة المحافظة التي سقطت دونما إطلاق رصاصة واحدة، والأهم من هذا هو أن هؤلاء قد عثروا على كنز وفير من الأسلحة والذخائر تكفي لتحويلهم إلى مليارديرات، أو لمحاربة الجيش الرسمي المتصدي لهم لسنوات. الأجهزة الأمنية التي أسقطت يوم 23 يوليو 2009م أكثر من 25 شهيد ومئات الجرحى، لم تستطع أن تقاوم عشرات المسلحين لحماية عاصمة (بوابة النصر) بل انسحبت قبيل وصولهم بساعات، ليدخلوها بسلام آمنين. اليوم تحولت أبين إلى مجموعة من الخرائب التي خلفتها الاشتباكات والقصف المتبادل بين الأطراف المتحابة، وتلك هي مكافأة النظام لأبين وأهلها، كما هو ديدن النظام المتسلط على اليمن منذ ثلث قرن والجاثم على الجنوب منذ 1994م، هكذا يتصدى النظام لمن آزروه ووقفوا إلى جانبه ضد أهاليهم وأبناء جلدتهم، وكأنه يقول لهم: إياكم أن تظنوا بأنكم فعلا قد صرتم شركاء في تقرير مصير البلد،. . . فأنتم لستم سوى أدوات أستخدمها متى أشاء وأستغني عنها عندما أشاء بل وأحطمها عندما أشاء. إنه جزاء سنمار الذي لاقاه ممن أسدى له أفضل الجمائل مع فارق أن سنمار قدم لمليكه تحفة خشي المليك من أن يقدم مثلها لسواه فقطع يديه أما هنا فالخدمة التي قدمها القلة من المحسوبين على أبين للطاغية اشتملت على فتح الأرض والبحر والسماء للوافد الفاتح ليعبث بها كما شاء وكان الجزاء وبالا على البسطاء من أبناء أبين الذين يفترشون اليوم الساحات ويلتحفون السماء بانتظار الفرج الذي لا يأتي على أيدي الجلاوزة واللصوص والسفاحين، بل من خلال ثورة شاملة تطيح بالطغاة وأعوانهم وتستعيد الحق المنهوب من ناهبيه إلى أصحابه الشرعيين. برقيات: * ما يزال أبناء أبين يتذكرون ذلك المسئول الذي استولى على كل المواد الحديدية (المركبات والآليات والحرارات والشيولات، ومخازن قط الغيار وكل شيء حديدي) من ممتلكات المؤسسات الحكومية والتعاونية، حتى صار المواطنون يتندرون، فما إن يشاهدوا أحدهم يحمل مادة حديدية، حتى يقولون له: خبئها حتى لا يراها (المسئول الفلاني ) فيستولي عليها، وكان البعض يسميه "آكل الحديد". * انتقل إلى رحمة الله المناضل المهندس الزراعي محسن مشهور السعدي بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر ناهز السبعين عاما، والمهندس مشهور من مناضلي الجبهة القومية في فترة الكفاح المسلح، شخصية وطنية واجتماعية ومربي فاضل ومحبوب لدى كل من عرفه،. . تغمده الله بواسع رحمته وألهمنا وأهله الصبر والسلوان. أبين الصفح والنما والجلالِ لا تخافي خديعة الاختزالِ لا تهابي مطاحن الكذب مهما حركتها أصابع الابتذال أنت أقوى من النوائب دوما أنت أعلى تفوقا في السجال كنت دوما أبية وستبقي ن مدى الدهر شعلة للنضال سوف تجرين في دمانا دهورا تستعيدين رائعات الخصال سيزول الألى يرومون شرا وتظلين واحة للجمالِ