ان شكل التعبير الجماهيري السلمي العفوي الحر الذي شهدته كثير من العواصم العربية فبما يسمى دول (الربيع العربي ) قد فرض تحديات حقيقية على الوضع العام في تلك الدول ولكن تم احتواء ذلك الشكل بصور مختلفة لانه كان ضمن الدولة الوطنية الواحدة ولكن هذا الشكل من اشكال التعبير الذي نشأ اصلا في الجنوب منذ نشأته وحتى الوقت الراهن لايزال يحتفظ بمبررات وجوده وقد حقق طوال سنوات طويلة العديد من المتجزات على المستوى العام نستطيع ان نذكر منها على سبيل المثال لاالحصر مايلي: 1) زيادةالمنتمين للحراك العام حتى يكاد ان يكون قد شمل جميع الجنوبيين بمختلف فئاتهم وشرائحهم الاجتماعية على امتداد الجغرافيا السياسية المعروفة للجنوب . 2) زيادة الوعي الثوري والحس الوطني الجنوبي بإعتبار ان الجنوب وطن مستقل بذاته بهوية وثقافة خاصتين به تم اكتسابها خلال فترة طويلة من الزمن نتيجة ظروف وتراكمات طويلة عززتها اكثر الدولة الوطنية التي قامت بعد الاستقلال حتى عام 1990م . وبرغم ان ذلك لايعني عدم انتماء الجنوب لمحيطه العربي والاسلامي ولكنه بكل بساطة احد الدول الوطنية القائمة والتي يصعب تجاوزها كحقيقة عاصرناها ونقلناها للاجيال وهناك جيل كامل الان يستعد للتضحية لانه يستشعر معنى الانتماء الوطني للجنوب . 3)القدرة على تقديم صورة حضارية سلمية في المليونيات التي استطاع الحراك تنظيمها بشكل مشرف وعلى مستوى راقي جدا من الحشد والتواجد والتنظيم ولم تخلف تلك الحشود اية مظاهر شغب او تخريب او مظاهر مسلحة كما تردد السلطات بل ان تلك الحشود واجهت بكل سلمبة وشجاعة ارهاب السلطات ولم تنساق للطيش او النزق الذي كان يراد لها ان تقع فيه . 4)الضغط على مراكز النفوذ والدول العشر الراعية للعملية السياسية في صنعاء من خلال استمرار وديمومةالتعبير السلمي الرافض للاحتلال والمطالب بالاستقال واعادة بناء دولة الجنوب الحرة المستقلة مما جعلهم يلتفتون مكرهين الى عدالة ومشروعية هذه المطالب ويعرفون انها ليست مجرد فضية يستطيعون حلها ضمن ماسمي مؤتمر الحوار الوطني . 5) ادى هذا الحراك العام الى الافلاس السياسي والمتطقي للدول الراعية التي صارت تطالب في اكثر من تصريح بان على الحراك ان يتوحد ليتم التعامل معه متناسين ان هذا الحراك العام ليس تنظيماً محدداً يسهل احتواءه او استيعابه بسهوله حيث انه عندما تخرج الجماهير الى الشارع تدفعها المعاناه المشتركة وتشترك في الهدف العام دون ان يدعوها تنظيم معين لذلك فانه من الصعوبة الى درجة الاستحالة جمعها او تمثيلها في اطار كيان محدد مالم يتم بذل جهود كبيرة في سبيل تحقيق ماخرجت من اجله هذه الجماهير وفق اليات معينة وواضحة ونزيهة وبرعاية واشراف دولي . تلك كانت بعض الملامح العامة التي استطاع الحراك السلمي الجنوبي تحقيقها والذي يواجه الان تحديات خطيرة للغاية تتم فبها محاولة خلط الاوراق وارباك المشهد العام في الجنوب واعتقد ان الرهان القادم هو في قدرتنا على الاستمرار في التكتل والاصطفاف النسبي والتمسك بسلمية الحراك وزيادة جرعة العمل السياسي الموازي من خلال قيام تنظيمات نوعية محدده الانتماء ولديها برنامج سياسي يعكس الارادة الحرة للجماهير ويوجهها او العمل على تجذير البنية التنظيمية للمكونات القائمة حتى تستطيع ان تمارس دورها بشكل اكثر ديناميكية وقدرة على الديمومة والاستمرار .