خمسة ابراج لديهم الحظ الاروع خلال الأيام القادمة ماليا واجتماعيا    حلم اللقب يتواصل: أنس جابر تُحجز مكانها في ربع نهائي رولان غاروس    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    تعرف على قائمة قادة منتخب المانيا في يورو 2024    7000 ريال فقط مهر العروس في قرية يمنية: خطوة نحو تيسير الزواج أم تحدي للتقاليد؟    "حرمان خمسين قرية من الماء: الحوثيون يوقفون مشروع مياه أهلي في إب"    انتقالي حضرموت يرفض استقدام قوات أخرى لا تخضع لسيطرة النخبة    فيديو صادم يهز اليمن.. تعذيب 7 شباب يمنيين من قبل الجيش العماني بطريقة وحشية ورميهم في الصحراء    فضيحة: شركات أمريكية وإسرائيلية تعمل بدعم حوثي في مناطق الصراع اليمنية!    أرواح بريئة تُزهق.. القتلة في قبضة الأمن بشبوة وتعز وعدن    حرب وشيكة في الجوف..استنفار قبلي ينذر بانفجار الوضع عسكرياً ضد الحوثيين    المجلس الانتقالي يبذل جهود مكثفة لرفع المعاناة عن شعب الجنوب    عن ماهي الدولة وإستعادة الدولة الجنوبية    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    الوضع متوتر وتوقعات بثورة غضب ...مليشيا الحوثي تقتحم قرى في البيضاء وتختطف زعيم قبلي    رفض فئة 200 ريال يمني في عدن: لعبة القط والفأر بين محلات الصرافة والمواطنين    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    صحفي يكشف المستور: كيف حول الحوثيون الاقتصاد اليمني إلى لعبة في أيديهم؟    مسلحو الحوثي يقتحمون مرفقًا حكوميًا في إب ويختطفون موظفًا    حرب غزة.. المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    شرح كيف يتم افشال المخطط    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    أولى جلسة محاكمة قاتل ومغتصب الطفلة ''شمس'' بعدن    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السينما في 2014 بين الأفلام التجارية والمستقلة
نشر في يافع نيوز يوم 03 - 01 - 2015

لا تزال الأرقام النهائية لمجموع ما حصدته السينما الأميركية والعالمية الأخرى غير متوفرة وتحتاج إلى أسبوع من التمحيص قبل أن تُنشر، لكن لن يكون من المستغرب أن أحد الأفلام الأولى إيرادا بالنسبة لصالات السينما المستقلة (تلك الصغيرة التي تعيش على أفلام بديلة وغير تجارية وليست من إنتاج الصف الأول) سيكون «المقابلة» رغم أنه ليس فيلما مستقلا ولا صغيرا ولا ينتمي إلى الفن الذي يبحث عنه جمهور هذه الصالات بصلة.
لكن السبب هو أن سوني، عندما تمنّعت شركات الصالات الكبيرة التي تهيمن على نحو 80 في المائة من صالات السينما في الولايات المتحدة وكندا عن عرض هذا الفيلم، وجدت في الصالات المستقلة (نحو 450 صالة في المجموع اختارت منها 300) البديل المطلوب. وصالات السينما المستقلة (أو سمّها صالات الفن والتجربة إذا أردت) رحّبت بذلك أيما ترحيب، فحال العروض المستقلة هذا العام لم تكن جيّدة، وإن كانت أفضل قليلا من العام السابق 2013. وهو استمرار للحال ذاته في الأعوام القليلة الماضية عندما انحسرت قوّة الفيلم الأوروبي الوافد بما فيها الأفلام الفرنسية، وتراجع وقع غالبية الأفلام الأميركية المستقلة (تلك التي تُصنع بعيدا عن نظام هوليوود الإنتاجي) على الجمهور المتخصص.
أميركيا الأفلام الأكثر أهمية وجودة من تلك التي تم إنتاجها وعرضها هذا العام تحتوي على 4 أعمال تأتي في المقدّمة وهي «سلما» لآفا ديفورناي، و«ذا غراند بودابست هوتيل» لوس أندرسون و«بيردمان» لأليخاندرو غونزاليس إيناريتو و«صبا» لرتشارد وَتكر. هذه الأفلام هي من بين الأنجح تجاريا بين تلك المستقلة.
وهناك 5 أميركية أخرى قدّرها النقاد الأميركيون وهي «الجوال» لديفيد ميشو و«فقط العشاق بقوا أحياء» لجيم جارموش و«عدو» لدنيس فيلليوف و«زاحف الليل» لدان غيلروي و«سوط» لداميان شازال.
أوروبيا، برزت السينما البريطانية من حيث انتشار الفيلم الخارج عن المألوف التجاري في الصالات عبر الأطلسي ومنها «تحت الجلد» لجوناثان غلايزر و«لوك» لستيفن نايت و«نظرية كل شيء» لجيمس مارش.
ويضاف إليها أفلام أسترالية منها «بابادوك» لجنيفر كنت و«سنوبيرسر» لجون – هو بونغ (إنتاج كوري – تشيكي) و«القلوب الجائعة» لسافيريو كوستانزو (إيطاليا).
عربيا، هناك أمر لافت وربما فريد: غالبية ما يتم إنتاجه من أفلام يمكن تسميته بالمستقل إلى درجة أن المستقل صار هو السائد. هذا ليس عن تجاوب جماهيري ونهضة فنية ضاربة، بل لأن المهرجانات العربية وجوائزها المغرية وصناديق دعمها المجزية صارت مقصدا أساسيا للمخرجين والمنتجين العرب. من ناحية ثانية فإن الأسواق مقفرة فيما عدا المصرية التي ما زالت تقدم على عرض الأفلام التجارية السائدة لكنها تفتح المجال، من حين لآخر، لفيلم معاكس للاتجاهات السائدة عاش طويلا على شاشاتها أو مر عابرا.
لا يمكن والحال كما ورد، إلا ملاحظة أن الأفلام المعروضة في كافّة المهرجانات (ولا بد من التحدّث عنها في مقال منفصل) هي بدورها ضد السائد. في كوريا كما في فرنسا وفي البرازيل كما في إسبانيا وفي العالم العربي كما في آسيا وأميركا اللاتينية عموما، هناك السينما السائدة التي تعرض محليا على وجه غالب وتلك الفنية التي تنتشر بين مهرجانات السينما ولجمهور هذه المهرجانات فقط.
ما يمكن الخروج به من هذا اللفتة صوب حال السينما المستقلة هي أنها منتشرة جيّدا ولو أن الظروف الإنتاجية ما زالت صعبة كما كان عهدها سابقا. ما برهن عليه العام المنصرم هو أن المخرج الذي استطاع شق الطريق صوب جائزة كبرى وبعض النجاح التجاري يسهل عليه تحقيق فيلمه التالي، في حين أن المسافة تتباعد بين أفلام المخرجين الآخرين إلا إذا كانوا ذوي شهرة عالمية وإن كان ذلك لا يعفي أيا منهم من بطء الحصول على التمويل اللازم.
* البديل المختلف
عام 2014 سيكون مشهودا بأفلامه وليس بإنتاجاته. لشرح ذلك علينا أن نفرق بين الفيلم وبين الإنتاج ثم بينهما وبين السينما. الفيلم هو عرض الحال الذي يوفّره المخرج ومن يقف وراءه إلى الجمهور. الإنتاج هو الوضع الشامل الذي يساعد أو لا يساعد المخرج (وذلك يعتمد على المخرج نفسه) تحقيق أعماله. ثم السينما هي الفن الذي تنتمي إليها كل الأفلام وطروحاتها ومشاكلها الإنتاجية والصناعية كما التعبيرية والثقافية.
ومن بين كل ما تم إنتاجه من مطلع السنة وإلى اليوم، يقف فيلم «بيردمان» منفصلا عن سواه. إنه عن ذلك الممثل (مايكل كيتون) الذي يحاول إيقاف الزمن: يدرك أنه من عائلة: «كان ذات مرّة» إذ عرف الشهرة والنجومية والأدوار الأولى وكلها انتهت، لكنه يريد أن يبرهن أنه لا يزال يستطيع أن يفي بفنّه وأن يحقق نجاحا ما ولو عبر وسيط مختلف (المسرح).
ما يتمحور الفيلم عنه، في طي هذا الموضوع هو العالم الذي يولّي والآخر الذي يحل مكانه. ريغان كما يؤديه كيتون (وهو ممثل فات أوانه بدوره وسبق له أن لعب شخصية «سوبرهيرو» إذ كان الممثل الأول تحت قناع «باتمان» في زمن الدجيتال) لا يعرف كيف فيسبوك ولا تويتر وابنته (إيما ستون) تسأله كيف يتوقع أن يعود نجما وهو لا يتعامل مع هذين الوسيطين. والسؤال مقصود فالفيلم يريد تقديم وضع يلخص ما تمر به صناعة السينما اليوم حيث ما ينقل ممثليها من الصفوف الخلفية إلى الأولى لم يعد الفيلم الناجح وحده، بل ما يتبادله ملايين المستخدمين لهذين الوسيطين من أخبار وآراء. الإنترنت بشُعبِه المختلفة هو ذلك الوحش الذي انقض على المشاهد المتلقّي في الثمانينات وأقنعه بأن يتخلّى عن التلقي وينتقل إلى دور الفاعل. بذلك لم يعد مهمّا، إلى حد كبير، ما يقوم الممثل به من أدوار، بل بما يراه الجمهور الجديد مهمّا لديه.
من هذه الزاوية نفهم لماذا أفلام النجوم التي اعتبرت «كبيرة» فيما مضى تتساقط: جوني دب طمح كثيرا هذا العام في «تجاوز» Transcendence لإنجاز فيلم يعود فيه إلى تبوؤ موقعه السابق الذي كان ضُرب بفشل فيلمه «ذَ لون رانجر» (2013). روبرت داوني جونيور اندفع لتمثيل «القاضي» ليتلقّف نجاحا محدودا للغاية (76 مليون دولار حول العالم علما بأن كلفة الفيلم وصلت إلى 50 مليون دولار). هيو جاكمان هو عار من النجاح إذا ما ابتعد عن سلسلة «رجال إكس»، كذلك حال كريس إيفانز بطل «كابتن أميركا» وأول ما يخطو أندرو غارفيلد بعيدا عن «سبايدر مان» سينجز إخفاقا شبيها بإخفاق زميله في ذلك الفيلم جامي فوكس وفيلمه الجديد «آني».
في الواقع فإن السبب الذي يعود فيه جوني دب إلى سلسلة «قراصنة الكاريبي» الذي يتم تصويره حاليا في أستراليا، والسبب الذي من أجله وافق روبرت داوني جونيور على البقاء في ظل «آيرون مان» و«كابتن أميركا» و«شرلوك هولمز» كامن في أنهما يدركان الآن أن نجاحهما الوحيد مرتبط بهذه المسلسلات السينمائية. وهو نجاح لا يجيّر لهما (ولا لأي من الممثلين الذين وقفوا في بطولات أدوار «سوبرهيرو» مشابهة) بل إلى تلك الأفلام التي تتدخل كل سنة لإنقاذ استوديوهات هوليوود من أعراض الإخفاق.
والإيرادات تبرهن على ذلك: 6 من الأفلام الأعلى نجاحا في الولايات المتحدة هي لأفلام مسلسلات. الأفلام الأخرى هي لتلك التي تصلح أن تكون مسلسلات في المستقبل.
ال6 المنتمية إلى مسلسلات هي «ألعاب الجوع: موكينجاي 1» (300 مليون دولار) و«كابتن أميركا: جندي الشتاء» (260 مليون دولار) و«ترانسفورمرز: عصر الإبادة» (245 مليون دولار) و«رجال إكس: أيام المستقبل الماضية» (234 مليون دولار) و«فجر كوكب القردة» (209 ملايين دولار) و«سبايدر مان المذهل 2» (203 ملايين دولار).
الأفلام الطموحة للتجربة ذاتها هي «حراس المجرّة» (أنجز 333 مليون دولار في الولايات المتحدة) و«ذَ ليغو موفي» (258 مليون دولار) و«غودزيللا» (201 مليون دولار).
* حسب الروزنامة
مايكل كيتون ليس وحده الممثل الذي يحاول أن يلتقط وهجا مضى. نجد آل باتشينو في «الإذلال» لباري ليڤنسون في السياق ذاته: ممثل سابق سيعود إلى المسرح لإثبات أنه لا يزال الفنان الكبير الذي جمع المجد من أطرافه سابقا. كلاهما يجد في المسرح الملاذ والفعل المجازي هنا هو أن المسرح لا يزال، إلى حد بعيد جدّا، خاليا من الثورة الرقمية على عكس السينما التي تنهل منها لدرجة بات يُخشى عليها من الاندثار تحتها. مثل هؤلاء الممثلين الذين لا يجرؤون على الانفصال عن أفلام المسلسلات (خوفا من أي يتحوّلوا إلى مايكل كيتون آخر) الأفلام ذاتها التي تخشى أن تفقد جمهورها إذا ما عمدت إلى التخلّي، ولو بمقدار معيّن، عن علاقتها بالمؤثرات الغرافيكية والرقمية.
لكنها ورطة كما سبق وذكرنا سنة 2013 في استعراض ذلك العام وورطة كما لا تزال حاليا. معظم نجاحات الصيف (الذي يبدأ حسب روزنامة هوليوود في الربيع) وغالبية الأفلام المذكورة أعلاه، من بين ما عرض في هذا الموسم العاجق، عليها أن تعتمد على ما يثير الجمهور فيقبل على الصالات، وهذه الإثارة لا يمكن أن تتم عبر الأفلام محض كوميدية أو درامية أو عاطفية أو حتى بوليسية، بل بأفلام السوبرهيروز التي كان منها، فوق ما ذكر آنفا: «سلاحف النينجا المتحوّلة» و«300: صعود الإمبراطورية» و«أنا أصول» I Origins و«هركوليس» و«سن سيتي 2».
لا يعني ذلك أن كل ما يعرض في الصيف ينجح. الواقع أن كل واحد من هذه الأفلام المذكورة هنا سقط أو شارف على السقوط، لكن الكم الأكبر من إيرادات هوليوود لا تزال تحدث في الصيف داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية بعدما تمّت برمجة جداول العروض في العالم حسب الروزنامة الأميركية فإذا ما يعرض في صيف نيويورك ودالاس ونيوجيرسي هو ما يعرض أيضا في صيف لندن وستوكهولم ودبي.
* عقل حاسوبي
هذا من أهم الأسباب التي تجد فيها السينمات المحلية من القاهرة إلى باريس ومنها إلى ريو دي جانيرو صعوبة في تقدّم صناعاتها المحلية. خذ الوضع الأوروبي على سبيل المثال تجد أن عام 2014 استند في نجاحاته الأوروبية على ما دخل تلك الأسواق من أفلام هوليوود. النسبة المبدئية (ما زالت بحاجة إلى إعلان نهائي) تشي بأن 71 في المائة من تذاكر صالات السينما الأوروبية بيعت لأفلام أميركية ما يعني أن أقل من 30 في المائة هو مجمل ما بيع من تذاكر لأفلام أوروبية.
تأثير ذلك في عام 2014 كان أيضا من تبعات الأعوام السابقة لأن ما نشهده هو امتداد لظاهرة صاحبت اعتماد السينما الأميركية الملح على الإمكانات المبهرة وذلك منذ أن اخترق المخرج ستيفن سبيلبرغ موسم الصيف بفيلمه «جوز» Jaws سنة 1975 (قبله وبعده إلى سنوات قليلة كان موسم الصيف موسما تقوم فيه معظم صالات السينما حول العالم بإعادة القديم فقط). هذا ما لا تستطيع الأفلام غير الأميركية توفيره إلا لماما. أحد هذه الأفلام النادرة هذا العام هو «لوسي» الذي أنتجه وأخرجه الفرنسي لوك بيسون من بطولة سكارلت جوهانسن. لكن بيسون في نهاية المطاف هو أكثر المخرجين الفرنسيين تشبّثا ب«الموديل» الهوليوودي وينجز أفلامه حسبه.
«لوسي» من ناحية ثانية، كانت له علاقة وطيدة بفيلم أناريتو «بيردمان». تجد هذه العلاقة في التناقض: بطل «بيردمان» يحاول المستحيل لنجاح خارج إطار الزمن المعاصر. نجاح لا يعترف بالإنترنت وتوابعه. «لوسي»، في المقابل، هو عن امرأة مصنوعة لتواكب العصر. مخّها، حسب الفيلم، جهاز حاسوبي من نوع أوّل يستطيع فعل معجزات غير مسبوقة. وبطبيعة الحال، نجح «لوسي» بين الجمهور أكثر مما نجح «بيردمان» ما يؤكد أن النجومية باتت اليوم أيضا من منتجات هذه المؤثرات بأكثر من طريقة.
* الروس ينتقدون
بالحال هذه، فإن ما يرفع من مستوى السينما لا يزال تلك الأفلام المختلفة عن السائد. والعام بدأ وفيرا في هذا الصدد. وكالعادة فإن مهرجان برلين هو المهرجان الكبير الأول الذي يطالعنا بما ينقذ ذواتنا من الانصهار في أتون سينما الأكشن المجرد وهذا العام لم يكن مختلفا في هذا الصدد. الفرنسي ألان رينيه عرض آخر أعماله: «حياة ريبلي» ثم رحل. السينما الألمانية قدّمت فيلمين جديرين هما «محطات الصليب» لديتريتش بروغمان و«الشقيقتان المحبوبتان» لدومينيك غراف. ورشيد بوشارب عرض آخر أعماله «رجلان في البلدة» بنجاح محدود لكن «البيت الصغير» للياباني يوجي يامادا عوّض الباحث عن سينما تريد قول شيء مفيد ومختلف كذلك سودابه مرتضاي (نمساوية من أصل إيراني) التي قدّمت فيلما جيّدا عن الإسلام وجاليته في «ماكوندو» (يلتقي ذلك بموضوع في «رجلان في البلدة» إلى حد).
صحيح أن لجنة التحكيم وجدت في الفيلم الصيني «فحم أسود، ثلج رقيق» استحقاقا للجائزة الأولى وهو الأمر الذي يبدو أقرب إلى لطخة في دورة هذا العام من برلين، إلا أن مهرجانا عرض اثنين من أهم أفلام السينما الأميركية المستقلة هذا العام، وهما «صبا» لرتشارد لينكلتر و«ذَ بودابست غراند هوتيل» لا يمكن إلا وأن يفوز بالأولوية بين المهرجانات الأخرى.
الفيلم الفائز بذهبية مهرجان «كان» السينمائي بعد أشهر قليلة كان الفيلم التركي «سبات شتوي» لنوري بيلج شيلان. مثل الصيني الذي أخرجه دياو يينان، عليك أن تكون رحب الصدر لتقبل هذه النتيجة على هنّاتها. لكن هل عرف المهرجان الفرنسي عملا خارقا هذا العام؟
الفيلم الذي كان عليه أن ينال الذهبية في «كان»، حسب آراء كثيرين هو الفيلم الروسي «حوت» («ليفيثيان») لأندريه زيغنتسف. من ناحية هو فيلم جريء في طرحه النقد السياسي الموجّه لروسيا اليوم، من ناحية أهم هو أكثر شغلا ودراية وعمقا فنيا من أي شيء عداه. وهو واحد من أفلام مشابهة تم تحقيقها ضمن الهدف ذاته من بينها «الغبي» ليوري بيكوف (مهرجان لوكارنو أولا) و«الليالي البيضاء لساعي البريد» لأندريه كونتشالوفسكي (فينيسيا) و«تجربة» لألكسندر كوت (أبوظبي).
* مواضيع شائكة
عربيا، بات مهرجانا أبوظبي ودبي محجة الباحث عن أفلام جيّدة تؤويه من ظلمة الأيام العصيبة. لولاهما، نقول ذلك بقدر كبير من الواقعية، لما كان من الممكن لهذه السينما أن تنمو على النحو الحاصل. الحذر الذي كان بدأ ينتاب الجهات الأوروبية حيال تمويل شبه مفتوح لمواهب عربية، وهو الحذر الذي لاحظناه في نهاية عام 2013 استمر. صناديق الدعم الإماراتية والقطرية باتت المعيل الأول. الجوائز الممنوحة في مهرجاني أبوظبي ودبي (وإلى حد قطر) وتلك التي تتبرّع بها مؤسسات ثقافية واقتصادية أوروبية بمناسبة هذا المهرجان أو ذاك، باتت المعيل الفعلي الذي يمكن كاتب السيناريو والمخرج من تحويل المشروع إلى فيلم. عدا ذلك، عليه أن يعتمد على المنتج الخاص الذي لا يتبرّع بل يخوض ما يراه مضمونا.
وفعل الضمانة غير موجود. في الحقيقة الالتباس الحاصل في هذه السنة خلال هذا العام لا يزال على ما هو: مع غياب أسس الصناعة (إنتاج، توزيع، جمهور) كيف يمكن لمثل هذا الدفق من الأفلام أن يتم؟ ما الغاية منه؟ ما الذي يستفيده الفيلم الذي ينتهي بعد عرضه إذا لم ينل توزيعا محليا أو عالميا أو جائزة تعوّض بعض تكاليفه؟
الكلام مسحوب على جميع الإنتاجات بما فيها المصرية رغم أن وضعها التجاري لا يزال أفضل منه في معظم الدول الأخرى. في عام 2014 استطاعت هذه السينما الأقدم عربيا إنتاج 34 فيلما في حين اكتفت المغربية بنحو 22 فيلم. باقي الدول المنتجة عادة (لبنان، العراق، الأردن، سوريا، فلسطين، الجزائر، الكويت، تونس، اليمن، البحرين) تراوحت إنتاجاتها بين الفيلم وال7 لكل منها (نتحدّث عن الأفلام الروائية أو التسجيلية الطويلة وليس القصيرة).
وحاولت السينما المصرية التطرّق لمواضيع حادّة في أفلام واجهتها الرقابة بحزم مثل «الملحد» لنادر سيف الدين (الدين) و«أسرار عائلية» لهاني فوزي (المثلية) و«حلاوة الروح» لسامح عبد العزيز (الجنس) لكن الغالب بقي أفلام الأكشن والكوميديا مثل «الحرب العالمية الثالثة» و«الجزيرة 2» و«الفيل الأزرق».
ليس من بين هذه الأفلام ما هو أعلى مما يرغب فيه الجمهور السائد. لكن مهرجان القاهرة، الذي عاد برئاسة قوية لسمير فريد، عرض عملين بارزين فنيا (ولو أن ذلك لا يعفي أحدهما من الهفوات) وهما «ديكور» لأحمد عبد الله و«باب الوداع» لكريم حنفي. بينما فاز مهرجان دبي بفيلم أحد المخضرمين الجادين وهو «قدرات غير عادية» لداود عبد السيد بينما ذهب «القط» لإبراهيم البطوط إلى أبوظبي. كلاهما خرج من دون جوائز.
* الوضع الماثل
لكن في حين أن السينما المصرية عرفت كيف تحافظ على الكم في الوقت الذي تتقدم فيه خطوات إلى الأمام بفعل رغبة بعض مخرجيها الخروج من النمط والتقليد، نجد أن السينمات العربية الأخرى توزّعت معالمها في اتجاهات متعددة ولو أنها فاعلة.
بعض هذا التفعيل ما زالت له علاقة بالأوضاع السياسية والأمنية السائدة في بعض أرجاء هذا العالم العربي. هذه منحت الفرصة لأكثر من مخرج لكي يطرح الحاضر والماضي معا. لا حديث عن المستقبل.
في الشأن السوري المهدور شاهدنا «مياه الفضّة» لأسامة محمد و«العودة إلى حمص» لطلال الدركي و«رسائل إلى اليرموك» لرشيد مشهراوي و«من غرفتي» لحازم الحموي. كلها تفي بالغرض في اتجاهات شتّى، لكن أكثرها التزاما بالسعي لتمكين فن الصورة من قول كلمته هما «العودة إلى حمص» (عن بداية الثورة قبل أن تميد بها العواصف) و«من غرفتي» عن الرسم كتعبير عن الحالة الحاضرة. «رسائل إلى اليرموك» و«مياه الفضّة» يشتركان في أن تنفيذهما معدّ بواسطة الكومبيوتر: مراسلات من الداخل يولّفها المخرجان مشهراوي ومحمد ويعطيانها وجودا فيلميا.
وفي حين أن الوضع العراقي لم يأت بجديد إلا أن 3 أفلام برزت من هذا «اللا – جديد» هي «أوديسا عراقية» للمخرج سمير (كما يكتفي بذكر اسمه) و«صمت الراعي» لرعد مشتت و«ذكريات على حجر» لشوكت أمين كوركي.
فلسطينيا، لازمت الأفلام رغبتها في الإعلان عن مواقف ولا يمكن لومها على ذلك كون الواقع على الأرض ما زال كما هو. لكن المخرجة سها عراف هي الأكثر ابتعادا عن المألوف هذا العام إذ التزمت بخط درامي يقع في نطاق الطائفة المسيحية من دون الدخول في تفاصيل الوضع القائم. بذلك ضمنت التركيز على الوضع من دون شحنات سياسية على عكس ما أقدمت عليه نجوى النجار في «عيون الحرامية». فيلمان عن فلسطينيين يرفضون قيام السلطات الإسرائيلية بانتزاعهم من بيوتهم هما «روشميا» لسليم أبو جبل و«قهوة لكل الأمم» لوفاء جميل والثاني أفضل من الأول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.