الوزير الزعوري يبحث مع السفير بن سفاع تحديات العمل الخيري في بلادنا    محافظ العاصمة عدن يبحث مع نائب وزير الأوقاف تطوير قطاع الأوقاف و والإرشاد    ذمار .. مدارس اليمن الحديثة تحيي ذكرى المولد النبوي الشريف    مليشيات الحوثي تدمر المعالم الثقافية في الحديدة وتحوّلها لمصالح خاصة    محافظ شبوة يزور ملعب الفقيد الخليفي ونادي التضامن الرياضي    منسقية انتقالي جامعة حضرموت تناقش تقارير الأداء للنصف الأول من العام الجاري    أبين.. طائرة مسيرة تستهدف نقطة عسكرية بمودية    مساعدات إماراتية تنتشل شبوة من أعباء حرب الخدمات    وفاة ثلاثة أطفال وفتاة بصاعقتين رعديتين في تعز والمحويت    البيض يحذر: القرار السيادي في اليمن مُصادر والتحالفات تتبدل والخرائط قد ترسم بمداد غير يمني    العليمي والمعبقي يحاربون الجياع برفع الدولار الجمركي من 750الى 1400    وزارة الإعلام تدشن خطة التغطية الإعلامية لذكرى المولد النبوي    باريس سان جيرمان يتعاقد مع المدافع الأوكراني زابارني    مكتب الزكاة بذمار يستعد لتدشين فعاليات ذكرى المولد    السعدي :أمن وسلامة ممرات الملاحة ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والازدهار    ارتفاع شهداء الدفاع المدني في قطاع غزة إلى 137 شهيدا    باريس يستبعد دوناروما من قمة السوبر الأوروبي    قرار حكومي يحظر استخدام العملات الأجنبية بديلاً عن العملة المحلية    أهلي تعز يهزم التعاون ويتصدر مجموعته في بطولة بيسان    حكومة التغيير والبناء .. عام حافل بالعطاء والإنجاز رغم جسامة التحديات    بعد بدء رفعه تدريجياً في صنعاء.. مصدر يكشف عن توجه مالية عدن لرفع قيمة الدولار الجمركي    الغرفة التجارية بالأمانة تكشف عن رفع الرسوم الجمركية على بعض البضائع وتؤكد عدم قانونية الرفع    الأرصاد يتوقع هطول أمطار متفاوتة الشدة ويحذر من العواصف الرعدية    الصين تعلّق الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية لمدة 90 يومًا    القوات الروسية تستهدف المجمع الصناعي العسكري ومراكز تصنيع الطائرت الأوكرانية المسيرة    50 شهيدا بقصف منازل واستهداف منتظري المساعدات في غزة    مجموعة هائل سعيد وشركة النقيب خفضوا الأسعار مرتين.. لأنهم سرق ونصابين    صحفي يمني يكتب: أحمد العيسي رجل الدولة العميقة، الذي صادر الدولة!    عاجل.. وحدات الدعم والإسناد الحربي بالقوات الجنوبية تدك تجمعات حوثية شمال الضالع    ورشة عمل تشاورية لتعزيز الوصول الشامل للأشخاص ذوي الإعاقة إلى المرافق الخدمية    شبكة ستارلينك: أداة تجسس أمريكية إسرائيلية تهدد أمن اليمن    لماذا لا يفوز أشرف حكيمي بالكرة الذهبية؟    موقع بريطاني يؤكد تراجع نفوذ لندن في البحر الأحمر    محاولات سلخ حضرموت عن هويتها الجنوبية    تكدّس النازحين اليمنيين بالملايين في عدن سيدفع الجنوبيين ثمنه غاليا أو مستحيلآ    من حبريش يقطع الوقود عن المكلا وسيقاتل لوصوله للعسكرية الأولى(وثيقة)    لماذا يستهدف وزير الإصلاح "حيدان" كفاءة عدنية عالية المهارة والإخلاص    أمن مأرب.. الإنجاز الجمهوري الفريد    افتتاح معرض تشكيلي في صنعاء يجسد صمود غزة    القرعة تضع تضامن حضرموت في المجموعة الثانية ببطولة الخليج للأندية    مركز تجاري في عدن يعرض تخفيضات هي الأقوى والأرخص ولم تشهد عدن واليمن مثل هذه التخفيضات منذ سنوات    محمد تصحيح: عازمون على تحقيق الفوز الأول وإسعاد جماهير الرشيد    فرصة إمام جامع وضيعتها    شرطة المرور تدعو مالكي الدرجات الكهربائية الاستعداد لهذا الامر!?    النائب العام يوجه بحملات مشددة لمراقبة أسعار الأدوية وضبط المخالفين    مناقشة آليات التعاون بين وزارة الاقتصاد وهيئة الابتكار في مجال توطين الصناعات    كريستال بالاس يخسر استئناف «كاس»    فيديو وتعليق    قصر شبام حضرموت النجدي بين الإهمال والخطر    اكتشاف مستوطنة نادرة على قمة جبل في بيرو    بينهم أنس الشريف.. استشهاد 6 صحفيين في قصف إسرائيلي في محيط مجمع الشفاء    5 أخطاء تحول الشاي إلى سم    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    وصية الشهيد الإعلامي أنس الشريف ابن فلسطين درة تاج المسلمين توجع القلب    وجع بحجم اليمن    شكراً للفريق السامعي الذي ألف بينهم    علماء يكتشفون أن نقص عنصر غذائي "شائع" قد يسبب الزهايمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسماء
نشر في يافع نيوز يوم 01 - 04 - 2016


د. سلمان بن فهد العودة
تعلُّق (قيس بن الملوح) ب(ليلى العامرية)؛ من الأخبار والقصص العجيبة الثابتة تاريخياً؛ كما ذكر الذهبي في السير والمؤرخون..
يُروى أن والده حجَّ به لعله يرعوي ويفيق، فسمع وهو بمنى رجلاً ينادي بنته: يا ليلى.. فصاح قائلاً:
وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنىً فَهَيَّجَ أَشْجَانَ الْفُؤَادِ وَمَا يَدْرِيْ
دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِراً كَانَ فِيْ صَدْرِيْ
وكانت عشيقته ليلى العامرية، وكان يحب ترديد اسمها ويقول:
وَلَما تَلاقَينا عَلى سَفحِ رامَةٍ وَجَدتُ بِنان العامِريَّةِ أَحمَرا
ولا تكاد قصيدة من قصائده تخلو من ذكر اسمها.
الإنسان يحب الشخص فيحب الاسم، ويحب كل مايتصل به، ولذا خلّدت البشرية أسماء الأنبياء والعظماء والأبطال والمبدعين، ولكنها خلّدت أيضاً -ولكن بالذم- أسماء المجرمين والقتلة والطغاة..
{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا} (31:البقرة)
علَّم تعالى آدم أسماء الأشياء وألهمه توليد الأسماء، وفكرة التسمية ذاتها، فلو لم يكن للأشياء أسماء فكيف نعرفها وكيف نحددها للآخرين؟ سنكون مضطرين لجلبها والإشارة إليها، وكيف لنا بجلب البحر أو القمر أو الصحراء أو الأموات؟!
ولذا صرنا نسمي كل شئ حتى الشوارع، والبيوت، والغرف، والقطط، والأشجار، وما لا يحتاج إلى أسماء؛ لأن فكرة التسمية تريحنا من عناء طويل!
بعضهم يقول: علم آدم أسماء كل شيء، والأقرب: أنه علّمه أسماء الأشياء المتاحة المتوفرة عنده، وأهمها أسماء الله الحسنى، ومنها معرفته باسم نفسه، ومعرفته باسم حواء؛ لأنها خلقت من حيٍّ؛ كما قال ابن عباس، وابن مسعود.
معرفة الأسماء ليست منشطاً صوتياً لغوياً فحسب، لا؛ هي منشط إدراكي معرفي يعني القدرة على معرفة خصائص الأشياء، ووظائفها، ومكوناتها، والفروق بينها، فهي معرفة تقوم على أساسها الحضارة، وواضح أن هذا التعريف هو لتأهيل آدم للخلافة في الأرض.
معرفة الأسماء تقتضي معرفة الدلالة واللغة والقدرة على تخيل الأشياء وتصورها، وعلى النطق بحروفها وأسمائها.
نجح آدم فيما عجزت عنه الملائكة، واعتذرت بأنه لا علم لها لأن الله لم يُعَلِّمْها.
إدراك آدم للأشياء التي حوله والمتعلقة بالخلافة في الأرض تفصيلي، وإدراك الملائكة كُلِّي أو تعميمي غير قادر على معرفة التفاصيل ولا على مواجهة التحديات وحل المشكلات، فهي ميزة آدمية وفضيلة بشرية واصطفاء ربّاني، ولذا تولى آدم مهمة إخبار الملائكة بأسماء الأشياء!
ولذا كانت الموسوعية والمعرفة متصلة بحفظ الأسماء وإدراك معانيها، والذين يحفظون أسماء الناس ومعلوماتهم هم الأكثر قرباً منهم وتأثيراً فيهم.
معظم كلامنا أسماء والباقي روابط بين الأسماء، ولذا كان أول ما نطق به آدم: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
وحين نقول: الكلام اسم وفعل وحرف، فهذا يحتمل أن الاسم هو الأصل، وأن الأفعال والحروف مشتقة منه، والأفعال صادرة عن أشخاص، والحروف روابط..
حين أخبرني طفلي بأنه يحفظ أسماء صغار الغنم والإبل والبقر و و و انبهرت من ذاكرته، وأدركت أنه يتكلم بمعلومات صحيحة، ولكني لم أحفظ تلك الأسماء (راجع في قوقل أسماء صغار الحيوانات والطيور وألقابها عند العرب).
اسألنا نحن الفلاحين عن التمر نعطيك أسماء أنواعه، وخصائص كل نوع، وما نطلقه عليه في كل مرحلة، واسم الرطب واليابس منه، واسم المتفرّق والمتجمع.. بينما عامة الناس عندهم تمر وبس.
واسألنا نحن البدو عن المطر، وأشجار البادية ونباتاتها، وهوامها وحيواناتها..
اذهب لليابان تجد عندهم معرفة أسماء المخترعات؛ كما قال "حافظ إبراهيم" عن اللغة العربية:
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
اذهب للإسكيمو في المناطق القطبية تجد عندهم مئات الأسماء للثلج والجليد بينما لا يعرفون من الألوان إلا الأبيض والأزرق؛ لأنهم قلّما يرون الشفق.
الأشياء التي نحفظها من التاريخ هي عبارة عن أسماء؛ اللغات، المدن، حتى النظريات تحوَّلت إلى أسماء؛ هذه نظرية إنشتاين، أو نظرية فيثاغورس، المباني تحولت إلى أسماء فهذا قصر الخورنق، والسدير، والحضر، والمصمك.. وأسماء المعارك، والدول، والأيام، والسنين، والكتب، والمدارس.. إلخ
أكثر حالات الجدل الدائم مرتبطة بأسماء، وأنت قد تلغي شخصاً بجرة قلم دون أن تُكلِّف نفسك عناء أن تقرأ عنه أو تبحث أو تتأكد من شخصيته، ويمكن أن ترفع شخصاً دون أن تبحث عنه؛ لأن الجدل يتمحور حول إنسان ممثل ب(اسم)..
ذات مرة كنت أبحث عن (ابن تيمية)، وضعت اسمه في قوقل فوجدت شيئاً مرعباً مذهلاً؛ المؤيّد، والمعارض، والمحب، والمبغض، والذي يعتبره من أعظم الأولياء، وأكبر العباقرة، والذي يحاول أن يخرجه من الإسلام.. وجدل في تفاصيله بحيث تحس أنك لا تقرأ عن شخص يرقد في قبره منذ ثمانمائة سنة، وإنما عن حيٍّ حاضر له دوي أكثر بكثير من عامة الأحياء!
الإيمان، الحب، التفاؤل، الأمل، الرضا، السلام، السعادة، الإحسان، التسامح..
التكفير، التخوين، التحوين (وصف الناس بالحيوانية)، التنفيق (اتهام الناس بالنفاق)..
أكثر الكلمات تأثيراً في أشخاصنا وتحديداً لوجهتنا وصياغة لمجموعاتنا.
أجمل الأسماء عندي "محمد وعبد الله"، أول ولد لي سميته (معاذا)؛ لأني مذ كنت طالباً في الثانوية أحب التكني ب(أبو معاذ)، ونشرت قصائد مبكرة باسم (أبو معاذ الخالدي).
ابني عبد الرحمن فقدته في حادث سيارة -جعله الله شفيعاً وشهيداً- ثم سميت آخر على اسم المولود الأول (عبد الرحمن)، وأحس بأني أحمل له مشاعر الابن الأول ذاتها، وأقرأ في شخصيته ملامح ذاك الراحل!
وهو من الأسماء الفاضلة، فخير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، وكذلك أسماء الأنبياء حيث قال -عليه الصلاة والسلام- : « وُلِدَ لِىَ اللَّيْلَةَ غُلاَمٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِى إِبْرَاهِيمَ »، فسمّاه إبراهيم، وكان بنو إسرائيل يسمون بأسماء أنبيائهم وصالحيهم، والتسمية بأسماء الآباء جيد حين يكون نوعاً من البر.
قصة تغيير اسم الإنسان إذا أسلم ليس لها أصل إلا في حالة ما إذا كان الاسم معيباً فيتم تغييره، وإلا فالسنة بقاء الأسماء على ما هي عليه، وتغيير أسماء من أسلموا من غير العرب بأسماء عربية، قد يفضي إلى تحويل الدين في نظرهم إلى دين عربي خاص بالعرب، ممايصنع فجوةً بينه وبينهم، وهي عقبة نضعها في طريق من يريد الإسلام.
وبعضهم يتسمى بما لا يحسن أو لا يجوز مثل من تسمّى ب"سبحان الله وبحمده"، أو بنت سماها أهلها "زانية"! لأنه لفظٌ عربي موجود في القرآن الكريم دون أن يفقهوا معناه.
أعظم المعرفة وأنفعها معرفة الله، الله المفردة التى انتظمت المعجم كله، الله الاسم الذي نقوله فتتحول الصحراء إلى حديقة، والعطش إلى ري، والفقر إلى غنى، والهزيمة إلى انتصار، والضيق إلى سعة، واليأس إلى ثقة، والموت إلى حياة..
كيف السبيل إلى معرفته وقربه ومناجاته إلا بمعرفة أسمائه، وله من الأسماء ما لا ينحصر ولا ينتهي، وما لا يعرفه ملك مقرب ولا نبي مرسل، فاللهم لك الحمد لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك..
ومن أسمائه (99) اسماً وردت في الكتاب والسُّنة مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ!
طريق آدم في العودة إلى الجنة يمر عبر أسماء، والجنة ذاتها لها أسماء فهي: الجنة، وجنة الخلد، وجنة المأوى، وجنات عدن، وجنات النعيم، وجنات الفردوس، والحسنى، ودار السلام، ودار المتقين، والغرفة، ودار المُقامة، ودار القرار، والمقام الأمين، ومقعد الصدق، وقدم الصدق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.