لست مهتما بهوية وأسماء المشايخ الذين شملهم قرار محافظ تعز، بغضّ النظر عن كون بعضهم قد عفا عليهم الزمان وشرب، لكن ما أهتم به هو تعزالمدينة والناس والثقافة والسلوك والثورة ومؤسسات الدولة التي داس عليها جميعا المحافظ بقراره دون حتى قليل من الخجل. خُدِعنا في البداية بمدنية وتميّز ونجاح مجموعة هائل سعيد أنعم، وكان يفترض بنا حينها أن نساوي أصابعنا وسنكتشف أنها غير متساوية البتة، فشوقي ليس كوالده أو جده الراحلين -رحمة الله تغشاهما- ولا يمكن أن يكون كأعمامه عبد الواسع وعبد الجبار وغيرهما، وأي فشل له في إدارة المحافظة يتحمّله وحده ولا علاقة لبقية الناجحين والمتميّزين والخيّرين والمدنيين به، حتى يتحملوا مسؤولية فشل أحدهم.
فالأستاذ شوقي الذي انغمس في ثقافة وسلوك وممارسات وأساليب وأدوات الرئيس السابق ونظامه البائد ما كان ينبغي علينا أن نعوّل عليه في النجاح للدفع بمدينتنا، وهي مدينته أيضاً، خطوات نحو الأمام والتنمية والأمن والاستقرار، وليس كما حصل منذ توليه قيادتها من تدهور مريع علقه على شماعات السعيدي والمخلافي وسرحان والإصلاح والمشترك.
انتظرنا أن ينجز مشروع تحلية مياه البحر ليشرب أبناء المدينة العطشى، فسقاهم أحلاما وطموحاتٍ وأوهاما، ولم يكلف نفسه أن يتخذ خطواتٍ لتهيئة الجو لإسقاطها حتى كخُطط على الورق.
تطلّعنا إليه كعنوان لتعزيز سيطرة مؤسسات الدولة وإعادة الهيبة للنظام والقانون، فخذلنا بإحلال مؤسسة مشيخية بدلا عن ذلك وسماها مجلس استشاري، وداس حتى على الديكور المعروف وهو "المجلس المحلي"، الذي يتشكّل في الغالب من ذات المشايخ أو أقاربهم أو أشياعهم.
ووصل إلى درجة العودة إلى ثقافة الستينات والسبعينات المجرِّمة للحزبية والمخوِّنة للصحافة والإعلام، فيما أن من أهم ركائز الدولة المدنية هو مؤسسات الدولة وسيادة النظام والقانون والتعددية الحزبية وحُرية واستقلالية الإعلام.
نصحناه والكثيرون من الحريصين عليه وعلى تعز من البداية أن يتخلّص من طاقم المحافظ السابق ويخلع قميصه المتعصّب للنظام السابق وأدواته ووسائله، فكان رده مجلساً مشيخياً لمحافظة تعز المدنية، ليردد الجميع في تعز: "ارحبي يا جنازة فوق الاموات".
آخر تقليعاته -سامحه الله- هو الإعلان عن تشكيل عشرات اللجان الشعبية لحماية أحياء مدينة تعز، مبرراً ذلك بضعف الأجهزة الأمنية التي سعى من البداية لإضعافها حينما علق شماعة فشله بالعميد علي السعيدي، بدلاً عن تحديد الاختلالات ومعالجتها بقرارات وتحسين أوضاع منتسبي الأجهزة الأمنية ليقوموا بواجبهم المفترض.
وفوق ذلك، ها هو يدعم التمرّد على قرارات وزير الكهرباء الذي هو عضو في حكومة الوفاق الوطني التي يعمل الأستاذ شوقي ضمن الجمهورية التي تديرها ذات الحكومة ويقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي.
هي أعلى درجات الاستغباء لليمنيين عامة ولأبناء تعز خاصة الذين يحملون معاول الهدم لأي سلطة تتعارض مع سلطة الدولة والنظام والقانون في كل محافظات البلاد، ويتعرضون لصفعة في عُقر دارهم، ومن الممثل القدير شوقي الذي تقمص دور المدني محمد بن راشد آل مكتوم، وهي فضيحة تتبرأ منها تعز كما تتبرأ منها مجموعة "هائل سعيد" الرائدة.
لم نعد نحلم بدبي ولا حتى عجمان، فقط على شوقي أن يترك لنا تعز كما كانت شعلةً للثورة وعنواناً للمدنية ورمزاً لمتبتلي النظام والقانون ومحراباً لعُشاق دولة المؤسسات والديمقراطية والشفافية.
غالطنا أنفسنا وصدّقنا كلمتين قالهما عن الثورة وشباب الثورة بعد توليه منصب المحافظ، رغم طعناته في ظهر الثورة وشبابها خلال عام 2011، وتناسينا كل ذلك وكانت مجموعة هائل هي الحاضر الأكبر في طموحاتنا وأحلامنا، وليس واحداً من رجالاتها الذين هم بالعشرات، وابتلعنا الطُّعم لأجل المجموعة الناجحة والمتميّزة والرائدة، وجرجرنا المبررات غصباً عنّا للتخلص من آثامه الشخصية وللتداوي من جروحه وطعناته، لكنه أبى إلا أن يستمر في تدمير مدينته وسُمعته في آنٍ واحد.
ما كان أغناه نجل الحاج أحمد وحفيد الحاج هائل -رحمة الله عليهما- عن أن يسيء لذكراهما المدنية العطرة، ويستل خنجره لطعن المدنية ودولة المؤسسات والنظام والقانون في عُقر مدينتهما الغالية التي بادلاها الوفاء بالوفاء والحب والعمل والتنمية والذكرى الطيّبة.