أدى الملايين من اليمنيين أمس صلاة جمعة " هيكلة الجيش مطلبنا " في عموم محافظات الجمهورية مطالبين بسرعة هيكلة الجيش على أسس وطنية ومهنية, بحيث يتبع مؤسسة الدفاع بعد أن ظل يتبع شخصيات معينة طيلة السنوات الماضية. وتعتبر هذه الجمعة هي الجمعة الأولى بعد تقلد المشير هادي مهامه رئيساً للجمهورية اليمنية خلفاً لسلفه علي عبدالله صالح, وشعار الجمعة الماضية هو الهدف الثاني للثوار في الساحات بعد رحيل صالح. وكان الرئيس هادي قد اصدر مساء الخميس الماضي قرارات جمهورية قضت بتعيين اللواء سالم القطن قائداً للمنطقة العسكرية الجنوبية وقائداً للواء 31 مدرع بدلاً من مهدي مقوله الذي تم تعيينه نائباً لرئيس هيئة الأركان العامة للقوى البشرية, وكذلك تعيين المهندس وحيد رشيد محافظاً لعدن وتعيين العميد صادق صالح حيد خلفاً للعميد غازي احمد علي محسن, وهي قرارات وصفها البعض بالجوهرية. وتأتي هذه القرارات بعد توجيه الاتهام للقيادات الأمنية في عدن وعلى رأسها مقوله وغازي بعرقلة الانتخابات, إضافة إلى التسبب في الانفلات الأمني الذي شهدته مدينة عدن, كما وجهت عدداً من الاتهامات لمهدي مقوله من العميد الصوملي قائد اللواء25 ميكا المرابط في زنجبار بالتواطىء مع القاعدة من خلال عدم دعم الجيش المحارب للقاعدة هناك. وينظر الدكتور محمد قاسم الغزالي إلى أن إقالة مهدي مقولة من قيادة المنطقة الجنوبية الهدف منه التهدئة وخصوصاً في عدن, معتبراً التغيير غير جوهري الا انه قال انها خطوة طيبة تأتي استجابة لبعض الأطروحات والمطالب السياسية والشعبية, مضيفاً أن عملية الهيكلة عملية كبيرة وقد تستغرق بعض الوقت. وتوافقه في الرأي الدكتورة سامية الاغبري - الأستاذ المساعد بكلية الإعلام قسم الصحافة - جامعة صنعاء التي قالت ان قرار الرئيس هادي باقالة مقولة من قيادة المنطقة الجنوبية يعتبر خطوة ايجابية, ولكن لايعول عليها كثيراً في عملية الهيكلة, معتبرة المسألة ليست متعلقة بأشخاص بقدر ماهي متعلقة بتغيير سياسات, منتقدة قرار تعيين مقوله نائب لرئيس هيئة الأركان للقوى البشرية مبررة ذلك بان الأشخاص الذين انتهكوا حقوق الإنسان او لهم علاقة بقضايا فساد يجب ان لايرقوا الى مناصب عليا, وقالت ان الخطوة مشجعة, ولابد ان تتبعها هيكلة اساسية, وان يكون لوزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة صلاحيات واسعة في تغيير أو إقالة قادة الألوية. ويرى الصحفي عبدالله عاتق السوادي رئيس تحرير موقع البيضاء نيوز أن إقالة مقولة ثمرة من ثمار الثورة الشبابية الشعبية التي سقط فيها المئات من الشهداء, وانه احد أركان الفساد الذين كانوا وراء تأجيج القضية الجنوبية وإثارة العديد من المشاكل في المنطقة الجنوبية وخصوصاً في محافظة عدن, مشدداً على إقالة الفاسدين في الجيش حفاظاً على سمعة المؤسسة العسكرية. ويذهب بعض المحللين إلى ابعد من ذلك حيث يقولوا ان اقالة قائد المنطقة الجنوبية هو تفخيخ لهيكلة الجيش وخطوة استباقية في عملية اعادة بناء الجيش على اسس وطنية, بينما يرى البعض الاخر ان اقالة مقولة يثبت جدية الحكومة في محاربة تنظيم القاعدة, وخصوصاً ان هناك توجهات لتصفية مدينتي زنجبار وجعار من اعضاء تنظيم القاعدة, وان بقاء مقوله في منصبه قد يعيق العملية بشكل كبير. وبحسب بعض المصادر في صنعاء فإن تحالفات جديدة سعي إليها هادي منذ توليه الحكم بهدف كسب حلفاء جدد على الأرض بالمحافظات الجنوبية، لتسهيل مهمة إنجاح مؤتمر الحوار الوطني، الذي ستشارك فيه جميع الأطراف السياسية والثورية، باستثناء بعض فصائل الحراك التي أعلنت مقاطعتها، وسيناقش ملفات عديدة أبرزها القضية الجنوبية وملف الحوثيين في صعدة. ويشير مراقبون إلى أن تحركات هادي منذ توليه منصب الرئاسة تؤكد أولوية لديه في إيجاد حلول ومعالجات للاحتجاجات بالجنوب، والتي بدأت عام 2007 على شكل حركة سلمية، قادتها جمعيات المتقاعدين من منتسبي الجيش والأمن، ثم تحولت إلى حركة سياسية تنادي بالانفصال وتأسيس دولة الجنوب كحد أعلى، وإعادة تنظيم الدولة على أساس فدرالي كحد أدنى. وكان أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان قد قال في مقابلة سابقة له ان على الرئيس عبدربه منصور هادي بأن لا يتخذ قرارات سريعة لأنه بهذا التفويض الشعبي الكبير عليه أن يواصل قراءة الوضع بشكل عام وينتقل مع القوى الأخرى إلى وضع إستراتيجية لمواجهة القادم.. مضيفاً نحن لدينا خارطة طريق بناء على المبادرة الخليجية وآلية التنفيذ التي وضعها اليمنيون.. وقد انتهى الجزء الأول منها وعلينا أن نبدأ الجزء الثاني، معتبراً أن الجزء الثاني من المبادرة وآليتها هي أن لا بد من البدء بتنفيذها.. . مشيراً إلى أن بدء المرحلة الثانية يبدأ بإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن باعتبار أن الهيكلة ستمهد الظرف المناسب للبدء بالانتقال إلى القضايا الأخرى.. معللاً بقوله إنه لا يمكن أن يبدأ حوار وطني في الأوضاع الراهنة لأن الجيش منقسم والأمن منقسم. وجدير بالذكر أن اللواء الركن سالم علي قطن من مواليد محافظة أبين تقلد العديد من المناصب العسكرية كان آخرها نائب رئيس الأركان العامة لشئون القوى البشرية، شارك في الكثير من اللجان الأمنية في عدن والجنوب, وينتمي الى قبيلة العوالق وهو خريج قيادة وأركان من روسيا, وكان قائداً للواء شلال. ومحافظ عدن وحيد علي رشيد من مواليد محافظة عدن وهو وكيل اول للمحافظة منذ العام 1994, وشغل عضوية المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح، ترأسً الدائرة السياسية ثم أميناً عاماً إصلاح عدن،ترأس العديد من اللجان في المحافظة ومنها ملف المساكن المؤممة في عدن، ويعتبر من الشخصيات السياسية والإدارية التي يشهد لها بالتوازن القضايا الوطنية. ومدير امن محافظة عدن العميد صادق صالح حيد احد مناضلي حرب التحرير ضمن صفوف الجبهة القومية، وهو من مواليد عدن تولى العديد من المناصب أبرزها رئيس اتحاد القدم قبل الوحدة ،وقائدا للعمليات بوزارة الداخلية، يوصف بأنه صاحب شخصية قوية و صاحب قرارات حازمة. وبالرغم من انتماء الثلاثة إلى المنطقة الجنوبية فان البعض يرى في الاختيار عملية موفقة كبداية أولية لإيجاد حلول للقضية الجنوبية, وطمأنة من لازالوا يشككون في مصداقية الحكومة الجديدة في محاربة الظلم, وإرسال رسائل تؤكد عزم الحكومة على إشراك الجميع في السلطة والثروة.