قالت الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان ان فلسفة العدالة الانتقالية يجب ان تقوم وفق المعايير العالمية والتجارب الناجحة المعروفة . وأكدت توكل في كلمتها بمؤتمر المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب على أن أي قانون أو إجراءات للعدالة الانتقالية يجب أن تحقق العديد من الأهداف والأغراض وأن تقوم على العديد من المبادئ ، و تضع الحلول والمقترحات والآليات الكفيلة و يعرف الناس الحقيقة ,مشيرة الى أن يطلعوا على تفاصيل ما حدث من جرائم وانتهاكات وعدوان بحق المواطنين بمايعني ذلك من تحقيق وبحث واستقبال للشكاوى ورصد وحصر للانتهاكات، وبما يعنيه من الاستماع لشهادات الضحايا والتقصي والتحقيق مع كل من وردت أسمائهم في الشهادة وفق آليات قضائية وإدارية ، وبما يعنيه كذلك من اعتراف المتورطين في ارتكاب الجرائم وبوحهم وكشفه عن كافة الاعتداءات والانتهاكات التي مارسوها أو شاركوا في ارتكابها. وأضافت أن كل ذلك يجب أن يتم استناداً نصوص قانونية صريحة تتضمن الآليات والإجراءات اللازمة والكافية لتحقيق معرفة الحقيقة كاملة والاطلاع عليها من قبل أهالي الضحايا والجمهور وكافة المهتمين في الداخل والخارج. وأوضحت ان من شأن معرفة الحقيقة كاملة واطلاع الجمهور على تفاصيل ما حدث ان يكون رأياً شعبيا رافضا لمثل تلك الانتهاكات ، وبالتالي ضامنا لعدم تكرارها ، وضامنا لمناهضتها مجتمعيا مستقبلا . واشارت الى انة من شأن الاعتراف بما حدث من قبل المجرمين والمتورطين في الجرائم أن يمهد للتسامح وسوف يساهم في تحقيق الاستجابة للمناشدات والمطالبات بالعفو والعفو من قبل الأهالي والضحايا حين يكون مشفوعا بطلب المسامحة وإبداء الأسف والندم من قبل المتورطين وحين يكون أمرا طوعياً وليس إلزاميا بقانون يحصن المتورطين ويعفيهم من تبعات المسؤولية عن ارتكابها وتابعت أن أي ثورة أخلاقية لن تكون كذلك إلا إذا أشاعت قيم التسامح وبثت في المجتمع مبادئ العفو وأعلت من قيمة التصالح وخلقت في المجتمع ثقافة رافضة للثأر أو الانتقام. وأكدت توكل نحن ضد أن يفلت الجناة من العقاب في الوقت الذي يبقى فيه الطريق أمامهم مفتوحا لممارسة المزيد من الانتهاكات وتكرار العدوان مستقبلا ، كما أننا نرفض أن يبقوا في مناصبهم المدنية والأمنية والعسكرية وكأن شيئاً لم يحدث ، مثلما نرفض أن يتم فرض المسامحة والعفو بقرار أو قانون رسمي يحصن المجرمين ويسلب الضحايا وأهاليهم حقهم في أن يكونوا هم من يمنح العفو ومن يجود بالمسامحة . وأشارت إلى أن هناك فرق بين العفو الصادر من قبل الضحايا وأهاليهم ، والعفو المفروض عليهم بقانون وتشريعات لم تتح للضحايا أي قرار أو قدرة على الاختيار ،و إن من شأن ذلك أن يبقي الطريق مفتوحاً إلى الثأر خارج القانون والجنوح إلى القبيلة والعشيرة والأصدقاء والأصحاب لأخذ الحق الذي لم تحقه الدولة ولم تكلف نفسها عناء أن يطلب الجاني العفو والمسامحة عليه من قبل من ظلمهم واعتدى عليهم ،واكتفى بان الدولة تحميه عن جرائمه وتعفيه حتى من مجرد الاعتراف وطلب المسامحة والعفو . وقالت لقد آمنت دائما أن عملية بناء السلام .. تحتاج إلى مقادير هائلة من العدالة والإنصاف ، مثلما تحتاج إلى كميات وافية من التسامح والعفو ,وانه لا سلام دون عدالة ، ولا عدالة إنسانية خلاقة لا يعقبها ويتزامن معها تصالح وتسامح ويتمازج معها والأنصاف وأوضحت ان من شان المزاوجة ين تجربة جنوب أفريقيا في العدالة الانتقالية القائمة على الاعتراف وطلب المسامحة و تجربة المغرب القائمة على التعويض وجبرالضرر مع الابقاء على العدالة الجنائية وحق الضحايا في اللجوء القضاء والمؤسسات العدلية ان من شأن هذه المزاوجة ان تحقق تصالحا وتسامحا وسلاما دائما في اليمن وكل دول الربيع العربي وكل تجربة مماثلة تبحث عن العدالة الانتقالية . واضافت نحن في اليمن على بعد ايام من عقد مؤتمر الحوار الوطني لشامل الذي سنعالج فيه كل قضايا الوطن وسنكتب فيه دستور دولتنا المدنية القادمة التي اشعلنا من اجلها الثورة وضحى لأجلها الشباب ,كما سنبحث موضوع العدالة الانتقالية ، وبالتأكيد سوف نستفيد كثيرا من تجربه المغرب ونزاوجها بتجربة جنوب افريقيا ، ونضيف اليها ما تحتاجه خصوصيات تجربتنا من إجراءات أضافية تكفل للضحايا مزيدا من العدالة الجنائية لكفالة حقهم في المساءلة واللجوء إلى القضاء.