صنعاء--تتواصل الاحتفالات ومظاهر الابتهاج في كافة ساحات الثورة في عموم اليمن منذ مساء أمس بمناسبة مغادرة الرئيس صالح البلاد إلى السعودية، والتي يعتقد أنه لن يعد منها بالنظر إلى اصطحابه قرابة عشرين من أفراد أسرته، وإلى فقدان سيطرته على زمام الأمور جراء اجتياح الثورة الشعبية المطالبة بإنهاء حكمه البلاد منذ قرابة خمسة أشهر. وأكدت مصادر تسلم نائب رئيس الجمهورية عبده ربه منصور مقاليد الحكم في البلاد خلفاً للرئيس صالح بالرغم أن مصادر إخبارية تشير إلى أنه لم يدخل القصر الرئاسي بعد، وأن نجل الرئيس أحمد علي ما يزال يصدر الأوامر الرسمية نيابة عن أبيه. وذكرت الأنباء أن نائب الرئيس وجه بإنهاء الاستحداثات الأمنية والعسكرية في الحصبة وحده بصنعاء وأوفد اللواء غالب القمش واللواء القاسمي للشيخ صادق الأحمر لطلب وقف إطلاق النار وإخلاء المنشآت التي استولى عليها مسلحون تابعون له بعد معارك مع قوات الحرس والأمن. وبدوره وافق الشيخ صادق الأحمر على طلب نائب الرئيس على أن تلتزم الوحدات والمجاميع المعتدية بالانسحاب وأكد حرصه على استتباب الأمن وعودة السكينة العامة. وتظاهر مئات الآلاف من اليمنيين في ساحات المدن، واعتلت الفرحة وجوه الملايين برحيل صالح، وأطلقت الألعاب النارية والزغاريد والهتافات والأناشيد الوطنية. ودبت الحياة في العاصمة صنعاء، ولوحظت حركة الناس بشكل طبيعي أفضل مما كانت عليه خلال الأيام الماضية، وعادت الكهرباء للانتظام من جديد منذ مساء أمس بعد أن شهدت أعمال قطع يومية لما تزيد عن 20 ساعة منذ أكثر من شهر، واستعاد الريال اليمنى 20 % من قيمته الشرائية في الأسواق اليمنية. إلا أن مدينة تعز شهدت اعتداءات عنيفة من قبل الحرس الجمهوري على شباب الثورة الذين نزلوا منذ صباح اليوم إلى ساحات المدينة للتعبير عن فرحهم بمغادرة الرئيس البلاد. حيث قتل مالا يقل عن 3 مدنيين وأصيب عشرون آخرين خلال سلسلة من الهجمات نفذتها وحدات من الحرس على تجمعات المعتصمين في ساحة الحرية والنصر وفي عدد من الأحياء السكنية والتجارية. وأظهرت شرائط فيديو آثار قصف بالدبابات تعرض له فندق المجيدي ومبان مجاورة له صباح اليوم في ساحة الحرية الواقعة في وسط المدينة. ووقعت اشتباكات عنيفة منذ فترة ما بعد الظهيرة في محيط القصر الرئاسي بين القوات المنضمة لثورة الشباب والقوات الموالية لصالح. وذكرت وكالة أ ف ب مقتل 4 جنود من الحرس الجمهوري ومسلح في اشتباكات عنيفة اندلعت في محيط القصر الجمهوري بمدينة تعز. وروى شهود عيان تعرض السكن الجامعي لأساتذة جامعة تعز لقصف مدفعي، وسقوط قذيفة مدفعيه في منطقة بير باشا، نجم عنها إصابة 3 أطفال على الأقل. وقال "المرصد اليمني لحقوق الإنسان" أنه علم بوفاة عمار بجاش سعيد محمد إثر إصابته بطلقة مباشرة في الرأس من بندقية أحد القناصة، وعبد الرحمن سعيد ثابت يسر بشظايا قذيفة دبابة، في حين أصيب جلود حمود المنتصر بكسور في ساقه اليمنى، وعيسى محمد سيف صالح بكسر في إحدى قدميه بعد دهسهما من قبل سيارات عسكرية، في حين توفي أحد جرحى اعتداءات اليوم السابق ويدعى عبد الله المخلافي. كما أصيب محمد قاسم علي ناجي بشظية في يده، وعبد الكريم سعيد عبده برصاصة في الفخذ الأيسر، وعرفات محمد غالب بشظايا قذيفة دبابة في الرأس، ونبيل عبد الله محمد بشظايا في الفخذ، وحليمة محمد اسماعيل بشظايا في الكتفين والبطن بعد أن أصابت قذيفة دبابة منزلها ظهر اليوم. وبحسب المعلومات الميدانية التي حصل عليها المرصد اليمني لحقوق الإنسان، فإن مدينة تعز تشهد حرباً يشنها لواء خالد بن الوليد على المظاهرات السلمية وساحة الحرية، مستخدماً فيها مختلف أنواع الأسلحة. في غضون ذلك، ونقلت شبكة سي إن إن الأميركية عن مصدر سعودي قوله أن الحالة الطبية لعلي صالح أسوأ مما كان يعتقد، وأنه يخضع لجراحة في المخ والأعصاب بالسعودية. من جهته، دعت اللجنة التنظيمية لشباب الثورة كل القوى الوطنية للبدء بتشكيل مجلس رئاسي مؤقت لإدارة البلاد،وشباب الثورة يؤكدون أن مرحل جديدة بدأت الآن وأكدوا أنهم سيواصلون اعتصامهم حتى تحقيق كافة أهداف الثورة. ودعا التحالف المدني للثورة الشبابية "مختلف القوى الوطنية داخل اليمن وخارجها وفي مقدمتها شباب الثورة إلى تشكيل مجلس وطني انتقالي يمثل فيه الشباب من الجنسين والمجتمع المدني والقوى السياسية والقطاع الخاص لقيادة الفترة الانتقالية وانتخاب مجلس رئاسي باتجاه تحقيق أهداف الثورة ". وأوضح التحالف في بيان صادر عنه "أن خروج رأس النظام إلى المملكة العربية السعودية إثر إصابته بقصف استهدف مسجد دار الرئاسة يوم الجمعة 3-6-2011 يمثل خطوة أولى لسقوط النظام الاستبدادي الأسري المتخلف"، مؤكدا "أن المرحلة المقبلة هي مرحلة بناء اليمن الجديد التي تتطلب من كل اليمنيين تضافر الجهود للمضي نحو المستقبل بما يؤكد أن الانتصار هو للشعب اليمني ولليمن". واعتبر التحالف تشكيل المجلس الانتقالي "تأكيدا على انتصار الثورة بفضل كل اليمنيين الذين انتفضوا انتصارا لحريتهم وفي المقدمة منهم الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في مختلف المحافظات". على صعيد آخر، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش مختلف الحكومات في شتى أرجاء العالم بتجميد الأصول الأجنبية للرئيس علي عبد الله صالح ومسؤوليه الأمنيين فوراً.داعية البلدان الأخرى أيضاً حظر صادرات الأسلحة والمعدات الأمنية عن اليمن. وجاءت هذه الدعوة بسبب تصاعد أعمال القتل والعنف ضد المتظاهرين والمعتصمين سلميا باليمن المطالبين برحيل صالح ونظامه الفاقد للشرعية. وفي مدينة عدن، نقلت "عين الإخبارية" عن مراسلها وقوع اشتباكات مسلحه بين أفراد الأمن العام وأفراد الأمن المركزي بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة مساء اليوم.