** غادرت اليمن بعد استقالتك من الهيئة العليا لمكافحة الفساد ولكنك بعد قرابة سنتين ونصف تعود لتمارس عملك كوزير للصناعة في حكومة الوفاق الوطني، هل تستطيع الآن ان تعمل ما لم تفعله في الماضي؟ - في الماضي كانت هناك سلطة مركزية تمارس مهام القضاء ومهام مجلس النواب ومهام السلطة التشريعية ومهام مكافحة الفساد وحتى مهام المديريات. وكانت هذه السلطة بحكومتها وكل هيئاتها يشوبها الكثير من الفساد. الآن قامت ثورة، وهذه الثورة خلقت وعيا جديدا وتركيبة جديدة للمجتمع، وسيحصل انتقال للسلطة، وقد حصل. ** لكنه انتقال جزئي، هل انت متفائل بحدوث الأنتقال الكامل للسلطة؟ - انا متفائل لكن حذر، واتمنى ان يتم بسلام. ** كعضو مجلس نواب سابق في هيئة مكافحة الفساد كان صوتك مرتفعا ضد الفساد، والآن هل سيكون صوتك مرتفعا إذا وجدت نوعا من هذا الفساد؟ - بالتأكيد، حتى في برنامج الحكومة كان لي مساهمة في صياغة ما كتب عن مكافحة الفساد. ** الحكومة الحالية. - نعم، الحكومة الحالية. ** قبل ان تعين؟ - لا، بل بعد ان اتيت وتم صياغة البرنامج. فكان لي بعض المساهمة في صياغة الكلمات أو تحديد أهمية مكافحة الفساد في الحكومة الجديدة. وذلك ما ذكره رئيس الحكومة في البرلمان انه سيقف ضد الفساد، وان الفساد هو السبب الأول ليس للثورة اليمنية ولكن للثورات كاملة في العالم العربي. ** انت الآن في موقع وزير الصناعة الذي ظل موقعا هامشيا في الحكومات الماضية.. - ليس فقط ان الوزارة لم تعامل المعاملة، المناسبة، كوزارة يجب ان تقود التقدم الصناعي، والنمو الصناعي والنمو التجاري، والنمو الأقتصادي عموما، اسمها الحقيقي يجب ان يكون وزارة الأقتصاد. ** هل تنوي تغيير اسم الوزارة في حكومة الوفاق؟ - نعم، انوي تغييره، ففي سنغافورا أو ماليزيا أو في دول كثيرة، وزارة الصناعة والتجارة تكاد تكون من اهم الوزارات، هي التي تقود عملية التنمية في البلاد وعملية الأستثمار، انما على مر السنين تم تقطيع اوصال هذه الوزارة، مثلا الأستثمار في ناحية، والتخطيط في ناحية اخرى، ** يعني بعد انتخابات 21 فبراير القادم؟ - نعم. ** قلت ان دور وزارة الصناعة والتجارة دور محوري، وكما تعلم في الماضي ظل الحديث عن تحصيل ضريبة المبيعات امر حاضر في التداولات العامة ووسائل الإعلام لكن لم يلتزم التجار بدفع الضريبه وأعتقد ان من اهم مقومات الاقتصاد الوطني هو التزام التجار والقطاع الخاص بدفع الضريبة، ما علاقتكم بالضريبة؟ - ليس لنا علاقة بمسألة الضريبة بل تتبع وزارة المالي، ولكن بالأمكان ان تقترح وزارة الصناعة الطريقة التي يمكن ان ينفذ فيها القانون، تقترح التعديلات التي يتطلبها الأقتصاد، ونحن نعلم ان الضريبة هي عن ارباح. فضريبة المبيعات هي ضريبة تصرفات او بيع، بمعنى أي تصرف مالي، وبالتالي هذه الضريبة المباشرة عوضا عن الضريبة التي يتم تحصيلها عن النشاط الأقتصادي وأنت تأخذها مسبقا اما عند المنافذ او المخازن أو عند التصرف المالي في أي قطاع، فمثلا في الفندق عندما تفرض الضريبة فهي تضاف فقط إلى فواتير الفندق، نشاط الفندق في نهاية الوقت، فهناك امور معقدة كثير بخصوص الضرائب في اليمن فالمحصلة الضريبية في الأخرى ليست كبيرة، لأن النشاط الأقتصادي ايضا ضعيف، وايضا هناك في ضريبة الأرباح قليلة، لأن معظم الشركات ومعظم الناس لا يربحون. ** يبدو ان القانون التجاري حتى اللحظة يعقد مسألة الأستثمار في اليمن، ما هو الدور الممكن القيام به في هذا الجانب؟ - على العكس، القانون التجاري او قانون انشاء شركات والكثير من القوانين هي مسهلة الى حد كبير في اليمن، لأننا لدينا برنامجا للدخول في منظمة التجارة العالمية. وهذا يلزمنا بأن نسهل عملية انشاء الشركات. ** اذا فالروتين هو الذي يعقد المسألة.. - ليس هناك تعقيد في هذه المسائل، إذا كان هناك تعقيد إجرائي لا يمثل عقدة اساسية في انشاء شركة. ولا يمثل ذلك مشكلة اساسية في انشاء الشركات. ** كانت الصورة الذهنية النمطية عن وزارة الأقتصاد لدى الناس انها الوزارة التي تضبط الأسعار في السوق وتراقب مسألة ارتفاع الأسعار من عدمها، هل هذا الدور جزء من مهمة الوزارة؟ - هو دور صغير، دور المراقبة، الوزارة ليست تاجرا، والوزارة لا تستطيع ان تفرض اسعارا على أحد، الوزارة فقط تتأكد ان لا تنشأ أحتكارات، بالذات في المواد الأساسية مثل القمح والسكر والرز وهذه الأمور التموينية الأساسية، الوزارة لديها غرفة عمليات تراقب حركة هذه الأسعار في الأسواق وتراقب مخزوناتها في المانئ، وتقريبا ليس هناك احتكار وليس هناك عقدة في ان يستورد التاجر هذه المواد الغذائية الأساسية فيما عدا القمح، لأن القمح يستلزم ان يكون عندك صوامع، وعدد الصوامع في اليمن محدود، فقط واحدة التي اضن انها قطاع عام، وهي المؤسسة الأقتصادية. ** والبقية تم بيعها.. - نعم بيعها، وكانت في ملكية الدولة في وقت سابق، والآن اصبحنا مطمئنين خلال هذه الفترة الماضية البسيطة بأن المخزون موجود وان الأسعار انخفضت بعض الشيء، وانه لا مشكلة تموينية حاليا وأتمنى ان لا تنشأ مشكلة تموينية، والوزارة تستطيع ان تتصرف في حدود بسيطة للسيطرة على هذا، انما اذا ارتفعت اسعار السكر مرة واحدة بسبب العرض والطلب او بسبب كارثه بيئية او لأسباب مناخية، طبعا سنستحمل هذا إلى ان تعود الأسعار الى طبيعتها كما حصل في القمح. ** المنطقة الحرة والمناطق التجارية الحيوية والرئيسية.. هل لها علاقة بالوزارة؟ - ليس لها علاقة. ** وهذا يبدو انه خطأ.. - خطأ طبعا. ** حتى الهيئة العامة للأستثمار لا تتبع وزارة الصناعة؟ - الوزارة ممثلة في الهيئة ولكن الهيئة تتبع رئاسة الوزراء مباشرة. ** اذا فنحن بحاجة الى تعديل قوانين كثيرة فيما يتعلق بالأستثمار؟ - ربما، وهذه كانت رؤية سابقة، ويجب ان نصوغ رؤية جديدة مع بقية أعضاء الحكومة فيما هو المنظور المستقبلي لمثل هذه الأشياء. ** ما علاقتكم بإنشاء المناطق الصناعية؟ - هناك مناطق صناعية حددت لها اراض في حوالي ست مواقع في الحديدة ولحج وابين والمكلا وعدن، هذه المناطق الصناعية فقط تحديد اراضي، تحتاج إما ان تستثمر الدولة في بنيتها التحتية أو ان تأتي بمستثمرين لإدارة هذه المناطقو ليستثمروا في بنيتها التحتية. العقدة الأساسية لا زالت في عقدة الطاقة، الطاقة في اليمن قليلة الى حد البؤس. ** والمصانع القائمة حاليا غير مرتبطة بالشبكة الوطنية.. - كثير من المصانع تنشئ محطاتها الخاصة وتعتمد على الديزل او المازوت وهنا تثير عقدة أخرى، وعموما المشكلة في اليمن مشكلة طاقة، كيف تنهض اليمن صناعيا دون ان توفر طاقة حقيقية. يجب ان تصوغ الحكومة ككل رؤية جديدة في توفير البيئة المناسبة من البنية التحتية او البنية التشريعية من البنية العمالية، ومدى تدريب العمال ومدى قدراتهم، حتى نستطيع ان نجلب الاستثمار الصناعي. وايضا لا ننسى ان نجلب ايضا استثمارا تجاريا عن طريق خدمات الموانئ وعن طريق خدمات الطيران، والأتصالات، فصناعة الخدمات لم نتطرق اليها بعد مثل البنوك والأنصالات والمطارات. ** وهل هي مرتبطة بالوزارة؟ - لا، ليس بالضرورة انتكون مرتبطة بالوزارة. ولكنها مرتبطة بالأقتصاد عموما وعندما تنتشر مثل هذه الأعمال: ميناء عدن يشتغل، ناس تتاجر تأتي ببضاعة من الهند وتصدرها الى افريقيا، وتأتي بضاعة من مصر وتصدرها الى الهند، عن طريق اليمن تصبح هناك حركة حقيقية يعمل فيها الناس ويكسب فيها التجار ويدفعو نفيها الضرائب، وتتم حركة عامة. ** دكتور.. ظل ارتباط وزارة الصناعة والتجارة بالقطاع الخاص مسألة تنظيم الماركات التجارية والحقوق الملكية وعلامة التسجيل هل سنشهد تغييرا في هذا الأمر؟ - نعم، الوزارة حاليا في حالة سيئة، فالمبنى الأساسي لوزارة تم نهبه في احداث الحصبة وانتقلت الوزارة الى مبنى صغير مكون من ثلاثة ادوار لا يفي بالغرض ولكن الخدمات لا زالت تقدم. كان هناك مشروع اتمته الخدمات التي تقدمها الوزارة عن طريق الأنترنت وقد ساروا فيه بخطوات كبيرة والآن ترى ان نعيد إحياء هذا المشروع ونتمنى أن تكون وزارة التجارة والصناعة انشاء الله عندما نعود ونؤهل المبنى القديم واستقرار الأوضاع في الحصبة، نتمنى ان تكون الوزارة الأولى فيما يسمى بالحكومة الألكترونية. وقد كانت هناك خطوات جادة في هذا الإتجاة ونرى ان نتممها ان شاء الله حتى تكون العلاقة بين التجار في هذه التشكيلات التي تكلمنا عنها تكون علاقة الكترونيا بدون الحاجة الى الوصول الى الوزارة، وبدون الحاجة الى التعامل مع موضف وفي هذا الكثير أيضا من محاصرة الفساد.. ** ما هي طبيعة العلاقة القائمة بينكم وبين القطاع التجاري المتمثل في اتحاد الغرف التجارية؟ - جلست مع غرفة التجارة بصنعاء وجلست مع عدة رجال اعمال ونحن نريد ان نستمع منهم ما هي الأشياء التي يريدونها حتى تنهض أعمالهم، فهم مصدر معلومات بالنسبة لنا، والوزارة اصلا تخدم هذا القطاع فيجب ان يكون التعامل مع قطاع التجاريين والصناعيين علا قة عضوية، وليست فقط علاقة صداقة . ** من واقع معرفتك بالتنمية الحاصلة في سنغافورا، هل اليمن تمتلك فرصا لتتحول الى مايشبه سنغافورا؟ - يجب ان نغير الذهنية أولا، يجب ان نأتي بالناس التي تتوفر لديهم الكفاءة وتتوفر أيضا النزاهة، هذان الشيئان لم يكون أي منهما ذا اهمية في السابق، والآن لا زلنا نتمنى أن تأخذ هذه الأخلاق والنزاهة والكفاءة محل صدارة في اختيار الناس. ** وإذا احتلت محل الصدارة، هل اليمن مؤهلة؟ - بالطبع، فاليمن تمتلك مكانها وموقعها في هذا العالم، هي على الطريق السريع للتجارة العالمية، الشعب اليمني شعب يعمل كما نراه عندما يخرج من اليمن، فقط انه في بلاده لم يتمكن من الفرصة، والذهنية قد تغيرت على مدى عقود ان الشطارة هي في ان لا تعمل وتكسب، وليس ان تعمل وتكسب، حتى في التعليم هناك من يحاول ان يتجاوز قضية الأمتحانات بالغش وهذه الذهنية يجب ان نعالجها بجدية ونستمر في معالجتها حتى نخلق حالة ذهنية جديدة يفكر من خلالها الناس بطريقة افضل، هناك امور كما رأينا في السابق ان حالة الفساد هي حالة مميزة، في ان الفساد هو الذي قبض على رقبة الدولة ومص دمها واضعفها وأوصلنا الى ان تفشل الدولة وفي الحقيقة قد وصلت الى الفشل، ولو لم يكن هناك ربيع عربي لبدأ الربيع العربي من اليمن، وهذا رأيي. وكما رأينا ان هناك حراكا في الجنوب ، الجنوب كان يطالب بحقوق وهناك حرب الشمال وهناك احتجاجات في كل مكان، واحتقانات، فكان الناس ليسوا راضيين حتى في الأخير رأينا القطاعات التي كانت تستفيد من السلطة أيضا هي التي احتجت، مثل التجار وبعض العسكريين وبعض القبائل، لم يعد هناك شخص مع النظام ومع استمرار هذا الوضع حتى من كان يتمتع بشبكةالمصالح مع النظام السابق، الذهنية التي كانت تحكم ذهنية متخلفة فاسدة الى ابعد الحدود وما كان يمكن ان تنهض اليمن تحت هذه الأدوات إطلاقا. ماهي مقومات النجاح التي تراهنون عليها في هذا البلد؟ - الحالة الجديدة، اراهن على التضحيات التي قدمها الشباب، اراهن على الوعي الجديد الذي نشأفي المجتمع بأن الشعب يستطيع ان يغير وانه اذا لم يكن راضيا عن حاله فإنه يستطيع ان يغيرها، نعم احتجنا الى ثورة، لكن نتمنى ان يكون التغيير في المستقبل عن طريق انتخابات نزيهة، عن طريق قضاء حقيقي عادل، عن طريق قانون شفاف، عن طريق تعاملات الدولة، ان تكون الدولة فعلا هي خادم للمجتمع، الحكومة تخدم المجتمع لأن المجتمع يأتي بحكومة ويأتي بدولة لكي تخدمه وليس لكي تمص دمه وتضعفه او تفقره، هذه هي وظائف الدولة: ان تحقق السعادة للشعب. ** شيء تود قوله. - كلي امل ان تضل القناعة الى من دمروا هذه البلاد ان يكفوا عن التدمير وان يتركونا لنبني يمن جديد. عن صحيفة " الأهالي" العدد 228 الثلاثاء 17يناير2012