وزير الشباب والرياضة يعزي في وفاة نجم المنتخبات الوطنية السابق عبدالله مكيش    حرائق تشعل أسدود المحتلة.. وضربات نوعية للمقاومة في غزة والضفة    محمد الحوثي يعزّي في وفاة العلامة محمد بن حسن الحوثي    سقطرى    البحرية البريطانية تحذر الاقتراب من موانئ اليمن    اختتام فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة    مسير مسلح لقوات التعبئة بمديرية الصافية في أمانة العاصمة    ملخص مباراة برشلونة ضد ريال مدريد بالدوري الاسباني    عندما يصبح النور مطلباً للنضال    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يدشن حملة توعوية في عدن تحت شعار "فضح زيف المغريات"    هدية بمليارات $.. قطر ستهدي ترامب طائرة رئاسية فاخرة    وزير الخارجية الإيراني يشيد بنتائج الجولة الرابعة من المفاوضات مع واشنطن    القنصلية اليمنية تصدر تعليمات هامة للطلاب والمسافرين الى الهند    وزير الشباب يلتقي إدارة نادي شباب الأحمدي الرياضي برداع    اجتماع برئاسة وزير الثقافة يناقش عمل لجنة الرقابة على المنشآت السياحية    وزير النقل: الصعوبات والمعوقات التي يواجهها ميناء الحديدة سيتم تجاوزها    بسبب استمرار الحرب على غزة .. القاهرة ترفض تعيين سفير إسرائيلي جديد    جدلا واسعا ومطالبات بتحرك دبلوماسي عقب اعتقال فتاتين يمنيتين في القاهرة    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 11 مايو/آيار 2025    عن خروج حرائر النساء للشارع.    زيارة ترامب للمنطقة ومحطتها الاولى الرياض والملفات الشائكة    توقف مفاوضات النصر السعودي مع كريستيانو رونالدو    وفاة شخص وإصابة آخر إثر انقلاب مركبة وسقوطها في عرض البحر بمدينة المكلا    الريال السعودي في الجنوب عمالة وفي اليمن وطنية    انتشار فيديوهات مفبركة بالذكاء الاصطناعي ل"كوكب الشرق"    دراسة: المصريون القدماء استخدموا "تقنية بركانية" وآلات قديمة عالية التقنية لبناء الأهرامات    نقابة الصحفيين تعلن رفضها محاكمة المليشيا للزميل المياحي وتطالب بإطلاق سراحه    نجل الخائن العليمي يحصل على القطاع اس -5 بشبوة    رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    ثورة النسوان.. تظاهرة لم تشهدها عدن منذ رحيل بريطانيا    بايرن ميونخ يتوج بطلاً للدوري الألماني اثر تغلبه على بوروسيا مونشنجلادباخ    الملك سلمان يرعى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    بايرن ميونيخ يحتفل بلقب الدوري للمرة ال 34 ويودع نجمه المخضرم توماس مولر    الموسم المقبل.. 6 أندية إنجليزية في دوري الأبطال    رسالة الحرائر إلى رأس الافعى الذي منع توريد وقود الكهرباء    "صوت النساء يعلو".. احتجاج نسوي واسع يطالب بإنهاء التدهور الخدمي والمعيشي في عدن    مايهزك نبيح ياعدن    مرحلة عصيبة ومعقدة تمر بها عدن    وثيقة عقوبات قبلية تثير استياء واسع في اوساط المثقفين اليمنيين    الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا    المقالح يبدي خشيته من استغلال اتفاق مسقط لتعزيز الكيان الانفصالي    العدالة للداخل قبل الخارج..!    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    يعاقبون لأنهم لم يطابقوا القالب    أميركا والصين تختتمان جولة أولى من المحادثات في جنيف        إصلاح ريمة ينعى الفقيد الوليدي ويثمن أدواره في نشر القيم الدينية والوطنية    تأمين السكن يهدد ربع مليون نازح بمأرب    الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر المنتخب الوطني الداخلي في المكلا    كفى عبثا كفى إذلالا.. أهذه شراكة أم استعمارٌ مقنّع؟    دراسة : عدد ساعات النوم الصحية يختلف باختلاف البلد والثقافة    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    الأسباب الرئيسية لتكون حصى المرارة    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    أول النصر صرخة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتابة لأجل الكتابة
نشر في يمنات يوم 17 - 02 - 2021


ضياف البراق
أنت كاتب كبير، لكنّك تسكت على بشاعة هذه الحرب، وتبتعد عن هموم الناس، وهذا يعني أنك بلا شرف، وأنكّ وصمة عار عريضة في وجه الكتابة والثقافة معًا. الكتابة ليست ترفًا، كما أنت تمارسها، بل تعني السخط على الظلم، دائمًا، الظلم بأشكاله جميعًا، أينما كان ورغم أنف الظالمين. والكاتب الشريف هو الذائد عن كرامة المسحوقين في مجتمعه، بدون شرط ولا قيد ولا لمجرد الإثارة الفارغة فقط. المهم هو أن تكون كاتبًا لتنوير المجتمع وليس لإسعاد نفسك فحسب. اكتب لأجل الشعب وليس لأجل السيّد والشيخ والزعيم وإبليس. عانِقِ الشعبَ وحطّم الأصنام. نريد أقلامًا تُضيء الطريقَ للمخنوقين بالظلام.
وأنت تستعد للكتابة، تمّهل قليلًا، وتذكّر أنّ الكلمة تموت عندما تُلقى في الفراغ، انظر إلى الذين يموتون أمامك وخلفك، جوعًا وظلمًا وقتلًا، في البيوت والسجون والمستشفيات والطرقات، ضع نفسك مكان هؤلاء، كن قلبًا لهم ثُمَّ اكتب ما تستطيع.
وأنت تكتب عن أي موضوع، تذكّر أنك تمارس الكتابة لا الزنا، أنّك تمارس المحبة لا الإماتة، وتذكّر دومًا، قبل أن تكتب، أن الهدف هو خلق الحياة، أو الدفاع عنها، وقول الحقيقة، أو الاقتراب منها قدر الإمكان، وأن المعنى هو الأساس. وإن كنت لا تمتلك فكرة عميقة عن الكتابة، ولا لديك قضية نبيلة للتعبير عنها، فلا تستهلك اللغة عبثًا.
إن كنتَ تكتب لأجل الكتابة وحسب، فأنت لا تكتب. الكتابة لا تعني اللعب واللغو، ولا تحتمل الخيانة والخساسة، ولا تزدهر بالكذب والزيف. هي موقف حر وفِعْل وجود. لا تكتب لأجل الشهرة أو لإثبات أنك كاتب بارع، أعني لا تكن تافهًا. وإن كنت ستكتب لتمدح وتُصفِّق، فلا تكتب، لأنّك ستلطّخ شرف الكلمة وشرفك في آن.
ها هي الحرب تقوِّضُ كلَّ شروط ومقومات ومداميك الحياة، تنسف الأحلام والآمال والألوان وتقطع الطرقات والحقوق والحريات وتهدم البيوت وتكتري الأقلام الخبيثة والرخيصة وتوظفها ضد الكرامة الإنسانية ضد الحق والعدل والسلام. في هذه الحالة الخَطِرة، ماذا على الكاتب أن يقول، ماذا يكتب وكيف، هل يمارس لغة الغزل أم لغة السخَط، أيتصالح مع القتلة أم يفضحهم ويقارع أفعالهم الإجرامية، أيقِف مع الساحقين أم في جانب المسحوقين، أيخون الكلمة من أجل سلامته الشخصية أم يقولها بكل حرية وصدق ويدفع الثمن من حياته، أيهرب إلى الحياد أم يلتزم الصمت التام، أيضحّي بالكلمة أم بحياته، أين بالتحديد يضع قلمه ونفسه؟ ومما لا شكَّ فيه أنّ كلمة الحق، في زمن الحرب، زمن التعصب والإرهاب والدمار، إذا خرجت من قلم الكاتب قتلته بشكلٍ أو بآخر، وإذا حبسها (أي الكاتب الحر)، حبس نفْسَه عن الحياة! هو الآن في موقف شديد الخطر، وفي لحظة عصيبة، فكيف يقول ما يجب أن يُقال، دون أن يعرّض نفسه للموت؟ وهنا تحضرني مقولةٌ هامّة كتبها أُنسي الحاج "لا قيمة لشيء مما نكتبه ما دمنا نعتبر أن سلامتنا الشخصية أغلى من الحقيقة".
لك الحق أن تكتب ما تريد وبأي أسلوب يعجبك. نَعمْ، من حقك أن تكتب عن فراشة غرقت في وعاء مملوء بشهوتك، عن حشرة مؤذية ضربتها بحذائك ثم بالهراوة وأنت تشاهد أحد الأفلام العنيفة، عن حالتك وحيدًا في قعر النسيان، عن مزاجك الجميل وأنت ترقص، عن شعورك بالقلق القاتل لمجرد أن تناديك امراة غريبة إلى العناق، عن أملك الذي صار شبحًا، عن أصابعك وقد ذابت من غزارة حزنك، عن خَيْطٍ ما يخنُقُك في حلمك ولا يبدو لك واضحًا، عن صراعك الغرائبي مع قناعٍ لمحاربٍ قديم، أو عن أيّ سؤال يحيّرك، كما من حقك أن لا تكتب شيئًا. لكن، عندما تندلع الحرب وتستهدف الحياةَ في كل جوانبها، ليس من حقك أن تُسكِت قلمك أو تبتعد به عن الحقيقة، بلْ عليك أن تتخلص من أنانيّتك ومن خوفك وتنخرط في معركة العدالة والكفاح ضد القتلة واللصوص والطغيان، ناشدًا السلام، أن تحفرَ بالقلم ثغراتٍ للنور والهواء في جدار الموت المُفترِس، أو حاول ذلك بلا يأس ولا كلل. والحق أنّك مطالب، في كل وقت، بجعل قلمك صوتًا لمن لا صوت لهم.
ويكون الكاتب حقيقيًا وكبيرًا ومؤثِّرا عندما يكتسب قلمه شروطَ المثقف العضوي، ويذوب هو شخصيًا في هذه الشروط، منسجِمًا معها قولًا وفعلًا. والمثقف العضوي، حسب المفكر العراقي الكبير، هادي العلوي، هو "الفعّال في المجتمع لأجل إحداث التغيير". إنه القريب من الناس، المدافع عن حقوقهم دومًا. ثُمَّ لا بد أن يكون هذا المثقف مناضلًا اجتماعيًا أكثر منه مناضلًا سياسيًا. مع العلم، حسب العلوي، أنّ "اشتراطات المثقف العضوي، كما تحدث عنها غرامشي، تدخله في ساحات تبتعد به عن هموم الناس".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.