الرئيس الزُبيدي يلتقي القائم بأعمال السفير الأمريكي ويؤكد أهمية دعم جهود السلام والاستقرار الاقتصادي في بلادنا    لقاء موسّع بصنعاء لتدشين فعاليات ذكرى عاشوراء    جيش العدو الصهيوني يقرّ بمصرع أحد جنوده في معارك شمال قطاع غزة    حرب 12 يومًا... الخروج من "فوردو"    توقعات بهطول أمطار على المرتفعات الجبلية والمناطق الساحلية    تدشين الامتحانات العامة بمدارس تعليم القران الكريم في المحافظات المحررة    رحيل موجع بطعم الألم    عاصفة رعدية تؤخر سفر بايرن ميونخ إلى ميامي لملاقاة فلامنغو في مونديال الأندية    مصر تخصص ميزانية غير مسبوقة لتحقيق حلمها الاقتصادي    تنفيذية النازحين تنفي وجود تهجير قسري في مخيم العرق بمأرب    مركز اقتصادي يحذر من التداعيات الإنسانية لتقليص الدعم الدولي للشعب اليمني    فؤاد الحميري.. يمن لا تغيب عنه شمس الحرية    عدم استكمال البنية التحتية لمجاري مدينة شبام التأريخية تعتبر ثلمة    النصر يستهدف نجم ليفربول بعرض خرافي    بعد ثلاثة أيام من احتجازه.. مقتل مواطن بظروف غامضة داخل سجن للانتقالي في لحج    أبين.. تشكيلات تابعة للانتقالي تمنع مرور مقطورات الغاز إلى عدن بعد رفض السائقين دفع جباية مالية    المخدرات.. عدو الحياة    أمجد خالد.. "مهندس التفجيرات" من معاقل الإخوان إلى أحضان الحوثي    تصفية دكتور داخل سجن أمني في لحج    سريع: نفذنا عملية عسكرية في منطقة بئر السبع    من يومياتي في أمريكا .. مع عمدة مدينة نيويورك    احتجاجًا على بدء العام الدراسي في قلب الصيف: نمتُ 18 ساعة!    عدد الخطوات اليومية اللازمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان؟    المكسيك تنهي المغامرة السعودية في الكأس الذهبية    استكمال التحقيقات مع قاتل الفتاة في الفليحي    خصائص علاجية مذهلة للعسل    حمئ الجبايات في الجنوب..600 ألف على كل قاطرة الغاز    قواعد عسكرية أمريكية جديدة في السعودية وتحويل البحر الأحمر إلى منطقة عسكرية    في مباراة ال 4 ساعات.. تشيلسي يتأهل برباعية بنفيكا    ب 65 مليونا.. تشيلسي يحسم صفقة جيتنز    15 أكتوبر.. انطلاق موسم رابطة الهواة بالسعودية    توجيهات ابوزرعة لإطلاق سراح الكازمي غير قانونية    أمر دبر بليل.. تغيير مصلح الذرحاني كارثة قادمة للانتقالي.    تقدم مفاوضات وقف النار في غزة وسط تفاؤل أمريكي وتصعيد اسرائيلي في الضفة الغربية    قرار أحمق وسط هجير يونيو    تقرير أممي: نسبة الفقر متعددة الابعاد في اليمن مرتفعة وشدته ثابتة منذ عقد من الزمن    مساعي اعادة فتح طريق رئيسي وسط اليمن تصل إلى طريق مسدود    قاضي يطالب النيابة العامة بتحريك الدعوى الجزائية ضد الجهات المعنية ومزارعي الخضروات المروية بالمجاري في صنعاء    فؤاد الحميري السيل الهادر والشاعر الثائر    انتصروا على الاوضاع والظروف القاهرة    - اليمنية عزيزة المسوري تتحرر من اللباس الإسلامي في لبنان بهدوء، بينما هديل تواجه العاصفة في اليمن!     فوضى أئمة المساجد والمعاهد الدينية تؤسس لإقتتال جنوبي - جنوبي    اجتماع برئاسة وزير الزراعة يناقش دور الجمعيات في تنفيذ خطط سلاسل القيمة    الجنوب العربي: يصرخ من الاقنعة الزائفة التي شوهت وجهة    هل يجب على مرضى السكري تناول البيض؟ وما الكمية المسموح بها؟    خطأ شائع في طهي المعكرونة قد يرفع سكر الدم بسرعة    عام على الرحيل... وعبق السيرة لا يزول في ذكرى عميد الادارة الشيخ طالب محمد مهدي السليماني    - دكتور جامعي:صنعاء بدأت الدراسة بالهجري ويطالب بتعديل مسمى الإجازة الصيفي إلى شتوي    دراسة حديثة.. الصوم قبل العمليات عديم الفائدة    أتلتيكو مدريد يسعى لضم انجيلينو    لامين يامال سيخلف فاتي بإرتداء القميص رقم 10    من يومياتي في أمريكا .. أطرش في زفة    ليس للمجرم حرمة ولو تعلق بأستار الكعبة    روسيا.. استخراج كهرمان بداخله صرصور عمره حوالي 40 مليون سنة    حقيقة "صادمة" وراء تحطم تماثيل أشهر ملكة فرعونية    عن الهجرة العظيمة ومعانيها    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتابة لأجل الكتابة
نشر في يمنات يوم 17 - 02 - 2021


ضياف البراق
أنت كاتب كبير، لكنّك تسكت على بشاعة هذه الحرب، وتبتعد عن هموم الناس، وهذا يعني أنك بلا شرف، وأنكّ وصمة عار عريضة في وجه الكتابة والثقافة معًا. الكتابة ليست ترفًا، كما أنت تمارسها، بل تعني السخط على الظلم، دائمًا، الظلم بأشكاله جميعًا، أينما كان ورغم أنف الظالمين. والكاتب الشريف هو الذائد عن كرامة المسحوقين في مجتمعه، بدون شرط ولا قيد ولا لمجرد الإثارة الفارغة فقط. المهم هو أن تكون كاتبًا لتنوير المجتمع وليس لإسعاد نفسك فحسب. اكتب لأجل الشعب وليس لأجل السيّد والشيخ والزعيم وإبليس. عانِقِ الشعبَ وحطّم الأصنام. نريد أقلامًا تُضيء الطريقَ للمخنوقين بالظلام.
وأنت تستعد للكتابة، تمّهل قليلًا، وتذكّر أنّ الكلمة تموت عندما تُلقى في الفراغ، انظر إلى الذين يموتون أمامك وخلفك، جوعًا وظلمًا وقتلًا، في البيوت والسجون والمستشفيات والطرقات، ضع نفسك مكان هؤلاء، كن قلبًا لهم ثُمَّ اكتب ما تستطيع.
وأنت تكتب عن أي موضوع، تذكّر أنك تمارس الكتابة لا الزنا، أنّك تمارس المحبة لا الإماتة، وتذكّر دومًا، قبل أن تكتب، أن الهدف هو خلق الحياة، أو الدفاع عنها، وقول الحقيقة، أو الاقتراب منها قدر الإمكان، وأن المعنى هو الأساس. وإن كنت لا تمتلك فكرة عميقة عن الكتابة، ولا لديك قضية نبيلة للتعبير عنها، فلا تستهلك اللغة عبثًا.
إن كنتَ تكتب لأجل الكتابة وحسب، فأنت لا تكتب. الكتابة لا تعني اللعب واللغو، ولا تحتمل الخيانة والخساسة، ولا تزدهر بالكذب والزيف. هي موقف حر وفِعْل وجود. لا تكتب لأجل الشهرة أو لإثبات أنك كاتب بارع، أعني لا تكن تافهًا. وإن كنت ستكتب لتمدح وتُصفِّق، فلا تكتب، لأنّك ستلطّخ شرف الكلمة وشرفك في آن.
ها هي الحرب تقوِّضُ كلَّ شروط ومقومات ومداميك الحياة، تنسف الأحلام والآمال والألوان وتقطع الطرقات والحقوق والحريات وتهدم البيوت وتكتري الأقلام الخبيثة والرخيصة وتوظفها ضد الكرامة الإنسانية ضد الحق والعدل والسلام. في هذه الحالة الخَطِرة، ماذا على الكاتب أن يقول، ماذا يكتب وكيف، هل يمارس لغة الغزل أم لغة السخَط، أيتصالح مع القتلة أم يفضحهم ويقارع أفعالهم الإجرامية، أيقِف مع الساحقين أم في جانب المسحوقين، أيخون الكلمة من أجل سلامته الشخصية أم يقولها بكل حرية وصدق ويدفع الثمن من حياته، أيهرب إلى الحياد أم يلتزم الصمت التام، أيضحّي بالكلمة أم بحياته، أين بالتحديد يضع قلمه ونفسه؟ ومما لا شكَّ فيه أنّ كلمة الحق، في زمن الحرب، زمن التعصب والإرهاب والدمار، إذا خرجت من قلم الكاتب قتلته بشكلٍ أو بآخر، وإذا حبسها (أي الكاتب الحر)، حبس نفْسَه عن الحياة! هو الآن في موقف شديد الخطر، وفي لحظة عصيبة، فكيف يقول ما يجب أن يُقال، دون أن يعرّض نفسه للموت؟ وهنا تحضرني مقولةٌ هامّة كتبها أُنسي الحاج "لا قيمة لشيء مما نكتبه ما دمنا نعتبر أن سلامتنا الشخصية أغلى من الحقيقة".
لك الحق أن تكتب ما تريد وبأي أسلوب يعجبك. نَعمْ، من حقك أن تكتب عن فراشة غرقت في وعاء مملوء بشهوتك، عن حشرة مؤذية ضربتها بحذائك ثم بالهراوة وأنت تشاهد أحد الأفلام العنيفة، عن حالتك وحيدًا في قعر النسيان، عن مزاجك الجميل وأنت ترقص، عن شعورك بالقلق القاتل لمجرد أن تناديك امراة غريبة إلى العناق، عن أملك الذي صار شبحًا، عن أصابعك وقد ذابت من غزارة حزنك، عن خَيْطٍ ما يخنُقُك في حلمك ولا يبدو لك واضحًا، عن صراعك الغرائبي مع قناعٍ لمحاربٍ قديم، أو عن أيّ سؤال يحيّرك، كما من حقك أن لا تكتب شيئًا. لكن، عندما تندلع الحرب وتستهدف الحياةَ في كل جوانبها، ليس من حقك أن تُسكِت قلمك أو تبتعد به عن الحقيقة، بلْ عليك أن تتخلص من أنانيّتك ومن خوفك وتنخرط في معركة العدالة والكفاح ضد القتلة واللصوص والطغيان، ناشدًا السلام، أن تحفرَ بالقلم ثغراتٍ للنور والهواء في جدار الموت المُفترِس، أو حاول ذلك بلا يأس ولا كلل. والحق أنّك مطالب، في كل وقت، بجعل قلمك صوتًا لمن لا صوت لهم.
ويكون الكاتب حقيقيًا وكبيرًا ومؤثِّرا عندما يكتسب قلمه شروطَ المثقف العضوي، ويذوب هو شخصيًا في هذه الشروط، منسجِمًا معها قولًا وفعلًا. والمثقف العضوي، حسب المفكر العراقي الكبير، هادي العلوي، هو "الفعّال في المجتمع لأجل إحداث التغيير". إنه القريب من الناس، المدافع عن حقوقهم دومًا. ثُمَّ لا بد أن يكون هذا المثقف مناضلًا اجتماعيًا أكثر منه مناضلًا سياسيًا. مع العلم، حسب العلوي، أنّ "اشتراطات المثقف العضوي، كما تحدث عنها غرامشي، تدخله في ساحات تبتعد به عن هموم الناس".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.