أعمال إزالة وتسوية ورفع مخلفات الحرب تمهيدا لاعادة فتح طريق رئيسي يربط بين جنوب ووسط اليمن    مليشيا الحوثي تُصفي شيخا قبليا بارزا في عمران وغليان قبلي يستنفر المنطقة    الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي تعقد اجتماعها الدوري برئاسة اليافعي    انطلاق مهرجان أرخبيل سقطرى للتمور بمشاركة واسعة ومنافسات مميزة    الوزير البكري يشدّد على أهمية التخطيط الاستراتيجي وتحسين بيئة العمل    تظاهرة في العاصمة السويدية احتجاجا على تواصل جرائم إسرائيل في غزة    وزارة التربية تعلن موعد انطلاق العام الدراسي الجديد 2026/2025م    الرئيس الزُبيدي يعزي البيض بوفاة شقيقه أبو بكر    إب.. العثور على جثة فتاة جرفتها السيول معلّقة في شجرة    سوق الصرف الموازية خلال يومين.. ثبات في صنعاء وتذبذب في عدن    للتخلص من حصوات الكلى... 5 علاجات طبيعية يمكنك اتباعها في المنزل    التغيرات المناخية تجتاح العالم.. كوارث طبيعية مدمرة تدق ناقوس الخطر    إب تسجل اعلى نسبة في كمية الامطار ب 40.3ملم    اليمن يعيد رسم خرائط النفوذ والسيطرة في المنطقة    السعودية والإمارات سبب معاناة المواطنين ومبادرة مياه الحوبان تواجه بتقاعس    مناقشة خطة جامعة البيضاء للعام 1447    40.6 مليون نسمة سكان اليمن في 2030    خلايا جذعية لعلاج أمراض الكبد دون جراحة    القوة الأسيوية والطموح النازي الغربي    الانهيار الكارثي للريال اليمني: أزمة تهدد وجود المواطنين    السكان يضربون 5 لصوص حتى الموت    إيجا تُدخل بولندا قوائم أبطال ويمبلدون    تاريخ مواجهات تشلسي وسان جيرمان قبل مواجهتهما بنهائي كأس العالم للأندية    سلطة شبوة تفتقد للوفاء والإنسانية ... مات الدكتور الصالح دون اهتمام    حقيبة "بيركين" الأصلية تسجل أغلى حقيبة يد تباع في التاريخ، فكم بلغت قيمتها؟    "صالح" أم الإخوان.. من أسقط اليمن في الفوضى؟    مبعوث أمريكا يهدد لبنان: تسليم سلاح حزب الله أو ضمكم لسوريا    اقرار دولي بمشروعية العمليات اليمنية في البحر الاحمر    عقوبات تنتظر الهلال حال الانسحاب من السوبر    بعد 98 عاما.. بريطانيا تكسب «زوجي» ويمبلدون    - بلاغ من سكان صنعاء للضبط المروري بشأن إزعاج الدراجات والسيارات المعدّلة    - جريمة مروعة في محافظة إب: طفلة بريئة تتعرض للتعذيب على يد خالتها وزوجة أبيها    ما وراء الكواليس: تفكيك لغز الصراع اليمني    يا بن بريك.. من لا يملك حلاً فعليه أن يتنحّى    لقاء سوري إسرائيلي مرتقب في اذربيجان    عُهرٌ سياسيٌ بذاكرةٍ مثقوبة.. من الذي لم يَفعل..!    تغاريد حرة .. عصر فاقد للوعي والموقف والضمير    ألكاراز يتأهل إلى نهائي ويمبلدون للمرّة الثالثة توالياً    صنعاء .. البنك المركزي يكشف مواصفات العملة المعدنية الجديدة    مودريتش لريال مدريد: إلى لقاء قريب    نيوكاسل الانجليزي يعلن تعاقده مع إيلانغا في صفقة ضخمة    رئيس الوزراء يدشن الجولة الأولى من الحملة الوطنية الطارئة للتحصين    خاطرة عن الفضول في ذكراه    شيرين وفضل شاكر في دويتو غنائي جديد    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 12 يوليو/تموز 2025    وسط تحذيرات من انهيار الوضع الصحي.. تزايد حالات الإصابة بالأوبئة في ساحل حضرموت    قمة أوروبية في نهائي مونديال الأندية    الضالع.. عناصر أمنية تعبث بموقع أثري وتطلق النار على فريق من مكتب الآثار بالمحافظة وتمنعه من الدخول    "الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    العثور على نوع جديد من الديناصورات    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    عن بُعد..!    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يومياتي في أمريكا .. عذاب القبر في أمريكا
نشر في يمنات يوم 06 - 07 - 2025


أحمد سيف حاشد
صديقي الحرازي اسمه عبدالواحد القديمي من بني إسماعيل في حراز.. يقابلك بتحية عسكرية ووجه رضي ينبض بالمحبة.. في كل مرة تلتقي به يتملكك الخجل من حفاوته وحرارة استقباله لك.. ملامح وقسمات وجهه وبشاشته تمنحك طمأنينة وسكينة وراحة بال.. يشعرك بالألفة والمحبة والدفء.. يتسلل إلى وجدانك كجدول ماء عذب.
يأسرك حديثة من أول وهلة.. يغمرك بانسانيته.. تتجاذب معه أطراف الحديث فيتسلل إليك شعور وكأنك تعرفه منذ عهد بعيد.. يهطل عليك مطرا من محبة.. إنسان قل نظيره أو قلّما تجد في الواقع رجلا مثله أو يشبهه.
ظل يرفض أخذ المال مقابل السلع التي آخذها من بقالته، وحالما بدأت أعزف عن أخذ ما احتاجه منه، بدأ يأخذ مني مبلغا رمزيا حتى يرفع عني بعض الحياء والحرج، ورغم هذا لم يرقني الأمر.
ضقت بحيائي وأثقلت وطأة الحرج وجهي وكاهلي.. أضطررت لمغادرة صديقي والإحجام عن شراء ما احتاج إليه منه دون أن أقطع حبل المودة والسلام عليه مع يمين أطلقه كل يوم أن أموري على خير مايرام.
صرت أتعامل مع صاحب البقالة الأخرى لأتجنب صديقي الحرازي، ومع ذلك صار يتصل لي ويقدم لي وجبات جاهزة يحضرها من بيته لا من بقالته، ويقسم معها أيمان الود والمحبة أن أخذها.. تملكني هذا الرجل بكرمه ونبله وشهامته وسمو ودماثة أخلاقه.
احترت كثيرا وصرت أفكر بمغادرته مغادرة المحب دون عودة، ولكن كان للأقدار كلمة أخرى وقول فصل سأعود إلي الحديث عنها في مناسبة أخرى.
***
تعاملت مع صاحب البقالة الأخرى.. كنت اعتقد أنه أمريكي من أصول هندية أو غيرها.. لم أهتم لأي بلد ينتمي إليه طالما هو لا يعرف اللغة العربية.. احاول أن أتفاهم معه ببعض الكلمات التي احفظها باللغة الإنجليزية، ولكن أحيانا أفشل في التعامل معه بالكلمات القليلة التي أحفظها؛ فاستعين بالإشارة تارة وبالمناولة تارة أخرى.
العجيب أن بعض الكلمات الإنجليزية التي كنت أحفظها وأطلقها باللغة الإنجليزية لم يكن يفهمها صاحب هذه البقالة.. فكلمة و "وتر water" الإنجليزية في بريطانيا نجدها في الإنجليزيه الأمريكية "ورر" فألجأ للتوضيح باستخدم لغة الإشارة او اتناولها باليد ليفهم صاحبها ماذا اريد.
كنت أعتقد أن لساني العربي غير معتاد على الإنجليزية فضلا عن مخارج ألفاظها، والحقيقة أن لساني لا تجيد حتى مخارج الألفاظ العربية، وقد اتهمني أخي عبدالكريم يوما أنني حالما أقرأ ابخس بعض الحروف حقها في النطق، بل وآكل بعض الحروف فضلا عن مخارج الكلمات وتشكيلاتها. وإذا كان هذا حالي مع العربية فكيف سيكون حالي مع الإنجليزية، وإذا كانت اللغة الإنجليزية في أمريكا هي نفسها تختصر بعض الكلمات والحروف الإنجليزية السارية في بريطانيا؛ فكيف يكون الحال بلسان من لا يجيد الحديث بلغة بلده، فما البال بلغة بلاد غيره.. إنه دون شك وضع صعب ومعقد أو هكذا بدت لي الأمور.
***
في يوم كنت مهموما ومشبعا بالقهر .. أحمل في يدي ملفاتي الطبية وأشياء أخرى ومتطيرا من دجال وكاذب، ومن جرأة نذالة تريد أن تسحقني بالإساءة.. عقلي كان شاردا في التيه ابحث عن مخرج من ورطة أعيشها ونذالة تحاول أن تستحكم حلقاتها، ومؤامرة خسيسة تنتوي النيل مني.. لا شرف فيها لخصومة ولا منازلة فرسان.. الوجع بالغ والجيد فارس تقتله الخساسة.
وصلت السكن الذي أقيم فيه.. بحثت عن تلفوني فلم أجده.. احسست أن ذاكرتي هي تلفوني وأنني قد صرت بلا ذاكرة.. سألت صديقي في السكن عما إذا كان رقمي لديه ليتصل برقمي حتى أتأكد أن تلفوني هل هو في الغرفة أم لا؟ فأخبرني أن رقمي ليس لديه، والأسف أنني لم أكن حافظا لرقمي.. أخبرته أن يتصل لزميلي الآخر الذي يقيم معي في نفس المكان، فتم الاتصال لأكتشف أنني أضعت تلفوني، وأن لا أحد يرد عليه.
رجحت أن أكون قد فقدته في باب العمارة حالما كنت محملا بأشيائي وافتح بابها بالمفتاح.. هرعت إلى الباب فلم أجد له عينا أو بقايا أثر.. هرعت مسرعا إلى البقالة التي أخذت بعض الأغراض منها، وبدلا من أن أتكلم مع صاحبها بالإنجليزية تكلمت معه بالعربية المستعجلة دون ترتيب أو شعور، وبطريقة تعتريها الهلع والعجل:
هل نسيت تلفوني هنا؟؟ هل وجدت تلفوني..؟!
فأجابني بالعربية انت من أين؟!
قلت له: من اليمن.
قال: من أين من اليمن؟!
قلت له: من تعز..
ثم سألته: وأنت من أين؟!
أجابني: من رداع..
قال: كنت اعتقد انك هندي خلال الفترة الماضية التي كنت تتعامل معي فيها..
ضحكت وقلت له: انا اعتقدت ايضا انك هندي..
قرحنا ضحكا وناولني تلفوني ..
ابتهجت نفسي وشعرت بالإرتياح بعد ضيق وشدة.
قلت لنفسي الإنسان يستطيع أن يحول حتى نكباته إلى فرص، بل وأيضا عبر وعضات وتعارف ومعرفة جديدة.
طلبت منه أن آخذ معه صورة..
فاجأني وهو يقول على نحو صارم:
لا .. ممنوع التصوير.. نظف تلفونك من الصور.. من الأغاني.. من الفيديوهات.. الصور والأغاني حرام.. أتذكر عذاب القبر.. هل سمعت عن الفنانة المصرية ماذا جرى لها في القبر.. نظف تلفونك.. لا تبقي فيه صورة أو أغنية أو فيديو .. كل واحد يجهز نفسه للرحيل.. في أي وقت ممكن يلقاك الموت فيه.
سألته عن اسم هذه الفنانة المصرية؟
فأجابني أنه لا يتذكر، ولكنه سمع ذلك في "اليوتوب"
سألته: انت الأن من صدقك؟!
فأقسم يمين واثنين وثلاثة
سألته: كم لك هنا:
أجاب: أنا ولدت هنا.
خرجت مذهولا و مفزوعا ولم أعد إليه.
***


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.