كشفت منصة متخصصة في شؤون الشحن البحري والتأمين أن السفينة "إترنيتي سي"، التي أغرقتها قوات حكومة صنعاء في البحر الأحمر، لم تكن مشمولة بأي تغطية تأمينية ضد مخاطر الحرب وقت وقوع الحادث. وأوضحت منصة "لويدز ليست إنتليجنس" (Lloyd's List Intelligence)، أن السفينة، التابعة لشركة "كوسموشيب مانجمنت" (Cosmoship Management)، لم تكن مشمولة بتأمين الحرب، الأمر الذي كشف عن خلل كبير في سوق التأمين البحري العالمي. وأشارت المنصة إلى أن بوليصة التأمين السنوية الأساسية ضد مخاطر الحرب كانت صادرة عن شركة "ترافلز" (Travelers)، وهي فرع لشركة التأمين الأمريكية الكبرى العاملة في لندن، إلا أن التغطية لم تكن سارية عند دخول السفينة إلى منطقة البحر الأحمر، المصنّفة كمنطقة عالية الخطورة من قبل "لجنة الحرب المشتركة" (Joint War Committee)، ما لم يُبلغ المؤمِّن مسبقًا ويتم دفع قسط إضافي – وهو ما لم يحدث. وبحسب الأنظمة المتبعة، يتوجب على أي سفينة تدخل منطقة مصنّفة ضمن مناطق الحرب إخطار شركة التأمين مسبقًا، والتي تحتفظ حينها بحق فرض قسط إضافي أو رفض التغطية كليًا. وفي حالة "إترنيتي سي"، اختارت "ترافلز" رفض التغطية، وهو إجراء نادر الحدوث. وتوقعت مصادر في قطاع التأمين أن تتكبد شركة "فاسيل بروتكت" (Vessel Protect)، التابعة لمجموعة "جالاغير" (Gallagher)، خسائر قد تصل إلى 40 مليون دولار جراء الهجوم. وأكدت المنصة أن ناقلات البضائع الجافة، مثل "إترنيتي سي"، تُعد أهدافًا سهلة نسبيًا بسبب انخفاضها في الماء وبطء حركتها، وهي مواصفات لطالما استغلها القراصنة الصوماليون في السابق. وأفادت تقارير بأن أحد العوامل التي دفعت "ترافلز" إلى رفض التغطية هو أن عددًا من السفن التابعة ل"كوسموشيب مانجمنت" كانت قد رست في موانئ إسرائيلية خلال العام الماضي. وتشير تقديرات السوق إلى أن السفينة لم تكن مؤمّنة على الإطلاق ضد مخاطر الحرب عند تعرضها للهجوم، ما يعني أن شركة "كوسموشيب" ستتحمل الخسائر كاملة. وقد أثار هذا الموقف غضبًا واسعًا في أوساط ملاك السفن، حيث عبّر عدد من مشغّلي السفن الكبرى عن استيائهم مما وصفوه ب"تنصل شركات التأمين من مسؤولياتها"، بل ووجّه بعضهم رسائل غير مسبوقة إلى منصة "لويدز ليست" احتجاجًا على ذلك. ويرى أصحاب السفن أن تصاعد النزاعات في البحر الأسود وقطاع غزة أتاح لشركات التأمين تحقيق أرباح ضخمة من خلال فرض أقساط مرتفعة على تغطيات الحرب، حيث تشير التقديرات إلى أن أقساط تأمين الحرب بلغت نحو 400 مليون دولار في سوق لندن وحده خلال عام 2023. لكن "لويدز ليست" أوضحت في المقابل أن هذه الأرباح لم تكن صافية بالكامل، إذ تكبدت شركات التأمين أيضًا خسائر كبيرة بسبب الهجمات، ما يجعل هامش الربحية "قائمًا، لكن غير مبالغ فيه". وأضافت المنصة أن جزءًا من العوائد المالية لتغطيات الحرب قد استُخدم لتعويض خسائر وثائق تأمين أخرى، مثل تأمين "البدن والآلات"، ما شكل دعمًا غير مباشر لملاك السفن. واختتمت المنصة بالتأكيد على أن شركات التأمين التجاري، مثل "ترافلز"، لا تعمل وفق مبادئ تضامنية كما هو الحال في نوادي الحماية والتعويض (P&I Clubs)، بل تدار بمنطق ربحي وتخضع لمساءلة المساهمين، ما يجعل قرار رفض التغطية في حالة "إترنيتي سي" قرارًا مبررًا من الناحية التجارية.