حدثت خلافات وصفت ب"الساخنة" بين عدد من أعضائها الذين يمثلون أطرافا سياسية مختلفة, أخفقت بسببها لجنة وزارية شكلت لاتخاذ قرارات بشأن المشروع التطويري لميناء عدن وميناء الحاويات, في استكمال اجتماعاتها والخروج بقرارات نهائية وواضحة. وعلى مدى ثلاثة أيام, الأسبوع الماضي, عقدت اللجنة الوزارية, برئاسة محمد السعدي وزير التخطيط, وبحضور ومشاركة رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة, ووزراء: النقل واعد باذيب, و المالية صخر الوجيه, والدولة رشاد الرصاص, ومحافظ عدن وحيد رشيد, وسامي فارع الرئيس التنفيذي لمؤسسة موانئ خليج عدن, وعبد الجليل الشعيبي رئيس هيئة المنطقة الحرة, اجتماعات مكثفة بهدف الخروج بقرارات نهائية بشأن المشروع التطويري لميناء عدن ومشروع العقد الصيني, وبخصوص استيلاء ونهب وردم الأراضي التابعة لمؤسسة الموانئ بعدن؛ إلا أن اجتماعات اللجنة لم تخرج بأي قرارات واضحة ونهائية. وقال ل"الشارع" مصدر موثوق شارك في أعمال اللجنة بصنعاء إن الخلافات التي وصفها بالمفتعلة نشبت بين عدد من أعضاء اللجنة, تمثل ملامح الصراع الخفي الذي بدأ يبرز الى السطح, بين مراكز قوى سياسية تسعى للسيطرة على ميناء عدن وموارده. وقال المصدر, الذي كان حاضرا سلسلة اجتماعات عقدت بصنعاء, إن خلافا حادا وصل حد الملاسنة والتهديد نشب بين عدد من أعضاء اللجنة. وحسب المصدر, فقد تمحور الخلاف حول عدد من النقاط الرئيسية, اهمها تنفيذ مشروع تطوير ميناء عدن, الذي قدمته مؤسسة الموانئ وحول الجهة التي يفترض أن تتولى إدارة ميناء الحاويات, فيما رفض محافظ عدن وحيد رشيد, وعبد الجليل الشعيبي, رئيس هيئة المنطقة الحرة, مشروع العقد مع الجانب الصيني لتطوير وتوسعة الميناء. وطبقاً للمعلومات فهناك محاولات لإسناد هذه المهمة لشركة تركية بشراكة محلية من قبل مراكز قوى قبلية وعسكرية. وترفض إدارة المنطقة الحرة بعدن إسناد مهمة إدارة ميناء الحاويات الى مؤسسة موانئ خليج عدن, متمسكة بحق هيئة المنطقة الحرة في تولي المهمة, رغم قرار مجلس الوزراء الذي تم بموجبة إنشاء شركة عدن لتطوير الموانئ كشركة محلية حكومية تابعة لإدارة ميناء عدن لتتولى إدارة ميناء الحاويات خلفا لدبي, فيما تطالب قيادة هيئة المنطقة الحرة محافظ عدن بإلغاء القرار. وقال المصدر إن الخلاف الحاد نشب إثر ذلك, خلال اجتماعات اللجنة, بين طرفين رئيسيين, الأول يمثله محافظ عدن ورئيس هيئة المنطقة الحرة, والثاني يمثله وزير النقل وقيادة ميناء عدن, فيما لزم رئيس اللجنة, الوزير علي السعدي, الصمت طوال الاجتماع, ووقف رئيس الوزراء باسندوة موقف المتفرج. وكشف المصدر أن الشعيبي اشترط إسناد إدارة ميناء الحاويات الى محافظ عدن وإدارة المنطقة الحرة, مضيفاً أن الشعيبي ومحافظ عدن أظهرا موقفا واضحا بعدم قبولهم إسناد إدارة ميناء الحاويات لإدارة ميناء عدن إلا بشراكة طرف قوي من القطاع الخاص, مطالبين في البداية بإلغاء ورفض مشروع أي عقد مع الجانب الصيني, الذي قدم عرضاً استثنائياً لليمن؛ قرض لتطوير الميناء بفائدة متدنية. وأشار المصدر الى أن الشعيبي كان يردد بصوت عال خلال الاجتماع وأمام رئيس مجلس الوزراء وبقية أعضاء اللجنة: "على جثتي أن تسجل شركة عدن لتطوير الموانئ أو تسلم لها إدارة ميناء الحاويات". وقال المصدر إن الشعيبي يصر على أن تدير هيئة المنطقة الحرة, التي يرأسها, ميناء الحاويات, أو إقالته في حال أرادوا تسجيل شركة عدن لتطوير الموانئ لتقوم بإدارة الميناء. وأيد وحيد علي رشيد طرح الشعيبي, وزاد عليه مطالبته بإلغاء مشروع عقد تطوير الميناء مع الصين, وتسليم إدارته لسلطات محافظة عدن التي بدورها ستسلم الميناء لإحدى الشركات التجارية الخاصة يحددها هو (لم يسمها). وحسب المصدر, قال رشيد إن "ميناء عدن مغلق منذ عام 67م وحان الوقت لتشغيله", وهو القول الذي استفز باذيب من جهة ودفع باسندوة الى الخروج عن صمته بإبداء رفضه لحديث رشيد. وطبقاً للمصدر, فقد رد باذيب على محافظ عدن قائلاً: "أين كنت عندما تم تسليم ميناء الحاويات لدبي؟ وأين كنتم (مشيرا باتجاه الشعيبي ورشيد) خلال الحملة الشعبية المطالبة باستعادة ميناء الحاويات من دبي؟". واستدرك موجها حديثة لأعضاء اللجنة الوزارية: "إن جميع المشاورات والحوارات المطولة التي تمت بخصوص استعادة ميناء الحاويات من قبضة دبي كان رشيد مشاركاً فيها, إضافة الى وكيل محافظة عدن, احمد سالمين, إضافة الى مشاركة المنطقة الحرة في المفاوضات" متسائلاً: "فلماذا لم تبدوا أي اعتراض حينها؟ ولماذا لا تخبروننا بالذي تغير وغير موقفكم معه؟". وقاطع الشعيبي, حسب المصدر, حديث باذيب مكتفيا بتكراره القول: "على جثتي أن تسجل الشركة", ويقصد شركة عدن لتطوير الموانئ التي تدير ميناء الحاويات خلفا لدبي. يذكر أن هناك قراراً من هيئة المناطق الحرة بالموفقة على تسجيل شركة عدن, التي أوكل إليها إدارة ميناء الحاويات بعد خروج دبي, إلا أن رئيسها (الشعيبي) تراجع عن موقفه خلال الفترة الأخيرة, وأصبح يطالب بعدم تسجيل الشركة. وأشار المصدر الى أن الشعيبي قال بلهجة حادة تشبه التهديد المبطن: "في حال أصرت الحكومة على ذلك سأعود الى عدن لقيادة الجماهير والدفاع عن عدن", وهي العبارة التي أغضبت صخر الوجيه فور سماعها فقال: "الآن يبدو أن لديكم مشروعاً آخر وهو ما لم نكن نعرفه؛ ولكننا لن نسمح به؛ لأنه ربما مدفوع من طرف آخر, فلماذا لا توضحون لنا؟". من جهته قال باذيب ردا على الشعيبي ورشيد: "نحن سنسجل الشركة ونقيم المشروع وسننتصر لعدن, وليس من قضوا حياتهم بعيدا عنها وعن معاناتها طوال عقود ويحملون الجنسيات الأجنبية". وكانت "الشارع" تفردت بنشر تفاصيل مذكرة رئاسية وجهها هادي لحكومة باسندوة حينها في مطلع سبتمبر, من أجل إيجاد مخارج لعملية فصل ميناء الحاويات وإحالة إدارته لصالح هيئة المنطقة الحرة في نهاية مايو الماضي. وأشار تقرير "الشارع" حينها الى صراع خفي موجه من مراكز قوى بصنعاء للسيطرة على إدارة الميناء وموارده. وكشف التقرير عن وجود "شركات قطرية وأمريكية وبريطانية تبذل, عبر مراكز قوى وأطراف سياسية يمنية نافذة, مساعي حثيثة للحصول على ميناء عدن بالشراكة من الباطن مع مراكز قوى سياسية بصنعاء, ما يجعلها أحد الأسباب وراء خروج المذكرة الرئاسية, التي يعد صدورها مناقضا لقرار مجلس الوزراء السابق". وكشف التقرير حينها أن مذكرة هادي الى حكومة باسندوة جاءت بناء على مقترح قدمه محافظ عدن طالب فيه الرئيس بفصل إدارة ميناء الحاويات عن مؤسسة موانئ خليج عدن لصالح المنطقة الحرة أو إدارة المحافظة وتسليمها لشركة خاصة. وأشار التقرير أيضا الى أن المذكرة الرئاسية وجهت لحكومة باسندوة دون مرور نسخة منها لوزارة النقل حسب الإجراء الإداري المتبع. وأمس, قال مصدر سياسي رفيع ل"الشارع "إن المطروح مؤخراً فضلا عما طرح في السابق وحاولت مراكز قوى الضغط لتمريره بشأن ميناء الحاويات, هو عرض تركي يتم تبنيه والضغط بقوة من قبل مراكز قوى سياسية بصنعاء لتمريره, بالتزامن مع محاولات إعاقة مشروع العقد مع الجانب الصيني.