أيمن سنبل تحولت الأنظار مؤقتاً عن الحرب الدائرة في اليمن منذ شهور، واتجهت إلى مدينة جنيف السويسرية، التي تستضيف، غد الإثنين، مشاورات يشارك فيها ممثلين عن طرفي الصراع في اليمن برعاية الأممالمتحدة على أمل التوصل لحلول تنهي الأزمة في هذا البلد الذي دمرته الحرب. فهذه المشاورات التي يشارك فيها نحو 14 ممثلاً، بالمناصفة بين الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحلفائهم، هي الأولى التي تجمع طرفي الصراع بشكل غير مباشر تحت مظلة الأممالمتحدة فقط، منذ سيطرة "الحوثيين" على العاصمة صنعاء، وما تبعه من فرار الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن ثم السعودية، الساعية من خلال حملة عسكرية، إعادة هادي للسلطة. وعلى ما يبدو أن "مشاورات جنيف" لن تقل شراسة عن الحرب الدائرة في اليمن، حيث يسعى طرفي الصراع لتحقيق مكاسب على الأرض تعزز موقفهم التفاوضية. و ما يكشف صعوبة "مشاورات جنيف" بين الفرقاء اليمنيين، هو إعلان "الأممالمتحدة"، أن المشاورات ستكون منفصلة في البداية (غير مباشرة)، مع التأكيد على سعي المنظمة الدولية في النهاية لجمع الفرقاء على طاولة مفاوضات واحدة لإنهاء الصراع. وفي حقيقة الأمر، فإن سقف النتائج المتوقعة في جنيف ضعيفة للغاية، لأن طرفي الصراع يقفان على طرفي نقيض، حيث تؤكد "الحكومة اليمنية"، بزعامة هادي، أن "مؤتمر جنيف" هو "نقاش لتنفيذ قرارات الأممالمتحدة حول اليمن، وخصوصاً القرار 2216، الذي يقضي بانسحاب الحوثيين من المحافظات وتسليم أسلحتهم". و في المقابل، يرفض الحوثيون القرار2216 الصادر في منتصف ابريل/نيسان الماضي، ويعتبروه "دعماً للعدوان السعودي" على اليمن، فيما تعتبر "الحكومة اليمنية" ودول الخليج الداعمة لها تنفيذاً للقرار 2216، أساساً لأي حل في اليمن. و غير بعيد من ذلك، أعلن مجلس التعاون الخليجي أن "التحالف"، الذي يشن حملة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن منذ 26 مارس آذار الماضي، أن "الحملة" لن تنتهي إلا بتنفيذ قرارات الأممالمتحدة، وخصوصاً القرار 2216. وعلى الجانب الآخر، محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثيين، أعلن رفضه قبل أيام، أي "توصيف" للقاء جنيف من قبل أي طرف، مشددا على ضرورة عقد اللقاء "دون شروط مسبقة". و فيما يبدو تغريداً خارج السرب، قال ياسر العواضي القيادي في حزب "المؤتمر الشعبي العام"، الذي يتزعمه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، على حسابه على تويتر "إنه لا خلاص لليمن أبداً من جنيف، ولا من الرياض، ولا من مسقط ، ولا خلاص لليمن إلا من صنعاءوعدن ومدن اليمن الأخرى". هذه التصريحات تضفي مزيداً من الغموض على موقف حزب "المؤتمر الشعبي" الذي يحظى بشعبية كبيرة في اليمن، بالتوازي مع احتفاظ رئيسه بمعظم ولاءات الجيش المتحالف مع "الحوثيين"، من مشاورات جنيف، حيث لم يعلن "المؤتمر" حتى الآن عن موقفه الرسمي من المشاركة فيها. و بالنظر إلى موازين القوى على الأرض في اليمن، فإن الحملة العسكرية التي تشنها السعودية ضد الحوثيين وحلفائهم، لم تنجح حتى الآن في إضعاف قبضتهم على البلاد، حيث ما زال الحوثيون في موضع قوة ويسيطرون على أجزاء كبيرة من اليمن. و في ضوء كل هذه المعطيات، لا يبدو أن "الحوثيين" وحلفائهم في موقف ضعيف يضغط عليهم لتقديم تنازلات والقبول بشروط تفرض عليهم الاستسلام في جنيف مقابل لا شيء. و على الجانب الآخر لن تقبل دول الخليج التي تدعم هادي، بأن يخرج "الحوثيون"، المدعومين من إيران، من "جنيف" بما يمكنهم من بسط سيطرتهم على البلد المجاور وتهديد مصالحهم. و يبقى السؤال الأهم، وهو إلى أي مدى سوف ينجح "جنيف" في صهر كل هذه المتناقضات في بوتقة حل يرضى جميع الأطراف وينقذ الشعب والدولة اليمنية ؟