هل الهجوم بداية لإغلاق مكتب (الجزيرة) في اليمن؟ وهل هو استمرار ومواصلة لإغلاق الصحف المستقلة والمواقع الالكترونية، بحيث يصل إلى قنوات مهنية كقناة (الجزيرة) التي فتحت أفقا جديداً متسعاً لكل المواقف والآراء في عالمنا العربي المتعود على القنوات الرسمية المملة ، والخطاب المكرر.. والأناشيد المطبلة للحاكم الضرورة والديمقراطية...الخ أيعقل أن تتبنى دولة تدًعي الديمقراطية محاربة قناة مهنية كسرت حواجز التخلف الإعلامي في أوطاننا العربية، وفتحت سماوات الحرية والديمقراطية بمهنية رفيعة لم يعهدها وزراء الإعلام العرب في كل تاريخهم ومبادراتهم ومواثيقهم التي دائماً ما تستهدف وضع قيود جديدة ضد الحريات في الأقطار العربية وآمال شعوبها في الإنعتاق من قيود حكامهم، وروتينية حياتهم القاتلة. لم يعد في عصر ثورة الاتصالات والتقنيات مساحة للتحكم بإغلاق فضاء الاستقبال، رغم محاولات التشويش التي تقوم بها بعض الدول.. فالقنوات الفضائية والانترنت دخلا حتى إلى غرف نوم الحكام الرافضين لاستيعاب التغيير. فهل يعتقد القائمون على الأوضاع العربية وإعلامه أنهم قادرون على إسكات تلك الأصوات ؟. يبدو أن الضيق بالصحافة المستقلة والأقلام الشابة التي كسرت حواجز الخوف والمعهود لدى الأنظمة وإعلامه الرسمي ، بلغ حاليا حدا يتجاوز الأوامر بعدم طباعة الصحف وإفقار ناشريها الذين يعانون من أقسى الظروف المادية ، لا يملكون في حياتهم ثمن أوراق الطباعة والحبر ، إلى مستوى الهجوم على قنوات ك(الجزيرة) ، بعد تهديد مراسليها بأساليب شتى، إبتداء من تسجيل مكالمة خاصة بين مدير مكتبها في صنعاء واسرته إلى إرسال تهديدات عبر هواتف انطلقت من السعودية، وقد يكون المطبخ واحد ، ناهيكم عن المضايقات التي تواجه مكتبها بعدم بث بعض الاحتجاجات والأحداث باعتبار أنها تسئ إلى (النظام الديمقراطي والوحدة) وهو أسلوب عفى عليه الزمن، وتجاوزت خطوط ممنوعاته التقنيات والفضاءات الحرة. فهل قناة (الجزيرة) تبنت الدعوة للانفصال وتجزئة اليمن، وقادت المسيرات واشتركت في قتل المواطنين.. أم أنها حاولت نقل خبر وصورة، وإجراء حوار، شأنها شأن أي قناة مهنية تبحث عن الخبر والتقرير، بل والحقيقة بحرفية عالية. إن البحث عن عدو وهمي هو اسلوب غير مجد فالنظام هو المسؤول عن كل مايحدث اما الصحافة المستقلة أو المواقع الالكترونية التي تنقل حقائق ما يجري على الساحة، فلم ولن تكون هي السبب فيما يحدث، بل النظام هو السبب بادعائه امتلاك الحقيقة كل الحقيقة دون سواه . إن الوحدة اليمنية لا تهددها تلك الصحف والمواقع التي يجري توقيفها وحجبها، ولا قناة (الجزيرة).. فما دام النظام متأكد من قوتها ومتانتها كرسوخ الجبال فلماذا تهزه صورة وحروف لمجرد بث خبر اوتقرير. أما إذا كانت الوحدة لا يحافظ عليها إلا باهراق مزيد من الدم (حتى يصل إلى الركب) فأن أمر ذلك يعود إلى التعود على الإرتكاز على منطق القوة، لا على المنطق والحجة وحل المعضلات على الأرض وليس في السماء، وعلى السلطة أن تعيد مراجعة حساباتها بمزيد من الاعتراف بالأخر وممارسة الديمقراطية فعلا لا قولاً. أما منازلة قناة (الجزيرة) الحرة.. فأنها منازلة خاسرة في زمن الفضاء الحر.. ونقولها خاسرة ألف مرة. لقد سخر بعض المهتمين بالخطاب الرسمي المهاجم للقناة.. باعتباره يمثل حالة من الخوف لا القوة.. وتساءل أحدهم: ماذا لو انطلقت (الجزيرة) من اليمن..؟ هل كان سيفرض عليها وعلى مذيعها ماذا تبث، ومع من تجري اللقاءات والمقابلات.. ومن تسمح له بدخول المطار ومن يمنع؟! أليس من حق قطر أن تفاخر بقناة الجزيرة، حيث يستطيع أي محاور أن يوجه نقده لدولة قطر ومن داخل أراضيها دون أن يتم إيقاف المذيع أو يمنع المستضاف من المغادرة أو القدوم ثانية إلى قطر. إن اليمن تخسر بمواقفها الراهنة ما يمكن تسميته مجازاً بالهامش الديمقراطي، إبتداء بمذبحة الصحافة المستقلة وصولاً إلى الهجوم الرسمي المعد ضد قناة يفخرالاحرار العرب أنها تنطلق من أراضيهم وأنها أسست لمدرسة جديدة في عالم الفضائيات الحرة، واستطاعت أن تتبنى حملات إعلامية بنجاح وتكسر حاجز الخوف من فتح الملفات السرية والقضايا الساخنة ، ونقل معارك حية ابتداء من بيروت والعراق حتى غزة باداء وقدرات خارقة، تجاوزت قناة ( سي ان ان) الأمريكية فهل يتم إيقاف هذه الحملة.. أم أنها ستؤدي إلى مزيد من المذابح والفضائح التي تكشف أوراق التوت عن الإدعاء بأننا دولة ديمقراطية نموذجية تبحث عن الشهادات ولو بمنح الأوسمة الرفيعة لمن لا يستحقها!!