يترقب المصريون اليوم الأحد سماع اسم الرئيس الجديد سواء كان عسكريا سابقا أو عضوا في جماعة الإخوان المسلمين التي ظل الرئيس السابق حسني مبارك يحاربها طوال فترة رئاسته التي امتدت لثلاثة عقود. ومن المقرر ان تعلن لجنة الانتخابات النتيجة الرسمية لجولة الإعادة التي جرت السبت والأحد الماضيين في مؤتمر صحفي الساعة الثالثة مساء (1300 بتوقيت جرينتش) في حدث يوصف بالتاريخي ولكنه لن ينهي الصراع على السلطة بين الجيش والتيار الإسلامي وغيرهما من أجل مستقبل مصر. وأعلن الاخواني محمد مرسي فوزه بسباق الرئاسة في أكبر دولة في الشرق الأوسط حتى وإن لم يتخل العسكريون بعد عن السلطة التي انتقلت إليهم منذ الإطاحة بمبارك قبل 500 يوم . وقد يتسم رد فعل الإخوان ونشطاء ليبراليون حشدوا المواطنين في الشوارع ضد مبارك العام الماضي بالغضب إذا أعلنت لجنة الانتخابات فوز أحمد شفيق القائد السابق لسلاح الطيران وحليف مبارك فائزا بالرئاسة. وجاء جميع رؤساء مصر على مدار الأعوام الستين الماضية من صفوف الجيش مثل مبارك. وقد يمثل فوز شفيق للعديد من المصريين والملايين عبر المنطقة ضربة معنوية لثورات الربيع العربي رغم تأكيده لرغبته في تشكيل حكومة ائتلافية. وكتبت صحيفة المصري اليوم في العنوان الرئيسي في صدر صفحاتها "مصر تترقب الرئيس ..وتتحسب للأسوأ" في إشارة إلي مخاوف من نشوب أعمال عنف. ونشرت صحيفة الوطن "الإخوان يعدون المسرح لمرسي.. تأهب امني مكثف تحسبا لفوز شفيق." وسيأتي الرئيس الجديد بصلاحيات محدودة عن تلك التي توقعها المرشحون الذين خرجوا من السباق في الجولة الأولى التي جرت في مايو ايار. وكان الجيش قد وعد بتسليم السلطة لحاكم مدني بحلول الأول من يوليو تموز. وقال علي محمود سائق سيارة أجرة (44 عاما) "الجميع في مصر قلقون الجيش يعلم النتيجة بالضرورة وينبغي إن يكون اتخذ إجراءات احتياطية" معربا عن القلق الذي ينتاب كثير من المصريين من ان موجة الاضطرابات التي استمرت شهورا لم تنته بعد. وتابع "اذا فاز شفيق ستقع مشاكل كثيرة ولكن ستقل الاحتجاجات إذا انتصر مرسي." وجرد المجلس العسكري الحاكم الذي نحى مبارك عن السلطة لتهدئة الاحتجاجات منصب الرئيس من العديد من صلاحياته وحل البرلمان الذي انتخب في يناير كانون الثاني وحظى فيه الاخوان المسلمين بالنصيب الأكبر. ومع ذلك تعتبر الرئاسة مغنما حتى اذا كان هناك احتمال ان تكون الانتخابات مجرد بداية لفصل جديد في التحول إلى الديمقراطية الذي اتسم باضطرابات دموية في اغلب الاحيان. ومن شأن صعود رئيس إسلامي لمصر ان يترك اثرا كبيرا في منطقة الشرق الأوسط وقد كان امرا لا يمكن تصوره قبل 18 شهرا. ولا يمكن تأكيد فوز المرشح الإسلامي. لكن الجيش وجماعة الإخوان وأطراف أخرى أعطت مؤشرات على هذا الاحتمال. وأعلن محمد مرسي (60 عاما) والذي تلقى تعليما في الولاياتالمتحدة وتعرض للاعتقال في ظل حكم مبارك فوزه بعد ساعات من اغلاق مراكز الاقتراع الأحد الماضي - في خطوة استنكرها الجيش. وفي مؤشر على ثقة مستمرة التقى مرسي بجماعات أخرى وصاغ اتفاقا لتشكيل حكومة وحدة وطنية. واصدر حزبه بيانا السبت قال فيه انه دعا "كل شركاء الوطن من مختلف التوجهات إلي المشاركة في هذا الاصطفاف الوطني لضمان إنجاح ما تم التوصل إليه والمشاركة الفاعلة في إعادة بناء الوطن بالشكل الذي يستحقه." ومن بين من شاركوا في هذه المحادثات عبد الجليل مصطفى القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير الذي قال لرويترز ان الاتفاق تم على برنامج عام خاصة في حالة فوز مرسي. وعلى العكس من ذلك لم يقدم أنصار القائد الأسبق للقوات الجوية الفريق احمد شفيق (70 عاما) والذي كان آخر رئيس وزراء في عهد مبارك على القيام بأنشطة مشابهة رغم اعلان شفيق يوم الخميس ثقته في الفوز. ومن الممكن ان يؤدي فوز شفيق -الذي فاز في جولة الإعادة بتأييد المصريين الذين لا يرغبون في حكم ديني ويفضلون عليه رجلا ينتمي إلى المؤسسة العسكرية التي يعرفونها جيدا- إلى احتجاجات من جانب الحركات الإسلامية المنظمة بشكل جيد وهي احتجاجات من المتوقع ان تواجهها قوات الامن في الشوارع. وفي إشارة للمخاوف من رد الفعل تجاه اي نتيجة قال مصدر بوزارة الداخلية "هناك تشديد امني على مؤسسات الدولة الحيوية وبالذات وزارة الداخلية واي اعتداء سوف يقابل بالقانون." لكن كانت هناك مؤشرات من جانب شخصيات بارزة في جماعة الإخوان والمجلس العسكري على انهم استعدوا لرئاسة مرسي من خلال اجتماعات عقدت بين الجانبين منذ الانتخابات. وبينما ينفي المسؤولون وجود اي مفاوضات بشأن عملية فرز الأصوات ذاتها إلا انه قد يكون هناك مجال أكبر لحل وسط لتخفيف حدة التوتر تجاه ما وصفه كثيرون بأنه "انقلاب ناعم" للجيش على البرلمان وسلطات الرئيس اذا أصبح مرسي رئيسا. وقالت جماعة الاخوان انها ستواصل احتجاجاتها حتى يلغي المجلس العسكري قرار حل مجلس الشعب والإعلان الدستوري المكمل الذي نقل للعسكريين سلطة التشريع. لكن مع صعود مرشحها إلى الحكم فمن الممكن ان يستمر التوتر بين الجماعة والمجلس العسكري لكن بشكل جديد. ويزعج هذا التعاون كثيرين من الليبراليين والعلمانيين الذين قادوا الموجة الاولى من الانتفاضة ضد مبارك لكنهم وجدوا انفسهم منقسمين ومستبعدين خلال الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية التي جرت الشهر الماضي وأصبحت خياراتهم محصورة بين الإسلاميين والجيش. واحتشد مئات في ميدان التحرير يوم الأحد وهتف محتجون على رفض الجيش تسليم السلطة ومؤيدون لمرسي "يسقط يسقط حكم العسكر".ورفع البعض صورا لمرسي ودعت جماعة الإخوان وغيرها لاحتجاج مفتوح. وكثيرا ما قال الجيش للمصريين والحلفاء الأمريكيين انه سيعود لثكناته ويسلم الحكم للمدنيين. لكن جنرالات الجيش يقدمون أنفسهم كحراس للأمن القومي المصري ولمصالح البلاد العليا وتحركوا لمنع الاسلاميين من الاستحواذ على حصة اكبر من السلطة. وتعني الخطوات التي اتخذها المجلس العسكري خلال الأيام العشرة الماضية للحد من صلاحيات الرئيس واستعادة سلطة التشريع من مجلس الشعب المنحل إلى جانب القيام بدور في صياغة الدستور الجديد للبلاد ان الفترة الانتقالية ستمتد لبعد الموعد المحدد لانتهائها في الاول من يوليو تموز. وأعربت واشنطن والاتحاد الاوروبي - وهما من اكبر الكتل المانحة للمساعدات لمصر - عن مخاوفهما من تراجع الجيش عن تسليم السلطة. لكنهما تشعران أيضا بالقلق من فكرة تسليم السلطة لرئيس اسلامي وهو ما يمكن ان يحول مصر إلى دولة معادية للغرب أو يهدد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية كما إنهما قلقتان بشأن الحريات والحقوق المدنية. وأزعجت أعمال العنف التي قام بها اسلاميون في تونس التي ألهمت ثورتها الثورة المصرية العديد من الليبراليين المصريين. وسوف يكون وضع دستور جديد للبلاد مفتاح التحول إلى الديمقراطية في مصر. وتعثرت مساعي كتابة الدستور في خضم الصراعات داخل البرلمان الذي حل بحكم من المحكمة الدستورية حيث انهارت جمعية تأسيسية بعد شكاوى من هيمنة الاسلاميين عليها وتواجه الثانية دعوى قضائية يوم الثلاثاء من المتوقع ان تؤدي إلى تفعيل نص في الإعلان الدستوري يحتفظ فيه المجلس العسكري بحق تشكيل اللجنة. وصورت جماعة الإخوان المسلمين نفسها على أنها جماعة عصرية مستعدة للعمل مع الآخرين وتريد احترام المعاهدات. ولا يحظى مرسي بشعبية واسعة بين المصريين بل ان بعضهم يسخر منه بوصفه "الإطار البديل" الذي قدمته جماعة الإخوان بعد استبعاد خيرت الشاطر الاكثر شهرة من السباق. ويقول منتقدون انه سيكون مجرد واجهة لشخصيات اقل ظهورا من قيادات الإخوان.