للمرة الأولى منذ تسعة وخمسين عاماً أقيمت كأس أمم آسيا خارج حدود القارة الصفراء كما انها المرة الأولى منذ ذلك التاريخ التي يتوّج فيها منتخب غير آسيوي "الأصل" باللقب ونعني استراليا التي رفعت الكأس بتغلبها على كوريا الجنوبية بهدفين مقابل واحد يوم السبت الماضي. ومنذ إنضمامها إلى الإتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 2005 شاركت استراليا في النسخ الثلاث الأخيرة، فخرجت من ربع النهائي عام 2007 ثم حلت وصيفة في البطولة الماضية قبل أن تنتزع اللقب في المحاولة الثالثة. من الواضح أن وجود استراليا مع منتخبات قارة آسيا ساهم في تضاؤل فرص العرب بالصعود إلى منصات التتويج أو التأهل إلى نهائيات كأس العالم، لأن الدولة الواقعة في نصف الكرة الجنوبي على غرب المحيط الهادىء، بلغت المونديال مرتين متتاليتين من خلال التصفيات الآسيوية بينما لم يُمّثل عرب غرب آسيا أي فريق في كأس العالم عامي 2010 و2014. كما أن الأندية الأسترالية بدأت هي الأخرى تعرف نجاحاً على صعيد دوري أبطال آسيا وذلك بعد تتويج ويسترن سيدني واندررز باللقب الاخير على حساب الهلال السعودي لتجمع استراليا المجد الاسيوي من طرفيه. بدأ انضمام استراليا الى الإتحاد الآسيوي يُشّكل عقبة أمام طموحات العرب على الصعيد القاري، لكنه في المقابل وقف أيضاً أمام طموحات منتخبات شرق آسيا ومنها كوريا الجنوبية التي كانت الأفضل طوال مشوار البطولة وكانت تمني النفس بلقب طال انتظاره أكثر من نصف قرن إلا ان عامل الأرض والجمهور ربما لعب دوره في وضعها على لائحة الإنتظار أربع سنوات أخرى. وعلى الرغم من نفيه وجود أي نية لإتخاذ قرار باستبعادها عن عضوية الإتحاد الآسيوي، إلا أن رئيسه الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة لم يخفِ وجود رغبة لدى الاتحادات الوطنية في دول الخليج وأخرى من خارج غرب آسيا لمراجعة عضوية أستراليا بحجة أن إنضمامها لم يحقق الجدوى. في الحقيقة وقف المنتخب الاسترالي حائلاً أمام متابعة المنتخب الإماراتي لمشوار ابداعه في النهائيات الآسيوية وتمكن "الأبيض" من بلوغ الدور نصف النهائي بجدارة واستحقاق قبل أن يسقط على يد أصحاب الأرض بهدفين دون رد ويودّع البطولة بشرف محتلاً المركز الثالث فيما توّج نجمه علي مبخوت بلقب هداف الدورة وهو الأمر الذي زاد من النقمة العربية على استراليا، ومع ذلك لا يمكن تسليم المنتخبات العربية ذريعة كافية بعد ان ودّعت سبعة منتخبات منها الدور الأول في النسخة الحالية من البطولة اثر تقديم مستويات مخيبّة للآمال ونتائج لا ترقى الى الإمكانيات المتاحة لتلك المنتخبات. ومهما يكن من أمر فإن استراليا ليست البرازيل. وعليه، فإن المنتخبات العربية مطالبة بتشريح مكامن الخلل التي أبعدتها عن التأهل إلى كأس العالم أو الصعود الى منصات التتويج قبل تعليق إخفاقاتها على "شماعة" وجود استراليا.