العدو الإسرائيلي يصدر قرارا بهدم 25 بناية بمخيم نور شمس    الرئيس المشاط يعزي في وفاة أحد اهم الشخصيات بمحافظة الحديدة    وقفة قبلية مسلحة في صنعاء الجديدة لتأكيد الجهوزية لمواجهة الأعداء    الصحة اللبنانية: استشهاد مواطنين اثنين بغارتين على صور وبنت جبيل    الدكاك: هل صارت سجون الداخلية والاستخبارات سجونًا خاصة يُرسل إليها النافذون من يختلفون معهم؟    السلطة المحلية: تمكين المؤسسات الرسمية من أداء عملها شرط لاستعادة استقرار وادي حضرموت    فعالية طلابية في حجة بميلاد الزهراء عليها السلام    الكشف عن "فاتورة استيراد" باهظة للعصائر .. "سعودية واماراتية فقط"!    صنعاء.. إعادة التعامل مع منشأتي صرافة وإيقاف التعامل مع ثالثة    اصابة 5 أشخاص برصاص وقنبلة في بعدان بينهم اخو الجاني    الرئيس الزُبيدي يطّلع على المخطط الإنشائي لمشروع مركز المؤتمرات والمعارض بمحافظة شبوة    الكثيري يترأس لقاء موسعا بالمكتب التنفيذي وعقال الحارات والشخصيات الاجتماعية بسيئون    خبير طقس يتوقع موجة برودة قادمة ويحدد موعدها    العليمي: انسحاب القوات الوافدة الخيار الوحيد لتطبيع الأوضاع في حضرموت والمهرة    ست فواكه تقلل خطر الإصابة بأمراض الكلى    مصطفى النعمان يتحدث عن الموقف السعودي الاماراتي من الانفصال ومستجدات ما يدور في حضرموت والمهرة    القائم بأعمال وزير الاقتصاد : اليمن يمتلك قاعدة إنتاجية قوية في صناعة الملبوسات    محافظ عدن يفتتح سوق الوومن في مديرية صيرة    جيش الاحتلال ينفذ سلسلة عمليات نسف بغزة    رسميا: جون سينا يعتزل حلبة المصارعة بعد مسيرة 23 عاما    مدير مؤسسة المياه بصنعاء: 13 مليار ريال مديونية تراكمية ومشاريع الطاقة الشمسية طوق النجاة    جبهة عارين تصنف محيطها كمنطقة عسكرية مغلقة    الرئيس الزُبيدي يوجه بتبنّي حلول مستدامة لمعالجة أزمة المياه    الرئيس الزُبيدي يطّلع على الوضع الصحي العام بالعاصمة عدن والمحافظات المحررة    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    تدشين مشروع صيانة خطوط شبكة الصرف الصحي بمدينة البيضاء    عرض سعودي خرافي لشراء برشلونة    حضرموت.. لماذا القوات الجنوبية؟    عدد خرافي للغائبين عن ريال مدريد بمواجهة ألافيس    السعودية والجنوب: تحالف راسخ فوق كل الخلافات    أجواء إيجابية تسود مفاوضات مسقط    مصادر: إخلاء معسكر التحالف بعدن ونقل قوات من لحج وأبين    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    السلاح لا يمنح الشرعية    تعز.. بئر المشروع في عزلة الربيعي :جهود مجتمعية تنجح في استعادة شريان الحياة المائي    برشلونة يحقق فوزا هاما امام اوساسونا في الليغا    حضرموت أم الثورة الجنوبية.. بايعشوت وبن داؤود والنشيد الجنوبي الحالي    هولندي يتوج بجائرة أفضل كاريكاتير عن رسم يفضح الإبادة الإسرائيلية    قوات الحزام الامني بالعاصمة عدن تضبط عصابة متورطة في ترويج مادة البريجبالين المخدرة    رونالدو شريكا رئيسيا في خصخصة النصر السعودي    الأرصاد: أجواء باردة إلى باردة نسبيًا على المرتفعات وبحر مضطرب جنوب الساحل الغربي    واشنطن تسعى لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام    مدرسة أمي الليلية: قصص وحكم صاغت الروح في زمن البساطة..(من قصة حياتي الأولى)    منتخب الجزائر حامل اللقب يودع كأس العرب أمام الإمارات    كم من الناس هذه الايام يحفظ الجميل..!    الصحفي والقيادي الإعلامي الراحل راجح الجبوبي    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    هيئة الآثار تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاسترو... في متاهته
نشر في يمن برس يوم 01 - 12 - 2016

على النقيض من وصايا زعماء شيوعيين سبقوه إلى الموت، مثل السوفييتي فلاديمير لينين والصيني ماو تسي تونغ والفيتنامي هو شي منه، بتحنيط جثثهم وعرضها أمام الجماهير الذين اعتقدوا أنهم سيظلون مخلصين لهم إلى ما بعد الموت، أوصى الزعيم الكوبي، فيديل كاسترو الذي رحل قبل أيام بحرق جثته، والتخلص من رمادها بنثره في الهواء، في طول كوبا وعرضها.
واضحٌ أن كاسترو الذي توفي عن تسعين عاماً قضى نصف قرن منها حاكماً لبلاده وصل إلى حقيقة صغيرة، تقول إن فكرة الجماهير لا يمكن تخليدها والاحتفاظ بها حتى لو تحنّط جسد الزعيم المحبوب، وبقي أمام أنظارها في حالة جيدة.
تتغير الأفكار بتغير الأحوال، والناس لا يبقون هم الناس دائماً، والذين كانوا يمضون سبع ساعات منصتين لكاسترو، وهو يخطب بهم حول أحلامه ببناء كوبا جديدة يتساوى فيها الجميع في فرص العمل، ويحظون برفاهية تغنيهم عن إغراءات الهجرة إلى جارتهم الإمبريالية اللدود، ويتمتعون من خلال أنظمتها بضمانٍ صحّيٍّ يجعلهم مطمئنين إلى توفر العلاج المناسب لهم، وهو ينفثون سيجارهم الهافاني الشهير.
تغيّرت الكرة الأرضية كلها بما يشبه الدوران الفكري والسياسي حول نفسها أكثر من مرة في أثناء الخمسين عاما التي حكم فيها كاسترو كوبا معاصراً عشرة رؤساء أميركيين، بقي خلالها تلك السكّينة الصغيرة والحادة النابتة في خاصرة الخريطة الأميركية خلال حربٍ باردةٍ، لم تشتعل بشكل علني، ومعترف به، إلا فترات قليلة ومدداً قصيرة!
وكاسترو الذي نجا، كما يقال، مما يقرب من ستمائة محاولة لاغتياله مات أخيراً على فراشه عن تسعين عاماً، بعد أن ترك الحكم قبل ثماني سنوات، من دون أن يترك أفكاره فيه، حيث بقيت تلك الأفكار تحكم كوبا بواسطة أخيه راؤول كاسترو الذي سلّمه مقاليد الحكم، مستسلما جزئيا لتحولات الأقدار ومفاجآتها الكثيرة. أراد أن تتحوّل كوبا التي تغيرت كل صديقاتها من حولها، من دون أن يضطر أن يوقع شخصيا على ذلك التحول الاضطراري. وعندما تحسّنت علاقات بلاده مع الولايات المتحدة نسبياً، كان الذئب الشيوعي العجوز يراقب أحوال البلاد والعباد، عبر شاشات التلفزيون، ويعبر عن رأيه بعمود صحافي يكتبه في أكثر من جريدة كوبية! كتب يومها أنه لا يثق، حتى اللحظة، بواشنطن. ومع هذا، لم يحتجّ أو يعترض على سياسة هافانا المهادنة تدريجياً تجاه واشنطن.
لم يفكر فيديل كاسترو عندما أجبره المرض والتقدّم في السن على ترك السلطة أخيراً بالتكفير عن أخطائه القاتلة الناتجة عن ممارسات ديكتاتورية انحرفت بالفكر الثوري المبدئي، كالعادة، نحو غوايات السلطة المطلقة وتبعاته التي حولته من ثوريٍّ إلى طاغية، وحوّلت أحلامه من توفير الغذاء والعلاج والتعليم لشعب كوبا إلى استتباب الأمن وإحكام القبضة على مقدّرات هذا الشعب، بعد أن حول جزيرة كاريبية صغيرة إلى قوة يسارية، لا يستهان بها في فضاءات الحرب الباردة بين القوتين العظميين في العالم عقوداً.
من الواضح أن الصفات المثالية التي أضفاها عليه صديقه الروائي العالمي الأشهر، غابرييل غارسيا ماركيز، أرضت فيه غرور الدكتاتور الحالم بمجد باقٍ، على الرغم من تلاشي رماد جثته المحترقة في بهاء الوعي الإنساني الجديد هباء منثورا. وصفه ماركيز يومها وكأنه يرسم واحدةً من شخصيات رواياته اللاتينية الواقعية الساحرة؛ "صبر لا يقهر، انضباط حديدي، قوة مخيّلة تسمح له بقهر أي طارئ"، لكن كاتب رواية "الجنرال في متاهته"، والذي رحل قبل رحيل صديقه التاريخي بسنتين تقريباً، نسي أن هذه المخيلة القاهرة التي تحقّقت في صورة الزعيم ذي البزة العسكرية واللحية الكثة والسيجار الشهير لم تستطع، على الرغم من غوايتها الجماهيرية التقليدية، إخراج الجنرال من متاهة الديكتاتورية.. أخيراً.
"العربي الجديد"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.