لا ينبغي عزل حادثة اغتيال الدكتور عبدالكريم جدبان عن الحروب المذهبية التي تستعر في صعدة، ومنابر المساجد، ووسائل الإعلام، بين من يسمُّون أنفسهم أهل السنة، الذين يصفون منافسيهم في الساحة الدينية بالشيعة الروافض، وهم السلفيون والإصلاح وتنظيم القاعدة من جهة، وبين الحوثيين الذين يصفون هذا التكتل بالتكفيريين. لا أعتقد أن تعطيل مؤتمر الحوار كان في بال الذين اغتالوا جدبان، ومع ذلك لا نستبعد تأثير اغتياله على الحوار، ذلك لأن الذين اغتالوه قد اغتالوا من قبله كثيراً من خصومهم "الروافض" خارج مؤتمر الحوار، لأسباب مذهبية.. ففي يوليو اغتيل ثلاثة من الحوثيين المعتصمين قرب جامعة صنعاء عندما كان الإصلاح والحوثيون يتقاتلون على المساجد والتراويح، والمنفذون كانوا على دراجة نارية، وبنفس الطريقة قتل الحوثي بسام الجنيد في تعز، وقتل آخرون في رداع ويريم وغيرهما بتهمة الحوثية والاثني عشرية، وتذكروا قتل السبعة في حوث، والذي قتلهم عنصر من القاعدة، يدعى عبدالله باقي، حسب قول حسن زيد. حادثة اغتيال جدبان غير معزولة عمَّا يجري في صعدة، وعن حلف النصرة الذي شُكِّل أول مرة في صنعاء، ولا معزولة عن بيان هيئة علماء الزنداني، التي زعمت أن الدولة لا تقوم بنصرة السلفيين، فصار من "الواجب الشرعي" مقاتلة الحوثيين نصرة للسلفيين، ولا معزولة عن صراع الإصلاح والحوثيين على المساجد، ولا معزولة عن اتهام الحوثيين بتدنيس القرآن دوساً بالأقدام، وقصف المساجد وقتل المصلين، ولا معزولة عن رغبة الانتقام الموجع. لقد قُتل كثير من السلفيين في دماج وكتاف، وبينهم عناصر من تنظيم القاعدة، يمنيين، وأجانب مثل المغربي جمال، والسعوديين عبدالله الشهري، وحمود الغامدي، وعبدالله النجري، ولذلك أعلن"تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، منتصف هذا الشهر، بلسان القيادي حارث النظاري انحياز القاعدة للسلفيين ضد الروافض، وقد قال الدكتور عبد الكريم جدبان حينها: إن اليمن، بعد هذا الإعلان، سيصبح وكراً للإرهاب، وعلى العقلاء التنبه لهذه الأخطار الجسيمة.. فاغتيل العاقل، وازداد الوكر سعة! تعلم الحكومة أن هذه الحرب المذهبية قد استعرت، والضحايا في الجبال والوديان من الجهتين، أمام عينيها، وكان يتعيَّن عليها- في أقل تقدير- أن تحيط شخصيات مثل جدبان بحماية، لكنها لا تبالي، رغم أن جدبان وباقي الحوثيين في مؤتمر الحوار قد وُضعوا هدفاً للهجوم منذ سبتمبر، عندما كلّف حسن زيد بإبلاغ صالح هبرة أنه وأصحابه عرضة للقتل.