بثت قناة العربية مساء الأحد الجزء الأول من الفيلم الوثائقي "الطريق إلى 2 يوليو.. خفايا محاكمة التنظيم السري في الإمارات"، والذي يقدم صوراً وشهادات للمرة الأولى عن تنظيم الإخوان المسلمين في الإمارات. ويتناول الجزء الأول الذي استغرق تصويره نحو 6 أشهر نشأة التنظيم بشكل عام، وكيفية وصول هذا التنظيم السري إلى الإمارات، وطريقة عمله خلال السنوات الماضية في الدولة حتى إلقاء القبض على أعضائه وبدء محاكمتهم. وذلك عبر مقابلات مع الدكتور علي النعيمي مدير جامعة الإمارات، وإخوان تائبين يروون خطط التنظيم وطرق تجنيد أعضائه. أما الجزء الثاني من الفيلم، فيعرض خفايا ما دار في المحكمة الاتحادية العليا أثناء محاكمة أعضاء هذا التنظيم السري، وما قدم من الأدلة والمستندات والوثائق واعترافات المتهمين وأقوال شهود الإثبات.
هجرة التنظيم إلى الشام ومنطقة الخليج تحدث الجزء الأول من الفيلم عن نشأة جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد سقوط الخلافة العثمانية، وكيف أنها كانت جماعة تكرس في فكرها مفهوم تخطي حدود الدول، فالفيلم عرض مقولة مسجلة لمؤسس التنظيم حسن البنا يقول فيها "إننا لسنا حزبًا سياسياً.. ولسنا جمعية خيرية.. ولكننا أيها الناس فكرة وعقيدة، ونظام ومنهاج لا يحدده موضع ولا يقيده جنس.. ولا يقف أمامنا حاجز جغرافي.. ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض وما عليها". وأوضح الدكتور علي النعيمي، مدير جامعة الإمارات أن عمل تنظيم الإخوان انتقل من مصر إلى بلاد الشام في البداية، وانتشر ونشط هناك في فلسطين والأردن وسوريا والعراق، ولم يكن هناك اهتمام بعمل نشاط في دول الخليج في تلك الفترة إلا بعد ظهور النفط والثروات في المنطقة، وهنا بدأ التنظيم يرسم خططه من أجل شد الرحال إلى بلاد النفط. حيث كان كل ما يربط التنظيم بمنطقة الخليج في البداية هو بعض التواصل المحدود في مواسم الحج والعمرة. وأشار النعيمي إلى أن الإخوان جاؤوا إلى دولة الإمارات عبر بعثات تعليمية كان على رأسها في البداية شخص يدعى "عبدالبديع صقر"، وهو من وضع اللبنة الأولى، وبدأ العمل لزراعة الأفكار التنظيمية. لافتًا إلى أن الإخوان سيطروا في البداية على وزارة التربية وعملية التعيينات التي كانت تتم لمصلحة عناصرهم، وكانوا يعملون على إعداد الطلبة في مراحل الإعدادية والثانوية، ودفعهم للدخول إلى وزارة الداخلية والقوات المسلحة وجامعة الإمارات. كما كان بعض الموجهين يستقطبون مدرسين ويدخلونهم في فكر التنظيم. وقال "عندما قامت جامعة الإمارات عام 1976 بدأوا يتوغلون فيها عبر المنتمين لهم عن طريق التعيينات، وذلك بهدف التأثير في الطلبة، وقد سيطروا على الأنشطة الطلابية، وعلى اتحاد الطلبة آنذاك، وكانت لهم نشاطات طلابية". مؤكدًا أن التنظيم استطاع تجنيد بعض أبناء الإمارات الذين بايعوا المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر، وعملوا على طمس الهوية الوطنية الإماراتية لديهم.
لقاء أعضاء من التنظيم مع الشيخ محمد بن زايد وكشف النعيمي عن أنه "في بداية التسعينات عندما بدأت تلك الأمور تظهر تم عقد لقاء بين مجموعة من المحكوم عليهم في التنظيم السري مؤخراً وهم 5 أشخاص بينهم قائدهم الشيخ سلطان بن كايد القاسمي مع الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، وكان هؤلاء يريدون عمل فرع لجمعية الإصلاح في أبوظبي، وكانت إجابة الشيخ محمد وفق ما ذكره لي أعضاء التنظيم.. أنا مستعد أن أفتح لكم فرعاً للجمعية في أبوظبي وأن أوفر لكم الدعم المناسب، ولكن بالدعوة والعمل الذي تقولون أنكم تدعونه، وبشرط أن تلغوا البيعة وتلغون الانتماء للإخوان المسلمين، وتعملون كمواطنين ينتمون لدولة الإمارات وتعملون في العمل الخيري والدعوي.. وطالبهم بالقسم على أنهم لم يبايعوا مرشد الإخوان، ولكنهم رفضوا أن يقسموا على أنهم لم يبايعوا المرشد..
وقالوا له أعطنا فرصة ونرد عليك، وبعد عدة أيام جاء قائدهم (رئيس التنظيم السري في الإمارات) الشيخ سلطان بن كايد القاسمي وقدم رسالة للشيخ محمد قال هذا ردنا والرد يرفض ما قاله الشيخ محمد، وأنهم يصرون على مواقفهم ويجب تنفيذ كل مطالبهم، وكان الرد فيه تحدٍ، حيث قالوا إنه لنا في كل بيت في الإمارات أنصار".
إخواني لحاكم الشارقة: صبرنا عليهم 40 سنة وأضاف النعيمي أن أحد المحكوم عليهم في التنظيم السري في الإمارات ويدعى "محمد عبدالرزاق الصديق" قال موجهاً كلامه للشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة في تغريدة على تويتر "نحن تحملنا 40 سنة وصبرنا عليهم 40 سنة.. خلاص لم يعد هناك وقت للصبر.. ونحن نعامل كمواطنين درجة ثانية في كل شيء بسبب العنصرية.. وأنت تقول كل حقوقك بتحصلها.. بنحصل حقوقنا بأثر رجعي.. أقول لجميع إخواننا من عرب فارس و(العيم العرب) في الخليج كله أنتم الأكثرية (قطر والبحرين والكويت والسعودية عمانالإمارات الظفيري الخليج)". ونوه النعيمي بأنه "عندما حدثت تحركات ما يسمى الربيع العربي في تونس ومصر، شعر إخوان الإمارات أن تلك هي فرصتهم وأنهم... رأس حربة... وسافروا إلى مصر وتونس والمغرب وعملوا تحركات نشطة وبدأوا الحديث علانية.. وهنا بدأت الدولة تتحرك واستدعت هؤلاء، وقالت لهم إنكم تضرون بالأمن الوطني للدولة، ولكنهم لم يستجيبوا، ولذا تم سحب جنسيات 6 من أصول إيرانية ويمنية حصل بعضهم عليها في أواخر السبعينيات وبعضهم في الثمانينيات.. وكان حصولهم على الجنسية وفق مرسوم صادر عن رئيس الدولة يلزمهم بأن يكون ولاؤهم للإمارات ولا أحد غيرها".
اختراق مؤسسات الدولة ومن جانبه، أوضح الشيخ أحمد الشحي، "عضو سابق في تنظيم الإخوان ومن أقارب نائب رئيس التنظيم السري بالإمارات"، أن "دولة الإمارات كانت بحاجة إلى مدرسين ومدرسات ودخلت مجموعة من المدرسين المنتمين للتنظيم وبعضهم درس في مصر، وهنا كانت اللبنة الأولى للجماعة في الإمارات... وكان هناك مسؤول ملف طلاب الإعدادي في التنظيم من أجل استمرار المنتسب إليهم من أولى إلى ثالث إعدادي، وبعدها يكون هناك التصنيف الثانوي الذي يحاولون فيه إدخال بعض الشخصيات في الخلايا". مضيفاً "الإخوان أوصوا بعض هؤلاء بالالتحاق في العسكرية والشرطة وبجامعة الإمارات، وكانوا يتحكمون في سكن جامعة الإمارات، وكان اتحاد الطلبة تحت سيطرة أفراد التنظيم... والمنتسب ينضم إلى الجماعة منذ نعومة أظافره حتى يحصل على فرصة عمل وفق إرادة التنظيم وهنا يكون قد أصبح عنصراً نشطًا داعماً للتنظيم". وقال أحمد الشحي "أنا رجل عسكري سابق، ولما رأيت أنه يتم تدريب الشباب على حمل السلاح واستخدامه، وتم عمل خنادق لهم وسير ليلي في معسكرات الكشافة التي كانت للتدريب، اقتنعت أن هذه الجماعة وراءها شيء وتهدف لعمل ما... وقد وجدت أن هذا التنظيم يسير في خطين أحدهما عام، خاص بالأنشطة والمحاضرات والندوات والبرامج الثقافية والرياضية، بهدف إيجاد عدد واسع من الشخصيات التي يمكن أن تصلح لتجنيدها في التنظيم بطريقة متدرجة... ومن هنا يتم التجنيد".
خطط السيطرة على الحكم وقال الشحي "حضرت جلسات مع أعضاء منتمين للتنظيم، ومنهم نساء، تراجعوا عن فكر التنظيم وتابوا، وأطلعونا على أمور خطيرة كان يخطط لها التنظيم من حيث مخططات السعي للسيطرة على القوات المسلحة ودواوين الحكام والسيطرة على أهم مفاصل الدولة.. وقد نشط أعضاء التنظيم بقوة قبل 5 سنوات من الربيع العربي، وبدأ يزداد نشاط الجماعة مع المنظمات الخارجية، وخاصة مع تنوع مؤسسات الجماعة في الإمارات ودخلوهم في جمعية الإصلاح والإرشاد والحقوقيين والقضاء والتربية والتعليم والشؤون الإسلامية والأوقاف وحاولوا دخول النيابة وغيرها من المؤسسات".