سارعت كل الفعاليات السياسية، أحزاباً وتنظيمات ومؤتمر الحوار واللجنة الأمنية والرعاة الدوليين للمبادرة الخليجية، إلى تبرئة تنظيم القاعدة من الجريمة الإرهابية (مجزرة السيادة) التي استهدفت مجمع الدفاع (مبنى وزارة الدفاع ومستشفى العرضي الملحق به) صباح الخميس وراح ضحيتها 52 شهيداً وإصابة 167 من الجنود والطاقم الطبي. ورغم تبني تنظيم القاعدة تنفيذ العملية ذهبت كل بيانات الإدانة إلى اتهام جهات بأنها تستهدف مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. وإذا ما افترضنا صحة الاتهامات واستبعدنا تنظيم القاعدة من هذه العملية الإجرامية يكون السؤال: ما هي مخرجات الحوار وموقف الجهات (المكونات) منها؟ ومن المستفيد من العملية الإرهابية التي مست السيادة؟ يرى الدكتور محمد عبدالملك المتوكل –أحد أبرز مؤسسي تكتل أحزاب اللقاء المشترك- بأن العملية الإرهابية تستهدف مخرجات الحوار الوطني، غير منطقي، وإذا ما سلمنا به فإن علينا الإجابة على السؤال: لماذا تُستهدف مخرجات الحوار؟! فإذا عرف الهدف ستتضح هوية من يقف وراء العملية. وقال المتوكل ل"اليمن اليوم": "هذه العمليات الإرهابية وبهذا الحجم والعمليات السابقة والاغتيالات هي نتاج غياب الدولة، وما دامت القوى الفاعلة كل من موقعها تتهرب من بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، فمثل هذه العمليات والحوادث أمر متوقع، بل وعلينا أن نتوقع ما هو أكبر، ولا يمكن تحقيق الاستقرار إلا ببناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة وشعارها (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)". ويضيف المتوكل: "أما القول إن العملية استهدفت مخرجات الحوار، فهو قول يفتقر للمنطق ولا أعتقد أن أصحاب هذا الطرح قادرون على شرحه". وتابع: "عليهم أن يوضحوا لنا لماذا هؤلاء يستهدفون الحوار، ما هي مصلحة هذا الطرف أو ذاك، ومن المستفيد من العملية". وقال المتوكل: "إذا ما نظرنا إلى المواقف من مخرجات الحوار فسنجد أن المستفيد من العملية هم من يريدون تمديد الحوار، الذين يبررون موقفهم هذا بسبب أن الأجواء غير مهيأة وأن الوضع لا يسمح لإجراء الانتخابات البرلمانية، ولكن من وجهة نظري، العملية هي نتاج غياب الدولة ومن غير المنطقي القول بأنها تستهدف مخرجات الحوار". واختتم المتوكل تصريحه بالقول: "إن ما يجري يؤكد الحاجة إلى استكمال بناء الدولة". مخرجات الحوار المطروحة الآن يمكن استشرافها من الرؤى المقدمة من مختلف المكونات حول ما بعد الحوار (ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار).. حيث انقسمت مكونات الحوار إلى اتجاهين: الأول مُصرٌّ على تنفيذ مخرجات الحوار وفق الآلية الزمنية المحددة في المبادرة الخليجية والتي يرى أنها تمثل برنامجاً لنقل السلطة وفق آلية زمنية محددة تنص على زمن محدد لكل مهمة، وتنتهي في 21 فبراير 2014م، ولا مجال للتأويل والالتواء على استحقاقاتها، وأنه لا شرعية في كل الأحوال بعد 22 فبراير لأية صيغة إلا بتفويض شعبي أو بالدخول في خارطة طريق إضافية قصيرة للوصول إلى دستور ومؤسسات شرعية وتفويض شعبي بما تعنيه من انتهاء الفترة الانتقالية في موعدها المحدد 21 فبراير القادم وإجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية، ويمثل هذا الطرف المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه. ويتضمن هذا الخيار الذي يمثله مكون المؤتمر الشعبي العام وحلفائه إجراء الانتخابات البرلمانية ثم انتخابات رئاسية، ويرى أن حالة الانفلات الأمني لا تشكل مبرراً أو ذريعة لتعطيل الاستحقاقات الوطنية والتمديد للفترة الانتقالية. الثاني يطرح خيار التمديد للمرحلة الانتقالية بمسمى آخر (المرحلة التأسيسية) لمدة عام كامل على الأقل بالنسبة لحزب الإصلاح و4-5 سنوات بالنسبة للحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الناصري ومكون أنصار الله (الحوثيين) والمبعوث الأممي جمال بنعمر.. معللين موقفهم هذا بأن الأجواء غير مهيأة، وأنه من المستحيل إجراء انتخابات في ظل الانفلات الأمني الحاصل. ويذهب هؤلاء في تصريحاتهم الصحفية إلى أن إجراء انتخابات في هذا التوقيت في صالح حزب المؤتمر الشعبي العام أو ما يسمونه (إنتاج القوى التي قامت الثورة عليها)، وأن الأوضاع الأمنية المنهارة مبرر كافٍ لتمديد المرحلة الانتقالية. وأمام هكذا مبررات يعود السؤال: من المستفيد من تعاظم حالات الانفلات الأمني وتصاعد العمليات الإرهابية حد وصولها إلى (عقر) الدفاع. تلقائياً، المستفيد من العملية هم دعاة التمديد والذين يبررون موقفهم الرافض لإنهاء المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات بالانفلات الأمني، كونهم بهذه العملية ساندوا مبررهم، في حين أن الخاسر هو الطرف الآخر (المؤتمر العام وحلفاؤه) الذين لا يرون في حالة الانفلات الأمني إلا ذرائع واهية للخروج على المبادرة الخليجية والتنصل من الاستحقاقات الوطنية.