قال عنه البطل العالمي في الملاكمة محمد علي كلاي: إنه الرجل الذي علم العالم المغفرة.. وتحدث رمز عالم الحرية والانعتاق عن نفسه قائلاً: "نذهب في بلدي إلى السجن ثم نصبح رؤساء".. إنه الثائر الجنوب أفريقي والرمز العالمي للحرية نيلسون مانديلا الذي غادر الحياة الدنيا بعد 95 عاماً من الثورية البيضاء التي جمع فيها بين رفض الظلم وبين الدعوة لتجسيد القيم الإنسانية العظيمة..قيم التسامح والمحبة والنقاء. . توارى نيلسون مانديلا عن الحياة لتبقى روحه أحلاماً ثورية بنفسجية ,ويبقى في القلوب والضمائر مثلاً للإنسانية الراقية قبل سجنه 27 عاماً وبعد السجن.. رئيساً ومغادراً للسلطة إلى موقع الملهم لشعبه وللقارة السمراء والعالم. . لم يتحول مانديلا إلى شخصية عالمية ملهمة من فراغ, وإنما عبر رحلة من الكفاح صار بها أسطورة سمراء على شفاه سكان الكرة الأرضية, فاستحق أن يخطف 250جائزة محلية ودولية قبل أن يقول.. يكفي جوائز.. امنحوها لآخرين في هذا العالم.. وكان لسان حاله لست جهنم حتى أكرر "هل من مزيد". . في الثورة على نظام الفصل العنصري بين الأقلية البيضاء والأغلبية السوداء كان مانديلا الرائد الذي لا يكذب ولا يتراجع عن مقدمة الصفوف.. وفي سجنه الذي امتد لقرابة ثلاثة عقود كان مانديلا مثلاً للصبر ورباطة الجأش ورفض المساومة ومساعي شراء الذمة الثورية.. . ظل نيلسون مانديلا مبتسماً للأمل والحياة فأكمل دراسته في السجن..كان ثائراً أصيلاً ولكن.. لا الروح الثورية أخرجته عن ضمير الإنسان الراقي ولا مكونه كلاعب ملاكمة استدعى عنده نزعة الانتهازية والمراوغة أو الغضب والحقد والعنف. . من غياهب السجن وحتى موقع الرئاسة حقق مانديلا لبلاده الديمقراطية دونما لجوء إلى فتن أو ثأر أو ضغينة.. وعلى كرسي الرئاسة كشف عن الزهد في السلطة والنظافة في اليد مكرراً التذكير بمغزى الانتماء إلى بلد قال عنه تذهب فيه إلى السجن ثم تصبح رئيساً.. ودلالة القول أننا نقتل أنفسنا عندما تضيق خياراتنا في الحياة. . كان مانديلا وما يزال محل تقدير واحترام العالم الحر كشخصية عالمية ملهمة ,وأب وفيلسوف لجنوب أفريقيا بل للقارة السمراء حيث تحول إلى عنوان عز وحدتها ونزعتها إلى التحرر من كل القيم المتخلفة.. ووحدها الولاياتالمتحدةالأمريكية أبقته ضمن قائمة الإرهاب فلم يغادر القائمة إلا في العام 2008م. . وأما بعد الوداع لهذا الثائر النبيل.. بطل الثورة والمصالحة والتسامح وهازم القوة والغضب والحقد والعنف ومشاعر الانتقام.. ما أحوجنا في اليمن لتمثل ما تمتع به مانديلا من قيم ثورية وتغييرية تستحق أن تكون إرثاُ عالمياً يحول بين البشرية وبين كل هذه الانحرافات الإنسانية والأخلاقية.