بدأت المعارضة التونسية في حشد التونسيين للنزول للشارع من أجل "ثورة ثانية" تطيح بحكومة حركة النهضة الإسلامية الحاكمة التي تحملها مسؤولية فشل الحوار الوطني في التوصل إلى اختيار رئيس حكومة جديد يخلف علي العريض في وقت أعلن فيه حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الراعي الأساسي للحوار بين كل من النهضة والمعارضة تمديد الحوار عشرة أيام حتى 14 ديسمبر/كانون الأول. وتقول قيادات المعارضة إنها "ماضية في تحقيق ثورة ثانية" ضد حكام تونس الجدد الذين "استماتوا في التمسك بالسلطة" رغم الفشل الذريع الذي منيت به الحكومة وأمعنوا في المماطلة والتسويف منذ انطلاق الحوار الوطني في 25 أكتوبر/تشرين الأول وتم تعليقه منذ 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وتضيف: إن التونسيين الذين قادوا الربيع العربي خلال ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011 نفد صبرهم على حكم حركة النهضة التي قادت البلاد إلى أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية وهم اليوم غير مستعدين للصمت على ديكتاتورية دينية ما انفكت تزحف على مؤسسات الدولة والمجتمع في إطار مشروع الأسلمة الذي تحاول الحركة الحاكمة فرضه على التونسيين بالتحالف مع الجماعات السلفية. وتؤكد مصادر قيادية في الاتحاد العام التونسي للشغل أن حسين العباسي تحمل الكثير من الصبر والعناء نتيجة تمسك حركة النهضة بفرض مرشحها لرئاسة الحكومة أحمد المستيري على الرغم من أنها تروج في العلن أنها تدعم ترشيح الشخصية المالية البارزة جلول عياد. وكان العباسي أعرب الخميس عن أسفه لعدم توصل الفرقاء السياسيين إلى توافق حول رئيس الحكومة الجديد الذي ستوكل إليه مهمة تشكيل حكومة كفاءات غير متحزبة تنهي الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أربعة أشهر. وشدد العباسي على أن تمديد الحوار عشرة أيام حتى 14 ديسمبر/كانون الأول الحالي هو آخر فرصة للنهضة والمعارضة للتوافق حول رئيس الحكومة، ملاحظا أنه في حال عدم التوصل إلى ذلك فإن البلاد ستدخل في مرحلة الفوضى خاصة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. غير أن العباسي الذي يقود منظمة نقابية قوية تتمتع بنفوذ مهم وبمصداقية عالية كان قد حذر الفرقاء السياسيين من أن الاتحاد لن يبقى مكتوف اليدين في حال فشل الحوار الوطني في مؤشر على ما يبدو أنه سيتولى "فرض" مرشح لرئاسة الحكومة والمضي قدما في تنفيذ خارطة الطريق. وردا على تصريحات العباسي قال عضو المكتب السياسي لحركة النهضة عامر العريض وهو شقيق رئيس الحكومة الحالي أنه في حال فشل الحوار الوطني فإن "النهضة لها سيناريو بديل". ولا يعدو سيناريو النهضة "البديل" عن فرض "حكومة كفاءات موالية لها" سياسيا الأمر الذي يرى فيه اتحاد الشغل وأحزاب المعارضة "انقلابا" لا فقط على المفاوضات بشأن تشكيل حكومة كفاءات مستقلة وإنما أساسا على خارطة الطريق التي تهدف إلى إنهاء حكم الإسلاميين. وبرأي المعارضة فإن النهضة تجاهر بقبولها بخارطة الطريق لكنها في الواقع تعتبرها "مؤامرة" لذلك سعت منذ انطلاق الحوار إلى تعطيل المفاوضات والتشكيك في أي مبادرة حتى أنها رفضت مناقشة أي اسم آخر لرئاسة الحكومة عدا مرشحها أحمد المستيري الذي تجمع مختلف الأطراف على عدم قدرته على رئاسة الحكومة في مثل هذه الفترة الدقيقة التي تمر بها تونس. وعلى الرغم من تكتم العباسي بشأن موقف اتحاد الشغل من الطرف السياسي الذي يقف وراء تعطل المفاوضات إلا أن المقربين منه لا يترددون في القول أنه يحمل النهضة مسؤولية فشل الحوار وأنه عازم على كشف كل الحقائق للشعب التونسي يوم 14 ديسمبر الحالي إن لم يتم التوصل للتوافق حول رئيس الحكومة القادمة.