عندما يتدنى مستوى التكتيك السياسي ليحط من هيبة رئيس دولة؛ يتصرف بعشوائية لا معنى لها عدا «الغيرة العمياء» المدعومة أساساً من قوى تتلاعب بعواطفه وتلفت انتباهه لتلك السفاسف. إن العامل الأساس الذي دعا هادي للانجرار وراء تصرفات, لا توصف إلا بكونها رعناء هي تلك الغيرة من شعبية علي عبدالله صالح التي شاهدها فيما بثته قناة اليمن اليوم من ردود أفعال الشارع الغاضب على أوضاعه المنهارة بسبب الأزمات المتلاحقة التي لم تترك له حتى التقاط الأنفاس. خروج المواطنين الغاضبين للشارع وقطعهم له بإحراق «التواير» كان أمراً متوقعاً وكلنا لمسنا تصاعد حدوثه عقب الغضب من حكومة متفرجة بكل جرأة على ويلاتنا, فهل توقع الرئيس سكوت المواطن عن انعدام كافة أسباب الحياة، العسيرة أساساً لأبعد الحدود حتى يمنع عنه الماء والكهرباء والوقود منعاً باتاً!، ألم يحذر هؤلاء من استمرار تصاعد الغضب، و«احذر الحليم إذا صبر»، أم أصبح صالح هو الشماعة لتعليق كافة أزمات وويلات وفشل حكومة بطولها وعرضها، وحجة هادي باتهامه صالح بالتحريض على الانقلاب حجة واهية وضعيفة بل لا أساس لها من العقل والمنطق. لقد نتج السخط الشعبي جراء أزمة خانقة للمشتقات النفطية وتزامنت هذه التطورات مع مقتل أربعة مسلحين يشتبه في أنهم من تنظيم القاعدة في ضربة جوية لطائرة أمريكية من دون طيار في محافظة شبوة، وتتجدد الاشتباكات على نحو متقطع وخطير بين الحوثيين والقبائل الموالية لحزب الإصلاح ومن ثم انهيار الهدنة في عمران، كل هذا أدى إلى تصاعد سخط شعبي شامل كان حرياً بحكومة عبدربه تداركه بكل شجاعة وقوة وبسالة ووطنية عوضاً عن اشتعال نار الغيرة في صدر الرئيس من كلماتٍ ساذجة وعفوية ألقاها بعض المواطنين تعبيراً عن حسرتهم على الزمن الماضي، إن سيطرة الحرس الرئاسي على جامع الصالح بعد إغلاق قناة اليمن اليوم يعد عملاً لمحو أي آثار تخلد فترة حكم صالح وما فكرة محو اسمه وتحويله إلى اسم آخر سوى نتاج لحالة نفسية تشعره بالفشل إزاء العهد الماضي، وأعذار باتت واهية هي الأخرى كالانقلاب أو الاغتيال التي لا يصدقها العقل ولا تتوافق مع ظرف يستلزم التركيز على المرحلة وإيجاد الحلول السريعة والناجعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، عوضاً عن ذلك يقوم هادي بترقيع حكومته الفاشلة بدل إقالتها وتعيين حكومة كفاءات جديرة، تعديلاته الوزارية في الوقت الضائع لن تغير ولن تحسن من وضع البلاد الآيلة للسقوط.