عندما تقترن مهمة السياسي بانتمائه لحزب أو لمذهب فإن الغرض يؤدي إلى تذبذب يقتل الهدف السامي ويصب في إطار التحيز ذي الأفق الضيق دون الرؤية الشاملة للصالح العام، وعوضاً عن استغلال هذا الشهر الموصوف بالمغفرة والرحمة ليكون بداية لتعزيز التعايش السلمي يقوم بعض خطباء المساجد ورجالات الدين بتأجيج المواطن، ويركزون على استغلال تلك الأماكن المفترض فيها أن تكون دوراً للعبادة فقط لتكون بؤراً لإشعال نار المذهبية والحقد الأسود، فأين أنتم يا علماء الدين من الحكمة اليمانية المرجوة فيكم وأنتم تشاهدون أمام أعينكم حصاد أياديكم من أعمال القتل وتدعمون إثارة الفتنة، أم باتت الأغراض السياسية وفرض سيطرة الحزب هي العامل المحرك لدينكم والطاغية على سلوككم المشين، وهل بات الدين سلعة بأيديكم لإدارة الأزمات التي تواجه البلاد، أم هو المنظور السياسي المحتكر من قبلكم والذي لا يقبل الانفتاح على الآخر يقودنا وإياكم لوضع أسوأ مما نتوقع، التناقضات المذهبية التناحرية التي تشهدها الساحة اليوم ليست من الوسطية في شيء، هي تشويه في ظل سياسة عبطية ذات أفق ضيق، من المعروف أن الإسلام يرفض التطرف بكافة أشكاله ومعاييره سواء كان مذهبياً أو عصبياً طائفياً أو سياسياً، نيران الحروب الناتجة عن كل هذه المواجهات الدامية تستعر لتشمل كل يوم بقاعا جديدة وإلى متى؟! من المفترض أن الاختلاف يولد الائتلاف لا مزيداً من الدماء المراقة، الاختلاف يساهم في إثراء وتجديد وتطوير الفكر والعقيدة وإنتاج علماء وفقهاء أكثر اجتهاداً في الدين، وهم من أسهموا في زخم العلوم الشرعية والفقهية، ولكن قصور الرؤية لدى بعض رجالات الدين المدعومة من قوى خارجية جعلهم أدوات حزبية لإشعال الحروب الدائرة، إن التسوية السياسية باتت حتمية بين الصراع الشيعي- السني الذي وضحت ملامحه على الساحة اليمنية وبقوة لا تقبل الرجوع بل بمواجهات دامية عسيرة، لا تخدم الاستقرار على أية حال، التطورات الأخيرة في اليمن حرفت مسارها من حزبية قابلة للتسوية على مائدة التشاور والاتفاق إلى ما هو الأسوأ وهو الصراع الديني الذي اتخذ أسلوب المواجهات المسلحة الحل الأمثل لدحر الطرف الآخر، وما لم تسيطر الدولة على زمام تلك القوى بكل حنكة ودراية دون تغليب ومحاباة لطرف دون الآخر فإننا نخشى من استشراء نيران تلك الحرب ولن تكون حكراً على صعدة وعمران بل ستطال الأراضي اليمنية قاطبة إن لم تلم أطرافها بتسويات عاجلة عادلة.