دخلت، أمس، حرب الجماعات المسلحة المتناحرة (الإخوان المسلمين والحوثيين) بالسلاح الثقيل، طوراً خطيراً يضع مستقبل البلد ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني على كف عفريت. ففي عمران لم يكن قد تبيَّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود فجراً، حتى علت أصوات القذائف بمختلف أنواعها، وانتشرت روائح الموت في كل أرجاء المدينة بشكل غير مسبوق، إثر احتدام المعارك بالسلاح الثقيل والدخول في حرب شوارع بين مسلحي جماعتي الإخوان المسلمين (الإصلاح) والحوثي، ولا تزال، حتى ساعة كتابة الخبر منتصف الليل، وسط قتلى وجرحى بالعشرات من الجانبين وآخرين أبرياء ونزوح 80% من سكان المدينة، في ظل أوضاع إنسانية مأساوية. فيما تواصلت المعارك في محافظة الجوف لليوم الثاني على التوالي، استخدم فيها الطرفان السلاح السيادي المنهوب (دبابات، راجمات صواريخ، مدافع)، والتي تنص مخرجات مؤتمر الحوار الوطني على وجوب نزعها وتسليمها للدولة.. وفي مديرية نهم صنعاء يتهيأ الطرفان لبدء المعركة، لتكون نهم خامس مديرية في صنعاء تشهد حرباً للجماعات المسلحة الإخوان والحوثيين. وقالت مصادر محلية وعسكرية ل"اليمن اليوم" إن المعارك اشتعلت في عمران في جميع جبهات القتال وبؤر التوتر المنتشرة على كامل محيط المدينة، بعد ساعات من تفجر الأوضاع في محافظة الجوف، وهجوم مسلحي الإخوان (الإصلاح) المباغت والموجع على مسلحي الحوثيين في جبل الصفراء المحادد لمحافظة مأرب، رغم صد الحوثيين للهجوم. وأضافت المصادر أن المعارك بدأت بشكل جنوني، الساعة الثانية فجراً، عندما توغَّل مسلحو الحوثيين في الأحياء الغربية والغربية الجنوبية وصولاً إلى مفرق كلية التربية ومصنع أسمنت عمران وعلى مسافة قريبة من مقر قيادة اللواء 310 مدرع الذي يقوده اللواء حميد القشيبي، والمشارك إلى جانب الإخوان في الحرب. وتزامن توغُّل الحوثيين في أحياء بيت الفقيه وشارع الأربعين وحي الكلية مع هجوم نفذوه على موقع سودة عدان، تتمركز فيه قوات مشتركة من لواء القشيبي وقوات الإخوان المسلمين، ويطل على مبنى المجمع الحكومي جنوبالمدينة، إلَّا أن سلاح الجو التابع للجيش حال دون سيطرتهم عليه، فضلاً عن قصف عنيف تعرض له مسلحو الحوثيين من موقعي الجميمة والمرحة جنوب غرب المدينة، والذي تتمركز فيهما قوات مشتركة من لواء القشيبي والإخوان. وفي الجهة الشمالية للمدينة، تصدى مقاتلو الإخوان المتمركزون في حي الجنات حيث المقر الرئيسي لحزب الإصلاح (الإخوان) لهجوم عنيف شنه الحوثيون من مواقع تمركز في سلسلة جبال الجنات والمحشاش. ولفتت المصادر إلى أن الحوثيين قوبلوا بمقاومة عنيفة في الجنات ما دفعهم إلى الالتفاف على الجنات من الخلف من جهة منطقة بيت الفقيه وشارع الأربعين، وتوغلوا باتجاه وسط المدينة. وبحسب المصادر فإن قصفاً شديداً بالمدفعية وراجمات الصواريخ والطيران الحربي استهدف الحوثيين في محاولة لمنع توغلهم في بيت الفقيه والأحياء الأخرى وسط المدينة، إلَّا أن قذائف عدة أخطأت طريقها وأصابت منازل أبرياء ومقتل عدد من سكانها، أحدهم من بيت سيلان قسمته قذيفة إلى نصفين عندما كان في سطح منزله، فيما سقطت قذيفتان متتابعتان في حارة السلام بمنطقة بيت الفقيه أودت بحياة 4 مواطنين وأصابت 5 آخرين. من جهتهم فجر الحوثيون مركزاً تعليمياً تابعاً لحزب الإصلاح (الإخوان) في حارة مسور وسط منطقة بيت الفقيه، ما أدى إلى وقوع أضرار بالمنازل المحيطة به. وقال مصدر عسكري في اللواء 310 مدرع ل"اليمن اليوم" إن حارات بيت الفقيه (الأشمور، السلام، الجبوبة)، بالإضافة إلى حي كلية التربية وحي الطبيب- غرب المدينة- لا تزال تشهد حرب شوارع تتمدد بشكل مخيف إلى حارات وسط وشمال المدينة، وسط نزوح جماعي للسكان. وتحفَّظ المصدر عن أعداد القتلى والجرحى في صفوف منتسبي اللواء 310 والإخوان المتمركزين في مواقع رئيسية. مشيراً إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح، لكنه لا يعرف الحصيلة بعد، عدا خبر مقتل ضابط بارز في اللواء "العقيد منصور الحجلي"، ومن المطاوعة- كما يسميهم، في إشارة إلى مسلحي الإخوان- قُتل الشيخ سنان الصعر. من جهته، وصف أمين عام المجلس المحلي بالمحافظة، الشيخ صالح زمام المخلوس، الوضع في عمران بالمأساوي والمخيف، داعياً طرفي الحرب إلى تحكيم العقل والرجوع إلى جادة الصواب، كما دعا القيادة السياسية في صنعاء، ممثلة برئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، إلى تدارك الوضع سريعاً. وأضاف المخلوس ل"اليمن اليوم": إن وضع عمران مقلق للغاية، وعلى القيادة السياسية أن تسمع ذلك وتصغي لوضع الحلول غير الارتجالية، فلا لجان رئاسية نفعت ولا طرفا الحرب أبديا استعدادهما لتنفيذ الاتفاق الموقع عليه في صنعاء. مشيراً إلى أن اللجنة الرئاسية غادرت عمران قبل يومين، لتعود المواجهات بشكل جنوني قد تحرق الأخضر واليابس، لا سمح الله. وفي السياق، طالب عضو اللجنة الميدانية المنبثقة عن الرئاسية- الشيخ بكيل حبيش- عبدالرحيم صابر مندوب المبعوث الأممي جمال بنعمر كشف الحقائق وتوضيحها للرأي العام عن موقف طرفي الحرب من تنفيذ بنود الاتفاق الموقع في صنعاء. وقال حبيش ل"اليمن اليوم": عبدالرحيم صابر كان معنا في اللجنة وشاهد بنفسه واطلع على حقيقة الوضع، ونطالبه إنقاذ عمران من خلال كشف الحقائق وكيف تمت إعاقة الاتفاق، مشيراً إلى أن كشفها سيولد غضباً شعبياً عارماً نحو الطرف المعرقل، فضلاً عمَّا يتطلبه الأمر من موقف رسمي مسئول يحول دون وصول طرفي الصراع بعمران إلى بحر غزير من الدماء لن يستثني أحداً. يذكر أن طرفي الحرب- الإخوان المسلمين (الإصلاح) والحوثيين- وقعا اتفاقاً لوقف إطلاق النار، الأحد 22 يونيو الفائت، قضت بنوده على استمرار وقف إطلاق النار ورفع الاستحداثات وإجراء تغييرات عسكرية وأمنية في المحافظة تضمن إقالة القشيبي من منصبه في قيادة اللواء 310 مدرع، ونقل اللواء إلى خارج عمران واستبداله بآخر.