في اليمن ودوناً عن سائر بلدان المنطقة تنتعش تجارة السلاح بشكل علني مباح ومصرح به، فالقانون اليمني لا يمنع حيازة الأسلحة من قبل المواطنين، حيث تنص المادة (9) من قانون تنظيم حمل الأسلحة على مايلي: "يحق لمواطني الجمهورية حيازة البنادق والبنادق الآلية والمسدسات وبنادق الصيد اللازمة لاستعمالهم الشخصي مع قدر الذخيرة لها لغرض الدفاع الشرعي"، وواضح جداً أن المادة تعطي الحق المطلق لحمل السلاح، الأمر الذي يعد أكبر مسمار يدق في نعش الدولة المدنية الحديثة المرتقبة، وأمام مرأى ومسمع وموافقة ودعم من الحكومة ذاتها يتبختر اليمني بسلاحه وبحسب طبيعة مزاجه تزهق أرواح الأبرياء سواءً داخل مناطق الصراع أو حتى في الشوارع العامة، وعوضاً عن كونه كان جزءاً من شخصيته ومظهره أصبح لاحقاً أداة للصراع والعنف الدائر، والسؤال هنا أين هي جهود وزارة الداخلية لمنع حيازة الأسلحة في المدن لمنع الجريمة!، ومن هنا يتضح للمجتمع عدم قدرة الدولة على حمايته بل وتنعدم الثقة بمؤسساته مما يجعل المواطن يفكر جدياً في اقتناء قطعة سلاح لحماية نفسه، فالسلاح سلعة مثلها مثل باقي السلع التموينية لا يحتاج شراؤه إلى وثائق أو مستندات أو تراخيص بل عبر البائع مباشرة مع العميل ومن دون حتى فاتورة شراء، ولأن اليمن باتت بؤرة للصراعات والنزاعات التي تثير الحروب المستمرة في كافة مناطقها فإن تجارة السلاح تعد عاملاً أساسياً من عوامل دعم الحروب وتأجيجها وإشعال فتيلها لتبقى مستعرة كما يريد لها هؤلاء التجار وداعموها، ولأن الحروب في اليمن اختلفت من قبلية إلى سياسية إلى مذهبية وطائفية أبقي على السلاح كمادة أساسية للترويج لتجارة الحروب، الانتماءات السياسية المتناحرة والاختلافات المذهبية المقتتلة لغرض فرض سيطرتها على مناطق معينة فرضت حروباً متعددة الأغراض والأهداف، تدار بكل قوة خارجياً وتدعم بالسلاح الممول والمدعوم سياسياً ومذهبياً، وبأموال خارجية تهدف إلى تحقيق مآرب داخل اليمن وتدفع في مسار استمرارها وتحقيقها بكل قوتها!